روسيا تسيطر على فوسفات سوريا... والنفط لحلفاء أميركا وزيت الزيتون لتركيا

دمشق تفقد سيطرتها على الاقتصاد... والموارد تتوزع في مناطق النفوذ

مواطن يعبئ البنزين في براميل شمال سوريا (أ.ف.ب)
صبي يبيع البقدونس في منبج شمال سوريا (أ.ف.ب)
مواطن يعبئ البنزين في براميل شمال سوريا (أ.ف.ب) صبي يبيع البقدونس في منبج شمال سوريا (أ.ف.ب)
TT

روسيا تسيطر على فوسفات سوريا... والنفط لحلفاء أميركا وزيت الزيتون لتركيا

مواطن يعبئ البنزين في براميل شمال سوريا (أ.ف.ب)
صبي يبيع البقدونس في منبج شمال سوريا (أ.ف.ب)
مواطن يعبئ البنزين في براميل شمال سوريا (أ.ف.ب) صبي يبيع البقدونس في منبج شمال سوريا (أ.ف.ب)

أدى طول أمد الحرب في سوريا إلى تشظي اقتصاد البلاد، خصوصاً منه الثروات الباطنية والزراعية، بسبب سيطرة كل طرف من أطراف النزاع المحلية والدولية على المصادر المتوفرة في منطقة نفوذه.
ومنذ السنة الأولى للحرب، ونظراً لما تشكِّله من مصدر تمويل وضغط على النظام، كانت آبار النفط والغاز الواقعة في معظمها بالمناطق الشمالية الشرقية والشرقية والوسطى من البلاد، هدفاً مباشراً لفصائل المعارضة، ومن ثم لتنظيمي «داعش» و«هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً)، والقوات الكردية.
وبعدما كان النظام المسيطر والمتحكم الوحيد بالثروات الباطنية والزراعية، تظهر الخريطة الاقتصادية للبلاد، مع دخول الحرب عامها الثامن، فقدانه السيطرة على الغالبية العظمى من آبار النفط والغاز ومناجم الفوسفات، وكذلك الثروات الزراعية من قمح وقطن وزيتون وغيرها لصالح فصائل مسلحة معارضة والأطراف الدولية الداعمة لها.
في ظل هذه الحال والعقوبات الاقتصادية العربية والغربية التي فرضت على سوريا، اضطر النظام إلى استيراد احتياجاته من النفط والغاز والكثير من المواد الغذائية عبر خطوط ائتمانية منحته إياها إيران.

النفط
يُقدِّر تقرير للطاقة العالمية احتياطات سوريا من النفط بمليارين ونصف المليار برميل، بينما تؤكد تقارير صحافية توقّف إنتاج النظام من النفط الخفيف منذ النصف الثاني لعام 2012، فيما توقّف إنتاج النفط الثقيل اعتباراً من الشهر الثالث من عام 2013.
وفي حين كان إنتاج النظام من النفط في فترة ما قبل الحرب نحو 385 ألف برميل يومياً، ذكر وزير النفط والثروة المعدنية علي غانم في حكومة النظام أخيراً، أن إنتاج النفط بلغ 20 ألف برميل يومياً، علماً بأن تقرير الطاقة العالمية، ذكر أن استهلاك سوريا من النفط قبل الحرب كان بين 240 و250 ألف برميل يومياً.
ومع التطورات الميدانية المتسارعة، استعاد النظام السيطرة على حقول نفط وغاز صغيرة في المنطقة الوسطى، وأبرزها «شاعر» و«الهيل» و«آراك» و«حيان» و«جحار» و«المهر» و«أبو رباح» في منطقة تدمر، بينما واصلت «قوات سوريا الديمقراطية» وهي عبارة عن تحالف كردي - عربي مدعوم من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، السيطرة على حقول النفط والغاز في المنطقتين الشرقية والشمالية الشرقية، ومن أبرزها «الرميلان» و«الجبيسة» في الحسكة، و«العمر» و«التنك» و«كونيكو» شرق محافظة دير الزور.
ويؤكد لـ«الشرق الأوسط»، مصدر قيادي في «قوات سوريا الديمقراطية» التي تسيطر على مناطق في شمال وشمال شرقي البلاد تُقدّر مساحتها بنحو 30 في المائة من مساحة سوريا الإجمالية، أن القوات تسيطر على نحو 1000 بئر، منها ما بحالة جيدة وتجري بسهولة عملية الإنتاج منها، ومنها ما هو متوقف، وأخرى يصعب الإنتاج منها بسبب عدم توفر آليات متطورة.
ويوضح المصدر أن عملية الإنتاج تشرف عليها الإدارة الذاتية الكردية التي تعتبر «وحدات حماية الشعب» ذراعها العسكرية، حيث تشكل الأخيرة المكون الأبرز في «قوات سوريا الديمقراطية»، إضافة إلى مشاركة القطاع الخاص بعملية الإنتاج، بناء على رخصة رسمية من «الإدارة الذاتية».
ويُذكر أن عملية تكرير النفط تمت في البداية عبر مصافٍ محلية تمت صناعتها من «حراقات بدائية»، لكن «اليوم بدأت تظهر في (الرميلان) و(الجبيسة) حراقات كهربائية متطورة».
وبينما لم يفصح المصدر عن كميات الإنتاج، يلفت إلى أن عمليات التكرير تهدف إلى «توفير احتياجات السوق المحلية والمناطق المجاورة في سوريا»، من دون أن يذكر إن كان من بين المناطق المجاورة، مناطق سيطرة النظام.
وسبق لمندوب «الشرق الأوسط»، أن شاهد عند مفرق بلدة أثريا المؤدي إلى بلدة خناصر على الطريق البرية البديلة التي افتتحها النظام في عام 2014 إلى مدينة حلب بعد قطع فصائل المعارضة في 2012 طريق حلب - دمشق الدولية، وجودَ مئات الصهاريج الناقلة للنفط مركونة في المنطقة والمقبلة من مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»، الأمر الذي فسره اقتصاديون، بأن النظام يشتري النفط من الأكراد كون سعره أقل بكثير مما هو عليه في السوق العالمية.
ويؤكد المصدر أنه تم تأمين مستلزمات السوق المحلية من مادة «المازوت»، بأسعار تدرجت من 35 ليرة إلى 50 ليرة وصولاً إلى 60 ليرة للتر الواحد، على حين يبلغ سعره في مناطق سيطرة النظام 180 ليرة بعد أن كان قبل الحرب بنحو 7 ليرات.

الغاز
ورغم إعلان النظام استعادة السيطرة على كثير من حقول الغاز في المنطقة الوسطى، بعد طرد تنظيم «داعش» من المنطقة، فإن أكبر الحقول هو حقل «كونوكو» في ريف دير الزور الشرقي، ويقع ضمن مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»، ويقدر إنتاجه بنحو 10 ملايين متر مكعب من الغاز الطبيعي يومياً.
وبينما تشير بيانات لـ«وزارة النفط والثروة المعدنية» التابعة للنظام، نشرت منتصف 2017 إلى أن «إنتاج سوريا من الغاز الطبيعي قبل الحرب كان نحو 21 مليون متر مكعب يومياً، وأصبح حاليا (2017) غير قادر سوى على إنتاج 8.7 مليون متر مكعب»، زعم غانم أخيراً، أن «الإنتاج اليوم ارتفع إلى 16.5 مليون متر مكعب من الغاز يومياً».
ويدحض مزاعم غائم، تكرار أزمات الغاز المنزلي الخانقة التي تحصل في معظم مناطق سيطرته على فترات متقاربة، حيث يشاهد حالياً في شوارع العاصمة طوابير طويلة من المواطنين ينتظرون لساعات للحصول على أسطوانة غاز منزلي، وكذلك في محافظات الساحل الغربية وحلب في شمال البلاد.
وأخيراً ذكر رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية فارس الشهابي في صفحته على «فيسبوك»، أن «سوريا لديها احتياطي من الغاز يقدر بأكثر من 240 مليار متر مكعب».
وبحسب تقارير صحافية محلية، بلغ استهلاك سوريا اليومي من الغاز المنزلي قبل الحرب ما بين 3 آلاف و3500 طن، على حين وصل إجمالي الاستهلاك السنوي إلى 900 ألف طن استوردت سوريا منها 500 ألف طن، بعد توفير 400 ألف طن من المصادر المحلية.
وعلى حين كان سعر أسطوانة الغاز المنزلي سعة 9 كلغ قبل الحرب 250 ليرة، يبلغ اليوم 2700 ليرة ويصل خلال الأزمات إلى أكثر من 7500 ليرة.

الفوسفات
يُعتبر الفوسفات ثروة مهمة في سوريا التي تحتل المرتبة الخامسة عالمياً على قائمة الدول المصدِّرة له حتى عام 2011، ويقدر الاحتياطي الموثوق به بملياري طن، إلا أن كميات الإنتاج حتى سنوات ما قبل الحرب لم تتجاوز 3.5 مليون طن سنوياً، ويتوزع في السلسلة التدمرية (خنيفيس والشرقية والرخيم)، ومنطقة الحماد (الجفيفة والثليثاوات والسيجري والحباري)، والمنطقة الساحلية (عين ليلون وعين التينة وقلعة المهالبة وحمام القراحلة).
وتصدر الفوسفات قائمة الموارد التي يُمكن أن تشكِّل تعويضاً لحليفي النظام (روسيا وإيران) عن تكاليف دعمهما له، وعزز التنافس بينهما للاستحواذ على احتياطياته، بحسب دراسة صدرت أخيراً.
وبعد تناوب تنظيم «داعش» من جهة، والنظام وحلفائه من ميليشيات أجنبية لبنانية وعراقية يُشرف عليها ضباط في «الحرس الثوري» الإيراني، منذ مايو (أيار) 2015، على السيطرة على مدينة تدمر ومناجم الفوسفات في خنيفيس والشرقية، انتهى الأمر بسيطرة النظام وحلفائه بعد التدخل الروسي في (مايو) 2017، على المدينة ومناجم الفوسفات التي حولها.
وشكلت تلك السيطرة مقدمة لتسليم إيران تلك المناجم تبعاً للاتفاق الذي عقده رئيس الحكومة عماد خميس، خلال زيارته طهران في مطلع عام 2017، القاضي بتسديد الديون الإيرانية الناجمة عن خطوط الائتمان الأربعة التي منحتها إيران للنظام، والتي تتجاوز قيمتها 5 مليارات دولار، عبر منح إيران جملة مشروعات وعلى رأسها استثمار الفوسفات السوري في منطقة خنيفيس، بعد تأسيس شركة مشتركة لهذا الغرض.
لكن النظام لم يلبث أن بدأ بالمماطلة في تنفيذ الاتفاقات مع طهران، وسرَّع من وتيرة التعاون الاقتصادي وتوقيع العقود مع موسكو في المجالات ذاتها التي تطمح إيران للاستحواذ عليها، ففي أبريل (نيسان) من عام 2017، أي قبل شهر من استعادة السيطرة على مناجم الفوسفات (خنيفيس والشرقية)، وقَّع النظام عقداً مع شركة روسية، بهدف تنفيذ أعمال الصيانة اللازمة للمناجم وتقديم خدمات الحماية والإنتاج والنقل إلى مرفأ التصدير «سلعاتا» بلبنان، حيث باشرت تلك الشركة عملها فعلياً في يونيو (حزيران) بعد أيام من استعادة السيطرة على المناجم.
وبحسب مصادر مطلعة على النشاط الاستثماري الروسي في سوريا تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن «روسيا بدأت بالفعل أخيراً باستثمار مناجم الفوسفات في سوريا لمصلحتها حصرياً».

زيت الزيتون
وبعد أن كانت سوريا قبل الحرب تحتل المرتبة الأولى عربياً والثالثة عالمياً بإنتاج الزيتون وزيت الزيتون، وفقاً لأرقام صندوق النقد الدولي، حيث قُدّر عدد أشجار الزيتون في سوريا بنحو 100 مليون شجرة، ومتوسط الإنتاج 1.2 مليون طن، تراجع الإنتاج تدريجياً إلى مستويات قياسية مع استمرار الحرب وسط تصريحات رسمية بانخفاضه بنسبة 300 في المائة.
وتتركز زراعة الزيتون في محافظة إدلب شمال غربي البلاد التي تسيطر على جزء كبير منها «هيئة تحرير الشام» بينما تسيطر فصائل مسلحة وإسلامية موالية لتركيا على أجزاء أخرى، وكذلك في محافظة حلب حيث تتقاسم السيطرة في شمالها «قوات سوريا الديمقراطية» وفصائل مسلحة موالية لتركيا.
مع تدهور سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي من نحو 50 ليرة قبل الحرب إلى أكثر من 500 ليرة حالياً، ارتفعت أسعار اللتر من زيت الزيتون تدريجياً من 190 ليرة قبل الحرب إلى نحو 2500 ليرة حالياً.
وبحسب مصادر أهلية تنحدر من إدلب تعيش في ريف دمشق، تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، فإن سعر «صفيحة» زيت الزيتون (16 كلغ) في إدلب يصل اليوم إلى 20 ألف ليرة، ويكلف نقلها إلى دمشق 5 آلاف ليرة، بينما يصل سعرها في العاصمة إلى نحو 35 ألف ليرة.
وتكشف المصادر أن بعض أهالي إدلب الذين يعيشون في العاصمة يقدمون على جلب محصولهم بعد أن تم جنيه وإنتاجه من قبل أقارب لهم هناك، على حين يفضل آخرون بيعه تفادياً لمشقة جلبه. وفي أواخر الشهر الماضي، ذكرت صحيفة «الوطن» الموالية لدمشق، أن السلطات التركية سهّلت على الفصائل المسلحة الموالية لها في منطقة عفرين بريف حلب الشمالي عمليات تهريب زيت الزيتون إلى داخل الأراضي التركية، وبسعر لا يتجاوز 10 آلاف ليرة سوريا لـ«الصفيحة» الواحدة، التي يصل سعرها في الأسواق المحلية إلى نحو 25 ألف ليرة.

