«المستقبل»: الحريري لن يعتذر... والراعي يدعو للإفراج عن الحكومة الجديدة

«حزب الله» يحمله مسؤولية التعطيل... والجميل يدعو إلىحكومة اختصاصيين

TT

«المستقبل»: الحريري لن يعتذر... والراعي يدعو للإفراج عن الحكومة الجديدة

عاد الجمود ليسيطر على الملف الحكومي على وقع التوتّر في العلاقة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، على خلفية تلويح عون بإرسال رسالة إلى البرلمان حول أزمة التأليف، فيما جدّد مسؤولون في «تيار المستقبل» تأكيدهم أن الحريري لن يعتذر وسيبقى متمسكاً بموقفه.
أتى ذلك في وقت كرّر فيه البطريرك الماروني بشارة الراعي دعوته للإسراع بتشكيل الحكومة. ودعا في عظة الأحد، المسؤولين، «للخروج من سجن مطالبهم ومواقفهم، والإفراج عن ولادة الحكومة الجديدة، رحمة بالوطن المتقهقر وبالشعب الذي يفتقر ويتضور جوعاً ويهاجر نحو بلدان أفضل، ورحمة بالاقتصاد الذي يتعثّر ويتسبب بإقفال الكثير من المؤسسات الصناعية والتجارية».
وأضاف: «لو دخلت الرحمة قلوبهم طيلة السبعة أشهر منذ تكليف رئيس الحكومة، لأفرجوا عن الحكومة الجديدة وتخطوا مصالحهم، وصححوا نواياهم. وبدلاً من التعلق بالحرف والتعثّر بشرحه، فليذهبوا واضعين بلادنا فوق كل اعتبار، وليتراجعوا عن عقدهم المفروضة من هنا وهناك وهنالك».
وتوجّه للمسؤولين بالقول: «لا يحق لكم إهمال الدولة في مؤسساتها وشعبها وكيانها، فأنتم لستم أسياد الدولة بل خدامها».
ودعا وزير الداخلية نهاد المشنوق، خلال انعقاد «مؤتمر إنماء بيروت في دورته الأولى»، إلى «التكاتف مع الرئيس المكلف كي نستطيع إنقاذ لبنان، لأن الوضع الاقتصادي سيئ جداً». وأكد أن «الحريري لن يتراجع عن تشكيل الحكومة، ولن يعتذر، وسيبقى على موقفه، أياً كانت الضغوط وأياً كان مصدرها، رئاسياً أو حزبياً، بدعم نواب بيروت ونواب (المستقبل) وحلفائهم، ونحن معه في كل خطواته، لأن تشكيل الحكومة أمر ضروري، أياً كانت العقد».
من جهته، أشار النائب في «تيار المستقبل» محمد الحجار، في اجتماع موسّع لمنسقية «التيار» في جبل لبنان الجنوبي، إلى أن «الحملات على الرئيس الحريري لا تزال مستمرة، كما محاولة عرقلة تأليف الحكومة من قبل بعض الأطراف»، مؤكداً: «سنكون لكل هذه المحاولات بالمرصاد». وأضاف: «الرئيس الحريري مصر على أمرين اثنين: الأول أن تشكل الحكومة العتيدة بأسرع وقت لمواجهة التحديات بأشكالها كافة، والثاني أن تؤلف هذه الحكومة بالشروط التي يقول بها الدستور وليس بشروط (حزب الله) أو أي طرف سياسي آخر».
واعتبر أن «لرئيس الجمهورية حقاً دستورياً لا نقاش فيه بإرسال رسالة إلى المجلس النيابي يعرض فيها ما يريد»، مشدداً على أن «محاولة البعض فرض أعراف جديدة على الدستور تقيد صلاحيات الرئيس المكلف شيء آخر، والحديث عن سحب التكليف غير دستوري وباطل».
بدوره، اعتبر القيادي في «المستقبل» مصطفى علوش، أن «كل ما يطرح في الشأن الحكومي، ومنها 32 وزيراً، عبارة عن لف ودوران وكسر القواعد»، داعياً إلى أن «تكون هناك معارضة في وجه الحكم بدلاً من أن يعطل النواب الستة الذين ينتمون إلى كتل نيابية عملية التشكيل».
وأكد علوش، في حديث إذاعي، أن «الحريري مكلف بضمانة الدستور، وأن أحداً بما فيه مجلس النواب لا يستطيع سحب هذا التكليف إلا إذا قرر الاعتذار، وأنه لن يشكل حكومة إلا إذا كان هو بالفعل رئيسها»، مشدداً على أن «الرئيس المكلف هو من يشكل الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية».
وشدّد على أنه «لم يُسمع من الرئيس الحريري أي كلمة تسيء إلى رئيس الجمهورية»، مضيفاً: «خيار الرئيس الحريري منذ ما قبل التسوية الرئاسية هو أن نذهب إلى الاستقرار بتفاهم مقبول بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة».
في المقابل، حمّل «حزب الله»، على لسان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، مشكلة أزمة الحكومة للحريري، وقال: «مشكلة التعطيل في تشكيل الحكومة داخلية، وتحديداً عند الرئيس المكلف الذي يخطئ الحساب وليس على الناس أن تتحمل هذا الخطأ»، وقال: «يجب أن يصحح حساباته، خصوصاً أن هذه الحكومة أريد لها عنوان وهو أن تكون حكومة الوحدة الوطنية، أي أن تضم كل القوى التي لها حق التمثيل ويحتكم التشكيل فيها إلى معيار واضح يستند إلى نتائج الانتخابات النيابية».
من جهته، رأى عضو كتلة «التنمية والتحرير» النيابية النائب علي بزي، أن «التهديدات الإسرائيلية والمزاعم التي يسوقها المستويان العسكري والسياسي الإسرائيليان ضد لبنان، بقدر ما تمثل محاولة إسرائيلية مكشوفة للهروب من الأزمات الداخلية، يجب أن تمثل مناسبة ودافعاً لكل اللبنانيين على مختلف توجهاتهم السياسية، من أجل الكف عن سياسة هدر الفرصة والوصول إلى تسوية تفضي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة».
وجدد بزي التأكيد على «أن المرحلة لم تعد تحتمل الترف السياسي في موضوع تشكيل الحكومة، وأن المطلوب الإسراع في تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد، وأن حجم الأزمات والتحديات التي تحدق بلبنان تستدعي من الجميع تحمل المسؤولية الوطنية والتنازل من أجل الوطن».
ومع استمرار أزمة الحكومة، دعا رئيس «حزب الكتائب» النائب سامي الجميل إلى تشكيل حكومة اختصاصيين. وقال أمام طلاب جامعيين: «لبنان يعيش هزات أمنية إلى جانب أخطر أزمة اقتصادية في تاريخه، وهو من دون حكومة منذ سبعة أشهر»، سائلاً: «هل يعقل، في ظل الوضع الخطر الذي نعيشه، أن تتوقف أمور البلد بسبب وزير واحد، وألا تكون هناك حكومة تعالج المشكلات التي نمر بها، بأقصى سرعة؟».
وتوجّه إلى المعنيين بالتأليف قائلاً: «إذا كنتم عاجزين عن الاتفاق على حكومة تتحاصصون فيها، شكلوا حكومة اختصاصيين تضم أفضل الخبراء في الاقتصاد والصحة والتربية، لينكبوا على معالجة الأزمات بأسرع وقت، وضموا إليها ضابطاً من أهم الضباط في الجيش اللبناني، ليكون وزير دفاع ويضع خطة دفاعية تحصن البلاد في وجه أي عدوان من أي جهة أتى. وفي الموازاة، ليجتمع السياسيون في المجلس النيابي لمعالجة مشكلاتهم الخاصة»، رافضاً أن يبقى البلد متروكاً كما هو عليه «بعد ما شهدناه في الجاهلية والجنوب».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.