قيادي كردي يحذّر عبر موسكو من جهود واشنطن لمنع الحوار مع دمشق

TT

قيادي كردي يحذّر عبر موسكو من جهود واشنطن لمنع الحوار مع دمشق

نقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية الروسية عن السياسي الكردي المستشار الإعلامي السابق لـ«وحدات حماية الشعب» في منطقة عفرين، ريزان حدو، أن الولايات المتحدة تحاول إفشال المفاوضات بين القيادة الكردية والحكومة السورية.
وقال حدو للوكالة بأن المبعوث الأميركي الخاص المعني بالشؤون السورية جيمس جيفري، سلم عددا من الرسائل إلى الإدارة الذاتية في المناطق الكردية بشمال سوريا أوصاها فيها بعدم التعجل في المفاوضات مع دمشق، منوها بـ«حدوث تغييرات لصالح الأكراد قريبا». وربط ذلك باجتماع حلف شمال الأطلسي (ناتو) المقرر في فبراير (شباط) المقبل. وقال السياسي الكردي بأن جيفري طرح في رسائله أيضا موضوع «احتمال إغلاق المجال الجوي في الشمال السوري». ورأى أن «التصريحات الأميركية مثيرة للقلق»، داعيا إلى التعامل معها بحذر.
وحذر حدو المفاوضين من أن «أي تأخير في اتخاذ القرار ليس في مصلحة مجلس سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية الكردية»، معبرا عن أسفه لأن «جزءا من القيادة الكردية لا يزال يترقب حدوث تغييرات في قرارات الولايات المتحدة». وأضاف حدو أن المباحثات مع الحكومة السورية لا تزال مستمرة وتجري في أجواء إيجابية.
كما أشار إلى أن «الجزء الأكبر من ممثلي الأكراد السوريين لا يشاركون الآن الموقف الذي عبر عنه الرئيس المشترك لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»، رياض درار، قبل شهر في حديث لصحيفة «الشرق الأوسط» عندما قال إن الحكومة السورية فقدت شرعيتها في مارس (آذار) 2011».
ورحب حدو بما وصفه بـ«إشارات إيجابية» من دمشق بشأن سير المفاوضات مع القيادة الكردية، مشيرا في هذا السياق إلى التصريحات الأخيرة لنائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، مشيرا إلى أن دمشق فعلت من وتيرة اتصالاتها مع الأكراد على ضوء الحملة العسكرية التركية المرتقبة.
وكان لافتا أن موسكو لم تستعجل في إعلان موقف رسمي على خلفية التصريحات الأميركية المتتالية خلال الأيام الأخيرة. واكتفت الناطقة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا في إيجاز صحافي أسبوعي أول من أمس، بالإشارة إلى أهمية إطلاق حوار كردي مع دمشق وتأكيد أن الحكومة السورية يجب أن تبسط سيطرتها على المناطق التي تخرج منها القوات الأميركية.
ورغم تأكيد وزارة الدفاع الروسية قبل أيام أن «قنوات الاتصال ما زالت تعمل مع واشنطن برغم الخلافات الكثيرة»، لم تظهر مؤشرات إلى أن ملف الانسحاب الأميركي المنتظر من سوريا بات قيد البحث بين موسكو وواشنطن، رغم أن الطرف الروسي لمح أكثر من مرة إلى استعداده للحوار مع الولايات المتحدة في هذا الشأن. وأعرب أمس مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي جون بولتون، عن استعداد الولايات المتحدة لبحث مسألة «أمن أكراد سوريا مع الجانب الروسي إذا اقتضى الأمر».
وقال بولتون بأن الرئيس دونالد ترمب طالب نظيره التركي رجب طيب إردوغان في مكالمة هاتفية جرت بينهما 23 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بضمان عدم استهداف الأكراد الذين حاربوا تنظيم داعش في سوريا إلى جانب التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. وزاد: «وكما ذكرنا علنا أنا ووزير الخارجية مايك بومبيو، نعتقد أن الرئيس إردوغان التزم بذلك».
وأعرب بولتون عن أمله في أن تؤتي هذه المشاورات التي ستتواصل الأسبوع المقبل «ثمارا مقبولة للطرفين». ولفت المستشار الأميركي إلى أن «الأكراد في وضع صعب للغاية، وأنهم موالون لنا جدا وعلينا ضمان ألا يتضرروا. وهذا ما بحثناه مع الأتراك، وسنبحث ذلك مع الروس إذا اقتضى الأمر ذلك».
وردا على سؤال حول الخطوات التي ستتخذها واشنطن في حال استهداف قواتها بسوريا، لا سيما في ظل تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بأن العملية التركية المتوقعة في شرق الفرات غير مرتبطة بانسحاب القوات الأميركية من البلاد، قال بولتون إن تجنيب العسكريين الأميركيين أي خطر، خصوصا من جانب حليف الولايات المتحدة، هو الفكرة الأساسية التي دفعت ترمب إلى اتخاذ قرار سحب القوات من سوريا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.