القمح والقطن
وعلى حين كانت سوريا قبل 2011 تنتج أربعة ملايين طن من القمح في العام، وكان بإمكانها تصدير 1.5 مليون طن، قدر تقرير أممي، إنتاج القمح في سوريا لهذا العام بنحو 1.2 مليون طن، وهو أدنى مستوى منذ 29 عاما.
وكانت محافظات الجزيرة (الحسكة، ودير الزور، والرقة) التي تسيطر على معظمها «قوات سوريا الديمقراطية»، إضافة إلى حلب، تشكل الخزّان الاستراتيجي للقمح لأكثر من 23 مليون سوري.
ووفق بيانات وزارة الزراعة التابعة للنظام، فإن الرقة التي كانت الثالثة في إنتاج القمح، بعد الحسكة وحلب، تعرضت لتراجع كبير في زراعته، حتى في الأراضي المعتمدة على قنوات الري، بسبب غلاء الوقود اللازم لتشغيل المحركات والارتفاع المرعب في أسعار الأسمدة. وتراجعت المساحة المزروعة بالقمح في المحافظة من 161303 هكتارات في 2011، وبكمية إنتاج بلغت 607 آلاف طن، إلى 376 ألف طن في 2014، متأتية من مساحة 186 ألف هكتار، وفق أرقام المجموعة الإحصائية.
وبحسب ما نقلت تقارير عن مصدر من حكومة النظام، فإن الحكومة ستشتري كل القمح الذي سيقدم لها عبر مراكز الشراء والتجميع، وستكون الكمية التي سيتم شراؤها أقل من كمية الإنتاج لهذا العام.
وبينما يقوم عدد من المزارعين في المناطق الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» ببيع محاصيل القمح لـ«الإدارة الذاتية»، يقوم مزارعون في مناطق الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا ببيع القمح لمراكز تابعة للحكومة المؤقتة المدعومة من تركيا.
وتحتاج المناطق الخاضعة لسيطرة النظام ما بين مليون ومليون ونصف طن سنوياً لسد احتياجاتها من مادة الطحين، ولذلك ستقوم «المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب» التابعة للنظام بطرح مناقصات عالمية للشراء.
وأعلنت الأمم المتحدة أخيرا أن هناك 13 مليون شخص من السكان في سوريا يحتاجون إلى مساعدات إنسانية.
وخلال فترة سيطرة تنظيم «داعش» على محافظة الرقة، تضررت بنية الري، وتراجع الإنتاج والمساحات المزروعة بالقطن، ويوضح المصدر القيادي في «قوات سوريا الديمقراطية»، أن المساحات التي زُرِعت بالقطن في مناطق سيطرة القوات هذا العام لا تساوي نسبة 25 في المائة من المساحة في فترة ما قبل الحرب، بسبب جفاف نهر الخابور وقلة الهطولات المطرية وندرة الأسمدة اللازمة».
ووفق أرقام المجموعة الإحصائية الزراعية الصادرة عن «وزارة الزراعة» التابعة للنظام، فإن المساحة المزروعة بالقطن في الرقة تراجعت من نحو 50 ألف هكتار أنتجت 187.5 ألف طن في 2011، إلى 20 ألف هكتار أنتجت 50 ألف طن قطن في 2014. وقد بلغ، في عام 2011، إجمالي المساحة المزروعة بالقطن في جميع الأراضي السورية 175 ألف هكتار ووصل الإنتاج إلى 672 ألف طن، وفقاً لأرقام المجموعة.



الحوثي: أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال يُعتبر «هدفاً عسكرياً»

عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)
TT

الحوثي: أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال يُعتبر «هدفاً عسكرياً»

عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)

حذّر زعيم جماعة «الحوثي» عبد الملك الحوثي، يوم الأحد، من أن أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال سيكون «هدفاً عسكرياً»، في آخر إدانة للتحرّك الإسرائيلي للاعتراف بالإقليم الانفصالي.

وقال الحوثي، في بيان، إن جماعته تعتبر «أي وجود إسرائيلي في إقليم أرض الصومال هدفا عسكرياً لقواتنا المسلحة، باعتباره عدواناً على الصومال وعلى اليمن، وتهديداً لأمن المنطقة»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

واعترفت إسرائيل، الجمعة، رسمياً، بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة، في قرار لم يسبقها إليه أحد منذ إعلان الأخيرة انفصالها عن الصومال عام 1991.

وتقع أرض الصومال التي تبلغ مساحتها 175 ألف كيلومتر مربع، في الطرف الشمالي الغربي من الصومال. وأعلنت استقلالها من جانب واحد، في عام 1991، بينما كانت جمهورية الصومال تتخبّط في الفوضى عقب سقوط النظام العسكري للحاكم سياد بري. ولأرض الصومال عملتها الخاصة وجيشها وجهاز شرطة تابع لها.


