الكنيسة الأوكرانية تنفصل عن «هيمنة» روسيا

المواجهة السياسية تنتقل إلى الدين وتنهي وصاية مستمرة منذ 332 سنة

TT

الكنيسة الأوكرانية تنفصل عن «هيمنة» روسيا

أعلنت الكنيسة الأوكرانية، أمس، خطوة تاريخية تتمثّل بالانفصال عن الوصاية الدينية الروسية عليها والمستمرة منذ 332 سنة. وعقد رجال الدين الأرثوذوكس مجمّعاً واسعاً في كييف اتخذوا فيه قراراً تاريخياً بإقامة كنيسة مستقلة عن الروس بدعم من بطريركية القسطنطينية التي اعترفت بإقامة الكنيسة الجديدة، وأثارت غضباً واسعاً ضدها في روسيا.
وفي أخطر انعكاس للصراع السياسي والعسكري بين روسيا وأوكرانيا، بدا، أمس، أن الروابط التاريخية التي جمعت الشعبين في البلدين الجارين، تعرضت لضربة موجعة بسبب التأثيرات الاجتماعية والثقافية الكبرى التي سيتركها انشقاق الكنيسة.
وعقد كبار رجال الدين اجتماعاً في كييف لاتخاذ قرار بـ«إعادة توحيد» الكنيسة الأوكرانية، ما يسمح بتأسيس كنيسة جديدة في أوكرانيا مستقلة عن الوصاية الدينية لموسكو، في حين غابت عن اللقاء بعض الكنائس التي رفضت هذا القرار.
وتجمّع آلاف الأوكرانيين للتعبير عن دعمهم لإقامة كنيسة مستقلة عن موسكو، أمام الكاتدرائية التي انعقد فيها المجمع لإعلان القرار التاريخي. وتجمّع الحشد في «ساحة القديسة صوفيا» أمام الكاتدرائية التي تحمل الاسم نفسه وتعود إلى القرن الحادي عشر.
ويشكل هذا التجمع الخطوة العملية لتنفيذ قرار بطريركية القسطنطينية في منتصف أكتوبر (تشرين الأول)، حول الاعتراف بكنيسة أرثوذوكسيّة مستقلّة في أوكرانيا، منهية بذلك 332 عاماً من الوصاية الدينية الروسية.
ورفض بطريرك موسكو وعموم روسيا، كيريل، الاعتراف بهذا القرار، مندّداً ببطريركية القسطنطينية التي وصفها بأنها «انشقاقيّة». وردّت الكنيسة الروسية، التي تضمّ أكبر عدد من أتباع المذهب الأرثوذوكسي في العالم، بغضب وقررت قطع علاقاتها مع القسطنطينية، وهي أقدم البطريركيات الأرثوذوكسية.
وشاركت بطريركية كييف التي أعلنت من طرف واحد في 1992 وكنيسة صغيرة أخرى في المجمع الذي انعقد أمس في غياب الكنيسة الموالية لموسكو التي وصفت اللقاء بأنه «غير قانوني». وما زال الفرع الأوكراني التابع لموسكو يتمتع بنفوذ كبير ويمتلك العدد الأكبر من الأبرشيات في البلاد (أكثر من 12 ألفاً).
وقال الرئيس الأوكراني بيترو بوروشنكو، الذي حضر افتتاح اللقاء وصافح متظاهرين في الساحة خلال توجهه إلى الكاتدرائية: «فلنبق هنا ونصل من أجل إنشاء الكنيسة الأوكرانية اليوم». وكان الرئيس الأوكراني جعل من قيام كنيسة مستقلة عن موسكو أحد العناوين الرئيسية للحملة الانتخابية التي يخوضها للانتخابات المقررة الربيع المقبل.
وقال عندما أعلن عن انعقاد المجمع «يسرّني أن أعلن موعد المجمع الذي من المفترض أن يعلن تأسيس الكنيسة الأرثوذوكسية الأوكرانية المستقلة». وأضاف أنّ «المجمع سيقرّ شرعة كنيستنا الجديدة وسينتخب بطريركنا».
وأكد ميخايلو خاليبيك الذي جاء إلى العاصمة كييف من منطقة خيرسون (جنوب)، «إنه حدث بالغ الأهمية بالنسبة إليَّ، كان ينتظره شعبنا منذ فترة طويلة». وأضاف أنه «يجب أن تكون كنيستنا في نهاية الأمر مستقلة عن كنيسة موسكو».
ودان البطريرك الأرثوذوكسي الروسي كيريل، في رسالة وجهها إلى البابا فرنسيس والأمم المتحدة، الجمعة، «الاضطهاد» الذي يتعرض له رجال الدين والمؤمنون الأرثوذوكس الأوكرانيون الذين ظلوا تحت وصاية موسكو. ووجه البطريرك كيريل رسالته إلى البابا فرنسيس وأسقف كانتربري جاستن ويلبي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إضافة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بحسب بيان للكنيسة الروسية. وأفاد البيان بأن رسائل البطريرك تضمنت تفاصيل حول انتهاك حقوق القائمين على التسلسل الهرمي والمؤمنين من أعضاء الكنيسة. ووفقاً لرئيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، فإن «تدخل قادة الدولة العلمانية الأوكرانية في شؤون الكنيسة بات (يمثّل) ضغطاً شديداً على الأسقفية ورجال الدين في الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية، مما يشير إلى بداية اضطهاد واسع النطاق».
ودعا البطريرك كيريل إلى بذل كل جهد ممكن لحماية الأساقفة ورجال الدين من «التمييز والضغط من السلطات الأوكرانية، للدفاع عن حرية الضمير والدين المكرسة في القانون الدولي».
يذكر أن الشرطة الأوكرانية نفذت في الأسابيع الأخيرة عمليات دهم طاولت الكثير من الكنائس التابعة لبطريركية موسكو.
ويفترض أن ينتخب المجمع أيضاً رئيساً لهذه الكنيسة الجديدة. وكان بطريرك كييف فيلاريت، البالغ من العمر 89 عاماً، الذي رفعت كنيسة القسطنطينية «الحرمان» عنه في أكتوبر الماضي، يعتبر الأوفر حظاً. لكن معطيات أشارت إلى احتمال ألا يقدم ترشيحه، علماً بأنه كان أول من طالب بالانفصال عن سلطة موسكو، وتعرض بسبب ذلك إلى غضب الكنيسة وصدر ضده قرار بـ«الحرمان» في العام 1992، لكنه رفض الامتثال لقرار بطريركية موسكو وأعلن انشقاقه وقيام الكنيسة الأوكرانية التابعة لبطريركية كييف، التي لم تعترف بها الكنيسة الأرثوذكسية الروسية.
وفي عام 1997، أعلنت بطريركية موسكو ما يُوصف بـ«الحرم الأكبر» (أناثيما) بحق الكنيسة المنشقة.
وتعد هذه أكبر هزة عنيفة تضرب الكيانات الكنسية الأرثوذكسية، وتنسف التفاهمات التي ظلت قائمة فيما بينها منذ العام 1686، خصوصاً أن تداعيات الخطوة لم تعد تقتصر على روسيا وأوكرانيا، بل امتدت لتحدث انشقاقاً تاريخياً واسعاً في الكنسية الأرثوذكسية عموماً.
وهذا ما أبرزه رد الفعل القوي للكنيسة الروسية التي اعتبرت أن بطريركية القسطنطينية المسكونية «تخطت الخط الأحمر بقراراتها الأخيرة بشأن الكنيسة الأوكرانية المنشقة». وكان المتحدث باسم بطريرك موسكو وسائر روسيا، الأب ألكسندر فولكوف، قال إن ما حصل هو شرعنة للانقسام، مضيفاً أن «القسطنطينية تتخطى بتصرفاتها الخط الأحمر وتدمر وحدة الأرثوذكسية في العالم بشكل كارثي».
وكان الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو، الذي دعم بقوة الخطوة، وصفها بأنها «مسألة تتعلق بأمننا وقيام دولتنا وكل الجغرافيا السياسية في العالم، وهذا هو سقوط روما الثالثة كمفهوم قدّم أقدم فكرة للهيمنة على العالم». وأكد أن خطوة الكنيسة «تعكس القيم التي قمنا بتنفيذها في السنوات الأربع الأخيرة، وسنستمر في متابعتها».



رئيس الوزراء الكندي يقول إنه سيستقيل من رئاسة الحزب الحاكم

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)
TT

رئيس الوزراء الكندي يقول إنه سيستقيل من رئاسة الحزب الحاكم

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)

قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال خطاب جرى بثه على الهواء مباشرة اليوم الاثنين إنه يعتزم الاستقالة من رئاسة الحزب الليبرالي الحاكم، لكنه أوضح أنه سيبقى في منصبه حتى يختار الحزب بديلاً له.

وقال ترودو أمام في أوتاوا «أعتزم الاستقالة من منصبي كرئيس للحزب والحكومة، بمجرّد أن يختار الحزب رئيسه المقبل».

وأتت الخطوة بعدما واجه ترودو في الأسابيع الأخيرة ضغوطا كثيرة، مع اقتراب الانتخابات التشريعية وتراجع حزبه إلى أدنى مستوياته في استطلاعات الرأي.

وكانت صحيفة «غلوب آند ميل» أفادت الأحد، أنه من المرجح أن يعلن ترودو استقالته هذا الأسبوع، في ظل معارضة متزايدة له داخل حزبه الليبرالي.

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو متحدثا أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني 16 ديسمبر الماضي (أرشيفية - رويترز)

ونقلت الصحيفة عن ثلاثة مصادر لم تسمها لكنها وصفتها بأنها مطلعة على شؤون الحزب الداخلية، أن إعلان ترودو قد يأتي في وقت مبكر الاثنين. كما رجحت الصحيفة وفقا لمصادرها أن يكون الإعلان أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني الأربعاء. وذكرت الصحيفة أنه في حال حدثت الاستقالة، لم يتضح ما إذا كان ترودو سيستمر في منصبه بشكل مؤقت ريثما يتمكن الحزب الليبرالي من اختيار قيادة جديدة.

ووصل ترودو إلى السلطة عام 2015 قبل ان يقود الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

لكنه الآن يتخلف عن منافسه الرئيسي، المحافظ بيار بواليافر، بفارق 20 نقطة في استطلاعات الرأي.