أزمة مضيق كيرتش... مرحلة جديدة من المواجهة بين روسيا والغرب في أوكرانيا

«سيناريو» التصعيد يخدم أهداف قادة الطرفين

أزمة مضيق كيرتش... مرحلة جديدة من المواجهة بين روسيا والغرب في أوكرانيا
TT

أزمة مضيق كيرتش... مرحلة جديدة من المواجهة بين روسيا والغرب في أوكرانيا

أزمة مضيق كيرتش... مرحلة جديدة من المواجهة بين روسيا والغرب في أوكرانيا

على مدى الأسبوع الماضي، انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي في كل من روسيا وأوكرانيا حملات واسعة جمعت ملايين من الطرفين تدعو إلى ضبط النفس وتحاشي الانزلاق إلى حرب واسعة ومفتوحة بين البلدين.
إلا أن رسم الكفين المتصافحتين اللتين حملتا ألوان علمي البلدين، وعلى خلفيتهما تبرز حمامة سلام بيضاء، لم يعكس طبيعة الحملات الإعلامية والسياسية القوية التي أججت الأزمة أكثر، ولا دقات «طبول الحرب» التي باتت تقرع بقوة في موسكو وكييف، عبر تصريحات المسؤولين التي عزّزتها الحشود العسكرية التي أرسلها الطرفان إلى منطقة بحر آزوف، المتصل بشمال البحر الأسود. وقد يكون عنصر الردع الوحيد الذي منع الانزلاق نحو مواجهة نتائجها كارثية، هو موقف أوروبا القلقة من تطور «السيناريو» العسكري، إذ دفع القلق دولها إلى توجيه رسائل واضحة إلى الطرفين برفضها منحى التصعيد.

