لجنة الإغاثة اليمنية: الميليشيات نهبت 700 قافلة مساعدات

أكدت حجز الحوثيين 88 سفينة ومنعها من التفريغ

عنصر من قوات الشرعية يتابع عملية إزالة ساتر ترابي اقامه الحوثيون في الحديدة  (إ.ب.أ)
عنصر من قوات الشرعية يتابع عملية إزالة ساتر ترابي اقامه الحوثيون في الحديدة (إ.ب.أ)
TT

لجنة الإغاثة اليمنية: الميليشيات نهبت 700 قافلة مساعدات

عنصر من قوات الشرعية يتابع عملية إزالة ساتر ترابي اقامه الحوثيون في الحديدة  (إ.ب.أ)
عنصر من قوات الشرعية يتابع عملية إزالة ساتر ترابي اقامه الحوثيون في الحديدة (إ.ب.أ)

اتهمت اللجنة العليا اليمنية للإغاثة بأن ميليشيا الحوثي الانقلابية احتجزت ومنعت دخول أكثر من 88 سفينة إغاثية وتجارية ونفطية إلى مينائي الحديدة والصليف بمحافظة الحديدة، خلال الفترة من مايو (أيار) 2015 إلى ديسمبر (كانون الأول) 2018، منها 34 سفينة احتجزتها لأكثر من 6 أشهر حتى تلفت معظم حمولاتها، إضافة إلى استهداف الميليشيا 7 سفن إغاثية وتجارية ونفطية بالقصف المباشر، منها 4 سفن سعودية وسفينتان إماراتيتان وسفينة تركية في البحر الأحمر.
وأوضحت اللجنة في بيان نشرته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) أمس (الثلاثاء)، أن الميليشيا، قامت خلال الفترة نفسها، بنهب واحتجاز 697 شاحنة إغاثية في الطرق الرابطة بين محافظات الحديدة وصنعاء وإب وتعز وحجة وذمار، ومداخل المحافظات الخاضعة لسيطرتها، آخرها احتجاز شاحنة تزن 32 طناً في ميناء الحديدة كانت متجهة إلى محافظة صنعاء يوم 29 ديسمبر (كانون الأول) المنصرم، مشيرة إلى أن بعض تلك الشاحنات المنهوبة كانت تحمل أدوية خاصة بوباء الكوليرا ولقاحات الأطفال.
وبينت اللجنة العليا للإغاثة أن ميليشيا الحوثي قامت خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي باحتجاز 51 ألف طن من القمح المقدم عن طريق برنامج الأغذية العالمي والذي يكفي لأكثر من 3 ملايين و700 ألف شخص، لأكثر من 4 أشهر، مشيرة إلى أن آخر أربع سفن إغاثية ونفطية احتجزتها الميليشيات الانقلابية في ميناء الحديدة والصليف، هي السفينة (DISTYA PUSHTI) والسفينة (RINA) والسفينة (SINCERO) والسفينة (CARPE DIEM - 2) في سبتمبر (أيلول) الماضي، وكان إجمالي حمولتها 25050 طناً من المواد الغذائية والدقيق والسكر و25980 طناً من الديزل و9025 طناً من البنزين.
وذكر بيان اللجنة أن ميليشيا الحوثي قامت بقصف وتفجير 4 شاحنات إغاثية في مأرب مقدمة مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية كانت في طريقها للمستحقين في محافظة البيضاء، كما قامت بإحراق مخازن برنامج الأغذية العالمي وأتلفت أكثر من 4000 طن من القمح من محتويات المخزن بمدينة الحديدة، إضافة إلى قيامها باقتحام مخازن البرنامج 4 مرات في أكثر من موقع بالمحافظة، واستخدمت بعض المباني المحاذية للمخازن ثكنات عسكرية.
ووفقاً لبيان اللجنة العليا للإغاثة فقد شهدت محافظة الحديدة لوحدها أكثر من 185 انتهاكاً ارتكبتها ميليشيا الحوثي، وتدرجت تلك الانتهاكات من قتل 2 من سائقي الشاحنات الإغاثية، إلى اختطاف أكثر من 25 موظفاً بالعمل الإغاثي، فاحتجاز السفن الإغاثية، وإحراق مخازن برنامج الأغذية العالمي، واقتحام مكاتب المنظمات ومخازن المنظمات الدولية.
وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة كشف أمس الاثنين عن تلاعب ميليشيا الحوثي في توزيع مساعدات الإغاثة الإنسانية في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيا، وقال البرنامج في بيان صحافي، نشره على موقعه الإلكتروني، إن الكثير من سكان العاصمة لم يحصلوا على استحقاقاتهم من الحصص الغذائية، فيما حُرم الجوعى من حصصهم بالكامل في مناطق أخرى، في الوقت الذي يعتمد ملايين اليمنيين على المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة.
وأكد المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي أن «هذه الممارسات هي بمثابة سرقة الغذاء من أفواه الجوعى»، وأضاف «يحدث هذا في الوقت الذي يموت فيه الأطفال في اليمن لأنهم لا يجدون ما يكفيهم من الطعام، وهذا اعتداء بالغ. يجب العمل على وضع حد فوري لهذا السلوك الإجرامي».
وفي تصريح لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، قال وزير الإدارة المحلية اليمني رئيس اللجنة العليا للإغاثة عبد الرقيب فتح، إن التصريح الواضح للمدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي، بسرقة الحوثيين للمواد الإغاثية من أفواه الجوعى وبيع المواد الإغاثية لتحقيق مكاسب لهم، وحرمان المستحقين في بعض المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات من حصصهم الإغاثية بالكامل وقيام مسؤولين حوثيين بالتلاعب في اختيار المستفيدين وتزوير سجلات التوزيع، تؤكد بطريقة مباشرة ما تؤكده عليه اللجنة العليا للإغاثة باستمرار.
وعن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الشرعية لمنع ميليشيا الحوثي الانقلابية من ممارسة الانتهاكات في مجال الإغاثة، قال الوزير فتح إن اللجنة العليا للإغاثة، واستجابة لتوجيهات القيادة السياسية ممثلة بالرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، بضمان إيصال المساعدات الإغاثية إلى جميع المحافظات اليمنية دون استثناء، قامت باتخاذ عدد من التدابير والإجراءات الكفيلة بمنع استمرار انتهاكات الحوثيين، وناقشتها مع المانحين والمنظمات الدولية، ومنها مبدأ لا مركزية العمل الإغاثي، والتي تتمثل بافتتاح خمسة مراكز إغاثية إدارية رئيسية.
وأوضح أن محافظة عدن اختيرت مقراً للمركز الإغاثي الإداري الأول، ومن خلاله تنقل المساعدات إلى محافظات «عدن، لحج، أبين، الضالع، تعز، إب»، وأنشئ المركز الإغاثي الإداري الثاني في محافظة الحديدة، ويتم من خلاله التوزيع إلى محافظات «الحديدة، المحويت، ريمه، حجة»، وفي محافظة مأرب يوجد المركز الإغاثي الإداري الثالث، ويتم التوزيع منه إلى محافظات «مأرب، البيضاء، الجوف، البيضاء»، أما المركز الإغاثي الإداري الرابع فهو في محافظة صنعاء، ويتم التوزيع من خلاله إلى محافظات «صنعاء، عمران، صعدة، ذمار»، فيما اختيرت محافظة حضرموت لتكون مقراً للمركز الإغاثي الإداري الخامس، ليتم التوزيع من خلاله على محافظات «حضرموت، شبوه، المهره، سقطرى».
وقال رئيس اللجنة العليا للإغاثة إن هذه الخطة ستخفف من عمليات الانتهاكات التي تقوم بها ميليشيا الحوثي الانقلابية في عدد من المحافظات، إضافة إلى أنها ستقلل من تكاليف النقل، وشدد على أهمية التنفيذ الكامل لهذا الإجراء، مشيراً إلى أن اللجنة ناقشت مع المنظمات الدولية استخدام المنافذ والموانئ والمطارات في المحافظات المحررة لاستقبال السفن، والطائرات الإغاثية، للحيلولة دون الإعاقات التي تضعها الميليشيا في مينائي الحديدة والصليف، لافتاً إلى وجود 22 منفذاً برياً وبحرياً وجوياً متاحاً أمام عمل المنظمات الدولية.
وطالب الوزير فتح المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الأخلاقية في الوقوف بوجه الميليشيا الانقلابية والضغط عليها لوقف التدخل في الجانب الإغاثي ومنع تكرار مثل هذه الحوادث، واصفاً هذه الممارسات الحوثية بالإجرامية وغير الأخلاقية والمخالفة للقوانين الدولية والإنسانية. ودعا المنظمات الإغاثية الدولية إلى اتباع آليات وضوابط رقابية كفيلة بضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها في مناطق سيطرة الانقلابيين، محملاً ميليشيا الحوثي المسؤولية الكاملة عن تدهور الوضع الإنساني في تلك المناطق.


مقالات ذات صلة

هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

العالم العربي الجماعة الحوثية منحت مهدي المشاط رئيس مجلس حكمها شهادة الماجستير (إعلام حوثي)

هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

يتعرض طلاب الدراسات العليا في الجامعات اليمنية لابتزاز قادة حوثيين لإعداد رسائلهم للماجستير، والدكتوراه، في حين يجري إغراق التعليم الجامعي بممارسات كسب الولاء

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طائرة أميركية مسيرة من طراز «إم كيو - 9» (أرشيفية - أ.ب)

اليمن: مقتل قيادي بارز بـ«القاعدة» بغارة أميركية في مأرب

أكد مصدر أمني يمني، مساء السبت، مقتل قيادي بارز في تنظيم «القاعدة»، في ضربة بطائرة أميركية من دون طيار في محافظة مأرب، شرق البلاد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عناصر حوثيون أمام شاشة كبيرة تنقل صوراً لهجمات نفَّذتها الجماعة في البحر الأحمر (غيتي)

سباق الظلام… الحوثيون يحاولون تجاوز اختراقهم من إسرائيل

لجأ الحوثيون لتشديد إجراءاتهم الأمنية لحماية قياداتهم من الاستهداف الإسرائيلي، كتعطيل كاميرات المراقبة وتغيير هوياتهم يومياً وتنويع وسائل تنقلهم وتمويه تحركاتهم

وضاح الجليل (عدن)
خاص باتريك سيمونيه رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن (تصوير: صالح الغنام)

خاص الاتحاد الأوروبي لـ«الشرق الأوسط»: لا تساهل مع الحوثيين... وهدفنا عودة اليمنيين للمفاوضات

تؤكد بروكسل أنها لا تتساهل مع الحوثيين، وكل جهودها تنصب لإعادة الأطراف لطاولة المفاوضات وتطبيق خريطة السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الرئيس رشاد العليمي يستقبل الوزير البريطاني في عدن (سبأ)

وزير بريطاني: شراكتنا مع اليمن «ركيزة أساسية» لاستقرار البلاد وأمن المنطقة والعالم

وصف وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني هيمش فولكنر الشراكة مع اليمن بأنها «ركيزة أساسية» لاستقرار البلاد وأمن المنطقة والعالم.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.