التضخم في روسيا يتجاوز التوقعات الرسمية... ودخل المواطنين يتدنى

غرفة الحساب أشارت إلى عدم تحقق التوقعات الحكومية لمؤشرات الاقتصاد

التضخم في روسيا يتجاوز التوقعات الرسمية... ودخل المواطنين يتدنى
TT

التضخم في روسيا يتجاوز التوقعات الرسمية... ودخل المواطنين يتدنى

التضخم في روسيا يتجاوز التوقعات الرسمية... ودخل المواطنين يتدنى

قالت غرفة الحساب الروسية، أعلى مؤسسة رقابة مالية في الدولة، إن الحكومة الروسية تضطر لبدء العمل من «مستويات متدنية»، لأن معظم توقعاتها للاقتصاد الروسي خلال العام الماضي لم تتحقق. وأشارت «الغرفة» في هذا السياق إلى أن معدل التضخم نما حتى مستويات تجاوزت التوقعات الرسمية، ووتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي كانت أدنى مما خططت له السلطات، أما نمو الدخل الحقيقي للمواطنين فكان عند معدلات «رمزية» ومتدنية جداً، مقارنة بالتوقعات الحكومية، وقريبة بحدها الأعلى من تقديرات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبحدها الأدنى من تقديرات الوكالة الفيدرالية للإحصاء. ولم تبد الحكومة الروسية بعد أي رد فعل على هذه البيانات الجديدة عن «غرفة الحساب»، إلا أنها وجهت انتقادات لاذعة في وقت سابق لوكالة الإحصاء وأقالت مديرها بسبب توقعات لنمو الدخل الحقيقي أدنى بكثير من الحكومية.
في تقرير «التقديرات الأولية» لمؤشرات الاقتصاد الروسي العام الماضي (2018)، قالت غرفة الحساب الروسية إن معظم التوقعات الحكومية لم تتحقق. وبصورة خاصة أشار أليكسي كودرين، رئيس الغرفة، في «تغريدات» على «تويتر» إلى أن «معدل التضخم أعلى من التوقعات، ونمو الناتج المحلي الإجمالي أدنى منها، أما الدخل الحقيقي للمواطنين، إذا كان قد نما، فإن نموه ضمن حدود أعشار في المائة. لذلك تضطر الحكومة للبدء من مستويات انطلاق متدنية». وفي التفاصيل تقول «الغرفة» إن معدل نمو الناتج المحلي عام 2018 لم يتجاوز 1.5 في المائة، بينما أشارت التوقعات الرسمية التي نُشرت في أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، إلى نمو بمعدل 1.8 في المائة. وأضافت «الغرفة» أن معدل التضخم حصيلة عام 2018 بلغ 4.2 في المائة، بينما كانت السلطات قد توقعت في شهر سبتمبر (أيلول) عام 2017 أن يكون التضخم حصيلة عام 2018 عند مستوى 4 في المائة.
كذلك الأمر لم يكن نمو الدخل الحقيقي للمواطنين عند معدلات قريبة من التوقعات الحكومية، وحسب تقديرات «الغرفة» تراوح النمو ما بين (صفر) إلى 0.4 في المائة، هذا بينما قالت الحكومة في توقعات في شهر أكتوبر إن النمو سيكون عند معدل 3.4 في المائة. وفي شهر سبتمبر عام 2017، توقعت أن يصل معدل نمو الدخل الحقيقي للمواطنين حتى 2.3 في المائة. ويبدو الحد الأعلى لنمو الدخل وفق تقديرات «الغرفة» قريباً من توقعات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي قال خلال مؤتمره الصحافي السنوي في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي إن «الدخل الحقيقي للمواطنين أخذ ينمو أخيراً، وحصيلة 11 شهراً من عام 2018 نما بنسبة 0.5 في المائة. إلا أن الوكالة الفيدرالية الروسية للإحصاء «غردت خارج السرب» على ما يبدو، وأعلنت بناء على حساباتها وتقديراتها الخاصة، إن الدخل الحقيقي للمواطنين لا ينمو، وقالت إنه انخفض في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 بنسبة 2.9 في المائة على أساس سنوي، بعد نمو في شهر أكتوبر بنسبة 0.3 في المائة. وبشكل عام أشارت الوكالة إلى أن الدخل تراجع خلال 11 شهرا من عام 2018 حتى - 0.1 في المائة (ناقص 0.1 في المائة).
أثارت تلك التقديرات استياء الحكومة الروسية، التي أعلنت عن إقالة مدير الوكالة الفيدرالية للإحصاء، بينما تضاربت التقييمات لآليات عملها، إذ دعا وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف إلى إصلاحات جدية في بنيتها وآليات عملها، وقال إنها «تستخدم تقنيات وأدوات باتت قديمة، ولا بد من تحديث طاقمها، ومبادئ وآليات عملها». من جانبه رفض مكسيم أوريشكين، وزير التنمية الاقتصادية الروسي، دعوات سيلوانوف، وقال في حديث لوكالة «إنترفاكس»: «لا أتفق مع تصريحاته»، وأكد أن «منهجية وآليات عمل وكالة الإحصاء تستند برمتها إلى المبادئ الدولية، وتتوافق مع المبادئ التوجيهية التي أعدتها اللجنة الإحصائية في الأمم المتحدة، ولذلك هي آليات صحيحة ولا حاجة لتغييرها».



وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.