«داعش» تفقد آخر عشيرة بايعته في دير الزور

التنظيم يحشد عسكريا لاقتحام المنطقة التي كانت عصية على النظام السوري

دير الزور
دير الزور
TT

«داعش» تفقد آخر عشيرة بايعته في دير الزور

دير الزور
دير الزور

لم يدم اتفاق الهدنة الذي عقد بين تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) و«عشيرة الشعيطات» بدير الزور، أكثر من 20 يوما واندلعت ليل أمس مواجهات عنيفة بين الطرفين في شرق سوريا إثر خرق التنظيم للاتفاق باعتقال ثلاثة شبان من العشيرة، قبل يومين، ومن ثم استعداد «داعش» عسكريا لاقتحام منطقة «الشعيطات»، الأمر الذي ينذر بمجازر بحسب ما قاله عمر أبو ليلى، الناطق باسم الجيش الحر في الجبهة الشرقية لـ«الشرق الأوسط». وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن اشتباكات عنيفة اندلعت بين التنظيم ومسلحين عشائريين من الطائفة السنية، تسببت بمقتل خمسة مقاتلين من «داعش» على الأقل، فيما لفت أبو ليلى إلى أن الأهالي تمكّنوا من اعتقال عدد من عناصر التنظيم معظمهم من المهاجرين.
وكانت «عشيرة الشعيطات» آخر العشائر المبايعة لـ«داعش» في دير الزور، وعقدت اتفاق هدنة معه تعهدت بموجبه عدم القتال ضد التنظيم وتسليم أسلحتها شرط عدم التعرض لأبنائها الذين يتوزعون في ثلاث بلدات هي، أبو حمام والكشكية وغرانيج.
وكان تنظيم «داعش» تمكن في النصف الثاني من يونيو (حزيران) الماضي، تدريجيا من السيطرة على مجمل محافظة دير الزور، مع آبارها النفطية، بعد انسحاب مقاتلي المعارضة ومبايعة عدد كبير منهم لـ«التنظيم».
وأوضح أبو ليلى أن أهالي عشيرة «الشعيطات» التي تعتبر من أكبر فروع «عشيرة العقيدات» التي تمتدّ إلى خارج سوريا ويبلغ عدد أفرادها المليون و200 ألف نسمة، عمدوا إلى نصب كمين لعناصر «داعش» في منطقة تعرف بـ«أبو حماه»، حيث وقعت الاشتباكات.
وفيما توقع أبو ليلى أن تكون المواجهات بين «داعش» و«الشعيطات» التي يبلغ عدد أبنائها الـ200 ألف شخص في دير الزور، عنيفة جدا، استبعد أن يتمكّن التنظيم من اقتحام المنطقة، نظرا إلى صعوبة تضاريسها، مضيفا: «الدخول إلى هذه المنطقة ليس كالخروج منها». ولفت إلى أن النظام وفي بداية الأزمة السورية، عندما اقتحم محافظة دير الزور، لم يتمكّن من السيطرة على «الشعيطات» وبقي على خلاف المناطق الأخرى في المحافظة خارج سيطرته.
وقال أبو ليلى إن أهالي العشيرة تمكنوا من تحرير كل المقرات التابعة لـ«داعش» في الكشكية، فيما عمد التنظيم إلى إرسال رتل كبير من جهة «جديد عقيدات»، المعقل الأساسي لـ«داعش»، تمهيدا لاقتحام «الشعيطات»، الأمر الذي سيؤدي، وفق أبو ليلى إلى مواجهات قد تصل إلى مجازر في صفوف الطرفين.
وفي هذا الإطار، فر «تنظيم الدولة الإسلامية» حظراً للتجوال وأغلقت جميع المحال التجارية في الشارع العام، في مدينة الشحيل، المعقل السابق لجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) في سوريا، وذلك تمهيداً لمرور رتل لمقاتلي «داعش» باتجاه بلدات أبو حمام والكشكية وغراني، وفق المرصد.
وأشار المرصد إلى أن «داعش» قام أمس، بإغلاق جسري الميادين والعشارة، وكثف حواجزه في الريف الشرقي لدير الزور، من المنطقة الممتدة بين بلدتي البصيرة والغرانيج، عقب إنذار التنظيم لمواطنين عشيرة الشعيطات ودخول عناصر تنظيم الدولة الإسلامية إلى البلدات الثلاث، وقيامها بحملة مداهمات وتفتيش واعتقالات فيها. وسط اشتباكات متقطعة بين مسلحين عشائريين من البلدات الثلاث، وعناصر تنظيم الدولة الإسلامية في المنطقة.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أنّ المواجهات بين «داعش» و«الشعيطات» بدأت الثلاثاء الماضي إثر اعتقال التنظيم ثلاثة من أبناء عشيرة الشعيطات في بلدة الكشكية» في ريف دير الزور، «متجاوزين بذلك الاتفاق الذي جرى بين التنظيم وأبناء عشيرة الشعيطات والذي نص على تسليم الأسلحة لـ«داعش» والتبرؤ من قتال التنظيم مقابل عدم التعرض لأبناء هذه البلدات».
وردا على ذلك، شن مسلحون عشائريون من بلدات الكشكية وأبو حمام وغرانيج التي يقطنها مواطنون من أبناء عشيرة الشعيطات الأربعاء هجوما على دورية لتنظيم الدولة الإسلامية في بلدة أبو حمام، وعلى مقر لتنظيم الدولة في بلدة الكشكية، بحسب المرصد. واندلعت اشتباكات على الأثر بين الطرفين قتل فيها خمسة مقاتلين من «الدولة الإسلامية» على الأقل. وأوضح المرصد أن بين القتلى مقاتل يحمل الجنسية البلجيكية، مشيرا إلى فقدان «أمير محلي» في المعارك «لا يعرف ما إذا كان أسر أو قتل».
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، بث أعضاء في عشيرة الشعيطات وناشطون صورا لجثث مقاتلين من تنظيم «الدولة الإسلامية» مع تعليقات بينها «الشعيطات تنتفض ضد الدواعش» و«المقاومة الشعبية ضد المرتزقة داعش».
وأظهرت صورة رجلا ملتحيا يمسك به مسلحان من الجانبين، مع تعليق «البغاة أزلام البغدادي في قبضة مجاهدي ريف دير الزور الأبطال، ريف دير الزور ينتفض».
على موقع «تويتر»، أطلق أعضاء في عشيرة الشعيطات التي تشتبك مع التنظيم المتطرف حملة تحت عنوان «الشعيطات تنتفض على داعش».
وعلى حساب باسم «الكفن الأبيض» على موقع «فيسبوك»، نشر شريط فيديو يظهر مجموعة من الأشخاص يسيرون وراء شاحنة صغيرة ألقي فيها جريح ينزف مع دماء على وجهه وبطنه. وأوردت الصفحة تعليقا جاء فيه: «الشعيطات تنتفض ضد تنظيم الخزي والعار داعش».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.