الفيلم النمساوي «جُوي» يفوز بـ«النجمة الذهبية» لمهرجان مراكش

أفلام من تونس والمكسيك وصربيا وألمانيا حازت على بقية جوائز المسابقة الرسمية

الفائزون بجوائز مهرجان الفيلم بمراكش في دورته الـ17
الفائزون بجوائز مهرجان الفيلم بمراكش في دورته الـ17
TT

الفيلم النمساوي «جُوي» يفوز بـ«النجمة الذهبية» لمهرجان مراكش

الفائزون بجوائز مهرجان الفيلم بمراكش في دورته الـ17
الفائزون بجوائز مهرجان الفيلم بمراكش في دورته الـ17

فاز الفيلم النمساوي «جُوي» لمخرجته سودابيه مرتضائي بالنجمة الذّهبية (الجائزة الكبرى)، للمهرجان الدُّولي للفيلم بمراكش، في دورته الـ17، التي اختتمت فعالياتها الليلة قبل الماضية بقصر المؤتمرات.
ويحكي الفيلم قصة «جُوي»، وهي امرأة شابة مهاجرة من نيجيريا، في شوارع فيينا، حيث تسعى لجمع المال لأجل الوسيطة التي مكنتها من التسلل إلى أوروبا. تعيش «جُوي» في شقة ضيقة مع فتيات أخريات في وئام، على الرّغم من تقلص هامش التضامن في عالمهن القاسي، الذي يسود فيه شعار «أن تأكل أو تؤكل». وعندما ترغب الوسيطة في التغرير بفتاة جديدة تكتشف «جُوي» دورها كضحية وكشريكة ضمن حلقة مفرغة للاتجار بالبشر.
- جائزة الجمهور
ذهبت جائزة الجمهور لفيلم «منظفة الغرف» لمخرجته المكسيكية ليلا أفيليس، الذي يحكي قصة إيفيليا الهادئة، شّديدة الانطواء والخجل، التي تسافر لساعات كثيرة كل يوم لتصل إلى مقر عملها منظفة غرف في فندق فخم بالمدينة، حيث تبدو الفجوة بين مستوى الدّخل صارخة من خلال الطّلبات الباذخة للوافدين على الفندق. تأمل إيليفيا أن تحظى بحياة أفضل، فتقرّر حضور دروس في برنامج تعليم الكبار الخاص بالفندق. يعمد الفيلم، في بعض الأحيان، إلى التصوير على النمط الوثائقي، راصداً حياة البطلة وهي تقوم بأعمال التنظيف والتنعيم والتوضيب والتلميع، كما تنقل لحظات الفيلم التأملية روح دعابة، مع تلمّس هذه المرأة الشّابة خطواتها الأولى نحو مستقبل أفضل.
- جائزة الإخراج
فاز المخرج الصّربي أوغنين غلافونيتش بـ«جائزة الإخراج» عن فيلم «الحمولة»، الذي يعود إلى آخر لحظات الحرب اليوغسلافية، حيث يتولى فلادا مهمة قيادة شاحنة تبريد من كوسوفو إلى بلغراد، من دون أن يعرف طبيعة الحـمولة التي ينقلها على ظهر شاحنته، بينما يخضع لأوامر صارمة بعدم التوقف عن القيادة مهما كان، وبعدم فتح مقصورة الشّحن لأي شخص. وبينما هو يشقّ طريقه بصعوبة بين خراب الرّيف المدمر، يصبح العبء الأخلاقي، لتواطؤه في أعمال حرب مظلمة، أثقل من أي وقت مضى. ومن خلال قصة الفيلم، يقف المتفرّج على إصرار المخرج على بناء التوتر والقلق، راسماً مشاهد للقتل لا تظهر على الشّاشة، بل تبقى غامضة.
- أفضل دور رجالي
فاز الممثل التونسي نضال السّعدي بجائزة أفضل دور رجالي، عن فيلم «في عينيا» لمخرجه التونسي نجيب بلقاضي، الذي يحكي قصة لطفي، الذي يعيش حياة كريمة في فرنسا، بعد أن هاجر من تونس، وهو ناجح في عمله وحبيبته الفرنسية فاتنة وحامل بطفله. ولكنّ ماضيه ظلّ يلاحقه في كل حين، إلى أن تلقّى اتصالاً من عائلته في تونس، حيث سيضطر إلى العودة على الفور، ليجد نفسه في مواجهة إرث الحياة التي تخلّى عنها قبل سبع سنوات، إذ بعد أن وقعت زوجته في غيبوبة عميقة، أصبح ابنه، ذا التسع سنوات، الذي يعاني من مرض التوحد، بحاجة إلى من يرعاه. انطلاقاً من هذه اللحظة، سيرصد الفيلم عن كثب، كيف سينسج لطفي علاقة مع الطّفل في إطار صيرورة تحديد نوع الرجل الذي يريد أن يكونه.
- أفضل دور نسائي
فازت الممثلة الألمانية آنيه شفارتز بجائزة أفضل دور نسائي عن فيلم «كل شيء على ما يرام» لمخرجته الألمانية إيفا تروبش، الذي يحكي قصة يان وبيات اللذين تجمعهما علاقة عشق بديعة، ويعمدان سوياً إلى تجديد منزل قديم لأجل الابتعاد عن صخب الحياة وروتينها. وفي مواجهة الإخفاق المخيب لدار النشر المتواضعة التي أطلقاها، تلتقي يان بأحد معارفها السّابقين، الذي تعيش معه مغامرة جنسية عابرة، الشيء الذي ينقل إليها إحساساً عميقاً بالانزعاج والقلق.
- أفلام مشاركة
تنافس على الجوائز الخمس لمهرجان مراكش 14 شريطاً، كلّها أفلام طويلة أولى أو ثانية لمخرجيها، بما يؤكّد، حسب المنظمين: «الأولوية التي يعطيها المهرجان للاكتشاف ولتكريس المواهب الجديدة في السينما العالمية. كما عبرت الأشرطة المنتقاة عن عدة عوالم سينمائية تنتمي إلى مناطق مختلفة من العالم، بأربعة أفلام أوروبية (ألمانيا، والنمسا، وبلغاريا، وصربيا)، وثلاثة من أميركا اللاتينية (الأرجنتين، المكسيك)، وفيلم واحد من الولايات المتحدة، وفيلمين من آسيا (الصين، اليابان)، وأربعة أشرطة من منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط (مصر، والمغرب، وتونس، والسودان). كما أنّه من بين الأفلام الـ14 المتنافسة، ستة أخرجتها نساء.
- جيمس غراي
قال جيمس غراي، رئيس لجنة التحكيم، متحدثاً عن عمل اللجنة وطريقة اشتغالها والنتائج التي تم الانتهاء إليها، ووجهة نظره بخصوص الفصل بين الأعمال المتنافسة، قبل المرور إلى لحظة إعلان النتائج: «نحن، هنا، الليلة من أجل الاحتفاء بالمهرجان وبفن السّينما ومن أجل منح الجوائز. وأقول لكم الحق: أشعر دائماً بعدم الارتياح لفكرة تقديم جوائز لأعمال فنية. تكون المنافسة جيدة حينما يتعلق الأمر بكرة القدم. ولكن بالنسبة للأفلام، فأنا غير متأكد من ذلك. وهذا المهرجان الرّائع جعل هذه المهمة أكثر تعقيداً، لأنّ كل سينمائي مشارك بفيلم هنا، يستحقّ الفوز. لقد اتخذت اللجنة قراراتها فقط لأنّها كانت مجبرة على ذلك. كانت الأعمال كلها رائعة. وقد تأثّرت كثيراً للمستوى الرّائع لأفلام أتت من جميع مناطق العالم. أعرف أنّ مستقبل السّينما سيبقى دائماً مشعاً كما كانت عليه حالها في السابق».
وضمت لجنة التحكيم، في عضويتها، فضلاً عن رئيسها، الممثل الألماني دانييل بروهل، والمخرج الفرنسي لوران كانتي، والمخرج المكسيكي ميشيل فرانكو، والممثلة الهندية إليانا دوكروز، والمخرجة المغربية تالا حديد، والمخرجة والفنانة التشكيلية اللبنانية جوانا حاجي توما، والممثلة الأميركية داكوتا جونسون، والمخرجة البريطانية لين رامسي.
- سعادة الفوز
لم يخف المتوجون سعادتهم بالفوز، الذي قالوا عنه إنّه سيشكّل لهم دافعاً لمزيد من العطاء. وقال الممثل التونسي نضال السعدي: «عشت سنواتي السّابقة أحلم بالفوز بجائزة في مهرجان سينمائي. يشرّفني اليوم فوزي بجائزة أحسن دور رجالي. لطالما بكيت ونمت في الشّارع وقمت بأعمال صغيرة لكي أتمكّن من مواصلة حلمي واشتغالي على هدفي».
- برنامج الاختتام
شهد حفل الاختتام فضلاً عن إعلان الفائزين بالمسابقة الرّسمية، تقديم مختصر مصوّر لأهم وأبرز اللحظات التي ميزت تظاهرة السنة الحالية، علاوة على برمجة الفيلم المتوج بالجائزة الكبرى، ليكون آخر عرض سينمائي للدورة التي افتتحت قبل تسعة أيام، بفيلم «عند بوابة الخلود» لمخرجه جوليان شنايبل، من بطولة ويلييم دافوي وروبرت فريند وأوسكار إسحاق وإيمانويل سينر، الذي يستعيد آخر أيام الرّسام الهولندي فينسنت فان غوغ.
- الدورة الـ17
اقترحت دورة السنة الحاليّة، قائمة أفلام ناهزت الـ80 من 29 بلداً. كما عرف البرنامج عدة فقرات، تراوحت بين المشاهدة: «المسابقة الرّسمية» و«العروض الخاصة» و«القارة الحادية عشرة» و«بانوراما السينما المغربية» و«الجمهور الناشئ» و«عروض جامع الفنا» و«عروض المكفوفين وضعاف البصر»، أو «التكريمات» مع المخرج المغربي جيلالي فرحاتي والممثل الأميركي روبيرت دي نيرو والمخرجة الفرنسية أنييس فاردا، مع تسجيل تخلف الممثلة الأميركية روبين رايت عن أمسية تكريمها، واستعراض تجارب كبار السينمائيين في فقرة «حديث مع...» التي استضافت السينمائي الفرنسي تييري فريمو والممثل الأميركي روبيرت دي نيرو والمخرج المكسيكي غييرمو ديل تورو والمخرج الأميركي مارتن سكورسيزي والمخرج المصري يسري نصر الله والمخرج الروماني كريستيان مونجيو، فضلاً عن «ورشات الأطلس» التي حملت همّ دعم المخرجين الصاعدين ومواكبتهم في أفريقيا والشرق الأوسط بشكل يجعل منها «منصة إبداعية ومهنية في خدمة المخرجين، وفضاء لتبادل الخبرات والتجارب بين المهنيين الدُّوليين ومواهب المنطقة، في الآن ذاته» بغية «مواكبة مشروعات الأفلام والأفلام في مرحلة ما بعد الإنتاج، وتمكين المخرجين من تسريع إنتاج أعمالهم، ومنحهم معرفة أفضل بالسّوق، وتعزيز شبكات علاقاتهم».
- «دورة مشرقة»
قال المنظمون بعد إسدال السّتار على دورة السنة الحالية، إنّه «بعد استراحة لمدة سنة خصصت للتفكير، عاد المهرجان الدُّولي للفيلم بمراكش مفعماً بمزيد من القوة والتجديد، معززاً بمضامين سينمائية وفنّية أكثر ثراء».
وتحدّث المنظمون عن «دورة مشرقة وقوية وشعبية»، كانت «غنية بالصور والنقاشات والأحاسيس الجارفة»، كما «تميّزت بالإقبال الشعبي الكبير على مختلف العروض والأنشطة المبرمجة».
وعلى مستوى الأرقام ونسب المتابعة، أشار المنظّمون إلى «متابعة جماهيرية ناهزت 110 آلاف شخص، تابعوا مختلف العروض والأنشطة التي كانت مجانية ومفتوحة أمام الجمهور»، مع إشارتهم إلى أن «الأفلام التي عُرضت في ساحة جامع الفنا استقطبت لوحدها نحو 70 ألف مشاهد، طيلة أيام المهرجان، وذلك بمعدل 7 آلاف إلى 12 ألف مشاهد في كل أمسية».


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».