مشكلات النازحين والمهاجرين من خلال قصصهم وتجاربهم الواقعية يتناولها «مهرجان أفلام الهجرة العالمي» في بيروت التي تستضيف للمرة الأولى منه في 17 من الشهر الحالي.
3 أفلام سينمائية توثق حكايا شخصية لمهاجرين من منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، يتضمنها هذا المهرجان تزامناً مع النسخة الثالثة لمهرجان أفلام الهجرة العالمي، فهذا الحدث يقام في 130 بلداً عربياً وأجنبياً، بينها الأردن والكويت والعراق وأميركا وألمانيا وغيرها. ويطل المشاهد من خلال الأفلام على معاناة هؤلاء المهاجرين من واقع مرير يعيشونه في ظل اضطراب اجتماعي واقتصادي يسود بلدانهم. وتنظم هذه المظاهرة الثقافية المنظمة الدولية للهجرة، بالتعاون مع مركز الأمم المتحدة للإعلام في بيروت، وذلك في سينما سيتي في أسواق بيروت.
وتتألف لائحة هذه الأفلام من شريط طويل بعنوان «على المركب نفسه» (on the same boat) ، مدته 70 دقيقة، و«وجهة نظر» point of view)) ويستغرق عرضه 24 دقيقة، و«الاسم الأول محمد» ومدته 14 دقيقة.
«هناك مواضيع عدة تتناولها الأفلام الثلاثة المعروضة في المهرجان، وبينها معاناة عدم تقبلهم في المجتمعات الجديدة التي يقصدونها، وكذلك عملية انتقالهم المحفوفة بالمخاطر ونزوحهم من بلدهم إلى آخر». توضح تاليا الخطيب من المنظمة الدولية للهجرة في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد ارتأينا التعريف عنها من خلال أفلام سينمائية؛ لأنها وسيلة إعلامية فعالة تسهل استيعاب المشاهد لواقع المهاجرين بعيداً عن الطريقة الكلاسيكية المتبعة عادة في هذا الإطار من خلال تقارير ومقالات مكتوبة».
فالأعمال السينمائية الثلاثة المشاركة في المهرجان تنقل لنا، بالصوت والصورة ريبورتاجات موثقة بحوارات ومقابلات مع المهاجرين أنفسهم، مآسي المهاجرين. وترتكز على عناصر تسهل مهمة تواصل المشاهد مع مشكلاتهم من خلال حوارات بالعربية وبصور ومشاهد واقعية تطال المسار الذي يتبعه هؤلاء النازحون للوصول إلى طريق الأمان، انطلاقاً من بلادهم مروراً باليونان وتركيا ووصولاً إلى سردينيا في إيطاليا وغيرها.
ويحكي فيلم «على المركب نفسه» قصص نازحين من سوريا والعراق وتونس وساحل العاج، فيتحدثون أمام الكاميرا عن المأساة التي يتعرضون لها للخروج من بلدانهم. كما نطلّ من خلاله على رفض المجتمعات لهم، ما يؤدي أحياناً إلى طردهم من أماكن عامة ومقاهي وغيرها؛ لأنّهم مهاجرون ويعدون غرباء. وفي العمل الثاني المشارك في المهرجان «وجهة نظر» نتابع في حبكة عمل توثيقي وجهات النظر المختلفة تجاه مواضيع تمسّ بحياتنا اليوميّة، معطياً الفرصة لاختبار المفاهيم المألوفة بعيون جديدة.
وفي فيلم «الاسم الأول محمد»، نتعرّف إلى قصة محمد الذي عاش تحديّات جمّة في فرنسا على مدى 8 سنوات بسبب اسمه الأكثر شيوعاً في العالم. فيلقي الضوء على الصوَر النمطيّة والتحيّزات في المجتمعات الغربيّة بأسلوبٍ فُكاهي.
