شكراً لجريدة «الشرق الأوسط» لأنّها أفسحت المجال لنسجل أبرز محطاتنا في الكتابة خلال السنوات الطويلة الماضية، علماً بأن تجربتي الذّاتية في الكتابة بالصحافة الخليجية تتباين من دولة إلى أخرى، ويعود ذلك إلى اختلاف تجارب تلك الدول في الديمقراطية والمشاركة الشعبية.
تجربتي الذاتية مع الكتابة الصحافية بدأت في التسعينات إبان فترة الغزو حين كنت ضيفاً على دولة الإمارات العربية ودرست في جامعة الإمارات بالعين، وحين طلبتْ جريدة «الخليج» التي تصدر في الشارقة، منّي الكتابة عن القضايا العربية بعد الغزو العراقي، وكانت الجريدة ذات توجه قومي عروبي اهتمت بقضايا العرب والأمن بعد الغزو، وكنت أشارك مع مجموعة من الأكاديميين والكتاب في حوارات مطولة في قضايا العرب، وكانت الجريدة تهتم بنشر هذه الحوارات والكتابات الأولية في جريدة «الخليج». كانت ممتعة لأنّ هامش الحرية آنذاك في الشارقة كان كبيراً.
بعد تحرير الكويت عام 1991 والعودة إلى الكويت، التحقت بجريدة «السياسة» الكويتية، وكنت في البداية أكتب مقالاً كل ثلاثة أيام، بعد ذلك طُلب مني الكتابة بشكل يومي ما عدا يوم الجمعة. الكتابة اليومية متعبة جداً. والقراء في الكويت دائماً يطلبون الجديد. وقد ساعدتني خلفيتي الأكاديمية على الكتابة بشكل يومي، وشجّعني صراع الصحافة الكويتية بين التيار القومي – الوطني – الليبرالي من جهة وتيارات الإسلام السياسي بكل تفرعاته من إخوان مسلمين وحركة سلفية وإسلام سياسي شيعي من جهة أخرى، على الكتابة.
في الصّحف الكويتية الكتابة ممتعة ومليئة بروح التحدي لأنّ هامش الحرية شبه مطلق بسبب الانفتاح السياسي والأجواء الديمقراطية. لأكثر من عشر سنوات كنت كاتباً في الصفحة الأخيرة في جريدة «السياسة». انتقلت بعدها للكتابة في جريدة «الوطن» الكويتية، بعد أن فتحت الحكومة تراخيص الصحف في الكويت وأصبحت لديها 15 صحيفة عربية وصحيفتان باللغة الإنجليزية. لذلك حرصت الصّحف اليومية على استقطاب الأكاديميين من الكتاب. أمضيت فترة طويلة أكتب في «الوطن» حتى حصلت مشكلات بين إدارة «الوطن» والحكومة وأُغلقت الصحيفة.
عندما كنت أكتب في «الوطن» عرضت عليّ جريدة «الاتحاد» الإماراتية قبل أكثر من 15 سنة الكتابة في صفحة «وجهات نظر» في مقالة أسبوعية، ولا أزال أكتب فيها بشكل أسبوعي. قبل سنة عرضت عليّ جريدة «الشرق الأوسط» السعودية كتابة مقالة أسبوعية على أن تكون ذات طابع عربي أو دُولي وليست ذات طابع محلي.
لقد تعلّمت الكثير من الكتابة في الصّحف الخليجية، وأعطتني صورة واضحة عن المعاناة التي يتعرض لها الكاتب في الخليج عندما يحاول أن يكتب آراءه بحرية مطلقة، وأقولها بكل صراحة ووضوح، عندما كنت أكتب في الصحف الكويتية لمدة تزيد على الثلاثين سنة، ننتقد فيها الحكومة، ومجلس الأمة، وسوء الإدارة، وانتشار الفساد والمحسوبية وغيرها، لم تُمنع مقالاتنا مطلقاً لأنّني أكتب بمسؤولية وحرص على الشأن العام، لكنّ الكتابة في صحف الخليج يشوبها المنع المستمر لأنّ المعايير الرّقابية وخطوطها المندرجة بألوان مختلفة تحدّ أحياناً وتمنع ما نريد التعبير عنه حتى وإن كان الطرح سلمياً وعقلانياً في مصلحة أوطاننا الخليجية.
- إعلامي كويتي
مسيرتنا في الإعلام
مسيرتنا في الإعلام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة