تشهد سوق العقارات المصري حالة من التباطؤ في البيع والشراء في الآونة الأخيرة، بسبب ارتفاع أسعار العقارات، الناتجة عن زيادة تكاليف البناء، وارتفاع أسعار الأراضي، رغم تأكيد العاملين في قطاع العقارات على أن نسبة الطلب ما زالت أكثر بكثير من نسبة العرض، وأن السوق المصرية لم تتشبع عقاريا بعد. ورغبة في إنعاش حركة البيع والشراء، اقترح مطورون عقاريون إنشاء صناديق تمويلية، لدعم تمويل الوحدات السكنية الصغيرة، بفوائد بنكية قليلة نسبيا، وهو الاقتراح الذي بدأ يجد صدى له في مجلس النواب المصري، خاصة أن قطاع العقارات يعتبر من أكثر القطاعات المساهمة في الاقتصاد المصري في السنوات الأخيرة.
من جانبه، طالب رجل الأعمال المصري هشام طلعت مصطفى، رئيس مجلس إدارة مجموعة طلعت مصطفى العقارية، بتأسيس «صناديق لدعم أسعار فوائد التمويل العقاري، للوحدات السكنية الصغيرة التي تتراوح مساحتها ما بين 70 و90 مترا، لإنعاش السوق العقارية التي تشهد تباطؤا في المبيعات، وحل أزمة إسكان الشباب»، وأكد مصطفى، في كلمته خلال النسخة الخامسة من مؤتمر أخبار اليوم الاقتصادي مساء الأحد الماضي، أن «القطاع العقاري يمثل 30 في المائة من الناتج المحلي المصري، وهو الطريق الوحيد لتحقيق التنمية الاقتصادية في مصر»، على حد تعبيره، داعيا مجلس النواب المصري، إلى «وضع آلية جديدة لتمويل العقارات، بأسعار فائدة منخفضة، وحل أزمة تباطؤ حركة البيع والشراء في السوق»، وقال إن «مصر تحتاج إلى مليون وحدة سكنية سنويا، من الصعب توفيرها بالشكل الحالي، ما لم تتوفر قدرة للتمويل، من خلال صناديق دعم من خارج ميزانية الدولة».
بدوره، قال إسماعيل نصر الدين، عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب المصري، لـ«الشرق الأوسط»: «سأتقدم لمجلس النواب، بمشروع قانون لإنشاء صناديق للإسكان التكافلي، أو الاقتصادي، تكون مهمتها دعم تمويل الوحدات السكنية صغيرة المساحة من 60 إلى 85 مترا مربعا»، مؤكدا أن «تنفيذ هذا المقترح، وإنشاء صناديق لدعم تمويل الوحدات السكنية الصغيرة، بفائدة قليلة، سيساهمان بشكل كبير في حل مشكلة الإسكان خاصة بالنسبة للشباب المقبلين على الزواج، ومحدودي الدخل».
وأكد نصر الدين أن «دور مجلس النواب وفقا للدستور، هو تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية، من خلال إيجاد وسائل لدعم غير القادرين»، مشيرا إلى أن «الدولة تتبنى مشروع الإسكان الاجتماعي، الذي قدم دعما للوحدات السكنية يصل إلى 24 ألف جنيه»، وقال: «مهما فعلت الدولة فلن تستطيع الوفاء باحتياجات السوق المصرية، ولذلك لا بد من مشاركة القطاع الخاص في توفير السكن الملائم»، موضحا أن «الدولة تخطط لبناء مليون وحدة ونصف مليون وحدة سكنية أيضا، وبمشاركة القطاع الخاص، ويمكن مضاعفة هذا الرقم، وبذلك يتحقق هدف الرئيس في توفير الإسكان المناسب للشباب».
من جانبه قال تامر ممتاز، الخبير الاقتصادي، لـ«الشرق الأوسط» إن «كل تجمع سكني جديد، يتطلب إنشاء مجموعة من الخدمات بجواره، ومن تجاربنا في السنوات الماضية، فإن التجمعات السكنية الراقية، عادة ما ينشأ بجوارها تجمعات خدمية عشوائية»، وقال: «أعتقد أن إنشاء هذا الصندوق سيكون خطوة لمحاربة هذه العشوائيات، من خلال توفير التمويل اللازم لشركات القطاع الخاص لإنشاء مناطق سكنية خدمية بجوار المناطق الراقية، تكون متاحة بتسهيلات تمويلية لغير القادرين»، مشيرا إلى أن «هذا الدور يمكن أن تلعبه الجمعيات أو الشركات الاستثمارية، مع منحها بعض الامتيازات للعاملين فيها، مثل تخفيض الضرائب، أو غيرها من الامتيازات».
وتعاني السوق العقارية المصري مؤخرا من تباطؤ في حركة البيع والشراء، يصفها البعض بأنها حالة ركود، ورغم ذلك فإن التقارير الأخيرة تثبت نموا في مبيعات شركات العقارات المصرية. ووفقا لبحث نشرته شركة «شعاع لتداول الأوراق المالية» مؤخرا حول أداء السوق العقارية المصرية في الشهور التسعة الأولى من عام 2018. فإن مبيعات 8 شركات عقارية وصلت 40.9 مليار جنيه، بزيادة 46 في المائة عن نفس الفترة من العام الماضي، وفي سياق متصل توقع بنك الاستثمار «فاروس»، في تقريره الأخير: «زيادة أسعار العقارات عام 2019 بنسبة 5 في المائة».
وهو ما أكده هشام طلعت مصطفى بقولة إن «السوق العقارية تشهد نموا متزايدا، وفقا لمبيعات الشركات العقارية خلال عام 2018»، مشيرا إلى أن «مبيعات شركته وصلت خلال الشهور التسعة الأولى من العالم الحالي إلى 18 مليار جنيه، بنسبة نمو 98 في المائة»، متوقعا «زيادة النمو عام 2019».
واتفق معه المهندس عمرو القاضي، الرئيس التنفيذي لسيتي إيدج العقارية، في كلمته خلال مؤتمر أخبار اليوم الاقتصادي، مؤكدا أن «عام 2019 سيشهد طفرة كبيرة في قطاع العقارات، خاصة في تصديره».
من جانبه، أكد ممتاز أن «الحديث عن ركود في سوق العقارات المصري، هو كلام غير صحيح»، وقال: «لا يوجد ركود في سوق العقارات، ولا أتوقع أن يحدث، لأن القطاع العقاري لم يلب حاجة السوق المحلية سواء للمصريين أو الأجانب، وعلى العكس هناك زيادة في المشروعات العقارية، ورغبة متزايدة في البناء على الرقعة الزراعية، لأن الطلب أكثر من العرض، خاصة في بعض المناطق».
وأضاف أن «حالة التباطؤ في حركة البيع والشراء التي يشهدها السوق العقارية، ليست مؤشرا على ركود السوق، بل هي نتيجة لأن العقارات أصبحت مخزنا للقيمة»، موضحا أن «الدول التي ترتفع فيها نسبة التضخم لأكثر من 5 في المائة، ومن بينها مصر، عادة ما يلجأ الناس فيها للاستثمار في العقار، والذهب، باعتباره مخزنا للقيمة، حيث يحفظ القيمة المالية، خاصة مع احتمالات زيادة أسعار العقارات والذهب في المستقبل». وحول كيفية توفير التمويل والدعم اللازم لهذا الصندوق المقترح قال نصر الدين إن «مجلس النواب يعمل حاليا على إنهاء مشروع قانون التصالح في مخالفات البناء، وقانون البناء الموحد رقم 119 ومن المتوقع أن يوفر هذا القانون حال تطبيقه، موارد للدولة تقدر بـ300 مليار جنيه»، مشيرا إلى أن هذه الموارد «ستستخدم في دعم البنية الأساسية، والمرافق، والإسكان الاجتماعي، ومن الممكن أن يخصص جزء منها لدعم مثل هذا الصندوق، الذي يعطي دفعة للقطاع الخاص للمشاركة في مشروعات سكنية يمكن أن نطلق عليها مسمى الإسكان التكافلي».لكن ممتاز قال إن «تمويل مثل هذه الصناديق يكون عبر اشتراكات رمزية من شركات وأفراد، مع زيادتها تصبح مصدرا تمويليا كبيرا يمكن استغلاله في تمويل شراء الوحدات السكنية لغير القادرين، خاصة مع زيادة أسعار الأراضي، وتكاليف البناء».
مصر: مقترحات لإنشاء صناديق تمويلية لإنعاش السوق العقارية
تباطؤ في حركة البيع بسبب زيادة الأسعار
مصر: مقترحات لإنشاء صناديق تمويلية لإنعاش السوق العقارية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة