تمكين 60 شاباً سعودياً من التواصل الحضاري العالمي عبر «سلام»

بهدف تجسير التعايش مع المجتمعات الأخرى

الفائزون في مسابقة مشروع «سلام» مع المدير التنفيذي الدكتور فهد السلطان (واس)
الفائزون في مسابقة مشروع «سلام» مع المدير التنفيذي الدكتور فهد السلطان (واس)
TT

تمكين 60 شاباً سعودياً من التواصل الحضاري العالمي عبر «سلام»

الفائزون في مسابقة مشروع «سلام» مع المدير التنفيذي الدكتور فهد السلطان (واس)
الفائزون في مسابقة مشروع «سلام» مع المدير التنفيذي الدكتور فهد السلطان (واس)

في إطار سعيها لتعزيز المفاهيم المشتركة للتعايش، وتجسير التواصل بين المجتمع السعودي والمجتمعات والثقافات الأخرى، قامت السعودية بتأهيل 60 شابة وشاباً من خلال مشروع «سلام» للتواصل الحضاري، لتمكينهم من الحوار والتواصل العالمي.
وأكد الدكتور فهد السلطان، المدير التنفيذي لمشروع «سلام» للتواصل الحضاري، أن مشروع «سلام» أطلق العام الماضي مبادرة نوعية لتأهيل الشباب السعودي للحوار والتواصل العالمي، مبيناً تأهيل 60 شاباً وشابة على مدار ثلاثة أشهر، تلقوا خلالها عن طريق ورش عمل وجلسات عصف ذهني ومحاضرات وزيارات، تدريباً متخصصاً في التواصل الحضاري، بهدف إعدادهم ليكونوا رسل سلام، ممثلين لبلادهم في مختلف المؤتمرات الدولية.
ولفت السلطان البارحة على هامش انطلاق فعاليات ملتقى «سلام السعودية» الذي ينظمه مشروع «سلام» للتواصل الحضاري، إلى أن النسخة الثانية من البرنامج ستنطلق في فبراير (شباط) المقبل، مشيراً إلى تقدم أكثر من 950 شاباً وشابة للمشاركة سيتم اختيار 60 منهم لدخول البرنامج.
وأضاف: «تنظيم الملتقى يأتي لتعزيز المفاهيم المشتركة للتعايش، ولتجسير التواصل بين المجتمع السعودي والمجتمعات الأخرى، والتعريف بالعمق الإنساني والإرث الحضاري، وتعايشه عبر التاريخ مع مختلف الأعراق والثقافات والديانات المختلفة».
وأوضح المدير التنفيذي أن مشروع «سلام» للتواصل الحضاري تأسس في 2015 بهدف دراسة واقع الصورة الذهنية للبلاد، وتحليلها، لإبراز مظاهر التعايش والتسامح والتواصل الحضاري، وتقديم المنجز التنموي الذي حققته السعودية.
وأضاف: «المشروع جاء لتتناغم جميع مساراته وبرامجه مع استراتيجية و(رؤية 2030)، وقد أضحى مشروع (سلام) للتواصل الحضاري فكرة تضم عدداً كبيراً من الدراسات وقواعد المعلومات ذات الصلة بالمنجز الحضاري للسعودية، يرصد واقع صورتها الذهنية لدى عدد من الشعوب والثقافات».
وكشف الدكتور فهد أن المشروع أصدر حتى الآن أكثر من 60 دراسة متخصصة في مجالات الصورة الذهنية، وعدداً من المؤشرات الكمية والنوعية، عن إسهامات السعودية الحضارية في المجال الإنساني والتنموي على مستوى العالم.
وتم خلال حفل الافتتاح توزيع جوائز مسابقة «سلام» للأفلام القصيرة، وتقديم شرح موجز عن المسابقة وأهدافها ومجالاتها ورؤيتها ولجنة التحكيم الفنية؛ حيث بلغ عدد الأفلام المشاركة 50 فيلماً، فازت منها خمسة أفلام نالت جوائز بقيمة 150 ألف ريال.
وتهدف المسابقة إلى صناعة محتوى وطني يساهم في تعزيز صورة المملكة الإيجابية، وإبرازها وتقديمها للعالم، بما يعكس مكانتها الريادية عربياً وإسلامياً وعالمياً، عبر وسائل الإعلام الجديد. وتمحورت موضوعات مسابقة الأفلام حول رؤية وطن، وسفراء وطن، ووطن متعايش.
كما شهد برنامج الملتقى لقاءً حوارياً جمع الشباب السعودي ونظراءهم من الدول الأخرى، لتعزيز التواصل الحضاري حول الجوانب الثقافية التي تعزز العلاقات بين البلدان، في إطار مفهوم التواصل الحضاري العريق؛ حيث عقدت خلال الملتقى جلسة حوارية تحت عنوان «الرياضة كوسيلة للتواصل الثقافي» اتفق المشاركون خلالها على دور الرياضة في التواصل الثقافي، وإسهامها في التعريف بالبلد وثقافته في الساحة العالمية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».