تربعت الشقق السكنية في السعودية على الفروع الأكثر انخفاضاً مع نهاية العام الحالي، بعدما أسقطت الفيلات السكنية من منافستها، حيث بلغ انخفاض متوسط أسعارها منذ بداية العام وحتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) 10.7 في المائة، ويأتي النزول استجابة للإصلاحات الحكومية التي تحد بشكل كبير من حركة السوق تمهيداً لتصحيح الأسعار، وهو ما نجحت فيه حتى الآن بعد فرض الكثير من القرارات التاريخية التي دفعت بالسوق لتحقيق نزول في القيمة بعد سلسلة من التضخم الذي تجاوز الضعف خلال العقد الأخير فقط.
وأكد عقاريون بأن معدل الطلب يعتبر متوسطاً إلى حد كبير إذا ما قورن بالفروع الأخرى مثل الأراضي والفيلات الذي تشهد نزولاً هائلاً في الطلب، إلا أن ذلك لم يكن شافعاً لها لتتماسك في القيمة، حيث سجلت انخفاضاً كبيراً في متوسط السعر نتيجة الضغوطات المختلفة في القطاع، كما تعتبر شقق التمليك ملائمة إلى حد كبير لقدرة المشترين مدفوعة بالنزول وسهولة الحصول على تمويل للشراء، وهو ما يوحي بتغير كبير في عقلية المشتري وتكيفه مع الوضع الجديد الذي يجب أن يتعايش معه، خصوصاً بعد تباعد قدرة المشترين في تملك الفيلات والمنازل الصغيرة في ظل ارتفاع الأسعار بشكل عام وعدم القدرة على مسايرتها؛ مما ضاعف فرص رواج قطاع شقق التمليك الأرخص نسبياً.
أشار مشعل الغامدي، الذي يدير مكتب استشارات عقارية، إلى أن النسبة الكبرى من راغبي السكن هم من فئة الشباب؛ لذا تعتبر الشقق ذات طابع مناسب لهم من ناحية تلبية حاجتهم إلى السكن، لكن ذلك لم يكن شافعاً لها لتتماسك في القيمة، لكن الجديد في الأمر هو أن تصميم الشقق تغير بحيث أصبحت توفر خيارات أوسع، مثل الدورين ووجود مساحات صغيرة ومداخل، لافتاً بأن ثقافة المواطنين وحتى وقت قريب ترفض السكن فيها حتى أصبحت الحاجة إليها واجبة في ظل ارتفاع أسعار الخيارات الأخرى، مبيناً أن التصميم الجديد للشقق يوحي بتغير كبير في اختيار المواطنين لهذا النوع من القطاعات العقارية، كما أن أسعارها تعتبر منخفضة نوعاً ما إذا ما قورنت بالفيلات التي يبلغ أقل سعر لها قرابة الضعف، بالإضافة إلى تغير ثقافة السكن، وهذا الأهم.
وحول الأسعار الحالية للشقق، كشف الغامدي، عن أن المناطق الشمالية لمدينة الرياض تظل الأعلى طلباً، ويصل سعر الشقة المتوسطة بمساحة 220 متراً إلى ما يقارب الـ600 ألف ريال كمتوسط أسعار، وتنخفض الأسعار قليلاً في شرق العاصمة ووسطها الشمالي، حيث تبلغ قرابة 450 ألفاً، وتليها المناطق الجنوبية والغربية من العاصمة التي تصل إلى 350 ألف ريال، مضيفاً: إن «الحديث هنا عن الشقق الجديدة، وأنه كلما تقدم عمر العقار نقصت قيمته، فإنها لا تقل بأي حال من الأحوال عن 240 ألف ريال، وإن الأسعار متقاربة إلى حد كبير، تختلف بحسب تشطيبها وديكوراتها وقربها من الخدمات العامة والطرق الرئيسية، لكن يبقى عمر العقار وموقعه علامتين فارقتين في تحديد القيمة العامة للشقة».
يشار إلى أن القطاع العقاري السعودي شهد خلال السنوات الخمس الماضية انقلاباً حقيقياً في قيمته، حيث انخفض الطلب لمستويات قياسية صاحبة نزول في القيمة غير ملائم للحركة، إلا أنه يعتبر مؤشراً جيداً لحال السوق، وهو الأمر الذي انعكس على رواج الكثير من الأنشطة الجديدة، مثل تملك الشقق الذي شهدت ارتفاعاً كبيراً في الطلب والقيمة، ومن ثم عودة في القيمة والطلب من جديد لتسجل أكثر الأفرع العقارية انخفاضاً لهذا العام.
إلى ذلك، أكد محمد المقيرن، المستثمر العقاري، الذي أوضح بأن الطلب على الشقق في ما يخص التمليك يعتبر منخفضاً إلى حد كبير مقياساً على باقي العقارات الأخرى، حيث تشهد نوعاً من نزول الحركة نتيجة انخفاض محدود في القيمة في أقل من سنة واحدة، وبالتحديد بعد غربلة السوق العقارية بشكل عام بالكثير من القرارات والإجراءات والمشروعات، ودفعت به إلى تحقيق مستويات قياسية في الانخفاض لم تشهدها السوق منذ عقود طويلة، وأردف القول: إن المؤشر العقاري يوضح المستويات التي وصلت إليها السوق في قطاعاتها كافة، إلا أن الطلب على الشقق يعتبر جيداً رغم انخفاضه، لافتاً بأن الإقبال على الشقق كان متواضعاً بالنسبة للمواطنين طيلة عمر العقار السعودي، إلا أن السنوات الثلاث الأخيرة بالتحديد اختلفت الأمور، وأضحت تحقق مستويات معقولة.
وحول توجه بوصلة المستثمرين إلى ذلك، أكد المقيرن، أن هناك توجهاً من المستثمرين وتكتلات لإنشاء المشروعات العقارية التي تأخذ طابع الشقق، لكنها ليست ضخمة؛ مما يشير إلى تغيير حاصل على توجه السعوديين نحو تملك الشقق التي أصبحت خياراً قوياً من خيارات التملك، لافتاً إلى أنه يجب على المسؤولين الحكوميين مراقبة الأسعار خلال السنوات القليلة المقبلة من أجل ضبطها وعدم ارتفاعها، وذلك بضخ المزيد من انزلاقها إلى مستويات مرتفعة يعجز على أثرها المواطن البسيط عن تملك حتى الشقة التي أصبحت الحلم الأقرب إلى تحقيقه، خصوصاً بعد النجاح التي حققته في السنوات الأخيرة بالتحديد، وأصبحت تشكل رقماً مهماً على قائمة الطلبات العقارية.
وسجلت إجمالي قيمة صفقات القطاع السكني انخفاضاً بنسبة 34.2 في المائة، مقارنة بارتفاعه الأسبق بنسبة 59.8 في المائة، لتستقر صفقات القطاع السكني مع نهاية الأسبوع الماضي عند مستوى 693 مليون دولار، بينما ارتفع إجمالي قيمة صفقات القطاع التجاري بعد ثلاثة أسابيع متتالية من الانخفاض بنسبة 3.1 في المائة، مقارنة بانخفاضها خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 11.2 في المائة، لتستقر صفقات القطاع التجاري مع نهاية الأسبوع الماضي عند مستوى 160 مليون دولار.
وفي صلب الموضوع، تحدث علي التميمي، الرئيس التنفيذي لشركة جبره العقارية، بأن «المطورين العقاريين بدأوا يفهمون العقلية الجديدة للراغب في السكن، حيث تجاوزوا مرحلة ألا يكون المنزل مجرد مكان للعيش فقط، بل إن بعض هذه الشقق تضاهي كبرى المشروعات الترفيهية من حيث التجهيزات التي يحرص بعض المستثمرين على إيجادها ومنافسة المنازل والفلل، حيث إن بعض الشقق تحتوي على مدخل سيارة أو على مساحة صغيرة للاستجمام».
وأضاف: «الإقبال على الشقق يوحي بتغيير في عقلية الفرد الذي لم يكن وحتى وقت قريب يفضل السكن في الشقق، إلا أن الواقع يجبره على ذلك، خصوصاً أن فكرة سكن الشباب في شقق التمليك أصبحت دارجة وبشكل كبير، خصوصاً لمن لا يمتلك عائلة كبيرة في ظل العروض التي تقوم بها شركات التطوير العقاري والتسابق في خفض القيمة؛ وهو ما أوجد فرصة ثمينة للراغبين في الشراء بعد انحسار موجة الارتفاع»، لافتاً إلى أن السوق ستشهد انخفاضاً أكبر متوقعاً في القيمة متى بدأ المستثمرون دفع رسوم الأراضي، وهي رصاصة الرحمة بالنسبة إلى تضخم قيمة القطاع، لافتاً بأن مشروعات وزارة الإسكان أيضاً ستساهم في خفض أسعارها مستقبلاً في ظل تزايد العرض، وهو ما سيمكّن شريحة أكبر من التملك.
الشقق السكنية الفرع العقاري الأكثر انخفاضاً في السعودية
المؤشر العقاري: أزاحت الفيلات لتكون الأشد نزولاً منذ بداية العام
الشقق السكنية الفرع العقاري الأكثر انخفاضاً في السعودية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة