ميشيل أوباما ولورا بوش.. حكايات مشتركة في دائرة الضوء

جمعت بينهما ندوة على هامش منتدى استضاف قرينات زعماء الدول الأفريقية

ميشيل أوباما ولورا بوش في ندوة حول النساء خلال القمة الأميركية ــ الأفريقية ({نيويورك تايمز})
ميشيل أوباما ولورا بوش في ندوة حول النساء خلال القمة الأميركية ــ الأفريقية ({نيويورك تايمز})
TT

ميشيل أوباما ولورا بوش.. حكايات مشتركة في دائرة الضوء

ميشيل أوباما ولورا بوش في ندوة حول النساء خلال القمة الأميركية ــ الأفريقية ({نيويورك تايمز})
ميشيل أوباما ولورا بوش في ندوة حول النساء خلال القمة الأميركية ــ الأفريقية ({نيويورك تايمز})

شاركت السيدة ميشيل أوباما والسيدة لورا بوش زوجة الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن، في ندوة حول النساء، خلال القمة الأميركية - الأفريقية المنعقدة حاليا في واشنطن.
وفي حين أن زوجيهما يمثلان طرفي النقيض من حيث الآيديولوجية السياسية، فإن صداقة ميشيل أوباما ولورا بوش باتت تتعمق بشكل متزايد حيال الشراكة في مجالات التعليم، والصحة، وحقوق المرأة. وبعد كل شيء، قالت السيدة أوباما: «النساء أكثر ذكاء من الرجال».
وقد أقيم منتدى تحت رعاية السيدتين الأوليين، أول من أمس (الأربعاء)، لزوجات رؤساء الدول الأفريقية المشاركين في القمة الأميركية - الأفريقية، وتشاركتا المسرح، في لقاء ودي تحوطه الألفة الناشئة عن الفرص والأعباء المشتركة لواحد من أكثر الأدوار العالمية تميزا. تحدثتا عن تربية الأطفال في البيت الأبيض، وابتعدتا عن الانتقادات، مستخدمتين دائرة الضوء الفريدة في تعزيز القضايا المشتركة.
كان ذلك الحوار المفتوح هو الثاني من نوعه، الذي جمع السيدتين الأوليين في العام الماضي، عقب ظهور مشترك جمع بينهما في تنزانيا، الصيف الماضي، عندما استضافت السيدة لورا بوش منتدى السيدات الأفريقيات الأول، ودعت السيدة أوباما للانضمام إليها.
وقالت السيدة أوباما، التي كانت قد وجهت الدعوة إلى السيدة بوش هذا العام: «انتهزنا الفرصة لفعل شيء مماثل ولمواصلة ذلك الحوار، وللظهور معا بوصفنا الزوجتين الأوليين، وليستمر إلهام الواحدة منا للأخرى».
هما بكل تأكيد زوج من الأضداد؛ إحداهما ابنة سهول تكساس، التي صارت معلمة وأمينة مكتبة، والثانية نتاج الجانب الغربي من شيكاغو، التي نالت درجة في القانون من جامعة هارفارد. السيدة بوش (67 عاما) تزوجت من أحد أبناء أبرز العائلات السياسية الأميركية. أما السيدة أوباما (50 عاما) فقد تزوجت من زميلها المحامي، الذي اعتلى المناصب الرفيعة.
ورغم ذلك، لا تبدو السيدتان مغرمتان كثيرا بالأمور السياسية، وقد صنعت كل واحدة منهما لنفسها دورا مصمما بعناية يتناسب مع أولوياتها وأذواقها الخاصة، بحسب «نيويورك تايمز».
ومهمتهما، بطبيعة الحال، لا تعد مثيرة للجدل، لا سيما من زاوية السياسة الأميركية، ولذلك يسهل لهما إيجاد الأرضية السهلة للقضايا المشتركة. قضت السيدة بوش معظم الوقت خلال إدارة زوجها الرئاسية تحاول مساعدة النساء في أفريقيا، وأفغانستان، وميانمار، وغيرها من البلدان، واستمرت في الإشراف على تلك المشروعات في معهد جورج بوش في دالاس.
أما السيدة أوباما، فقد بدأت هذا العام مبادرتها الخاصة، «الارتقاء عاليا»، وقد تقاسمت تجربتها الشخصية لإلهام الفتيات والشابات حول العالم.
قالت السيدة أوباما، أول من أمس (الأربعاء)، خلال مناقشة في مركز كيندي، أدارتها كوكي روبرتس من شبكة «إيه بي سي نيوز»: «يجب عليك تغيير التوجهات قبل أن تتمكن من تغيير السلوكيات. وحتى تأتي فتياتنا على قائمة أولوياتنا، وندرك أنهن وتعليمهن على قدر أهمية تعليم أبنائنا، فسوف يكون أمامنا الكثير من العمل».
وأضافت في وقت لاحق: «أملي هو إقامة حوار وطني حول إعادة إيقاد تلك الشعلة داخل قلوب شبابنا نحو التعليم، واستخدام ذلك في الحديث حول القضايا التي تواجه فتياتنا حول العالم».
تداولت السيدتان الأوليان الدروس المستفادة من الحياة تحت وطأة أشد حالات التدقيق وإمعان النظر في العالم. تحدثت السيدة أوباما حول ابنتيها: «إنني فخورة بهما كثيرا، بالرغم طبعا من أن كل مراهق لديه قدر من الغرور الذاتي في داخله»، والسيدة بوش تحدثت عن ابنتها جينا حينما كانت تبلغ 16 شهرا من العمر: «لقد كنت أنا وجورج شديدي الشغف بطفلتنا الصغيرة».
* خدمة «نيويورك تايمز»



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».