متحف فريدا كهلو... مزار يتلون بالألم والإبداع

رحلة فنية في سنوات الفن والعشق والعذابات

TT

متحف فريدا كهلو... مزار يتلون بالألم والإبداع

عند زيارة مكسيكو سيتي، عاصمة المكسيك، يكون من المناسب التوقف عند بيت الرسامة المكسيكية فريدا كهلو الذي يحمل أسماء كثيرة، منها البيت الأزرق والكنز الوطني ومنزل الآلام. هذا البيت الذي حولته أسرتها بعد رحيلها إلى متحف يقصده السياح من كل أنحاء العالم فرصة للتعرف على الحياة الغامضة لهذه الرسامة والوقوف عند مقتنياتها التي تركتها في كل زاوية. وطبعاً التمعُّن في لوحاتها الأصلية التي جعلت منها واحدة من أيقونات الفن المكسيكي والعالمي على حد سواء، بعد أن عاشت حياة صاخبة فيها كثير من الحب والألم والعذاب والمثابرة.
تُعدّ الرسامة واحدة من الأسماء المميزة في الفن العالمي. رغم رحيلها في عام 1954، فإن أعمالها وحياتها الشائكة وشخصيتها الفريدة لا تزال تثير دهشة الناس في كل مكان. فقد عاشت الألم الكبير بعد تدهور صحتها، وبعد سلسلة من العمليات الجراحية الفاشلة في العمود الفقري، وكانت تعاني أيضاً من المشكلات النفسية التي انعكست على لوحاتها وصبغتها بالعتمة والكآبة. لكنها ظلت دائماً وفية لثيابها الملونة والمزركشة وإكسسواراتها الغريبة، وظل جمالها القاتم المضطرب ونظراتها الشاردة وعشقها لفنها محفوراً في ذاكرة الفن.
وُلِدت فريدا كهلو في المكسيك عام 1907، وعاشت حياة صعبة بعد أن أصيبت بشلل الأطفال وهي في عمر السادسة، ثم تعرضت لحادث سيارة في عام 1925 أدى إلى حدوث كسورٍ خطيرةٍ في العمود الفقري والحوض، وقضت أوقاتاً طويلة وهي راقدة في السرير لا تتحرك، وقد استهلك المرض معظم طاقتها وانتهى بها المطاف إلى الإصابة بمرض «غنغرينا» الذي أجبر الأطباء على بتر جزء من ساقها اليمنى لوقف انتشار المرض، وهذا ما أوقعها في حالة كآبة حادة كادت تؤدي بها إلى الانتحار. كان الرسم سلوتها وكل حياتها وقد سافرت إلى باريس عام 1939 وعقدت صداقات مع كبار الفنانين، منهم بابلو بيكاسو، وأقامت معارض كثيرة حول العالم وكانت تردد دائماً: «أنا لا أرسم الأحلام ولا الكوابيس، بل أرسم الحقيقة كما أراها أنا».

- حكاية البيت الأزرق
يقع المتحف المشيد من الكوبالت الأزرق في شارع هادئ في حي سكني بمدينة مكسيكو ستي يسمى «Coyoacán» ويتميز ببيوته المتشابهة التي يعود تاريخها إلى مطلع القرن العشرين، ويُسمى هذا المتحف باللغة المحلية «كاسا أزول»، أي البيت الأزرق. فتح أبوابه للزوار عام 1957 برعاية وجهد خاص من عائلة الرسامة، ويعود تاريخ المبنى إلى عام 1904 وهو المنزل الذي اشتراه والدها ووُلدت وقضت فيه طفولتها ومطلع شبابها. بعد وفاة والدها اشتراه زوجها الرسام المكسيكي دييغو ريفيرا ليكون بيت الزوجية ومقرها الذي عشقته وهامت بلونه الأزرق، وقضت فيه سنوات صاخبة من حياتها، ورسمت داخل جدرانه أجمل أعمالها. وعلى سرير في طابقه العلوي لفظت أنفاسها الأخيرة ولا يزال هذا السرير قائماً في مكانه وبإمكان الزوار رؤيته بالأغطية القديمة ذاتها تحيطه لوحات الرسامة الملونة. وفي زوايا أخرى من المتحف تتوزع فساتينها المزركشة ولوحاتها الأصلية ولوحات زوجها وصورها الخاصة وصور عائلتها، ويمكن الانتقال إلى المطبخ حيث الأدوات التي كانت تستخدمها والموقد القديم الذي لا يزال محتفظاً بملامحه إلى جانب عدد كبير من القطع الأثرية من حضارة الأزتيك كان زوجها دييغو ريفيرا قد جمعها في سنوات زواجهما الأولى.
يمكن أيضاً رؤية بقايا ألوان وأدوات الرسم التي كانت تستخدمها والكتب التي كانت تقرأها وهي مجبرة على الرقاد في السرير، بينما مجموعة كبيرة من المجلات والصحف التي كتبت عنها، وكثير من مقتنياتها الأخرى، تترامى في جوانب الغرفة. ولعل أكثر ما يثير الاهتمام هو حمامها القديم الذي ألهم أشهر أعمالها «ما الذي أعطاه لي الماء؟».

- ومضات
> عادة ما يواجه زائر المتحف طابوراً طويلاً من الزوار القادمين من أنحاء العالم المختلفة، ويكون عليه الانتظار لساعات طويلة قبل الدخول، والأفضل شراء التذاكر عبر موقع المتحف على الإنترنت قبل الوصول لتسهيل عملية الدخول، وعادة ما تكلف التذكرة الواحدة نحو 21 جنيهاً إسترلينياً.
> يمكن للزائر التقاط الصور وتصوير الفيديوهات من داخل المتحف، ولكن بعد أن يشتري تذكرة من باب المتحف تعطيه حق التصوير دون اعتراض من حراس المتحف.
> توجد قرب المتحف متاجر لبيع الهدايا والتذكارات الخاصة بالرسامة، وتشمل كثيراً من اللوحات المستنسخة بحرفية والدمى وأغطية الوسائد وسلاسل المفاتيح والزهريات والثياب والأقداح التي تحمل صورها وأشياء أخرى.
> هنالك مقهى صغير لكن مريح يقع في حديقة المتحف، مناسب لشرب الشاي والقهوة والوجبات الخفيفة وأخذ قسط من الراحة.
> يمكن استخدام وسائل النقل العام من مركز مدينة مكسيكو ستي إلى المتحف وهي رحلة لا تتجاوز 15 دقيقة.

- اختيار البرنامج السياحي
يمكن زيارة المتحف من خلال برنامج منوع توفره مكاتب السياحة في مدينة مكسيكو ستي بصحبة مرشدين ومترجمين. يشمل البرنامج جولة مكثفة لمدة خمس ساعات في مدينة «Coyoacán» (كويواكان) القديمة الذي يعود تاريخها إلى 100 عام قبل الميلاد حيث تبدأ الرحلة بعد استراحة قصيرة في أحد فنادق العاصمة المختارة قبل الانطلاق لزيارة المتحف والقيام بجولة في حي باريو ماجيكو Barrio Magico التاريخي وزيارة الممرات المائية المكتظة بالزهور في منطقة Xochimilco وهي إحدى المواقع التي وضعتها اليونيسكو ضمن قائمة التراث العالمي. لا بد كذلك من المرور في قصور المدينة التي يعود تاريخها إلى القرن السادس عشر والسير في الشوارع المرصوفة بالحصى والاسترخاء على متن قارب ملون تقليدي يسمى Trajinera، أو السير في القنوات الضيقة التي يعود تاريخها إلى زمن الأزتيك. ولا بأس من الجلوس في ساحة المدينة الرئيسية ومتابعة حركة الناس وعازفي الموسيقى وباعة الأطعمة التقليدية والبالونات والحلوى وهم ينادون على بضاعتهم بأصوات عالية أقرب للغناء، قبل تناول وجبة طعام في أحد مطاعم المدينة...
ولكن حذار من التوابل الحارة في الطعام المكسيكي، والأفضل تنبيه الطباخ كي يقلل من كميتها في الطبق.


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.