بغداد وعمان تدشنان مرحلة جديدة من التعاون السياسي والأمني والاقتصادي

مراقبون عدوا الاتفاقات جزءاً من استعداد العراق للتكيف مع عقوبات أميركا على إيران

رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي مستقبلا نظيره الأردني عمر الرزاز في مقر رئاسة الوزراء ببغداد أمس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي مستقبلا نظيره الأردني عمر الرزاز في مقر رئاسة الوزراء ببغداد أمس (إ.ب.أ)
TT

بغداد وعمان تدشنان مرحلة جديدة من التعاون السياسي والأمني والاقتصادي

رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي مستقبلا نظيره الأردني عمر الرزاز في مقر رئاسة الوزراء ببغداد أمس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي مستقبلا نظيره الأردني عمر الرزاز في مقر رئاسة الوزراء ببغداد أمس (إ.ب.أ)

قال رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، أمس، بأنه اتفق مع نظيره الأردني عمر الرزاز الذي زار العراق أمس، على إنشاء منطقة صناعية مشتركة بين البلدين وبحث مسألة الإعفاءات الجمركية مع الأردن، ويقول الجانبان، بأنهما يعتزمان رفع سقف التكامل الاقتصادي بينهما وزيادة حجم التبادل التجاري، كذلك الاتفاق على أن يكون ميناء العقبة الأردني إحدى منصات تصدير النفط العراقي في المرحلة المقبلة.
وكان رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز وصل لبغداد أمس على رأس وفد رفيع ضمّ وزراء الشؤون البلديّة والنقل، والماليّة، والصناعة والتجارة والتموين، والدّولة لشؤون الإعلام، والطّاقة والثروة المعدنيّة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وهي أول زيارة لمسؤول أردني رفيع منذ تولي عادل عبد المهدي منصب رئاسة الوزراء نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. والتقى رئيس الوزراء الأردني الرئيس العراقي برهم صالح في قصر السلام ببغداد.
وتظهر جلسة المباحثات المشتركة بين الجانبين العراقي والأردني أنهما يدشنان مرحلة جديدة وكبيرة من التعاون في مختلف المجالات السياسية والتجارية والأمنية، ويرجّح بعض الخبراء الاقتصاديين أن يكون العراق والأردن دخلا رسميا مرحلة الاستعداد المشترك لمواجهة العقوبات الأميركية على إيران، حيث يتوقع أن يستعين العراق بالأردن لتلبية احتياجاته من المواد المختلفة التي يحظر الحصار الأميركي الحصول عليها من إيران.
وذكر مكتب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في بيان، أن الأخير رحب أثناء جلسة المباحثات الرسمية بـ«تعزيز أواصر التعاون المشترك بين البلدين الشقيقين وجرى خلال اللقاء الموسع بحث الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية». وقال عبد المهدي إن «المباحثات مهمة جدا لتحقيق مخرجات حقيقية وإحراز تقدم إضافي في العلاقة بين البلدين الشقيقين الجارين، ونحن نعتز بعلاقتنا مع الأردن وشعبه العزيز ونعتبر جلالة الملك عبد الله بن الحسين أخا وعضيدا وحليفا».
من جهته، قال رئيس الوزراء الأردني إن «من دواعي سرورنا أن نكون في بغداد ملتقى العروبة والحضارة لنرسم أطرا جديدة لعلاقاتنا قوامها الشراكة الحقيقية»، مضيفا أن العاهل الأردني «وجهنا لفتح الأبواب مشرعة للتعاون مع العراق الشقيق وتقديم كل ما نستطيع في جميع المجالات».
وحول أهم النقاط الحيوية التي اتفق الجانبان عليها ونوقشت في جلسة المباحثات وخطوات تنفيذها وفق جداول زمنية محددة، أشار البيان إلى الاتفاق في قطاع النقل على «فتح المعابر الحدودية الأردنية العراقية (الكرامة - طريبيل) أمام حركة النقل للبدء بتسيير الرحلات للبضائع سريعة التلف مطلع فبراير (شباط) المقبل على أن تشمل كافة أنواع السلع بعد ذلك». كذلك تم الاتفاق على «منح التسهيلات للبضائع العراقية المستوردة عن طريق العقبة التي مقصدها النهائي العراق خصما مقداره 75 في المائة من الرسوم التي تتقاضاها سلطة العقبة الاقتصادية».
واتفق الطرفان أيضا على عقد اتفاقية بين الخطوط الجوية العراقية والخطوط الملكية الأردنية من أجل التعاون المشترك في مختلف المجالات، وضمنه التدريب والتعاون في كافة مجالات الطيران والنقل الجوي.
وفي قطاع الصناعة والتجارة، قرر الجانبان اتخاذ القرارات المتعلقة بـ«تخصيص الأراضي المتفق عليها على الحدود العراقية الأردنية ليصل بعمق (2 كم) على طرفي الحدود وبطول (6 كم) للشركة الأردنية العراقية ومنحها الإعفاءات اللازمة والانتهاء من إعلان طلب استدراج العروض لإعداد المواصفات الفنية للمنطقة الصناعية الأردنية العراقية المشتركة».
ويقول أستاذ الاقتصاد عبد الرحمن المشهداني إن «الاتفاقات بين البلدين تكشف عن ضخامة التعاون بينهما في المرحلة المقبلة على كافة المستويات». ولا يستبعد المشهداني أن يكون الأردن بوابة العراق الرئيسية بعد العقوبات الأميركية على إيران، وأشار في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الأردنيين يعرفون كيفية الاستفادة من الظروف التي يمر بها العراق عادة، وهذا ما حصل خلال الحرب العراقية - الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي والحصار الدولي الذي فرض على العراق في التسعينات وكان الأردن بوابة العراق الوحيدة وقد استفاد اقتصاده من ذلك كثيرا». ويرى المشهداني أن «أهم ما في موضوع العلاقات التجارية مع الأردن هو في أنها توفر عملية تنوع ممتازة بالنسبة لصادرات العراق وخاصة النفطية منها».
وفي مجال الطاقة، أكد بيان مكتب رئاسة الوزراء العراقية على «الاتفاق على الربط الكهربائي الأردني العراقي من خلال شبكة الربط وتم توقيع مذكرة التفاهم بهذا الشأن»، وكذلك «الاتفاق على الانتهاء من الاتفاقية الإطارية لأنبوب النفط العراقي – الأردني والذي سيمتد من البصرة عبر حديثة إلى العقبة وذلك في الربع الأول من 2019».
والى جانب الاتفاق على مذكرات تفاهم تتعلق بالجانب الزراعي والأمني، شملت المباحثات العراقية الأردنية قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حيث تم «لاتفاق على مرور سعات الإنترنت للعراق من خلال الأردن في 2019 لدعم العراق في إنشاء البنية التحتية ونقل التجارب الأردنية في مجالات التكنولوجيا المالية إلى العراق».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.