أعلى وسام ثقافي فلسطيني لمحمد صبحي ووحيد حامد ونادية لطفي

تقديراً لمسيرتهم الإبداعية

الرئيس الفلسطيني يكرم محمد صبحي - ... ولدى تكريمه وحيد حامد
الرئيس الفلسطيني يكرم محمد صبحي - ... ولدى تكريمه وحيد حامد
TT

أعلى وسام ثقافي فلسطيني لمحمد صبحي ووحيد حامد ونادية لطفي

الرئيس الفلسطيني يكرم محمد صبحي - ... ولدى تكريمه وحيد حامد
الرئيس الفلسطيني يكرم محمد صبحي - ... ولدى تكريمه وحيد حامد

منح الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، وسام الثقافة والفنون للفنان الكبير محمد صبحي، والسيناريست الكبير وحيد حامد، وذلك لإسهاماتهما الفنية في توطيد العلاقات المصرية - الفلسطينية، وتقديراً لمسيرتهما الإبداعية. وهو أعلى درجة لوسام ثقافي في فلسطين، ويمنح بأمر من رئيس الدولة.
كما قام الرئيس أبو مازن بزيارة الفنانة المصرية نادية لطفي في المستشفى ومنحها وسام القدس، وهو ما استقبلته الفنانة القديرة بفرحة كبيرة، حيث قالت في تصريحات تلفزيونية إن التكريم يعد مفاجأة خرافية سيظل في قلبها طول العمر. كما دانت صمت العالم على الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في القدس.
من جانبه، عبّر الفنان محمد صبحي عن امتنانه وسعادته بالتكريم، والمشاركة في توطيد العلاقات المصرية - الفلسطينية بعدد من الأعمال التلفزيونية والمسرحية التي عبرت عن القضية الفلسطينية، وأزمات الوطن العربي بشكل عام.
ونشرت السفارة الفلسطينية صور حفل التكريم، التي أظهرت الرئيس الفلسطيني أثناء تسليم النجمين وسام الثقافة والفنون، بمقر إقامته بقصر الأندلس في القاهرة مساء أول من أمس.
وقال صبحي في تصريحات صحافية له عقب التكريم، إن «هذا التكريم أرفعه على رأسي وهو أغلى شيء عندي، وهو تعبير عن مدى تعلقي بالقضية الفلسطينية على مدى 50 عاماً». وأضاف: «إن حبي للفلسطينيين سيستمر حتى مماتي». ولفت: «أقدم شكري وتقديري الكبير لهذا التكريم الذي أجله وأحترمه».
ونقلت وكالة «وفا» الفلسطينية عن حامد قوله: «إنني أعتز كثيراً بهذا التكريم وهذا الوسام لأنه يأتي من مناضل كبير وحامل قضية وطنية كبيرة»، مؤكداً أن «لفلسطين مكانة كبيرة عنده». وأعرب حامد عن أمنياته بأن تتم المصالحة الوطنية الفلسطينية «لأنها أثرت في مستقبل القضية خلال الفترة السابقة».
وحضر التكريم مستشار الرئيس للشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي، وسفير دولة فلسطين في القاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية دياب اللوح.
يشار إلى أن الفنان محمد صبحي تخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وتم تعيينه بعدها معيداً في المعهد. وقام في مطلع ثمانينات القرن العشرين بتأسيس فرقة «ستوديو 80» مع صديقه وزميله في الدراسة الكاتب المسرحي لينين الرملي، حيث قدما معاً مجموعة من المسرحيات التي لاقت نجاحاً جماهيرياً، سواء على خشبة المسرح أو عند عرضها في التلفزيون، ومن هذه المسرحيات «تخاريف» و«الهمجي» و«أنت حر» و«وجهة نظر». وقدم بعد ذلك مزيداً من المسرحيات الجماهيرية مثل «ماما أميركا» و«لعبة الست» و«كارمن» و«سكة السلامة 2000»، أما في التلفزيون فقد قدم كثيراً من الأعمال الناجحة مثل «رحلة المليون» و«سنبل بعد المليون» و«يوميات ونيس» (8 أجزاء) و«فارس بلا جواد». شارك كذلك في بطولة كثير من الأفلام حتى مطلع تسعينات القرن العشرين، وتوقف بعد ذلك لكي يتفرغ أكثر للعمل في المسرح والتلفزيون.
أما الكاتب الكبير وحيد حامد، أحد أشهر كتاب السيناريو في مصر، والمولود في 1 يوليو (تموز) عام 1944، بمحافظة الشرقية، فقد بدأ في كتابة الأعمال الدرامية منذُ أواخر الستينات، ولكن بداية شهرته جاءت من خلال مسلسل «أحلام الفتى الطائر» عام 1978 مع النجم عادل إمام، وحقق المسلسل نجاحاً كبيراً دفع بالزعيم لأن يعتمد عليه سينمائياً ليكوّنا شراكة سينمائية طويلة الأمد بدأت بفيلم «انتخبوا الدكتور سليمان عبد الباسط» و«الإنسان يعيش مرة واحدة» عام 81، واستمرت في «الغول» و«الهلفوت» خلال الثمانينات التي كتب فيها أيضاً حامد للمخرج الكبير الراحل عاطف الطيب أفلام «التخشيبة والبريء» و«الدنيا على جناح يمامة»، و«كشف المستور»، بينما ارتبط في بداية التسعينات بشراكة مع المخرج شريف عرفة والنجم عادل إمام نتج عنها 5 من أهم أفلامهم؛ «اللعب مع الكبار» (1991) و«المنسي» (1993) و«الإرهاب والكباب» (1994) و«طيور الظلام» (1995) و«النوم في العسل» (1996)، وكتب عام 2006 فيلم «عمارة يعقوبيان» عن رواية الدكتور علاء الأسواني، وشارك في بطولته نخبة كبيرة من نجوم السينما في مقدمتهم عادل إمام ونور الشريف، وقدم من خلاله ابنه مروان حامد مخرجاً لأول مرة. وكان آخر أعماله السينمائية «احكي يا شهرزاد» مع المخرج الكبير يسري نصر الله.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».