رئيس الحكومة المغربية: القضاء على الفقر مسلسل طويل

TT

رئيس الحكومة المغربية: القضاء على الفقر مسلسل طويل

قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، أمس، إن محاربة الفقر والهشاشة والحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية من أولويات حكومته، مشيراً إلى أن الأسباب التي تؤدي إلى الفقر معقدة ومتداخلة، وبالتالي فإن القضاء على الفقر «مسلسل طويل».
وأوضح العثماني، الذي كان يتحدث خلال جلسة المساءلة الشهرية بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) حول السياسات العامة، التي اتخذت لمحاربة الفقر، لا سيما في القرى، أن أهم إجراء لمحاربة الفقر هو الاهتمام بخدمات الصحة والتعليم لأنها «تستنزف أكثر موازنة الأسر المغربية».
ووعد العثماني بإصدار قانون إحداث السجل الاجتماعي الموحد في غضون الثلاثة أشهر المقبلة، وعده أكبر إجراء سيتم اعتماده لمحاربة الفقر لأنه سيحصي الفئات المستحقة للدعم، بعدما تبين أن 10 في المائة ممن يستفيدون من برنامج «راميد» للمساعدة الطبية لا يستحقون ذلك، على حد قوله.
وكان تقرير أصدرته المندوبية السامية للتخطيط في 2017 قد كشف أن عدد الفقراء يبلغ 2.8 مليون، منهم 2.4 مليون في القرى. مبرزاً أن معدل الفقر يصل إلى 8.2 في المائة على المستوى الوطني، ويبلغ في القرى 17.7 في المائة، في حين يبلغ بالمدن 2.0 في المائة. كما خلص التقرير إلى أن الفقر في المغرب «يبقى ظاهرة قروية بامتياز».
في هذا السياق، استعرض العثماني عدداً من الإجراءات التي اتخذتها حكومته لمحاربة الفقر والهشاشة، وقال إن الحكومة تواصل تنفيذ برنامج تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية بالوسط القروي، وفق برنامج عمل يمتد من 2017 إلى 2023، بتكلفة تقدر بـ50 مليار درهم (5 مليارات دولار)، سيتم تمويلها بمساهمة صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية (47 في المائة)، والمجالس الجهوية (40 في المائة)، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية (8 في المائة)، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب 5 في المائة. مشيرا إلى أن الموازنة المرصودة للبرنامج ستوجه لتنفيذ مشاريع تهم فك العزلة عن العالم القروي، وتحسين الربط بالشبكة الطرقية، وتزويد القرى بالماء الصالح للشرب، وتعميم الكهرباء، وتحسين عرض الخدمات العلاجية، والتعليم.
كما استعرض العثماني عدداً من الإجراءات التي جرى اتخاذها لتقليص نسب الفقر، كالرفع من موازنة التعليم، وتخصيص جزء كبير من الموازنة لبرامج الدعم الاجتماعي، فضلاً عن مواصلة تنفيذ مبادرة مليون محفظة، التي يستفيد منها تلاميذ القرى، وتوفير الطعام المدرسي والإيواء لنحو 80 ألف تلميذ.
أما في مجال الصحة، فقال العثماني إنه جرى الرفع من موازنة وزارة الصحة، وتوسيع وتجويد التغطية الصحية الأساسية، وإصلاح نظام المساعدة الطبية (راميد)، واعتماد التأمين الإجباري على المرض لأصحاب المهن الحرة الذي سيجري توسيعه تدريجيا.
وشدد العثماني على أن دعم التشغيل «مدخل أساسي لمحاربة الفقر، وأفضل طريقة لتوفير العيش الكريم، ولذلك فإن الحكومة بصدد تدقيق الاستراتيجية الوطنية للتشغيل من خلال إشراك الجهات في هذا القطاع، وتطوير عدد من برامج دعم التشغيل»، منها برنامج المقاولة الذاتية الذي سيستفيد منه نحو 150 ألف شاب.
كما أعلن العثماني عن الشروع في تنفيذ المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي خلصت عددا كبيرا من سكان القرى من الفقر عن طريق إحداث أنشطة مدرة للدخل، مشيرا إلى أنه سيتم خلال هذه المرحلة تدارك النقص في البنيات التحتية، وتوفير الماء والكهرباء والطرق، ومواكبة الأشخاص في وضعية هشة، مع إحداث فرص عمل للشباب وتكوينهم.
كما استعرض رئيس الحكومة المغربية برامج أخرى تتعلق بالحماية الاجتماعية، وتعزيز التماسك والتضامن موجهة للأرامل والمعاقين، والبرامج الفلاحية التضامنية الموجه للفلاحين الصغار في الواحات والسهول والمناطق الجافة، الرامية إلى تحسين مردودية الفلاحين وتنويع الزراعة في مناطقهم.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.