منذ إقدام حرس الحدود الروس على احتجاز ثلاث سفن حربية أوكرانية، يوم 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت، تبادل الطرفان الروسي والأوكراني اتهامات حادة بالسعي إلى تأجيج الموقف.
كان الحادث لافتاً لأنها ليست المرة الأولى التي تعبر فيها سفن أوكرانية مضيق كيرتش، إذ سبق لأوكرانيا أن أرسلت سفينة إلى هناك قبل ثلاثة أسابيع ولم يعترضها أحد. لكن هذه المرة استخدم الجانب الروسي السلاح وفتح النار على السفن، وأجبرها على التوقف بعدما أصيب ثلاثة بحارة بجروح وجرى اعتقال طواقم السفن واحتجازها.
وفي حين أعلنت هيئة الأمن الفيدرالي الروسية، بعد الحادث، أن السفن الأوكرانية (وهي زورقان مصفّحان وقاطرة) دخلت مياه روسيا الإقليمية «بتوجيه من السلطات في كييف»، في خطوة وُصفت بأنها «استفزازية»، رفضت كييف الاتهامات، وردت بأن السفن كانت في طريقها من البحر الأسود إلى ميناء أوكراني في بحر آزوف، ما يعني أنها عبرت ممراً دولياً لا يخضع للسيطرة الروسية.
خلف هذا السجال، يقف التباين الرئيسي حول ملف ضم روسيا شبه جزيرة القرم إليها عام 2014، إذ حتى ذلك التاريخ كان مضيق كيرتش ممراً مشتركاً روسياً أوكرانياً، لكن روسيا باتت تعتبره تحت سيادتها منذ قرار الضم.
ومن ثم، دلّت التداعيات التي برزت لاحقاً، على سعي الطرفين لاستخدام «الاستفزاز المتعمد». ففي أوكرانيا التي تتحضّر لانتخابات رئاسية خلال الربيع المقبل، تدلّ استطلاعات الرأي على أن فرص التجديد للرئيس بيترو بوروشينكو تبدو ضئيلة، فهو يواجه مرشحين يتقدّمون عليه كثيراً. ولذا رأت الأوساط الروسية أن تحريك كييف السفن، مع علمها المُسبق بأن موسكو ستواجهها، هدَف إلى تحسين فرص بوروشينكو داخلياً، من بوابة مواجهة «العدوان الروسي». وهذا أمر تحقق جزئياً، إذ اصطفت القوى السياسية الأوكرانية خلف بوروشينكو مباشرة بعد الحادث، وغدا عنصر «المواجهة مع روسيا» الأبرز في الدعاية الانتخابية الداخلية.
في المقابل، سعت موسكو إلى التأثير في الحملة الانتخابية الأوكرانية من بوابة «تخويف» الشارع الأوكراني، من «الرئيس الذي بات يشكل خطراً على بلاده وعلى المنطقة كلها»، وفقاً لبيان الخارجية الروسية. ودخل الكرملين على هذا الخط من خلال إعلان الرئيس فلاديمير بوتين أنه لا يستجيب لمحاولات رئيس أوكرانيا، يبترو بوروشينكو، للتحدث معه عبر الهاتف، لأنه «لا يريد المشاركة في حملته الانتخابية».
ومقابل إعلان بوروشينكو أنه سعى لمحاصرة الموقف عبر الاتصال مع بوتين، لكن الأخير امتنع عن الحديث معه، قال بوتين: «الأمر ليس أني أتجنّب، أولاً أريد التحدث مع بيترو أليكسييفيتش (بوروشينكو)... الأمر ليس كذلك، بل يكمن في أنني لا أريد المشاركة في حملته الانتخابية. إنها خدعة، وأنا لا أرغب في المشاركة في هذا الخداع». ثم اتهم بوروشينكو بأنه «يتفنن في خلق الأزمات والاستفزازات وتحميل روسيا مسؤولية ذلك، ثم يحاول بعد ذلك إظهار أنه قادر على حل المشكلات».
لكن، في مقابل «الخداع الأوكراني» برزت إشارات عدة إلى أن بوتين أيضاً سعى إلى الإفادة من أزمة مضيق كيرتش. ووفقاً لمحللين روس، فإن الكرملين كان يتطلع إلى فرصة لتعزيز شعبية بوتين، التي تدهورت بقوة خلال الشهور الأخيرة على خلفية تردي الوضع المعيشي بسبب العقوبات الغربية والقرارات الداخلية للحكومة. وترافق التردي مع ارتفاع معدلات التذمر الشعبي من سياسات بوتين إلى درجة أن أحدث استطلاع للرأي، أجراه مركز «ليفادا» المرموق، بيّن أن ثلثي الروس لا يرون أن بوتين يفي بتعهداته الانتخابية ولا يوافقون تماماً على سياساته.
بالتالي، لا يوجد أفضل من إبراز «ورقة القرم» في هذه الظروف. ويكفي أن أعلى صعود لشعبية «سيد الكرملين» كان على خلفية ضمه القرم في 2014. ويرى خبراء أن دق طبول الحرب الإعلامية مجدداً حول القرم من شأنه استعادة حشد الرأي العام الروسي خلف بوتين في هذه المرحلة الصعبة سياسياً واقتصادياً.

حشود عسكرية في البحر الأسود
لكن الاستخدام الداخلي للأزمة لدى الطرفين، ليس الوجه الوحيد للتصعيد الحاصل، بل تدل التحركات العسكرية الجارية في المنطقة إلى خطورة التطورات الجارية، وتحوّلها إلى وضع قابل للتفجر مجدداً. وبدا أن مسارعة حلف شمال الأطلسي (ناتو) - الذي كان أعلن قبل أقل من شهرين إطلاقه مسار ضم أوكرانيا إليه - إلى إعلانه تأييد مواقف كييف، جزءاً من مشهد جديد في المنطقة تجري بلوَرته بمشاركة أطراف عدة، ليس أقلها حضوراً الولايات المتحدة.
الأمين العام لـ«ناتو» ينس ستولتنبيرغ قال قبيل لقاء وزراء خارجية دول الحلف، إنه لا يرى مبرراً لاستخدام القوة ضد السفن الأوكرانية. وأشار إلى أن الحلف يدعو «إلى الهدوء وضبط النفس... وأن على روسيا الإفراج عن البحارة الأوكرانيين وسفنهم وضمان حرية الملاحة في مضيق كيرتش وبحر آزوف».
كانت هذه مقدمة للإعلان بعد ذلك في الاجتماع الوزاري لـ«ناتو»، الذي دُعي إليه «خصما» روسيا الأساسيان في «الفضاء السوفياتي السابق»، جورجيا وأوكرانيا، أن «الحلف سيعمل للحفاظ على وجوده العسكري في البحر الأسود، رداً على تصرّفات روسيا».
وأكد البيان: «رداً على تصرفات روسيا العدوانية، قام الحلف بتعزيز ملحوظ لوجوده في منطقة البحر الأسود، بحراً وجواً وبراً»، مضيفاً أن «لقاء اليوم مع الحلفاء أعطى رسالة واضحة بشأن مواصلة تقديم الدعم العملي لأوكرانيا، وكذلك بشأن الحفاظ على وجودنا في منطقة البحر الأسود». ودعا الأمين العام للحلف، موسكو، إلى سحب اعترافها بانفصال جمهوريتي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا عن جورجيا، الذي أعلنت روسيا عنه عام 2008. وتابع ستولتنبيرغ أن «على روسيا وقف الاعتراف باستقلال الإقليمين وسحب قواتها العسكرية من هذه الأراضي الجورجية»، مجدداً بذلك تمسك الحلف بمبدأ «سلامة جورجيا الإقليمية».
هذه اللهجة قُوبلت بترحيب أوكراني، إذ طالبت كييف بتعزيز وجود «ناتو» في المنطقة، بينما رأى الكرملين فيها تأجيجاً للتوتر.
في هذه الأثناء، بدا أن واشنطن بدأت تحركاً عملياً على خلفية أزمة مضيق كيرتش، لتضييق الخناق على روسيا. وبعد رفض الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاجتماع مع الرئيس بوتين في الأرجنتين على خلفية الأزمة، برزت في موسكو اتهامات قوية لواشنطن بأنها تسعى لإشعال حرب روسية - أوكرانية. ورأت أوساط روسية أن تطبيق الأحكام العرفية في المناطق الأوكرانية المتاخمة لروسيا، وتركيز القوات الأوكرانية في حوض الدونباس (شرق البلاد)، وبداية استدعاء جنود الاحتياط، خطوات تشير بوضوح إلى بداية تحضير كييف للحرب.
