مدارس في مساجد مصر لصد الأفكار المتشددة

بديلاً عن «الكتاتيب»

جانب من المدارس القرآنية (صفحة وزارة الأوقاف في مصر)
جانب من المدارس القرآنية (صفحة وزارة الأوقاف في مصر)
TT

مدارس في مساجد مصر لصد الأفكار المتشددة

جانب من المدارس القرآنية (صفحة وزارة الأوقاف في مصر)
جانب من المدارس القرآنية (صفحة وزارة الأوقاف في مصر)

«مدارس قرآنية» دشنتها مصر لمواجهة الأفكار المتشددة، والتصدي للسموم التي تبثها الكيانات الإرهابية في عقول الأطفال في سن مبكرة. وأعلنت وزارة الأوقاف، وهي المسؤولة عن المساجد، أن عدد هذه المدارس 788 موزعة في ربوع البلاد.
وأكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، أن «المدارس القرآنية» يعمل بها محفظون ومحفظات أكفاء متميزون... وتقدم خدماتها لتقطع الطريق على الجماعات المتطرفة من العبث بعقول الصغار. بينما قال مصدر بالأوقاف لـ«الشرق الأوسط» إن «المدارس أنشئت لإعادة إنتاج الكتاتيب، لكن بطريقة متطورة حديثة، فمن يقوم بالتحفيظ عالم بأحكام القرآن، وينشر التعاليم الإسلامية السمحة بين الصغار».
ودخلت «الكتاتيب» التي تنتشر في القاهرة وغيرها من الأقاليم المصرية بشكلها القديم المتعارف عليه، في مرمى اتهامات نواب البرلمان المصري أخيراً، وذلك بعدما تسلل إلى بعضها عناصر من جماعة «الإخوان» التي تعدها مصر تنظيماً إرهابياً، وبعض تنظيمات العنف، للتأثير في عقول الصغار، وتلقينهم بالفكر المتطرف، وذلك بحسب نواب بالبرلمان.
وقال مراقبون إن «بعض حلقات تحفيظ القرآن في المساجد والزوايا و(الكتاتيب) تحولت إلى ستار للترويج للأفكار الهدامة».
وسبق أن وضعت الدولة المصرية إجراءات مشددة على المساجد والزوايا التي غالباً ما تضم «كتاتيب» منذ سقوط حكم «الإخوان» عام 2013، وقصرت الخطب والدروس على الأزهريين، ووحدت موضوع خطبة الجمعة، ومنعت أي جهة غير «الأوقاف» من جمع أموال التبرعات، بهدف التصدي لدعاة التشدد والتطرف.
وأوضح الوزير جمعة أن «وزارة الأوقاف تسير وفق خطة محكمة واستراتيجية واضحة مرنة ومتجددة ومتطورة وديناميكية لنشر الفكر الإسلامي الوسطي الصحيح، ومواجهة ومحاصرة الفكر المتطرف، وتحصين النشء والشباب ضد الأفكار المتطرفة، مع الأخذ بزمام القراءة المتأنية لقضايا العصر، في إطار الحفاظ على الثوابت والتجديد وفق ظروف العصر ومستجداته، والخطة على محاور متعددة؛ منها المدارس القرآنية، ومركز الثقافة الإسلامية».
وقال الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، إن «الأوقاف تعمل بخطى ثابتة نحو تصحيح المفاهيم ومواجهة التشدد بالتوسع في نشر الوسطية... والوزارة أغلقت كل الكيانات الموازية التي كانت تنشر فكر الإسلام السياسي بأجندات خاصة». وكان النائب محمود بدر، عضو مجلس النواب (البرلمان) المصري، قد تقدم بطلب إحاطة بشأن المناهج التي تدرس في «كتاتيب» بعض الزوايا، و«الحضانات» التابعة للجمعيات، وتحمل إرهاباً وتطرفاً وتحرض على الكراهية.
وقال النائب أسامة شرشر، عضو مجلس النواب، في طلب إحاطة آخر، إن «بعض الحضانات والكتاتيب أصبحت متنفساً للجماعات الإرهابية لنشر الأفكار المتطرفة بين الأطفال لاستهداف الشباب في المستقبل، وذلك في محاولة هذه الجماعات لإسقاط الدولة المصرية.
من جهته، قال الشيخ إبراهيم السيد، محفظ بمدرسة قرآنية بالأوقاف، إن «المدارس القرآنية تسهم في إخراج طلبة يحفظون كتاب الله لمواجهة الأفكار المتطرفة والهدامة، التي تعبث بعقولهم وأفكارهم وتؤدي إلى تخريب البلاد... ففي السابق كان (الكُتاب) يحفظ القرآن فقط، لكن حالياً المدارس القرآنية تحفظ الطلبة كتاب الله بمعانيه وبأحكامه ومبادئه السمحة التي نادى بها النبي صلى الله عليه وسلم».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه المدارس تحفظ الأطفال من السطو الفكري الذي استغله البعض في (الكتاتيب) خلال الفترة الماضية بتسميم عقول النشء وما شابه ذلك... فتلك المدارس تخضع لرقابة وتنظيم كثيف من وزارة الأوقاف لحفظ الأبناء من أي أفكار متطرفة، وتقديمها للمعلومات الثقافية الواسعة من أحكام وتعاليم شرعية، لزرع العلم الديني الوسطي في الأطفال».


مقالات ذات صلة

تنظيم «القاعدة» يهاجم مدينة مالية على حدود موريتانيا

أفريقيا جنود ماليون خلال تدريبات عسكرية على مواجهة الإرهاب (أ.ف.ب)

تنظيم «القاعدة» يهاجم مدينة مالية على حدود موريتانيا

يأتي الهجوم في وقت يصعّد تنظيم «القاعدة» من هجماته المسلحة في وسط وشمال مالي، فيما يكثف الجيش المالي من عملياته العسكرية ضد معاقل التنظيم.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي مقاتلان من الفصائل الموالية لتركيا في جنوب منبج (أ.ف.ب)

تحذيرات تركية من سيناريوهات لتقسيم سوريا إلى 4 دويلات

تتصاعد التحذيرات والمخاوف في تركيا من احتمالات تقسيم سوريا بعد سقوط نظام الأسد في الوقت الذي تستمر فيه الاشتباكات بين الفصائل و«قسد» في شرق حلب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ علم أميركي يرفرف في مهب الريح خلف سياج من الأسلاك الشائكة في معسكر السجن الأميركي في خليج غوانتانامو (د.ب.أ)

بايدن يدفع جهود إغلاق غوانتانامو بنقل 11 سجيناً لعُمان

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنها نقلت 11 رجلاً يمنياً إلى سلطنة عُمان، هذا الأسبوع، بعد احتجازهم أكثر من عقدين من دون تهم في قاعدة غوانتانامو.

علي بردى (واشنطن )
أميركا اللاتينية شرطة فنزويلا (متداولة)

السلطات الفنزويلية تعتقل أكثر من 120 أجنبياً بتهم تتعلق بالإرهاب

أعلن وزير الداخلية الفنزويلي ديوسدادو كابيلو، الاثنين، أن السلطات اعتقلت أكثر من 120 أجنبياً بتهم تتعلق بالإرهاب، عقب الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها.

«الشرق الأوسط» (كاراكاس )
الولايات المتحدة​ جندي أميركي خارج أسوار معسكر غوانتانامو (متداولة)

أميركا تقلص عدد معتقلي غوانتانامو إلى 15 بعد إرسال 11 يمنياً إلى عُمان

خفضت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عدد السجناء في مركز احتجاز خليج غوانتانامو في كوبا بنحو النصف، بعد أن أرسلت 11 معتقلاً إلى عُمان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.