تغيير المسار المهني، أمر ربما يراه البعض صعبا في منتصف حياتهم، وأحيانا في البدايات، لكن ماذا لو استطعت أن تغير مهنتك في سن الستين، فتبدأ في البحث عن مجال آخر يناسب شغفك، ودراسته، ثم احترافه، والتكسب منه أيضا.
ربما يبدو الأمر غير واقعي، إلا أن الدكتور أحمد عبد الله، المهندس المصري الفرنسي، والخبير في التحكم الآلي، قرر التوقف عن مهنته واستبدال هوايته القديمة بها، وهي التصوير الفوتوغرافي، وكسب عيشه منها.
ليس ذلك فقط، بل أراد أن يربط مهنته الجديدة تلك، باستكشاف الواقع المصري، بعدما أمضى عشرات السنوات خارج مصر، تغير خلالها الحال على المستوى الاجتماعي، والاقتصادي، والسياسي، بطريقة أدهشت عبد الله، وجعلته يشعر بضرورة إلقاء الضوء على ذلك.
يقول عبد الله إنه امتلك أول كاميرا له حين كان لا يتعدى عمره عشر سنوات، وكانت كاميرا من ماركة كوداك الشهيرة، التي خفت نجمها بعد ظهور الكاميرات الرقمية، وخلال فترة الجامعة استخدم التصوير الفوتوغرافي وسيلة لتغطية مصروفاته، لكنه توقف بعد بدء حياته المهنية، بصفته مهندسا خبيرا في التحكم الآلي.
وقبل بلوغه سن المعاش، قرر الدكتور أحمد عبد الله العودة إلى شغفه في التصوير، فدرس بشكل حر في إحدى كليات الفنون الجميلة بفرنسا، وبدأ في العمل مصورا محترفا، حتى إنه بات يتكسب من التصوير، وأثناء زيارته لمصر، قرر توثيق التغيرات التي حدثت خلال سنوات رحيله عنها.
ولمدة أربع سنوات تجول عبد الله، في محافظات مصر، من القاهرة، إلى الأقصر، ومن طنطا، إلى الإسكندرية، وجمع ما يزيد على 200 صورة، حملت كثيرا من المشاهد اليومية المعتادة، برؤية فنان مغترب.
يقول عبد الله لـ«الشرق الأوسط» إنه «أعاد اكتشاف المجتمع المصري عن طريق الصور، فالشعب المصري يتميز بضم أطياف تختلف في الشكل، واللون، والدين، والعرق، وجميعهم يعيشون متناغمين بلا انفصال، كما أن لدى المجتمع المصري ممارسات يومية لا يشبهها مثيل في العالم».
في الأقصر مثلا، قام عبد الله بتأجير غرفة لمدة ثلاثة أيام تطل على سوق الخضار، وقام بالتقاط عدد من الصور، تمثل الحياة اليومية، وافتتن بالملابس المميزة للبائعين، وطريقتهم في النداء على بضاعتهم، وطريقة الزبائن أيضا في الشراء، وبعد ذلك جمع البائعين لالتقاط صور بورتريه لهم، ومنحها لهم قبل المغادرة.
المقاهي أيضا كان لها سحرها بالنسبة للفنان والمهندس المصري، الذي افتتن بحميمية الجلسات المطولة لروادها، مع شرب الشاي، والشيشة، بعيدا عن الإنترنت، ووسائل التواصل الحديثة، فجمع عددا من الصور من منطقة بشتيل، والدرب الأحمر، وطنطا، وأكد أن المقاهي في مصر تعد من مظاهر الحياة التي لم تتغير على مدى العقود الماضية.
النساء العاملات بائعات متجولات، كانت من المظاهر التي رصدها الدكتور عبد الله، حيث رأى فيها ظاهرة تنم عن شجاعة المرأة المصرية، التي تتحدى قيود المجتمع، من أجل الحصول على لقمة العيش.
إلى ذلك، لفت تعامل المصريين مع الحيوانات أيضا، انتباه الدكتور عبد الله خلال وجوده في مصر، فالصورة ليست قاتمة دائما، فهناك كثير من البسطاء الذين يعطفون على حيواناتهم، سواء أكانت أحصنة، أو كلابا، أو من حيوانات المزرعة.
تسجيل بورتريهات خاصة للأجيال من عائلته، كانت من أبرز مجموعات عبد الله، حيث حرص على التقاط صور بورتريه للأجيال المختلفة من عائلته، وأصدقائهم، في محاولة لجمعهم معا، وهو الأمر الذي نادرا ما يحدث في الحقيقة، بسبب انشغال الجميع في حياتهم اليومية، وعدم الحرص على الزيارات العائلية، كما كان يحدث قديما، خلال سنوات وجوده في مصر.
مهندس مصري يترك عمله ويطارد شغفه بالفوتوغرافيا
يعمل على توثيق الحياة اليومية للمصريين بعد اغترابه في فرنسا سنوات طويلة
مهندس مصري يترك عمله ويطارد شغفه بالفوتوغرافيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة