معرض للتصوير التوثيقي العربي في دبي يختصر المسافات الإنسانية

من حياة السجناء في لبنان إلى تأثير التطور العمراني على المجتمع المغربي

صورة للمصور عمر إمام في «عيش حب لاجئ»
صورة للمصور عمر إمام في «عيش حب لاجئ»
TT

معرض للتصوير التوثيقي العربي في دبي يختصر المسافات الإنسانية

صورة للمصور عمر إمام في «عيش حب لاجئ»
صورة للمصور عمر إمام في «عيش حب لاجئ»

أعلن مركز «غلف فوتو بلس» للتصوير الفوتوغرافي في دبي، عن المعرض الرئيسي لأسبوع التصوير 2019 «أقصر مسافة بيننا: قصص من البرنامج العربي للتصوير الوثائقي»، والذي يقدمه كل من الصندوق العربي للثقافة والفنون - آفاق، والسركال أفنيو، بالتعاون مع صندوق الأمير كلاوس ومؤسسة ماغنوم.
يفتتح المعرض أبوابه في مبنى «كونكريت» متعدد التخصصات في السركال أفنيو، من 4 إلى 9 فبراير (شباط) 2019، وتشرف عليه الفنانة جيسيكا موراي من مؤسسة Al - Liquindoi.
ويضم المعرض أعمالاً مختارة لسبعة مصورين حاصلين على منح من البرنامج العربي للتصوير الوثائقي.
تتضمن الأعمال المعروضة، فسحة مستهدفة للمصورة اللبنانية إلسي الحداد، التي توثق من خلالها حياة السجناء في لبنان بعد خروجهم ومحاولتهم العودة إلى المجتمع، وتقاطعات هشام جردف الذي يستكشف فيها تأثير التطور العمراني في المغرب على المجتمع والهوية المغربية.
ويظهر عمل «الهلال غير الخصيب» للمصورة ناديا بسيسو، تتبّعها لخط أنابيب ينقل المياه من البحر الأحمر إلى البحر الميت، حيث تظهر عليه آثار الحرب والاضطرابات البيئية في الهلال الذي كان خصباً في بلاد ما بين النهرين. ويطلب عمر إمام في «عيش حب لاجئ» من اللاجئين تخيل أحلامهم ومحاولة إحيائها من جديد.
فيما يصور المصور زيد بن رمضان في «على غرب الحياة»، مشاهد من قرى تعدين الفوسفات في تونس التي تظهر أنّ الفقر الذي لا يزال قائماً رغم مساهمة الفوسفات في الاقتصاد التونسي. و«غبار القمر» لمحمد مهدي، هو عبارة عن مشروع من وادي القمر في الإسكندرية حيث يُظهر المصور تأثير الغبار السام الذي ينبعث من مصنع الإسمنت حول البيئة الحضرية المحيطة بالوادي. وتقدّم هبة خليفو عملها بعنوان «صنع في البيت»، وهو دراسة واقعية وصادقة عن الجسد النسائي وجميع أشكال الإيذاء التي تتحملها النساء في مصر لمجرد كونهم إناثا.
تتيح مشاريع التصوير الفوتوغرافي الوثائقي مشاهدة وتجربة القضايا التي تؤثر على المنطقة من دون الإضافات التي غالباً ما تحول القصص إلى إحصائيات وتكرار بصري. بالإضافة إلى معرض «أقصر مسافة بيننا»، سيضم البرنامج العربي للتصوير الوثائقي، أسبوع التصوير حوارات فنية، ونسخة جديدة من «سلايد فيست» في 5 فبراير الذي يضم مشاركين سابقين من السنوات الأربع الماضية في البرنامج العربي للتصوير الوثائقي، مما يسمح للحضور بتجربة مجموعة واسعة من مشاريع التصوير الوثائقية من المنطقة العربية.
وعلقت فيلما يوركيوت مديرة السركال أفينيو قائلة: «يهدف السركال أفنيو إلى رعاية المواهب الفنية الشابة في المنطقة من خلال ابتكار مبادرات وبرامج إقامة فنية. ونحن اليوم نفخر بتواجدنا في هذا المعرض بجانب الصندوق العربي للثقافة والفنون، وصندوق الأمير كلاوس، ومؤسسة ماغنوم التي دائماً ما قادت الطريق في إظهار وتوجيه وتطوير المصورين اللامعين في المنطقة».
وأضافت ريما مسمار، المدير التنفيذي للصندوق العربي للثقافة والفنون: «نهدف من خلال منح التصوير مساعدة المصورين المشاركين على تحقيق مشاريعهم، نساندهم لابتكار أعمال قادرة على إحياء روح التواصل مع الجمهور وإثارة الأحاديث لتطوير فهمنا لمنطقتنا حيث نعيش. وتشكل دبي المكان الأمثل لأنّها تعتبر نقطة وصل في العالم العربي، وهذا المعرض الذي يضم أعمالاً من مصر وبلاد الشام وشمال أفريقيا سيكون قادراً على الوصول إلى هذا الجمهور المتنوع من دبي».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».