«الانتقالي» على حافة الاختبار... هل يحفظ مكاسبه أو يتهيأ للاصطدام الكبير؟

مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
TT

«الانتقالي» على حافة الاختبار... هل يحفظ مكاسبه أو يتهيأ للاصطدام الكبير؟

مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)

تشهد المناطق الشرقية من اليمن، وتحديداً في حضرموت، مرحلة حساسة من إعادة ضبط التوازنات داخل معسكر «الشرعية»، على وقع التصعيد العسكري الأحادي الذي نفذه المجلس الانتقالي الجنوبي، وما يقابله من رفض إقليمي ودولي؛ إذ قال مراقبون إنه لا يمكن السماح بفرض أمر واقع عن طريق القوة المسلحة مهما كانت المزاعم أو المبررات.

وبحسب المراقبين، فإن ما يجري ليس تفصيلاً محلياً عابراً، يمكن التغاضي عنه سواء من قبل «الشرعية» اليمنية أو من قبل الداعمين لها، بل اختبار سياسي وأمني متعدد الأبعاد، تتقاطع فيه حسابات الداخل الجنوبي نفسه، ومسار الحرب مع الحوثيين، وخيارات السلام الإقليمي.

وحتى الآن، يظهر سلوك المجلس الانتقالي أقرب إلى المناورة تحت الضغط منه إلى التحدي المباشر. فاللغة المستخدمة في بياناته الأخيرة - التي تمزج بين التبرير السياسي والتحركات العسكرية، وبين الحديث عن «التنسيق» و«تفهّم الهواجس» - تعكس إدراكاً متزايداً بأن مساحة المناورة تضيق بسرعة. لكن لا بد من التقاط القرار الصائب.

كما يشار إلى أن تحذيرات السعودية التي تقود «تحالف دعم الشرعية» في اليمن لم تكن عابرة أو قابلة للتأويل، بل جاءت متزامنة ومتدرجة، وانتقلت من مستوى التنبيه السياسي إلى الردع التحذيري الميداني من خلال ضربة جوية في حضرموت.

عناصر من المجلس الانتقالي الجنوبي يرفعون صورة زعيمهم عيدروس الزبيدي (إ.ب.أ)

هذا التحول في اللهجة يعني عملياً أن هناك قراراً واضحاً بمنع انتقال حضرموت والمهرة إلى مسرح صراع داخلي، أو إلى ساحة لفرض مشاريع جزئية بالقوة.

وربما يدرك المجلس الانتقالي وناصحوه معاً، أن تجاهل هذه الرسائل يضعه في مواجهة مباشرة مع الطرف الإقليمي الأثقل وزناً في الملف اليمني، وهو السعودية قائدة «تحالف دعم الشرعية»، وهو صدام لا يملك المجلس أدوات تحمّله، لا سياسياً ولا عسكرياً.

لذلك، يُنصح «الانتقالي» من قبل مراقبين للشأن اليمني بأن يتعامل مع التحذيرات بجدية، وعدم الركون إلى تكتيك الإبطاء، هذا إذا كان يبحث عن مخارج تحفظ له الحد الأدنى من المكاسب التي راكمها خلال السنوات الماضية، وإلا فلن يكون أمامه سوى الانصياع المتوقع بالقوة، وهو إن حدث سيعني لأنصاره هزيمة مدوية لا يمكن استيعابها.

ورطة غير محسوبة

وفق مراقبين للشأن اليمني، فقد أوقع «الانتقالي» نفسه في ورطة غير محسوبة؛ إذ جرى تسويق التحركات الأخيرة بوصفها «حماية للقضية الجنوبية» و«استجابة لمطالب شعبية»، ولقطع طرق التهريب وإمدادات الحوثيين ومحاربة التنظيمات الإرهابية، وفق زعمه، إلا أن الأوان لم يفت كما بينته الرسالة السعودية بوضوح عبر وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان؛ إذ بالإمكان الخروج من الورطة بأقل الخسائر، من خلال مغادرة قواته الوافدة إلى حضرموت والمهرة بشكل عاجل.

من ناحية ثانية، تشير المعطيات إلى أن المجلس الانتقالي لا يملك القدرة على تثبيت وجوده في حضرموت والمهرة، في ظل مجموعة عوامل ضاغطة، أبرزها وجود رفض محلي واسع، بخاصة في حضرموت، حيث تتمتع المكونات الاجتماعية والقبلية بحساسية عالية تجاه أي وجود مسلح وافد.

عناصر من قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن (إ.ب.أ)

إلى جانب ذلك، يفتقد المجلس - الذي يهيمن على قراره قيادات من مناطق بعينها - غياب الغطاء الإقليمي الذي يشكل شرطاً أساسياً لأي تغيير أمني في مناطق حساسة، وكذا في ظل موقف دولي واضح يرفض أي تغيير للواقع بالقوة، ويؤكد دعم وحدة المؤسسات الرسمية.

لذلك، يبدو السيناريو الأفضل والأسهل - كما يقترحه محللون - هو انسحاب منظم، تحت أسماء فنية مثل «إعادة انتشار»، أو «ترتيبات أمنية»، أو بأي طريقة تسمح للمجلس بالخروج من المأزق بأقل الخسائر السياسية الممكنة.

أما إذا قرر المجلس الانتقالي تجاهل الإشارات والاستمرار في التصعيد، فإن تكلفة ذلك - طبقاً للمراقبين - ستكون مرتفعة ومتعددة المستويات؛ فعلى المستوى السياسي سيخسر المجلس ما تبقى من صورة الشراكة في السلطة الشرعية، وسيتحول تدريجياً - في الخطاب الإقليمي والدولي - من فاعل سياسي ضمن «مجلس القيادة الرئاسي» والحكومة اليمنية إلى عنصر مُعطِّل للاستقرار، وقد يصل الأمر إلى فرض عقوبات دولية على قادته.

أما عسكرياً، فالرسالة السعودية واضحة بعد بيان «تحالف دعم الشرعية»؛ إذ لن يُسمح بفرض أمر واقع بالقوة في شرق اليمن، وأي تصعيد إضافي قد يُقابل بردع مباشر، ما يعني خسائر ميدانية مؤسفة لا يملك المجلس القدرة على تعويضها أو تبريرها.

وعلى المستوى الشعبي، فإن حضرموت والمهرة ليستا بيئة حاضنة للمجلس الانتقالي، واستمرار التصعيد سيُعمّق الهوة بينه وبين قطاعات واسعة من الجنوبيين، ويحوّل القضية الجنوبية من مظلة جامعة إلى مشروع انقسامي، بل إن أخطر الخسائر - كما يقرأها المحللون - تكمن في تشويه جوهر القضية الجنوبية، عبر ربطها بالعسكرة والانتهاكات وفرض الوقائع بالقوة، بدل ترسيخها كقضية سياسية عادلة قابلة للحل ضمن مسار تفاوضي، كما هو الأمر في الطرح الذي تتبناه القوى اليمنية المنضوية تحت «الشرعية»، والذي تدعمه السعودية.

عبء الانتهاكات

من جانب آخر، تمثل الانتهاكات الموثقة في حضرموت نقطة تحوّل خطرة في مسار التصعيد. فعمليات المداهمة، والاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، وفرض الحصار على مناطق مأهولة... لا تُقرأ فقط كإجراءات أمنية، بل كنمط قمعي ممنهج، يضع المجلس الانتقالي في مواجهة مباشرة مع القانون الدولي الإنساني.

وبحسب تقارير حقوقية موثوقة، شملت الانتهاكات في الأيام الأخيرة اقتحام منازل مدنيين، واحتجازاً تعسفياً، وإخفاء قسرياً، وحصاراً عسكرياً لمناطق قبائل «الحموم»، ومنع تنقل المرضى، ونهب ممتلكات عامة وخاصة... وهذه الممارسات لا تُضعف موقف المجلس أخلاقياً فحسب، بل تُحوّل ملفه إلى عبء قانوني وسياسي قابل للاستخدام دولياً، وتفتح الباب أمام مساءلة مستقبلية قد لا تسقط بالتقادم.

المجلس الانتقالي الجنوبي صعّد عسكرياً في حضرموت والمهرة بشكل أحادي (إ.ب.أ)

من كل ذلك، يمكن القول إن ما يجري اليوم هو اختبار نضج سياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي، فإما أن يلتقط الرسالة الواضحة محلياً وسعودياً ودولياً، ويعود إلى المسار السياسي، ويحدّ من الخسائر، وإما أن يواصل التصعيد، ويدفع أثماناً سياسية وعسكرية وقانونية قد يصعب تعويضها، وفق تقديرات المراقبين.

وطبقاً لتقديرات المرحلة وما يراه المشفقون على مستقبل المجلس الانتقالي الجنوبي، فإن اللحظة الراهنة لا تحتمل المغامرة، ومن يخطئ قراءتها سيدفع الثمن وحده.


الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» يُوسع أهداف «الشباب»... فهل تتعاون مع مقديشو؟

عناصر من «حركة الشباب» الصومالية الإرهابية (أ.ب)
عناصر من «حركة الشباب» الصومالية الإرهابية (أ.ب)
TT

الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» يُوسع أهداف «الشباب»... فهل تتعاون مع مقديشو؟

عناصر من «حركة الشباب» الصومالية الإرهابية (أ.ب)
عناصر من «حركة الشباب» الصومالية الإرهابية (أ.ب)

وسع الاعتراف الإسرائيلي بـ«جمهورية أرض الصومال» من أهداف حركة «الشباب» الإرهابية، بإعلان استعدادها لـ«حرب تل أبيب في هرجيسكا»، وسط تساؤلات حول إمكانية تعاون الحركة مع حكومة مقديشو في المستقبل.

وأكد خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن «خطوة إسرائيل سوف تعطي ذرائع لـ(الشباب) عبر إعادة النشاط واكتساب بيئة حاضنة ومتطوعين جُدد». لكن الخبراء استبعدوا أي «تعاون بين الحركة الإرهابية والحكومة الصومالية».

ويكثف الجيش الصومالي منذ أكثر من عام عملياته العسكرية ضد عناصر «الشباب»، ونجح خلال الأشهر الأخيرة في استعادة السيطرة على مناطق عدة كانت تحت سيطرة الحركة، خصوصاً في وسط البلاد... وتؤكد وزارة الدفاع الصومالية أن «العمليات ضد الإرهابيين سوف تستمر حتى يتم القضاء عليهم بشكل كامل في جميع محافظات البلاد».

الخبير العسكري، رئيس «المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية»، العميد سمير راغب، يرى أن الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» سوف يوسع أهداف حركة «الشباب»؛ ورغم أن هذه التنظيمات لا تضع إسرائيل هدفاً أول؛ لكن فكرة وجود إسرائيلي حتى عبر «اعتراف» أو تجارة تكون جاذبة لمثل هذه التنظيمات، من أجل اكتساب بيئة حاضنة، ومتطوعين جٌدد، لذا فالحركة تعلن توسيع النشاط ضد إسرائيل.

وأضاف أن حركة «الشباب» موجودة في إقليم «بونتلاند» الملاصق لـ«صوماليلاند» وموجودة في جنوب الصومال بكثافة، وفكرة الانتقال إلى «أرض الصومال» قد تبدو محتملة في ظل وجود سيولة حدودية، فمن الممكن أن تنتقل عناصر الحركة. ولم يستبعد راغب أن «تمنح هذه التطورات فرصة للحركة للتنقل عبر دول أخرى من خلال توسيع العمليات، لأنها فرصة لها».

تصاعد الدخان بالقرب من مجمع قصر الرئاسة بالصومال عقب انفجارات في مقديشو يوم 4 أكتوبر الماضي (رويترز)

الجانب الدعائي

خبير الأمن الإقليمي، رئيس مركز «السلام للدراسات الاستراتيجية»، الدكتور أكرم حسام، قال إن «الاعتراف الإسرائيلي سوف يعطى ذرائع أو حجج لـ(الشباب) التي تواجه في الفترة الأخيرة ضغوطاً كبيرة، خصوصاً من قِبَل القوات الدولية التي تم تشكيلها لمواجهة الحركة». وشرح: «بالفعل الحركة تعرضت لتقويض كبير لدورها خلال الفترة الأخيرة، وانحصرت عملياتها في نطاقات محدودة خلال العامين الماضيين»، لافتاً إلى أن «خطوة إسرائيل سوف تدفع الحركة لإعادة تنشيط دورها في منطقة القرن الأفريقي».

ملمح آخر تحدث عنه حسام بأن «اعتراف إسرائيل بـ(أرض الصومال) سوف يعطي مساحة للحركة في الجانب الدعائي الخاص بمسألة التجنيد، ولمّ الصفوف مرة أخرى، وتوحيد الجهود ووضع أهداف جديدة تبدو براقة لبعض العناصر المتطرفة المتمركزة في منطقة القرن الأفريقي أو القريبة منها».

وفي تقدير حسام فإن «تهديد الحركة بإعلان استعدادها لـ(الحرب) ضد إسرائيل في الإقليم الانفصالي (أرض الصومال) قد يواجه صعوبة كبيرة لتنفيذ هذه التهديدات»، لكن سيبقى الأثر في الجانب الدعائي فقط والسياسي والبحث عن أنصار وداعمين جدد».

وتعهّدت «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» بمواجهة أي محاولة من جانب إسرائيل «للمطالبة بأجزاء من أرض الصومال أو استخدامها»، وقالت في إفادة، السبت، «لن نقبل بذلك، وسنحاربه». وحسب «الشباب» فإن اعتراف إسرائيل بـ«جمهورية أرض الصومال» أظهر أنّها «قررت التوسع إلى أجزاء من الأراضي الصومالية».

ضباط شرطة صوماليون يسيرون على طول حاجز وسط الطريق خلال دوريتهم بمقديشو في نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)

تعاون مستبعد

حول التعاون المستقبلي بين حكومة مقديشو و«الشباب». استبعد راغب أن «يحدث أي تعاون بشكل صريح بين الحركة ودولة الصومال، لأنه لو حدث فإن ذلك يدين الصومال، ولن تخرج مقديشو إطلاقاً وتعلن أنها تتعاون مع الحركة»؛ لكنه لم يستبعد أن يكون هناك عمل سري صومالي عبر خلايا تعمل داخل إقليم «أرض الصومال» ترفع شعارات حركة «الشباب» أو تنظيم «داعش» أو أي تنظيم آخر.

أيضاً حسام استبعد هذا الخيار بكل الأحوال، بقوله: «لن يكون هناك تعاون بين حركة إرهابية والحكومة الشرعية في الصومال»، لأننا هنا نتحدث عن مسار دولة تعمل من أجل التصدي للإجراء الإسرائيلي في «أرض الصومال». ويرى أن «تركيز الحكومة الصومالية حالياً وفي المستقبل سوف ينصب على الجهد الدبلوماسي لعدم توافر إمكانات أخرى لمواجهة هذا الأمر».

وقال حتى فيما يتعلق بمسألة «الخيارات الصلبة أو العنيفة» التي يمكن أن يتخذها الصومال تجاه «الإقليم الانفصالي» غير المعترف به، هذا أمر مستبعد، نتيجة للتحالفات الحالية التي تحظى بها «أرض الصومال» مع عديد من الدول والأطراف الداعمة، ولا ننسى الآن أن إسرائيل موجودة على الخط، وهناك محاولات لجر أميركا للوجود في «أرض الصومال» من خلال منح بعض القواعد العسكرية كما تم الحديث عنه من قبل، وحديث الرئيس الأميركي دونالد ترمب، «لم يقطع بأنه لن يعترف بـ(أرض الصومال)، وأبقى المجال مفتوحاً للاعتراف مستقبلاً».

ويشار إلى أن الوضع الأمني في الصومال قد تدهور بشكل ملحوظ عام 2025. وأعلنت «الشباب» في مارس (آذار) الماضي مسؤوليتها عن انفجار قنبلة كادت أن تصيب الموكب الرئاسي. ومطلع أبريل (نيسان) الماضي أطلقت قذائف سقطت قرب مطار مقديشو. كما استهدف هجوم انتحاري في يوليو (تموز) الماضي أكاديمية عسكرية تقع جنوب العاصمة الصومالية.

وبداية أغسطس (آب) الماضي، شنت بعثة الدعم وإرساء الاستقرار التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال «هجوماً كبيراً» لاستعادة السيطرة على مدينة باريري في منطقة باس شابيل التي تبعد مائة كيلومتر غرب العاصمة الصومالية. وكانت باريري تضم قاعدة عسكرية كبيرة، وسقطت في أيدي «الشباب» من دون معارك في مارس الماضي، بعد انسحاب الجيش منها، وذلك إثر تدمير عناصر الحركة جسراً حيوياً لإيصال الإمدادات العسكرية.

شاب يحمل علم «أرض الصومال» أمام النصب التذكاري لـ«حرب هرجيسا» (أ.ف.ب)

مستقبل «الشباب»

عن مستقبل نشاط «الشباب». أكد سمير راغب أن «الحركة سوف تستمر في نشاطها، لأن الفكرة القائمة عليها الحركة أن تُحدث فوضى وتأثيرات في أي نظام سياسي تؤدي إلى ضعفه أو سقوطه، لأنها تريد أن تحكم»، وبالتالي «هي لن ترفع راية الوطنية بالحديث عن محاربة إسرائيل، لكن لديها فكرة دائمة في البحث عن (ضوء) فيُمكن أن تخفف في منطقة وتزيد في منطقة أخرى.

وحسب أكرم حسام فإنه «لا داع للربط بين مستقبل نشاط الحركة واعتراف إسرائيل بـ(أرض الصومال)، لأن الحركة لها دعائم للبقاء خلال الفترة الحالية والمستقبلية». وتابع: «كل طموحات الحركة تتركز حالياً في دولة الصومال، ولديها حواضن محلية قائمة على العشائر أو القبائل، ولديها مصادر تمويل تستطيع من خلالها ضمان القدرات المالية، والدليل على ذلك أنه رغم الحملة الدولية على (الشباب)»؛ فإن الحركة «تستطيع التعايش مع هذا الضغط من خلال الاحتماء بهذه الحواضن العشائرية».

وأفاد تقرير لـ«وكالة الأنباء الصومالية» (صونا) في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن «الفرقة الـ43 للجيش الوطني وقوات الكوماندوز الخاصة نفذت عمليات عسكرية مخططة في البلدات التابعة لمنطقة جمامي بمحافظة جوبا السفلى». وطبقاً للوكالة «تكبدت عناصر الحركة حينها خسائر فادحة جرّاء العمليات العسكرية الجارية؛ حيث تم طردها من تلك المناطق التي كانت تتحصن فيها». وذكرت «الوكالة» أن «العمليات العسكرية البرية ترافقت مع غارات جوية شنّها الجيش الوطني، وأسفرت عن تدمير أوكار الإرهابيين».