العاصفة «ميريام» تهب مرتين واللبنانيون يتأهبون لها

تنطلق غداً وتتسبب بتدني الحرارة لتصل إلى 6 درجات

الثلوج تغطي قرية بسكنتا اللبنانية في قضاء المتن (الشرق الأوسط)
الثلوج تغطي قرية بسكنتا اللبنانية في قضاء المتن (الشرق الأوسط)
TT

العاصفة «ميريام» تهب مرتين واللبنانيون يتأهبون لها

الثلوج تغطي قرية بسكنتا اللبنانية في قضاء المتن (الشرق الأوسط)
الثلوج تغطي قرية بسكنتا اللبنانية في قضاء المتن (الشرق الأوسط)

لم تكد العاصفة «نورما» تغادر لبنان حتى وصلت زميلتها «ميريام» لتحطّ رحالها فيه حاملة معها منخفضين جويين من إيطاليا وتركيا، لهما تبعاتهما على حالة الطقس، على مدى مرحلتين. فالعاصفة هذه المرة ستهب مرتين مصطحبة معها الأمطار والريح الشديدة في اليومين الأولين منها (الاثنين والثلاثاء)، وستهطل الثلوج بعد تدني الحرارة يومي الأربعاء والخميس. وكانت «ميريام» قد بدأت ملامحها تظهر على أرض الواقع ابتداء من مساء بعد ظهر أمس الأحد. وراح اللبنانيون يستعدون لمواجهتها فغزوا محلات المأكولات والأفران وأسواق الخضار واللحوم لشراء مؤونتهم منها التي تكفيهم لأربعة أيام متتالية وهي المدة المتوقعة لاستمرار «ميريام» في ضيافتهم.
فما ذاقوه مع العاصفة الأولى «نورما» من سيول وانجرافات وأمطار غزيرة جعلتهم يعلقون على الطرقات لساعات طويلة، تعلّموا منه الدرس لتفادي تداعيات العاصفة الجديدة بأقل أضرار ممكنة.
وحسب دائرة التقديرات في مصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت الدُّولي، فإنّ الطقس الماطر الذي ترافقه رياح قوية سيسيطر على لبنان حتى فجر الأربعاء لتبدأ معه مفاعيل ميريام تظهر بوضوح من خلال تساقط الثلوج وتدني الحرارة.
«حالة الطقس التي تسيطر على لبنان حالياً تعد طبيعية ومنتظرة عادة في فترات موسم الشتاء». يوضح مارك وهيبة رئيس مركز الرصد الجوي في مطار بيروت الدُّولي. ويضيف في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إننا نتوقع فصل شتاء حقيقيا هذه السنة يصطحب معه أمطارا غزيرة وتساقط ثلوج لطالما شهدناها في هذا الوقت في سنوات ماضية وقد يستمر لغاية شهري فبراير (شباط) ومارس (آذار)».
ومن المنتظر أن تغطي الثلوج المناطق اللبنانية الجبلية. ويؤكد وهيبة أن هناك فرقا سيكون يوماً واحداً يفصل ما بين المنخفضين الجويين اللذين سيخيمان على مناخ لبنان بحيث يحمل الأول الأمطار والرياح (تصل سرعتها إلى 90 كيلومترا في الساعة) فيما يتميز الثاني بتساقط الثلوج.
وعمّا إذا من المتوقع حصول انهيارات وانجرافات وسيول وفيضانات كما شهدنا في العاصفة الأولى يرد وهيبة: «نعم من المتوقع ذلك لأنّ التربة لا تزال رطبة ومشبعة بالمياه الغزيرة التي هطلت في الأسبوع الماضي. وهذا الأمر سيساهم في تصدع بعض الأراضي الترابية التي ستؤثّر بدورها على الطرقات المحيطة بها خصوصا أن نسبة تساقط الأمطار ستكون غزيرة».
إطلاق اسم «ميريام» على هذه العاصفة التي تبدأ فعليا نتائجها على الأرض يومي الأربعاء والخميس، يأتي استناداً إلى القاموس الخاص بالتسميات الرسمية للعواصف في لبنان من قبل مركز الأرصاد الجوية في مطار بيروت. إلّا أنّ اللبنانيين احتاروا بماذا يلقبونها بعد أن روّج لها مركز رصد آخر اسم «ترايسي» ليكون عنوانا لها. فتضمنت نشرة الطقس التي أصدرتها مصلحة الأرصاد الجوية أمس، ملاحظة تتعلق في هذا الموضوع تقول: «لا صحة للشائعات التي يجري تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ذلك أن مصلحة الأرصاد الجوية في المديرية العامة للطيران المدني هي المرجع الرسمي الوحيد المخوّل بإصدار النشرات الجوية المختصة بتقدير أحوال الطقس في لبنان وتسمية العواصف».
وتجدّدت التحذيرات للمواطنين بضرورة الانتباه من الأشياء المتطايرة وتساقط الأغصان والأشجار ولوحات الإعلانات. كما عليهم الانتباه خلال سلوك الطرقات الجبلية الالتزام بإرشادات قوى الأمن الداخلي، تفاديا لحدوث انزلاقات وتجنّبا للازدحام.
أمّا الطريف في الموضوع فهو انتشار صور الفنانة ميريام كلينك على وسائل التواصل الاجتماعي خلال عملية البحث عن أخبار «العاصفة ميريام».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».