وأوردت وزارة الدفاع الروسية تقارير عن «مراقبة» الأميركيين بدقة لتطورات الموقف في مضيق كيرتش. وذكرت أن طائرة استراتيجية بلا طيار قامتا الأسبوع الماضي برحلات طويلة هناك. ومنذ اندلاع أزمة مضيق كيرتش، نفذ سلاح الجو الأميركي هذه العمليات الاستطلاعية سبع مرات. وتزامن ذلك مع تبني الرئيس الأوكراني دعوات انطلقت أولاً في واشنطن لإغلاق مضايق البحر الأسود ومنع السفن الروسية من دخول الموانئ الأوروبية. وكانت مقترحات بهذا الشأن نُشرت على الموقع الإلكتروني للمجلس الأميركي الأطلسي في 21 نوفمبر الفائت، أي قبل أربعة أيام من الحادث الذي وقع في كيرتش. وفي وقت سابق، أعلن وزير الداخلية الأميركي ريان زينكي عن أفكار مماثلة، إذ قال في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) إن الولايات المتحدة يمكن أن تنظم حصاراً بحرياً على روسيا «لمنع سيطرتها على إمدادات الطاقة من دول الشرق الأوسط، على غرار السيطرة الروسية على الإمدادات إلى أوروبا حالياً».
وفقاً للعقيد إدوارد روديوكوف، عضو أكاديمية العلوم العسكرية الروسية، فإن «نوايا الولايات المتحدة في أوكرانيا لا تتجه بالدرجة الأولى لحل مشكلات كييف في بحر آزوف، بل تتعلق بخطط واشنطن الطموحة لعزل النشاط العسكري للاتحاد الروسي في الشرق الأوسط ومناطق أخرى من العالم. وبالتالي، منع روسيا من تنفيذ مشروعاتها الخاصة بنقل إمدادات الطاقة إلى أوروبا عبر خطوط أنابيب قيد الإنشاء حالياً». وتابع: «تعمل واشنطن على تنفيذ توجهاتها عبر تعزيز رُزَم العقوبات على روسيا، وهذا واحد من أسباب دفع الأميركيين كييف لإطلاق حرب في شرق أوكرانيا رداً على ما يوصف بأنه عدوان روسي... هذا سيوفر آلية جديدة لفرض مزيد من القيود والعقوبات على روسيا وصولاً إلى محاولة عزلها بالكامل».
في المقابل، اتهم بوروشينكو أخيراً روسيا بالتخطيط للاستيلاء على مدينتي بيرديانسك وماريوبول الأوكرانيتين. ويبدو هذا التخويف جزءاً من التحضير لـ«سيناريو» تفجير الموقف. وهنا، كما لاحظ روديوكوف، فإنه «منذ 3 ديسمبر (كانون الأول)، عندما أعلن بوروشينكو حالة التأهب في أوكرانيا وأرسل قوات النخبة إلى جبهة الدونباس، تتغاضى الولايات المتحدة ودول (ناتو) عن حقيقة أن القوات المسلحة الأوكرانية تعمل على تعزيز الحشود على طول خط المواجهة في الدونباس، ونُقل الجيش الأوكراني إلى أعلى درجة من الاستعداد القتالي».
في المقابل، أعلنت روسيا عن دفع قوات إضافية إلى شبه جزيرة القرم. ونشرت منظومة رابعة من صواريخ «إس 400» موجهة نحو الأراضي الأوكرانية، كما زادت بقوة من وجود سفنها الحربية ومجموعات التدخل السريع في المنطقة.
أيضاً يخطط الجيش الروسي لبناء محطة رادار عالية التطور في شبه جزيرة القرم، لكي تكون بديلاً عن سابقتها القديمة سوفياتية الصنع، وستصبح أيضاً محطة رئيسة للإنذار المُبكر. وتهدف روسيا من خلال المشروع الجديد لتعزيز إمكاناتها في مراقبة المجال الجوي في جنوب البلاد وغربها، وكذلك في رصد وملاحقة الأجسام المعادية. ويبدأ الجيش الروسي تشييد المحطة الجديدة خارج مدينة سيفاستوبول مع بداية عام 2019، في حين ستكون قدراتها العسكرية مشابهة لرادار «فورونيج» للإنذار المُبكر.

حرب بين «شقيقين»
الجدير بالذكر، أنه منذ اندلاع المواجهة الروسية الأوكرانية إثر ضم القرم في 2014، عمل الطرفان على هدم روابط تاريخية كانت تجمع الشعبين اللذين تربطهما أصول سلافية مشتركة، بجانب تداخل ثقافي وحضاري يمتد إلى قرون طويلة. ومن رُزَم القرارات في هذا الاتجاه حظر الكتب والأفلام السينمائية، والتضييق على اللغة والعمالة الوافدة في البلدين، وإغلاق الطرق البرية وتعطيل رحلات سكك الحديد، إلى جملة من الإجراءات التي ألغي بعضها لاحقاً بعدما ثبت أنها غير عملية. لكن في المحصّلة بدا أن الشعبين يدفعان ثمن الخلاف السياسي، وأكثر من هذا، تحوّل «هاجس العدوان الروسي» إلى عنصر داخلي مهم في أوكرانيا لدفع السياسات واتخاذ القرارات، حتى أن أوكرانيا قررت أخيراً إلغاء «معاهدة الصداقة والتعاون» الموقعة منذ سنوات طويلة مع روسيا، في خطوة تبدو أنها المسمار الأخير في نعش العلاقات التاريخية بين البلدين.
ومع أن «الشقيق الأكبر» (أي روسيا) كان أكثر تحفّظاً في التعامل مع هذه القرارات، لجأ الكرملين بعد أزمة كيرتش إلى اتخاذ قرارات جديدة تصبّ في الاتجاه ذاته. إذ وقع الرئيس بوتين مرسوماً لاتخاذ تدابير اقتصادية خاصة ضد إجراءات أوكرانيا «غير الودية». ويوعز المرسوم للحكومة الروسية بتحديد الأفراد والهيئات الاعتبارية الأوكرانية التي ستشملها التدابير الاقتصادية الخاصة، إضافة إلى تحديد نوع التدابير. ووفقاً للمرسوم، ستلغي موسكو تدابيرها الاقتصادية الخاصة بحق أوكرانيا، في حال ألغت كييف قيودها، التي فرضتها منذ 2014 على مواطنين وشركات روسية.
وتضمّنت الإجراءات الأوكرانية وقف شراء الغاز الروسي بشكل مباشر، وحظر رحلات الطيران بين روسيا وأوكرانيا. وفي سبتمبر (أيلول) 2015 فرضت أوكرانيا عقوبات على 388 شخصية و105 شركات روسية، كما فرضت عام 2017 قيوداً على 5 مصارف روسية لها فروع فيها، بجانب فرضها عقوبات على وسائل إعلام روسية.
وتزامن هذا مع عودة الحديث عن «حروب الغاز» إلى الواجهة، وهذا أمر مقلق جداً لأوروبا التي تعمل على توفير حد أدنى من استقرار صادرات الغاز الروسي إليها. وللعلم، فإن نحو 34 في المائة من الغاز الطبيعي الروسي المرسل إلى أوروبا يمر عبر الأراضي الأوكرانية. ودعا الاتحاد الأوروبي، الروس والأوكرانيين أخيراً، لمناقشة مستقبل إمدادات الغاز الروسية لأوروبا عبر أوكرانيا، قبل انتهاء مدة الاتفاق الحالي في نهاية 2019.
لكن المهمة الأوروبية تبدو صعبة، لأن مجموعتي الغاز الروسية «غاز بروم» والأوكرانية «نافتو غاز» تخوضان صراعاً قضائياً أمام المحاكم الأوروبية منذ سنوات. وتعتزم «غاز بروم»، التي خفضت كثيراً كميات الغاز التي تصدرها عبر أوكرانيا التوجه نحو خفض إضافي بعد إتمام مشروعي أنابيب الغاز اللذين سيلتفان على أوكرانيا، وهما «التيار التركي» الذي أطلقه الجانبان الروسي والتركي أخيراً، و«نورد ستريم 2» الذي تأمل «غاز بروم» بدء عمله بنهاية 2019. وهو خط ينقل الغاز الروسي مباشرة إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق.
ونذكر هنا، أن خط الإمداد الجاري تطويره «نورد ستريم 1» غدا في الفصل الأول من العام 2018 الخط الرئيسي لنقل الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي (36 في المائة من مجمل صادرات الغاز مقابل 34 في المائة عبر أوكرانيا)، وفق المفوضية الأوروبية. لكن «حروب الغاز» لا تبدو مرشحة للتسوية، ذاك أنه على الرغم من تأكيدات برلين لفترة طويلة أن هذا الخط «تجاري»، سدّدت المستشارة أنجيلا ميركل ضربة مفاجئة إلى المشروع في أبريل (نيسان) الماضي، عندما طالبت بتكريس دور أوكرانيا في نقل الغاز الروسي إلى أوروبا.
في المقابل، طالب الرئيس الأوكراني، أوروبا، بألا تتعامل مع الغاز الروسي، بحجة أن «روسيا تشن سياسة عدوانية يجري تمويلها من عائدات الغاز». وهو الموقف نفسه الذي ينادي به الرئيس ترمب.


مقالات ذات صلة

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

حصاد الأسبوع جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب

يوسف دياب (بيروت)
حصاد الأسبوع تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني

براكريتي غوبتا (نيودلهي (الهند))
حصاد الأسبوع تشون دو - هوان (رويترز)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
حصاد الأسبوع الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

شرق السودان... نار تحت الرماد

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق

أحمد يونس (كمبالا (أوغندا))
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»