موسكو تنسق مع أنقرة والكرملين يرحب بـ«استعادة» منبج

لافروف والصفدي في موسكو أمس (أ.ب)
لافروف والصفدي في موسكو أمس (أ.ب)
TT

موسكو تنسق مع أنقرة والكرملين يرحب بـ«استعادة» منبج

لافروف والصفدي في موسكو أمس (أ.ب)
لافروف والصفدي في موسكو أمس (أ.ب)

نشّطت موسكو تحركاتها في الشأن السوري، مع تسارع التطورات الميدانية في الشمال، على خلفية قرار أميركا الانسحاب من سوريا. ورحّب الكرملين، أمس، بدخول قوات الحكومة السورية مناطق حول منبج، في وقت أكدت مصادر روسية الحرص على تجنّب وقوع مواجهة سورية – تركية.
وتتركز الأنظار اليوم السبت على محادثات مرتقبة يجريها وزراء الخارجية والدفاع في روسيا وتركيا، بهدف وضع آليات مشتركة للتحرك خلال المرحلة المقبلة.
وأكدت الرئاسة الروسية ارتياحها لما وصف بأنه «استعادة الحكومة السورية اليوم (أمس) سيطرتها على مدينة منبج»، وفق تعليق الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، الذي اعتبر أن «دخول القوات الحكومية إلى منبج، ورفع العلم الوطني السوري فيها، يمثّل، من دون أدنى شك، خطوة إيجابية ستسهم في استعادة استقرار الوضع في البلاد». ورغم أن تقارير روسية أفادت بأن القوات الحكومية لم تدخل المدينة؛ بل انتشرت على نقاط التماس حولها، استبق الناطق الرئاسي الروسي التطورات بالتأكيد على الأهمية التي توليها موسكو لـ«توسيع قوات الحكومة السورية مناطق سيطرتها»، معتبراً ذلك «نزعة إيجابية».
وأكد بيسكوف أن الاجتماع المقرر اليوم في موسكو بين وزيري الخارجية والدفاع التركيين، مولود جاويش أوغلو وخلوصي آكار، ونظيريهما الروسيين سيرغي لافروف وسيرغي شويغو، سيتطرق إلى مسألة منبج، وخطط أنقرة لشن عملية عسكرية شرق الفرات، وذلك بهدف «توضيح الأمور وتنسيق الخطوات، والتوصل إلى التفاهم بشأن تطورات الأوضاع في سوريا لاحقاً». وشدد على أن الاجتماع سيبحث «الأوضاع بوضوح تام».
وأكد بيسكوف في حديث للصحافيين، أن تطورات الأحداث في منبج كانت بين المسائل المطروحة على أجندة الاجتماع الذي عقده أمس الرئيس فلاديمير بوتين، مع أعضاء مجلس الأمن القومي الروسي، مشيراً إلى أن «الاجتماع قيّم إيجاباً استمرار القوات المسلحة السورية في استعادة السيطرة على أراضي البلاد، وأشار إلى أهمية هذه العملية بالنسبة إلى التسوية السياسية في سوريا».
ورأت مصادر عسكرية روسية تحدثت إلى وسائل إعلام، أمس، أن موسكو تراقب الوضع المتسارع، وترى أنه «يسير بوتائر إيجابية»؛ لكنها شددت على الأهمية التي توليها روسيا لمنع انزلاق الأمور نحو مواجهة سورية - تركية في الشمال. وقال خبير مقرب من وزارة الدفاع، إن روسيا «ليست لديها أي أسباب للشك في أن أنقرة ملتزمة بشكل كامل بوحدة الأراضي السورية وسلامتها، وأن احتمال تدهور الموقف يبدو مستبعداً، رغم ضرورة الحذر من قيام أطراف بعمل استفزازي لتخريب الوتيرة الإيجابية الحالية».
إلى ذلك، قال نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، إنه من المقرر أن يشارك في لقاءات الوزراء الأربعة ممثلون عن هيئات تركية أخرى، لعقد محادثات مع نظرائهم الروس، في إشارة إلى أن اللقاءات ستشمل نقاشات على المستوى الأمني.
