تونس ترفع درجة التأهب الأمني على حدودها بعد تحذير أميركي

مخاوف من زيادة خطر الهجمات الإرهابية ضدّ الأهداف الأجنبية

TT

تونس ترفع درجة التأهب الأمني على حدودها بعد تحذير أميركي

بعد أيام من التحذير الأميركي لرعاياه من السفر إلى تونس بسبب زيادة خطر الهجمات والعمليات الإرهابية ضدّ الأهداف الأجنبية والأمنية، رفعت أجهزة الأمن وقوات الجيش التونسي من حالة التأهب والجاهزية إلى الدرجة القصوى على الحدود التونسية مع ليبيا والجزائر تحسباً لأعمال إرهابية مباغتة ولتسلل عدد من الإرهابيين من ليبيا لدعم الإرهابيين التونسيين المتحصنين في المناطق الغربية للبلاد، وتخفيف الحصار الأمني والعسكري المضروب عليهم.
ويؤكد تعزيز تونس للحضور الأمني والعسكري على 11 معبراً حدودياً تونسياً تقع على حدودها مع ليبيا والجزائر، تعاملها بجدية مع التحذير الأميركي الذي أشار إلى تزايد الخطر الإرهابي جنوب شرقي تونس على طول الحدود مع ليبيا، والمناطق الجبلية غربي البلاد. ونبه التحذير الأميركي من تواصل التحضير لهجمات إرهابية محتملة في تونس، واعتبر أنه بإمكان الإرهابيين الهجوم دون سابق إنذار عبر استهداف مواقع سياحية ومراكز النقل العمومي والمتاحف والمنتجعات والفنادق والمهرجانات والمطاعم والمواقع الدينية والأسواق ومراكز التسوق والمباني الحكومية وقوات الأمن والجيش.
وأشارت وزارة الخارجية الأميركية بشكل خاص إلى التطورات في ليبيا التي لا تزال تؤثر على الوضع الأمني على طول الحدود التونسية الليبية في مناطق مثل معبري رأس الجدير والذهيبة - وازن، وكذلك في مدينتي بن قردان ومدنين. وكان هشام الفراتي وزير الداخلية التونسية، قد قلل من خطورة التحذير الأميركي حول السفر إلى تونس بقوله إنه لم يقتصر على تونس فقط وإنما شمل عدداً من بلدان العالم. وذكر أن بريطانيا خفّضت من عدد تحذيراتها لرعاياها من السفر إلى تونس، مما دفع بعدة بلدان أوروبية إلى اتخاذ نفس إجراء التقليص من التحذيرات. وتابع الوزير موضحاً أن موقف عدد كبير من الدول الغربية تغير إيجابياً نحو تونس، باستثناء بعض المناطق الحدودية بالبلاد التونسية.
ووفق مصادر أمنية تونسية، فقد ورد في اعترافات عدد من المتهمين بالإرهاب ممن تم القبض عليهم ضمن الخلايا الإرهابية النائمة، أن مجموعة إرهابية تدعى «أحرار الجنوب» تعد لمخططات إرهابية انطلاقاً من الجنوب التونسي، وأكدت المصادر ذاتها أن معظم المنتمين إليها تونسيون من مناطق الجنوب الصحراوي خصوصاً مدينة رمادة، وهم على دراية بالمسالك الصحراوية الوعرة، ويسعون إلى تهريب الأسلحة من ليبيا إلى تونس لتعزيز الكتيبة الإرهابية «التوحيد والجهاد» بالعناصر والأسلحة بعد تفككها، والقضاء على الإرهابي التونسي عز الدين العلوي الذي كان يقودها في عملية «جلمة» (سيدي بوزيد) الأمنية وإلقاء القبض على أغلب عناصرها. وأعلنت وزارة الداخلية التونسية أنها تتابع تحركات أربعة عناصر إرهابية خطرة تنتمي إلى مجموعة «أحرار الجنوب» الإرهابية، وأكدت وجود معلومات مؤكدة حول محاولة تلك العناصر دخول تونس عبر مسالك التهريب انطلاقاً من منطقة «المرطبة» التابعة لمنطقة الذهيبة من ولاية (محافظة) تطاوين، ويحمل عدد كبير منهم جوازات سفر ليبية.
يذكر أن تونس قد شرعت بداية هذه السنة، في تنفيذ خطة أمنية جديدة لمكافحة الإرهاب وانطلقت بصفة فعلية في منطقة القصرين (وسط غربي تونس) وهي تعتمد على مباغتة العناصر الإرهابية المتحصنة في المناطق الجبلية واستباق تحركاتها المشبوهة. وينتظر أن يقع تعميم هذه الخطة بصفة تدريجية على بقية الولايات الواقعة على الشريط الحدودي الغربي على غرار جندوبة والكاف. وتتمثل تفاصيل هذه الخطة الأمنية في توحيد القيادات الميدانية في مكافحة الإرهاب من شرطة وحرس وطني، والزيادة في دورهما الاستخباراتي وتنفيذ التدخلات الميدانية ضد التنظيمات الإرهابية دون الرجوع إلى السلطة المركزية.


مقالات ذات صلة

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.