«دبي أوبرا» تستهدف العروض والفعاليات لتعزيز موقعها كمركز ثقافي

تصميمها يساعدها للتحول من مسرح إلى قاعة متعددة الاستخدامات

تصميم «دبي أوبرا» على شكل قارب صيد
تصميم «دبي أوبرا» على شكل قارب صيد
TT

«دبي أوبرا» تستهدف العروض والفعاليات لتعزيز موقعها كمركز ثقافي

تصميم «دبي أوبرا» على شكل قارب صيد
تصميم «دبي أوبرا» على شكل قارب صيد

تهدف «دبي أوبرا» إلى تنظيم عدد من الفعاليات والعروض لترسيخ مفهوم تحولها من مقر لعروض الموسيقى الكلاسيكية، إلى مركز ثقافي متنوع، يسهم في ذلك توجهات لاستقطاب جميع العروض الغنائية والمسرحية والثقافية، إضافة إلى تصميم المبنى الداخلي، الذي يتشكل من خلال نوعية العروض الموجودة المقامة بداخله.
وقالت همسة محمود، مديرة الفعاليات في الدار، إن فكرة «دبي أوبرا» هي فكرة مختلفة عن أي دار موجودة في العالم، فلا تنحصر في مفهوم دار الأوبرا، المحصور على العروض الكلاسيكية، فـ«دبي أوبرا» مصممة بطريقة مختلفة، لنستطيع تقديم أكبر عدد من العروض الثقافية والفنية المتنوعة، سواء أكانت عروض أوبرا وعروض غنائية عربية أم عروضاً مسرحية.
وأشارت همسة في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تصميم مسرح «دبي أوبرا» متعدد الاستخدامات؛ حيث يمكن استخدامه أيضاً لأغراض أخرى، كحفلات توزيع الجوائز، نظراً لمرونة التصميم الذي يسمح بتشكيل القاعة الداخلية من خلال إيجاد مسرح متدرج أو صالة مسطحة، ما يمكن من إقامة فعاليات مختلفة، وبالتالي تهدف «دبي أوبرا» إلى أن تكون مقراً متعدد الاستخدامات، ويعتبر تصميمها معاصراً للحضارة الحديثة.
وأكدت أنه رغم ذلك فإن عروض الأوبرا تكاد تكون أكثر الفعاليات تنظيماً في الدار، بالإضافة إلى العروض الفنية الغنائية المتنوعة، سواء أكانت عروضاً عربية أم أجنبية، كعروض موسيقى «البوب» و«الروك» و«الكلاسيك» والعروض العربية، كما أن «دبي أوبرا» بدأت منذ العام 2017 في تنظيم عروض كوميدية.
ولفتت إلى أن ذلك يأتي تلبية لرغبة الطلب نظراً لما تشهده دبي من تنوع في الثقافات، سواء من المقيمين أو من الزوار السياح القادمين إلى دبي، وقالت: «نسعى لتقديم جميع العروض التي تلبي رغبات شرائح المجتمع»، وهذا ما دفع الدار لتنظيم عروض متنوعة. كان آخرها عرض من «بولويوود» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الذي كان الهدف منه استقطاب الجمهور الهندي، إلا أن العرض شهد حضوراً متنوعاً من الجمهور.
وقالت إن مسرح «دبي أوبرا» شهد أكثر من 60 عرضاً خلال العام الحالي، موضحة أن «دبي أوبرا» لديها أيضا فعالية مخصصة لزيارة الدار والتعرف على مكوناتها المختلفة، وفكرة الدار، التي تعتبر إحدى الفعاليات الرئيسية، سواء لزيارة الدار من الداخل أو التعرف على التصميم من الخارج، موضحة أن عروض الباليه عادة ما تشهد إقبالاً كبيراً جداً؛ حيث شهد عرض «بحيرة البجع» امتلاء المسرح، على الرغم من إقامة 6 عروض، إضافة إلى عروض الأوبرا التي تعتبر من أكثر العروض إقبالاً من الجمهور في دبي.
وأكدت أن الحفلات الغنائية العربية دائماً ما تكون ممتلئة من الجمهور، والعروض الكوميدية أيضاً في الغالب تشهد إقبالاً كبيراً، ولفتت إلى أنه لكل عرض جمهوره، وبالتالي عادة ما تشهد الدار إقبالاً واسعاً من الجمهور لحضور العروض والفعاليات، موضحة إلى أن الحضور العربي دائماً ما يكون واسعاً في مختلف العروض التي تقام في الدار.
وأوضحت إلى أن «دبي أوبرا» تسعى أيضاً لاستقطاب عروض عالمية؛ حيث نظمت خلال الصيف الماضي عرضاً لموسيقى الجاز، الذي يتم تنظيمه في مدينة لاس فيغاس الأميركية، إضافة إلى عرض عربي عالمي من خلال تقديم عروض المطرب العربي الراحل عبد الحليم حافظ من خلال موسيقى الجاز، وقالت: «هناك عرض لنجم البوب العالمي مايكل جاكسون بعنوان (ثريلير) سيتم تنظيمه خلال العام المقبل، كما نسعى لعرض (بياف)، وهو عرض موسيقي مسرحي للمغنية الفرنسية إديت بياف، وأخيراً مسرحية (أوثيلو)، وهي مسرحية تراجيدية للكاتب الإنجليزي وليم شكسبير، ستنظم في نهاية شهر يناير (كانون الثاني) المقبل».
وأكدت أن عروض الموسيقى الكلاسيكية تمثل 60 إلى 70 في المائة من العروض المقامة في «دبي أوبرا»، موضحة أن العروض التي تقام في الدار غالباً ما تكون مصممة لعرضها في دبي، وهذا يعطي خصوصية للدار في استقطاب عروض مختلفة قد لا تكون موجودة في أي دار أخرى، مشيرة إلى أن الدار تتضمن جميع الخدمات من مطاعم ومناطق مطلة على نافورة برج خليفة، في الجلسات الخارجية.
وتقع «دبي أوبرا» بمحاذاة برج خليفة، الذي يعتبر أطول برج في العالم. وتبلغ سعة الاستيعاب في المسرح 1901 شخص، عندما يكون على شكل مدرج، ويستوعب ما يقارب 2700 شخص عندما يكون قاعة مسطحة.
تصميم «دبي أوبرا» جاء على شكل قارب صيد، وهو مستوحى من الثقافة الإماراتية، التي تشتهر بهذه القوارب، ليحاكي ثقافة الإمارات. وتبدأ أسعار التذاكر من 150 درهماً (40.8 دولار) إلى 1500 درهم (408 دولار) بحسب العروض والموقع، فيما تتسع مواقف السيارات لنحو 300 سيارة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».