المياه القلوية... وصفة صحية أم صرعة تجارية؟

المياه القلوية... وصفة صحية أم صرعة تجارية؟
TT

المياه القلوية... وصفة صحية أم صرعة تجارية؟

المياه القلوية... وصفة صحية أم صرعة تجارية؟

كثرت في الآونة الأخيرة التساؤلات حول فائدة المياه القلوية للصحة؛ خاصة أن معظم أجسام الناس تعتبر أكثر حمضية، بسبب الإجهاد والعوامل البيئية والأطعمة التي يتناولونها.
وفي حدث جديد، أطلقت الشركة الكندية للمياه «فلو ووتر» التي تسوق المياه القلوية في كندا والولايات المتحدة، منتجاتها في بريطانيا. وهي تأتي بالثلاث نكهات الأصلية، والزنجبيل والليمون، والخيار والنعناع. ووفقاً للإحصاءات العالمية، سوف تكون المياه القلوية من أكبر الأعمال التجارية في عام 2019.

- مياه قلوية
المقصود بكلمة القلوية في المياه هو الرقم الهيدروجيني (PH)، ومستوى الرقم الهيدروجيني هو رقم يقيس مدى حمضية أو قلوية المواد، على مقياس من 0 إلى 14. وعندما يكون الـ«PH» أقل من 7، فهذا يعني أن الجسم أصبح حمضياً، وعندما يكون الـ«PH» فوق هذا المستوى، يكون الجسم قلوياً.
ومن المعروف أن الدكتور أوتو واربرغ Otto Warburg، الحاصل على جائزة نوبل في الطب عام 1931، وبالتحديد في «علم وظائف الأعضاء»، والحاصل على شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة «أكسفورد» عام 1952، كان أول من أشار إلى أن جميع أنواع السرطان تحدث بسبب البيئة الحمضية، وهذا يعني أن السرطانات لا تعيش في البيئة القلوية، وأن السرطان ببساطة لا يستطيع النمو أو البقاء في الجسم القلوي.
ويعتقد بعض الناس أن المياه القلوية تساعد أجسامنا على استقلاب المواد الغذائية، وطرد السموم بشكل أكثر كفاءة من مياه الحنفية العادية، ما يؤدي إلى تحسين الصحة والأداء. ولكن حتى الآن ليست هناك بيانات قوية تؤكد هذه الادعاءات، وتدعم استخدام المياه القلوية.
> ما هي المياه القلوية؟ هي المياه التي تكون أقل حامضية من مياه الحنفية العادية. وهذا يعني أنها غنية بالمركبات القلوية، بما في ذلك الكالسيوم والسيليكا والبوتاسيوم والمغنيسيوم والبيكربونات. كثير من الناس يعتقدون أن النظام الغذائي النموذجي لأميركا الشمالية يساهم في زيادة الحموضة المزمنة في الجسم (metabolic acidosis)، والتي تنتج إما عن الزيادة المفرطة للأحماض التي تتراكم في الدم، وإما عن الزيادة المفرطة في فقدان البيكربونات من الدم. وقد تكون مرتبطة بالنتائج الصحية السيئة، بما في ذلك مشكلات في القلب وتغير الوضع الهرموني، وفقدان العضلات أو العظام.
ويعتقد أنصار المياه القلوية أنها بمقدورها معادلة حموضة الدم، ومساعدة الجسم على استقلاب المواد الغذائية بشكل أكثر فعالية، مما يؤدي إلى تحسين الصحة والأداء.

- مزاعم وفوائد
دعونا نلقي نظرة فاحصة على هذه الفوائد والمزاعم. معظمنا يعرف أهمية الماء، ولا توجد مادة أخرى أكثر أهمية بالنسبة لوظائفنا الفسيولوجية أو الصحية أكثر منه. ولا عجب أن كثيراً منا يشعر بالقلق إزاء زيادة الملوثات والفضلات في مياه الحنفية. يحتوي ماء الحنفية على عناصر ذائبة مختلفة تؤثر على مستوى الحموضة. والمياه النقية يكون فيها مستوى الحموضة بالقرب من 7، والمياه القلوية فيها درجة الحموضة أعلى من 7. وتعمل أجسامنا بشكل منتظم في الحفاظ على مستوى الحموضة في الدم، ضمن مدى ضيق جداً. وهذا يعني أنه لا توجد تقارير مختبرية تشير إلى وجود حالة مزمنة لزيادة حموضة الدم.
> هل الماء القلوي أفضل حقاً؟ جسم الإنسان معقد في تركيبه، وكل عضو في الجسم يبقى محافظاً على التوازن في الحامضية، لوجود طرق كثيرة يستطيع الجسم من خلالها الحفاظ على هذا التوازن. فإذا تغلبت الحموضة كان مُهماً الوصول إلى سبب تلك الزيادة. ومن دون معرفة السبب لا يمكن تحديد فائدة الماء القلوي.
> الفوائد المحتملة للمياه القلوية: ليس هناك كثير من البيانات الثابتة على أن درجة الحموضة في الماء يمكن أن تكون ذات صلة بالصحة. والتركيز على درجة الحموضة في المياه قد لا يكون علمياً، فإذا كانت المياه القلوية مفيدة فهذا قد يكون بسبب المعادن التي تحتويها، وليس بسبب مستوى الحامضية. وتشير البيانات المتوفرة إلى أن استهلاك المياه القلوية أو العسرة قد يزيد من قلوية كامل الجسم. وقد لا يكون هذا نافعاً على الدوام، فمثلاً إذا كان الشخص يعاني من مشكلات في الكليتين، أو كان يأخذ دواء له تأثيرات جانبية على وظائف الكليتين، فإن بعض المعادن في المياه القلوية سوف تبدأ في التراكم بالجسم، وإن زيادة القلوية قد تؤدي إلى مضاعفات جانبية كبيرة.
> الماء القلوي ورطوبة الجسم: إن المياه القلوية في الأشخاص النشطين قد تسمح بالاحتفاظ بمزيد من السوائل في نظام القلب والأوعية الدموية، وفي الوقت نفسه تقلل من إنتاج البول ومن أزموزية الدم. وهذا الأمر مهم؛ لأن الأزموزية العالية ترتبط بارتفاع في خطر الوفاة من السكتة الدماغية. وتشير البحوث إلى أن هذه الآثار قد لا تكون آنية؛ بل بالأحرى تدريجية.

- الماء القلوي والرياضيون
النشاط البدني والنظام الغذائي يمكن أن يغيرا توازن الأس الهيدروجيني. واتباع النظام الغذائي العالي في الخضراوات الطازجة، عادة ما يؤدي إلى زيادة القلوية. حتى فوائد زيادة القلوية قد تكون أكثر وضوحاً في الناس الذين لا يمارسون الرياضة، أو أولئك الذين يتبعون النظام الغذائي الغربي من الأطعمة المصنعة. وفي الوقت نفسه، فإن الناس الذين يمارسون الأنشطة الرياضية بانتظام، ويتبعون نظاماً غذائياً صحياً من الأطعمة الكاملة، قد يفشلون في ملاحظة أي تغيير نتيجة شربهم المياه القلوية. وحتى إذا لم يلاحظوا حدوث أي تغيير، فقد يستفيد الأشخاص النشطون من المياه القلوية لأسباب تتجاوز رطوبة الجسم. إن ممارسة الرياضة المكثفة تحفز عضلات الجسم لإنتاج مزيد من أيونات الهيدروجين أكثر مما يستطيع الجسم إزالتها. وإن شرب المياه القلوية قد يعزز قدرة الجسم على التخزين المؤقت ومعادلة الحموضة، ومن ثم تحسين الأداء. لاحظ أن المكملات المعدنية (الكالسيوم والمغنيسيوم والبوتاسيوم) تقلل من إجهاد القلب والجهاز التنفسي، والاستجابة لاختبار لاكتات الدم (blood lactate response)، ولذلك فالأشخاص الذين يمارسون رياضة الجري لمسافات طويلة يحتاجون إلى إضافة بيكربونات الصوديوم في نظام التغذية، وهذا التطبيق بحد ذاته يدعم فائدة المياه المعدنية.
> السموم: يتم تعقيم مياه الحنفية لحماية المستهلك من البكتيريا والسموم. ولكن عندما تتفاعل المطهرات مع المواد العضوية في ماء الحنفية، فإن النواتج الثانوية للمطهرات Disinfection by - products (DBPs)، يمكن أن تؤدي إلى مشكلات صحية وبيئية، وهو سبب وجيه لتجنبها.
يبدو أن الماء القلوي يحلل بعض هذه النواتج، وبذلك يعادل خطرها بالنسبة لنا، وفي الوقت نفسه قد يساعد البول القلوي في توضيح بعض السموم البيئية والمستحضرات الصيدلانية من الجسم، وهي فائدة محتملة أخرى.
> صحة الأمعاء: قياس ميل المواد الكيميائية لاكتساب إلكترونات (ORP) هو مقياس لميل المحلول، إما لكسب وإما لفقدان الإلكترونات، عندما يكون عرضة للتغيير عند إدخال نوع جديد، ويبدو أن هذا الميل يؤثر على البكتريا في الأمعاء. وإن المياه المتأينة تمتلك قدرة سلبية للحد من الأكسدة، مما يعني أنها قد توفر خصائص مطهرة إضافية، وبدورها تساعد على حمايتنا من الكائنات الدقيقة الخطرة.

- الحصول على المياه القلوية
كيف يمكن التأكد من الحصول على الماء القلوي إذا لم يأتِ من خلال الحنفية؟ هذا السؤال وغيره، مثل: هل المياه المعبأة في القِنان هي بالفعل قلوية؟ هذا يعتمد على نوعيتها.
المياه المعدنية المعبأة تميل إلى أن تكون قلوية. والمياه المعبأة غير المعدنية في قنان من غير المحتمل أن تكون قلوية. ولكن إضافة مساحيق معدنية لمياه الحنفية العادية يمكن أن تجعل منها مياهاً قلوية.
> هل يمكن جعل الماء قلوياً؟ إذا كانت مياه الحنفية حامضية بشكل خاص، فهل يمكن تعديلها؟ الجواب هو: يمكن استخدام جهاز مؤين المياه (water ionizer) الذي من المفترض أن ينتج المياه القلوية عن طريق عملية تسمى التأين. يدعي المصنعون أن هذه الآلات تسمح للمياه بالتفاعل مع أقطاب لتقسيم أيونات الهيدروجين من الأكسجين، والتأثير على درجة الحموضة في الماء. ومع ذلك يقول معظم الكيميائيين إن «الماء المتأين» هو مصطلح لا معنى له، وإن المزاعم الصحية التي تدعي أن الماء المتأين ضروري للصحة غير صحيحة.
وأخيراً، فليس من الواضح من الأدلة المتاحة ما إذا كانت المياه القلوية ذات فائدة. ولا توجد بيانات ثابتة في كلتا الحالتين. ولكن بالنسبة لمعظم الناس، فإن شرب المياه القلوية لن يضر. وحتى الآن فإن المياه التي تحتوي على المعادن بشكل طبيعي يبدو أنها أفضل كمصدر للمياه القلوية.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية
TT

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

​يبدو أن مركب «البنزول» المسمَّى أيضاً «البنزول الحلقي» ظهر في كل مكان خلال السنوات الأخيرة.

معقِّمات بمواد مسرطنة

أولاً، كانت معقمات اليدين التي تحتوي على «مستويات غير مقبولة» من هذه المادة المسرطنة. ثم كانت هناك عمليات سحب من السوق لرذاذات القدم المضادة للفطريات، إضافة إلى ظهور تقارير مثيرة للقلق عن وجوده في مزيلات العرق والشامبو الجاف وكريمات الوقاية من الشمس الملوثة، كما كتب كنفول شيخ، وجانا مانديل*.

وأدت بعض هذه النتائج إلى ظهور عناوين الأخبار المذعورة، ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ حذَّر المؤثرون في مجال العافية - على «تيك توك» - الناس من التوقف عن ارتداء واقيات الشمس. وذهب أحد الأطباء على المنصة إلى مقارنة استخدام الشامبو الجاف المنتج بمادة البنزول بعملية التدخين. كما تم رفع كثير من الدعاوى القضائية الجماعية بشأن تأثيراته.

رُصد البنزول في واقيات الشمس

«تسلل» البنزول الطبيعي

يوجد «البنزول» (Benzene)، بشكل طبيعي في النفط الخام. ولا يضاف عمداً إلى هذه المنتجات؛ بل إنه يُستخدم لتصنيع المواد الكيميائية، مثل الأصباغ والمنظفات والدهانات والبلاستيك. وقد ينتهي به الأمر إلى التسلل إلى منتجات العناية الشخصية، عندما لا تتم تنقية المواد الكيميائية التي يوجد البنزول فيها بشكل كافٍ، أو عندما تتفاعل بعض المكونات النشطة في المنتجات بعضها مع بعض أو تتحلل.

لا توجد بيانات حتى الآن تشير إلى أن المستويات المنخفضة من التعرض للبنزول من منتجات العناية الشخصية تحمل مخاطر صحية كبيرة. وحذَّر بعض الخبراء من أن كثيراً من النتائج الأكثر إثارة للقلق حول البنزول، جاءت من مختبر واحد تعرّض لانتقادات؛ لانحرافه عن طرق الاختبار القياسية.

ومع ذلك؛ ونظراً لارتباط مستويات عالية من التعرض للبنزول بالسرطان، يقول الخبراء إنه من الجدير إلقاء نظرة فاحصة على الشامبو الجاف وواقي الشمس، وغيرهما.

ويشعر الباحثون بالقلق من أن المكونات التي تساعد المستحضرات الواقية من الشمس على الذوبان في الجلد، قد تسرّع من امتصاص الجسم له.

تنشُّق البنزول

نظراً لأن البنزول يمكن أن يتبخر بسهولة؛ فقد يستنشق الأشخاص أيضاً بعض المواد الكيميائية أثناء وضع المنتج موضعياً، ما يعني أنهم قد يتعرّضون له من خلال الطريقتين كلتيهما، كما قال لوبينغ تشانغ، عالم السموم في جامعة كاليفورنيا، بيركلي. لكن حقيقة تبخره بسرعة تشير إلى أن التعرُّض الجلدي ليس مصدر قلق كبيراً مثل تعرض العمال للبنزول بانتظام في الهواء.

أبحاث محدودة

ولا تشير الأبحاث المحدودة حول هذا الأمر حتى الآن إلى أي خطر كبير. في إحدى الدراسات، فحصت مجموعة من الباحثين الأكاديميين بيانات من أكثر من 27 ألف شخص استخدموا كريمات طبية تحتوي على «بيروكسيد البنزويل» (benzoyl peroxide) الذي يعمل مطهِّراً. وعندما قارنوها ببيانات من مرضى لم يتعرضوا لبيروكسيد البنزويل، لم يجد الباحثون أي خطر متزايد للإصابة بالسرطان المرتبط بالبنزول بين أولئك الذين يستخدمون الكريمات.

ومع ذلك، قال بعض الخبراء إنهم قلقون بشأن هذه التعرضات المحتملة؛ نظراً لأن هذه المنتجات يتم استخدامها مباشرة على الجسم – يومياً عادةً - وفي أماكن صغيرة سيئة التهوية، مثل الحمامات.

ارتفاع مستويات البنزول في الجسم

وفي حين تظهر الدراسات الاستقصائية الأميركية أن مستويات البنزول في الهواء قد انخفضت - بفضل القيود الأكثر صرامة على البنزول - فقد زادت مستويات البنزول في عيّنات البول من الأميركيين في العقود الأخيرة. في الوقت نفسه، وجد العلماء أن مزيداً من المنتجات قد تحتوي على البنزول، بما في ذلك الحفاضات والمناديل التي تستخدم لمرة واحدة، والسدادات القطنية، والفوط الصحية.

وقالت إمي زوتا، الأستاذة المساعدة في علوم الصحة البيئية في كلية ميلمان للصحة العامة بجامعة كولومبيا، إن اكتشاف البنزول في هذه المنتجات يسلّط الضوء على الفجوات في الرقابة التنظيمية على سلامة منتجات العناية الشخصية. وأضافت أن كثيراً من اختبارات سلامة المنتجات طوعية: «لذا؛ فإن الصناعة تضع معاييرها الخاصة».

تلوث منتجات العناية بالبنزول

كان كثير من الاهتمام حول التلوث بالبنزول في منتجات العناية الشخصية مدفوعاً بشركة اختبار مخدرات صغيرة، مقرّها في نيوهافن بولاية كونيتيكت. فقد أفادت شركة «فاليشور» (Valisure)، بالعثور على تلوث بالبنزول في معقمات اليدين، وبخاخات الجسم، وكريمات الوقاية من الشمس، والشامبو الجاف، وأدوية حب الشباب التي تحتوي على بيروكسيد البنزويل. وانتشرت بعض هذه النتائج على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي، مثل «تيك توك» و«تروث سوشيال».

لكن بعض العلماء شكّكوا في منهجية شركة «فاليشور»، زاعمين أن بروتوكول الاختبار الخاص بها ينطوي في كثير من الأحيان على تسخين المنتجات إلى درجات حرارة تتجاوز درجات الحرارة التي قد تصل إليها في الحياة العادية؛ وهو ما قد يؤدي إلى تسريع تحلل المكونات، ويشير إلى خطر أعلى للتعرّض للبنزين مما قد يواجهه المستهلكون بالفعل.

أدلة تاريخية حول «سرطان البنزول»

ينظر كثير من الأبحاث حول البنزول بشكل خاص - حتى الآن - إلى التعرّض المنتظم لمستويات عالية من المادة الكيميائية في البيئات المهنية.

تأتي الأدلة على أن البنزول قد يسبب السرطان لدى البشر، من ملاحظات العمال في الصناعات الدوائية والبترولية التي تعود إلى عشرينات القرن العشرين. في عام 1987، قالت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، إن هناك «أدلة كافية» على أن البنزول مسبب للسرطان لدى البشر والحيوانات. واليوم، تتفق منظمة الصحة العالمية، ووكالة حماية البيئة الأميركية، وبرنامج علم السموم الوطني الأميركي، على أن البنزول يمكن أن يسبب السرطان، وخصوصاً سرطان الدم.

هناك أيضاً أدلة على أن استنشاق مستويات عالية من البنزول لفترات طويلة من الزمن يرتبط بسرطانات الدم الأخرى، وسرطان الرئة، فضلاً عن فقر الدم، وانخفاض القدرة على محاربة العدوى، وعدم انتظام الدورة الشهرية.

توصيات دولية

يوصي مسؤولو السلامة المهنية في جميع أنحاء العالم عموماً، بأن يقتصر التعرض في مكان العمل على جزء واحد من البنزول لكل مليون جزء من الهواء، أو جزء واحد في المليون على مدار يوم عمل مدته 8 ساعات.

ويتعرض كثير منا للبنزول أيضاً - من خلال انبعاثات المركبات ودخان السجائر ومواقد الغاز - ولكن بمستويات أقل بكثير.

وقد قدَّرت إحدى الدراسات أن التعرض البيئي للشخص العادي ينبغي أن يكون أقل من 0.015 جزء في المليون في اليوم، أو أقل بنحو مائة مرة من الحد المهني المذكور أعلاه.

خطوات لتقليل التعرض للبنزول

أظهرت حفنة من الدراسات المختبرية أن كمية معينة من البنزول على الأقل يمكن أن تخترق حاجز الجلد.

أكد الخبراء أنه لا داعي للذعر بشأن البنزول في منتجات العناية الشخصية؛ لكن اقترح كثير منهم التأكد من تخزين هذه العناصر بشكل صحيح لتجنب تحللها.

وفيما يلي بعض الخطوات البسيطة لتقليل تعرضك:

- واقي الشمس: لم يقترح أي من الخبراء الذين تمت مقابلتهم التخلص من واقي الشمس خوفاً من البنزول. حتى في الاختبارات التي أجرتها شركة «فاليشور»، لم يكن لدى غالبية واقيات الشمس مستويات يمكن اكتشافها. وقال تشانغ: «فوائد واقيات الشمس معروفة جيداً». ولكن إذا كنت تريد أن تكون حذراً، فيجب عليك تجنب تخزين واقي الشمس في سيارتك، والابتعاد عن الهباء الجوي. فكثير من المنتجات التي وُجد أنها تحتوي على البنزول هي عبارة عن رشاشات للرذاذ.

- الشامبو الجاف: إذا كنت قلقاً بشأن التعرض المحتمل للبنزين، فحاول التبديل إلى الشامبو الجاف الذي يأتي في تركيبات مسحوقة بدلاً من منتجات مرشاشات الرذاذ.

- كريمات حب الشباب: إذا كنت ترغب في الاستمرار في استخدام منتجات بيروكسيد البنزويل، فخزِّنها في مكان بارد ومظلم، مثل خِزانة أو ثلاجة، فسيساعد ذلك في بقاء مكوناتها مستقرة لفترة أطول. يمكنك أيضاً التحدث مع طبيب حول بدائل بيروكسيد البنزويل التي قد تناسبك. ويجب عليك دائماً التحقق من منتجاتك من خلال قائمة إدارة الغذاء والدواء القابلة للبحث للمنتجات التي تم سحبها من الأسواق، وتنبيهات السلامة.

* خدمة «نيويورك تايمز»