المدعوون لحضور المهرجان هم، إضافة إلى الأشخاص العاديين، يمثلون سفرات أجنبية في لبنان ووزارات ومجلس النواب وجامعات وجمعيات تهتم بهذا الموضوع. وتلي عرض كل فيلم نقاشات وحوارات تدور حوله وتجري مع مخرجه. ومن لبنان يحضر المخرج إيلي حبيب الذي يؤكّد بأن المهرجان يحمل وجهات نظر مغايرة عن تلك التي نعرفها عامة بحيث نكون على تواصل مع هؤلاء المهاجرين ولكن من الناحية الفنية. ويقول في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما يلجأ هذا النوع من المؤسسات إلى الأفلام المصورة، لكونها من وسائل الميديا الأكثر انتشاراً، التي يحبها الناس ويتفاعلون معها». ويضيف: «أما لماذا يقومون بهذا النوع من الأفلام فلأنّها تصب في خانة حملات التوعية الموجهة للمهاجر نفسه». ويتابع: «يجب أن يعرف النازح أو المهاجر بأنّه ليس من السهل الانتقال من بلد إلى آخر، ولا الانخراط في مجتمعات جديدة بشكل غير قانوني. ومن خلال هذه الأفلام ندق جرس إنذار وتحذير للمهاجرين الذي يضعون حياتهم على كف عفريت من أجل الوصول إلى حلم يراودهم بالإقامة في بلد أجنبي بطرق تخالف القوانين المرعية في هذا الشأن. ومع هذه الأفلام سيكون عليهم التفكير ملياً قبل الإقدام على هذه الخطوة، فيجب أن تكون مدعومة من جمعيات متخصصة بموضوع الهجرة والقوانين المنوطة بها، وإلا فإنهم سيقعون في مشكلات جمة، تسلط هذه الأفلام الأضواء عليها».
كما سيحضر هذا المهرجان عدداً من الممثلين اللبنانيين كبديع أبو شقرا وعبدو شاهين والسوري أويس مخللاتي وغيرهم، فيشاركون في النقاشات التي ستدور على هامش عروض الأفلام.
ويقوم مكتب المنظمة الدولية للهجرة في لبنان بنشاطات عدة لتوعية النازحين حول خطواتهم المستقبلية. كما ينظم دورات تدريبية لرجال الشرطة والأمن العام عن كيفية التعرف إلى جوازات السفر المزورة المتداولة بشكل أكبر في المناطق الحدودية كالمصنع والعبودية. وتقيم المنظمة أيضاً اجتماعات خاصة بالدعم النفسي للمهاجر، وتنظم مشروعات محلية من شأنها أن تساهم في الدعم المعيشي لهم بالتعاون مع جمعيات خيرية مختصة.
ومن جهتها تشير نادين أبي زيد ضو من مركز الأمم المتحدة للإعلام في بيروت بأنّ موضوع الهجرة حالياً يعد من المواضيع الحيوية والأكثر تداولاً على أجندة الأمم المتحدة. وتعلق: «لقد اشتركنا في مراكش منذ أيام قليلة في مؤتمر يدور حول هذا الموضوع أيضا. ويأتي مهرجان أفلام الهجرة تكملة له، ولا سيما أنه يتناول موضوع واقع التشرد الذي يعاني منه النازح». وتضيف في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «بغض النظر عن النتائج التي يتسبب بها وجود المهجرين في بلد ما، فإنّنا نهدف من خلال هذه النشاطات إلى تعزيز التوعية لدى المهاجر والتسامح من قبل الشعوب التي تستقبلهم بعيداً عن الحقد والكره الذي يهيمن في كثير من الأحيان على تعاملهم واستيعابهم لهؤلاء».
«مهرجان أفلام الهجرة العالمي» في بيروت... رسائل توعوية من سينما اليوم
3 أعمال سينمائية توثق حكايا المهاجرين ومعاناتهم
«مهرجان أفلام الهجرة العالمي» في بيروت... رسائل توعوية من سينما اليوم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة