خبراء في الأمم المتحدة يدينون الهجمات بطائرات من دون طيار في اليمن

اشتباكات عنيفة بعد مقتل ثلاثة جنود في حضرموت * مسؤولون: توقف إمدادات النفط بسبب تفجير خط أنابيب

جنود يمنيون يحرسون مدخل فندق في العاصمة صنعاء أمس (رويترز)
جنود يمنيون يحرسون مدخل فندق في العاصمة صنعاء أمس (رويترز)
TT

خبراء في الأمم المتحدة يدينون الهجمات بطائرات من دون طيار في اليمن

جنود يمنيون يحرسون مدخل فندق في العاصمة صنعاء أمس (رويترز)
جنود يمنيون يحرسون مدخل فندق في العاصمة صنعاء أمس (رويترز)

أدان خبراء في حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، أمس، الهجمات الأخيرة للطائرات من دون طيار في اليمن، والتي أدت إلى مقتل عدد من المدنيين.
وفي بيان، أعرب الخبراء عن «قلقهم العميق للغارات الأخيرة القاتلة بطائرات من دون طيار التي شنتها القوات الأميركية» في اليمن و«أدت إلى خسائر في صفوف المدنيين». وقالت اللجنة العليا الأمنية في اليمن إن غارة جوية أدت إلى مقتل 17 شخصا في 12 ديسمبر (كانون الأول)، خصوصا من المدنيين في محافظة البيضاء (وسط). وبحسب اللجنة الأمنية التي يقودها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي كانت الغارة تستهدف «سيارة لأحد قادة تنظيم القاعدة». وأفاد شهود ومصادر في الأجهزة الأمنية بأن الصاروخين اللذين أطلقتهما طائرة من دون طيار أصابا حفل زفاف، مما أدى إلى مقتل مدنيين. وقال المقرر الخاص للأمم المتحدة حول التعذيب خوان مينديز إن «غارة قاتلة على أهداف غير مشروعة تشكل معاملة وحشية ولا إنسانية إذا أدت في مثل هذه الحالة إلى اضطرابات جسدية أو عقلية خطيرة ومعاناة لضحايا بريئة».
من جهته، قال المقرر الخاص للأمم المتحدة حول الإعدامات التعسفية التي تتم خارج إطار القضاء، كريستوف هينز، إنه على الدول التي تستخدم طائرات مسلحة من دون طيار «أن تحترم القانون الدولي»، وتشير إلى «القاعدة القانونية» لعملها و«معايير الاستهداف». كما دعا «الدولتين المعنيتين، الولايات المتحدة واليمن، إلى تحديد ما إذا كانتا مسؤولتين أم لا، وفي حال كانتا على هذا النحو يجري تحديد معايير الاستهداف المعتمدة وعدد المدنيين الذين قتلوا، وإذا ما كانتا تنويان دفع تعويضات لأسر الضحايا أم لا».
والولايات المتحدة هي الوحيدة التي تملك طائرات من دون طيار في المنطقة. واستخدمت هذه الطائرات بشكل مكثف هذه السنة لدعم تصدي سلطات صنعاء لـ«القاعدة»، مما أسفر عن مقتل العشرات من عناصر التنظيم. وإثر الهجوم الذي وقع في 12 من الشهر الحالي، صوت البرلمان في اليمن الذي يهيمن عليه أنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح وإسلاميو حزب الإصلاح في 15 منه على حظر الهجمات التي تشنها الطائرات من دون طيار.
وفي صنعاء، اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش ومسلحين قبليين في مدينة الشحر بمحافظة حضرموت جنوب شرقي اليمن، وذلك بعد هجوم مسلح استهدف إحدى النقاط الأمنية غرب المدينة وأدى إلى مقتل ثلاثة جنود ومسلح وإصابة آخرين. وقال مصدر محلي لموقع «براقش نت» اليمني إن تعزيزات عسكرية وصلت إلى المدينة بعد الهجوم المسلح الذي أدى إلى مقتل ثلاثة جنود ومسلح. وأشار المصدر إلى أن مسلحين يعتقد أنهم يتبعون ما يسمى «الهبة» هاجموا النقطة التابعة للكتيبة الثالثة في خفر السواحل، مبينا أن اشتباكات اندلعت في محيط النقطة غرب المدينة وجولة (ميدان) المحضار وسط المدينة، وأن الوضع ما زال متوترا في المدينة.
من جهة أخرى، قال مسؤولون نفطيون ومحليون إن رجال قبائل فجروا خط أنابيب النفط الرئيس في اليمن، وإن إصلاحه واستئناف ضخ الخام سيستغرق عدة أيام. وقالوا إن الهجوم الذي وقع بمنطقة وادي عبيدة في محافظة مأرب المنتجة للنفط بوسط البلاد أدى إلى توقف إمدادات الخام من حقول مأرب إلى مرفأ رأس عيسى النفطي على البحر الأحمر. ويعتمد اليمن على صادرات الخام لتمويل ما يصل إلى 70 في المائة من الإنفاق العام، وقد عانى من هجمات متكررة على خط الأنابيب الرئيس في الأعوام الأخيرة.
ويقوم رجال قبائل بتلك الهجمات للضغط على الحكومة لتوفير فرص العمل وتسوية نزاعات الأراضي أو إخراج أقرباء من السجن. ويثير انعدام الأمن قلق الولايات المتحدة والحلفاء الخليجيين نظرا لموقع اليمن الاستراتيجي قرب السعودية المصدرة للنفط وخطوط الشحن البحري، ولأنه معقل أحد أنشط أفرع تنظيم القاعدة. ووقع أحدث تفجير في ساعة متأخرة أول من أمس، وهو الهجوم السابع على خط الأنابيب هذا الشهر، وجرى بعد ساعات من إتمام أعمال إصلاح اثر تفجير سابق. وقبل موجة الهجمات التي بدأت في 2011 كان خط أنابيب مأرب ينقل نحو 110 آلاف برميل يوميا إلى رأس عيسى.
واستغل مقاتلون إسلاميون فوضى الإطاحة بالرئيس السابق علي عبد الله صالح بعد شهور من المظاهرات الحاشدة عام 2011 للسيطرة على عدة مدن بجنوب البلاد، لكنهم أجبروا على الانسحاب بعد عام في هجوم حكومي بمساعدة غارات لطائرات أميركية من دون طيار. ويواجه حوار وطني يهدف إلى وضع اليمن على مسار انتخابات ديمقراطية عقبات جراء تنامي الحركة الانفصالية في الجنوب والاشتباكات بين السلفيين والحوثيين في الشمال.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».