تصاعد «حرائق المتاجر» في معرض مدن السودان

تصاعد «حرائق المتاجر» في معرض مدن السودان
TT

تصاعد «حرائق المتاجر» في معرض مدن السودان

تصاعد «حرائق المتاجر» في معرض مدن السودان

توالت «حرائق» السودان والتهام النيران للمتاجر، ففي مدنية نيالا غرب البلاد شبّ حريق ضخم قضت نيرانه على عدد كبير من المحال التجارية ومحال الأحذية وأدوات التجميل، وذلك بعد أيام قلائل من التهام نيران مثيلة لسوق العطور والأقمشة في مدينة أم درمان، فضلاً عن اشتعال حرائق في مناطق متفرقة من البلاد.
وقال آدم عبد الله يحي حمدان مرجان، أحد المتضررين من الحريق، هاتفياً لـ«الشرق الأوسط» من نيالا: إن حريقاً ضخماً اشتعل في سوق المدينة الكبرى جنوب غربي البلاد، والتهمت نيرانه نحو 30 محلاً تجارياً، بينها 9 متاجر أحذية كبيرة، ومتاجر صغيرة يطلق عليها طبالي.
وفوجئ سكان المدينة الوادعة بتصاعد اللهب في عنان السماء، ولم تفلح جهودهم وجهود رجال الإطفاء في وقف الحريق، إلا بعد وقت طويل من اندلاع النيران، بيد أن سلطات المدينة لم تكشف بعد أسباب الحريق الغامض ولا الحجم الفعلي للخسائر، وأضاف شاهد: إن حريق سوق نيالا مشهد مكرر من سيناريو حريق أم درمان.
وقدر مرجان، وهو أحد ملاك «الطبالي» المحترقة، خسائره بنحو مليار جنيه سوداني، في حين قدر شهود آخرون خسائر ملاك المتاجر الكبير بنحو ثلاثة مليارات جنيه لكل متجر. والتهمت النيران الجمعة الماضي محالج قطن في منطقة مارنجان بولاية الجزيرة وسط البلاد، وأدت إلى إتلاف كميات كبيرة من الأقطان المعدّة للتصدير، ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «سونا»، أن سبب الحريق نتج من احتكاك بين آلية و«بالات» القطن تسبب في إطلاق شرارة أدت إلى الحريق الضخم الذي استمر ساعات عدة.
كما احترقت الاثنين الماضي خمسة مصانع مملوكة لرجل أعمال شهير في أم درمان، لم يكشف النقاب عن أسبابها وحجم الأضرار الناجمة عن الحريق، ولم يكشف بعد سبب اشتعال النيران.
وعادة ترجع سلطات الدفاع المدني هذه الحرائق، إلى «تماس كهربائي» ينتج من توصيلات كهربائية سيئة لم يراع عند توصيلها مقتضيات السلامة، أو انفجار محولات ضغط عالٍ بسبب التحميل الزائد، إضافة إلى صعوبة وصول سيارات الإطفاء نتيجة لعدم تخطيط هذه الأسواق، وتراكم البضائع التي تسد المداخل والمخارج.
ولم يُقنع التسبب الرسمي للحوادث نشطاء منصات التواصل الاجتماعي، الذين دأبوا على توجيه الاتهام إلى «أيدٍ خفية» من مصلحتها حدوث الحرائق، ويعزز مزاعمهم أن تكرار الحرائق في البلاد في الآونة الأخيرة، جاء مترافقاً مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وشح السيولة وسوء الأوضاع المعيشية. ومدينة نيالا، حاضرة ولاية جنوب دارفور، تعد من أكبر المراكز الحضرية والتجارية في غرب البلاد، وهي تزود العاصمة وغيرها من المدن بالكثير من المنتجات القادمة من غرب أفريقيا، ولا سيما العطور ومستحضرات التجميل، إضافة إلى إنتاجها الوفير من الحبوب والفاكهة والخضراوات.
يذكر أن حريق سوق أم درمان الشهير أدى إلى احتراق نحو 300 متجر في سوق العطور والأقمشة، وبداخلها مليارات من الجنيهات السودانية وملايين الدولارات؛ ما اضطر الرئيس إلى إصدار توجيه للبنك المركزي لاستبدال النقود التالفة لتعويض المتضررين.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».