وكشف بوغدانوف عن تحضيرات تقوم بها موسكو، لعقد قمة جديدة للدول الضامنة مسار آستانة (روسيا وتركيا وإيران)، مرجّحاً أن تنعقد القمة في روسيا أوائل العام المقبل.
وكان الكرملين قد رد أمس على إعلان تركي باحتمال عقد قمة تجمع بوتين ونظيره التركي رجب طيب إردوغان قريباً، بالإشارة إلى أن هذا الموضوع «سيتم حسمه خلال لقاءات وزراء الخارجية والدفاع السبت».
في غضون ذلك، كانت تداعيات القرار الأميركي بسحب القوات من سوريا بين أبرز محاور البحث أمس، خلال محادثات أجراها لافروف مع نظيره الأردني أيمن الصفدي، الذي وصل إلى روسيا في زيارة ليوم واحد. واستبقت الخارجية الروسية اللقاء بتأكيد الاهتمام بمناقشة انعكاسات القرار الأميركي على الوضع في جنوب سوريا؛ حيث تحتفظ واشنطن بوجود عسكري في قاعدة التنف، وتسيطر على المنطقة التي يقع فيها مخيم الركبان للاجئين السوريين، الذي يقطنه نحو 50 ألف لاجئ يعانون ظروفاً معيشية سيئة.
كما أشارت الخارجية إلى أن تطبيع العلاقات العربية مع سوريا سيكون بين محاور البحث، مجددة التأكيد على الترحيب الروسي بالاتصالات التي جرت أخيراً، بين عدد من البلدان العربية مع الحكومة السورية.
وأكد الوزيران لافروف والصفدي، في مؤتمر صحافي مشترك بعد محادثاتهما، على ضرورة التوصل إلى حل سياسي وإنهاء الأزمة السورية، واستعادة سوريا لدورها في منظومة العمل العربي المشترك. وشدد لافروف على «أهمية أن تلعب الدول العربية دوراً إيجابياً لحل الأزمة السورية»، مشيراً إلى أن «الهدف الرئيس والنهائي من الجهود المبذولة في إطار مسار آستانة، هو القضاء على الإرهاب، وإنشاء ظروف ملائمة للعيش بأمان لجميع مكونات الشعب». وذكر أنه ناقش مع نظيره الأردني الوضع في سوريا وضرورة احترام سيادتها، وكذلك وضع مخيم «الركبان» واللاجئين السوريين في الأردن، مؤكداً «الحرص المشترك على تسوية وضع المخيم؛ لأن الموجودين فيه لا يستطيعون الحصول على المساعدات الإنسانية».
وأضاف الوزير الروسي أن «حل مشكلة اللاجئين يحتاج إلى جهود كبيرة من المجتمع الدولي، وأن وجود اللاجئين السوريين يقلق الأردن، وعددهم 670 ألفاً».
بدوره أكد وزير الخارجية الأردني على ضرورة إنهاء «الكارثة والأزمة» في سوريا، مشيراً إلى أن تحقيق هذا الهدف يتطلب تعاوناً وتنسيقاً مع روسيا. وقال الصفدي إن بلاده «منخرطة في جهود مستمرة، سواء مع أصدقائنا الروس أو أصدقائنا الآخرين في المجتمع الدولي، بهدف التوصل إلى حل سياسي للأزمة، يحفظ وحدة سوريا وسيادتها واستقلالها، ويعيد لسوريا أمنها واستقرارها وعافيتها، ودورها في تعزيز استقرار المنطقة، ودورها المهم في منظومة العمل العربي المشترك». وأضاف أن «موقف المملكة الأردنية ثابت، وأنه لا بد من دور عربي إيجابي لإيجاد حل للكارثة التي سببت قتلاً ودماراً وخراباً، يجب أن يتوقف وبشكل فوري».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.