الصين تكافح لدعم النمو في 2019

بكين تمضي في المحادثات مع واشنطن... وتتخذ خطوات داخلية العام المقبل

تتجه بكين إلى خفض الضرائب والإبقاء على وفرة في السيولة العام المقبل لتحقيق استقرار النمو الاقتصادي (رويترز)
تتجه بكين إلى خفض الضرائب والإبقاء على وفرة في السيولة العام المقبل لتحقيق استقرار النمو الاقتصادي (رويترز)
TT

الصين تكافح لدعم النمو في 2019

تتجه بكين إلى خفض الضرائب والإبقاء على وفرة في السيولة العام المقبل لتحقيق استقرار النمو الاقتصادي (رويترز)
تتجه بكين إلى خفض الضرائب والإبقاء على وفرة في السيولة العام المقبل لتحقيق استقرار النمو الاقتصادي (رويترز)

تعمل الصين جاهدة لدعم النمو الاقتصادي خلال العام المقبل، سواء من خلال محاولة التمسك بحلحلة الأزمة التجارية بينها وبين الولايات المتحدة، والتي تعد أكبر معوقات النمو، أو من خلال تدابير تشمل زيادة الخفض الضريبي والإبقاء على وفرة السيولة.
وتوقع البنك الدولي أن يحقق الاقتصاد الصيني معدل نمو قدره 6.5 في المائة في عام 2018، مؤكدا أن اقتصاد البلاد «يستمر في أدائه الجيد»، إلا أن البنك توقع أن يشهد الاقتصاد الصيني تباطؤا العام المقبل في ظل كثير من التحديات.
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» أمس عن جون ليتواك، كبير الاقتصاديين الصينيين بالبنك الدولي، قوله إن «الاستهلاك سيبقى الحافز الرئيسي للنمو». وأشار إلى أن تراجع نمو الطلب العالمي والرسوم الأميركية المرتفعة على الواردات من الصين سيؤثران سلبا على الصادرات الصافية، إلا أن السلطات لديها السياسة الضرورية لدعم الاقتصاد في البيئة الحالية التي تتميز بدرجة عالية من عدم اليقين.
وأفادت وكالة «شينخوا» أمس بأن كبار قادة البلاد قالوا خلال اجتماع اقتصادي سنوي مهم إن بكين ستنفذ ما أجمع عليه الزعيمان الصيني والأميركي في الأرجنتين بشأن التجارة وستمضي قدما في المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة العام القادم.
وأضافت شينخوا أن الصين ستسرع وتيرة استخدام تكنولوجيا الجيل الخامس العام المقبل وتبني قدراتها لتتحول إلى قوة عملاقة في مجال الصناعات التحويلية. وفيما يتعلق بالسياسة العقارية، قالت شينخوا إن الحكومة ستكون ملتزمة بمبدأ «المنازل للسكن وليست للمضاربة» خلال العام المقبل.
ويشير تقرير التقييم الدوري للاقتصاد الصيني الذي أعده البنك الدولي، إلى أن الحساب الجاري قد سجل عجزا صغيرا في الأرباع الثلاثة الأولى من 2018، ويرى البنك في تقريره أن من المرجح تباطؤ النمو الاقتصادي للصين إلى 6.2 في المائة في 2019، من 6.5 في المائة متوقعة للعام الحالي، مع تنامي العوامل المعاكسة بفعل النزاع التجاري مع الولايات المتحدة. وأبقى البنك على توقعاته للنمو الاقتصادي للصين في 2018، وهو الأضعف في 28 عاما، دون تغيير عن توقعات أبريل (نيسان) الماضي.
وقال البنك في أحدث تقييم لثاني أكبر اقتصاد في العالم: «بالنظر للمستقبل، سيكون التحدي الأساسي للسياسة في الصين مواجهة العوامل المعاكسة المتصلة بالتجارة ومواصلة جهود الحد من المخاطر المالية في الوقت نفسه».
وأضاف التقرير أن الاستهلاك سيظل المحرك الرئيسي لاقتصاد الصين، حيث يؤثر ضعف نمو الائتمان على الاستثمار، كما يؤثر تباطؤ الطلب العالمي وزيادة الرسوم الجمركية الأميركية على صادرات بكين. مشددا على أنه «لتحفيز الاقتصاد، يمكن للسياسة المالية أن تركز على تعزيز استهلاك الأسر أكثر من البنية التحتية»، مضيفا أن لدى الصين مجالا لخفض الضرائب على الشركات بدرجة أكبر.
وتباطأ النمو في أكبر اقتصاد آسيوي إلى 6.5 في المائة في الربع الثالث من العام، وهي أضعف وتيرة منذ الأزمة المالية العالمية. وتظهر المؤشرات أن قوة الدفع ستتبدد أكثر على الأرجح في الربع الحالي والعام المقبل، حيث كشفت بيانات الأسبوع الماضي عن ضعف مفاجئ في إنتاج المصانع ومبيعات التجزئة في نوفمبر (تشرين الثاني).
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي الصيني في 2019 إلى 6.2 في المائة، من توقعات سابقة عند مستوى 6.4 في المائة، وأبقى على توقعاته للعام الحالي دون تغيير.
واستجابة للنمو المتباطئ وتحديات البيئة الخارجية، قدمت الحكومة الصينية حوافز ضريبية للأسر والشركات، علاوة على دعم إضافي للشركات الصغيرة. ومن أجل تحفيز الاقتصاد، أصبح لدى الصين مجال لتحويل النفقات الحكومية نحو مجالات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية.
وأمس، أفاد بيان نشرته وكالة «شينخوا» بعد اجتماع اقتصادي سنوي لكبار زعماء البلاد، بأن بكين ستزيد خفض الضرائب وتُبقي وفرة في السيولة خلال عام 2019 من أجل تحقيق استقرار النمو الاقتصادي.
وقالت شينخوا إن الصين ستحافظ على سياستها المالية الاستباقية والحكيمة في العام المقبل. وأضافت أن بكين ستزيد حصتها من إصدارات الحكومات المحلية من السندات الخاصة على نطاق واسع نسبيا في 2019، وتسعى جاهدة لحل صعوبات تمويل الشركات الصغيرة والخاصة. كما تسعى الحكومة لإبقاء النمو الاقتصادي للعام القادم في «نطاق معقول».
من جهة أخرى، قالت وزارة التجارة الخميس، إنه من المتوقع استمرار نمو الاستثمارات الصينية الخارجية غير المالية المباشرة السنوية في 2018 كما كانت في العام الماضي، رغم انخفاض شهدته في نوفمبر. وقال المتحدث باسم الوزارة قاو فنغ في مؤتمر صحافي: «عموما سجلت الصين نموا صحيا مستمرا للاستثمارات الخارجية المباشرة هذا العام».
وانخفضت الاستثمارات الخارجية المباشرة للصين 29.8 في المائة عن العام السابق، لتسجل 14.91 مليار دولار في نوفمبر، بحسب ما قال المتحدث الذي عزا التقلب لتغيير هيكل الاستثمار. وقال إن «الاستثمارات الخارجية المباشرة للصين خلال الـ11 شهرا الأولى تواصل نموها كما كانت في العام الماضي».
وقام المستثمرون المحليون باستثمارات خارجية مباشرة غير مالية بقيمة 104.48 مليار دولار في 5213 شركة خارجية في 157 دولة ومنطقة بين يناير (كانون الثاني) ونوفمبر، حسبما كشفت بيانات سابقة للوزارة.
وبحسب وكالة شينخوا، واصل هيكل الاستثمارات الخارجية التحسن وما زالت الاستثمارات تتجه بشكل رئيسي لخدمات التأجير والأعمال والصناعة والتعدين والتجزئة والجملة، بحسب الوزارة. ولم تسجل مشروعات جديدة في قطاعات كتطوير العقارات والرياضة والترفيه.


مقالات ذات صلة

نائبة بالبرلمان الفرنسي: نتطلع لتعاون مستدام مع السعودية في ظل «رؤية 2030»

الاقتصاد نائبة البرلمان الفرنسي أميليا لكرافي (الشرق الأوسط)

نائبة بالبرلمان الفرنسي: نتطلع لتعاون مستدام مع السعودية في ظل «رؤية 2030»

في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة العربية السعودية ضمن إطار «رؤية 2030»، تتجه الأنظار نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين السعودية وفرنسا.

أسماء الغابري (جدة)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.