محال ألمانية لا تزال تقبل التعامل بـ«المارك»

محال ألمانية لا تزال تقبل التعامل بـ«المارك»
TT

محال ألمانية لا تزال تقبل التعامل بـ«المارك»

محال ألمانية لا تزال تقبل التعامل بـ«المارك»

لم تغب شمس المارك الألماني بعد. فما زالت هناك منافذ بيع تعلن عن استعدادها للتعامل بالعملة القديمة بدلاً من العملة الموحدة السارية حالياً (اليورو).
وتقبل سلسة متاجر الألبسة الألمانية المشهورة «سي أند إي» شراء سلعها بالمارك الألماني الذي اختفى منذ أعوام عدة من أسواق دول الاتحاد الأوروبي. ويرى الكثير من خبراء الاقتصاد المحليين، أن ما تقوم به سلسلة هذه المتاجر ليس إلا حملة دعائية سبق أن روّجت لها، وها هي تعيد الكرّة مجدداً. وتلقى هذه الحملة نجاحاً باهراً في المجتمع الألماني الذي يحتضن أعلى معدلات الشيخوخة حول العالم.
ويبرر ميخائيل كنيتل، الخبير الاقتصادي الألماني من مدينة بوخوم، توجه سلسلة متاجر «سي أند إي» للتعامل بالمارك بأن الشركة تنتهج أسلوباً دعائياً قادراً على إيقاظ الحنين، خصوصاً بين المُسنين، إلى عملة بلادهم القديمة، وتشجيعهم على الشراء بها.
وتعد تعاملات محال مثل «سي أند إي» بالمارك أمراً مأموناً؛ إذ إنها تستطيع استبداله باليورو من البنك المركزي الألماني.
ويستطرد هذا الخبير قائلاً: إن ما يزيد على 12.6 مليار مارك ألماني كان موجوداً بحوزة الألمان لغاية نهاية عام 2016. مشيراً إلى أن هناك الكثير من الألمان نسي بالكامل استبدال المارك الألماني المكدس لديه باليورو. كما يوجد عدد كبير من الألمان يحتفظ بالعملة القديمة عمداً تذكاراً، أو رمزاً وطنياً لا يستطيع التخلي عنه لقيمته التاريخية.
ويختم ميخائيل كنيتل: «تتمحور حملة سلسلة المتاجر (سي أند إي) حول تشجيع كل من يملك ماركات ألمانية على التخلٌص منها. ولا تنحصر هذه الحملة على العاصمة برلين فحسب، إنما تشمل أرجاء ألمانيا كافة أينما تتواجد فروع لهذه المتاجر. وكان ينبغي على المواطنين التوجه إلى أحد فروع المصرف المركزي الألماني (بوندسبنك) لاستبدال الماركات الألمانية باليورو. أما اليوم فتقوم متاجر (سي أند إي) بدور الوساطة لترويج سلعها، خصوصاً في أوساط الطبقات العمرية المسنة. علماً بأن حملات دعائية مماثلة لما تقوم به هذه المتاجر، غائبة تماماً في باقي دول الاتحاد الأوروبي المعتمدة النقد الموحّد».
في سياق متصل، تقول لودميلا ميتولا، الباحثة الاقتصادية في برلين: إن مئات آلاف الألمان حذوا حذو الرئيس السابق للمصرف المركزي الألماني ايرنست فيلتيكي «الذي منح ثقته للمارك الألماني بقوله إن المارك لن يخسر قيمته أبداً. لذا؛ فإن الكثير منهم ما زال يحتفظ به».
وتم استبدال المارك الألماني باليورو، في شهر يناير (كانون الثاني) عام 2002، وقت أن كان اليورو يعادل 1.955 مارك.
وترى الخبيرة، أن الأحزاب السياسية الأوروبية تعتبر طرفاً في تقريب الشعوب الأوروبية من اليورو أو إبعادها عنه. فعادة ما تميل الأحزاب اليمينية إلى إبعاد الرأي العام عن الاستمرار في تمسكه باليورو عكس الأحزاب اليسارية والمحافظة التي تسعى إلى ترغيب المواطنين الأوروبيين به. ويبدو أن معاداة اليورو كانت سبباً أساسياً في فشل الحزب الفرنسي اليميني المتطرف في الانتخابات الفرنسية الرئاسية السابقة.
وعلى صعيد ألمانيا، يؤيد 75 في المائة من الألمان فكرة تبني اليورو على الأمد الطويل. بيد أن 25 في المائة منهم وبسبب الأزمات المالية في بلدان اليورو، خصوصاً أولئك المقيمين في مدن ألمانيا الغربية، يؤيد العودة إلى التداول بالمارك. علماً بأن العودة إلى تداوله قد يكلّف حكومة برلين انتكاسة مالية داخلية وخارجية تتخطى 2 تريليون يورو (2.2 تريليون دولار).


مقالات ذات صلة

كرّس حياته للسلام... رحيل ناجٍ من قنبلة ناغازاكي النووية عن 93 عاماً

آسيا شيغمي فوكاهوري أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945 (أ.ب)

كرّس حياته للسلام... رحيل ناجٍ من قنبلة ناغازاكي النووية عن 93 عاماً

توفي شيغمي فوكاهوري، أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945، والذي كرَّس حياته للدفاع عن السلام، عن عمر يناهز 93 عاماً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
العالم جنود يشاركون في عرض عسكري لإحياء الذكرى السبعين لهدنة الحرب الكورية في بيونغ يانغ بكوريا الشمالية 27 يوليو 2023 (رويترز)

قوات كورية شمالية قد تشارك باحتفالات روسيا في الانتصار بالحرب العالمية الثانية

قال مسؤول روسي كبير إنه يعتقد بإمكانية مشاركة جنود كوريين شماليين في العرض العسكري في الساحة الحمراء العام المقبل، في ذكرى الانتصار بالحرب العالمية الثانية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».