«بكرة أحلى»... ملتقى فني عربي لذوي الاحتياجات الخاصة بالقاهرة

3 فنانات سعوديات شاركن بأعمال مميزة

أحد عروض الدورة السادسة لملتقى «بكرة أحلى» بالقاهرة... (القسم الإعلامي بالسفارة السعودية في القاهرة)
أحد عروض الدورة السادسة لملتقى «بكرة أحلى» بالقاهرة... (القسم الإعلامي بالسفارة السعودية في القاهرة)
TT

«بكرة أحلى»... ملتقى فني عربي لذوي الاحتياجات الخاصة بالقاهرة

أحد عروض الدورة السادسة لملتقى «بكرة أحلى» بالقاهرة... (القسم الإعلامي بالسفارة السعودية في القاهرة)
أحد عروض الدورة السادسة لملتقى «بكرة أحلى» بالقاهرة... (القسم الإعلامي بالسفارة السعودية في القاهرة)

تختتم اليوم الخميس أعمال ملتقى «بكرة أحلى» الذي بدأت فعالياته مساء الاثنين الماضي، والذي ينظمه قطاع صندوق التنمية الثقافية المصري، بمشاركة مواهب عربية من ذوي الاحتياجات الخاصة من مصر، والسعودية، وسلطنة عمان، والمغرب، وليبيا. وتنوعت المشاركات بين الفنون التشكيلية، والمسرح، والاستعراض، والموسيقى والغناء، والشعر، والقصة القصيرة، وتم تقديمها على مسرح «الهناجر»، و«قصر الأمير طاز»، و«مركز طلعت حرب الثقافي»، و«مركز الحرية للإبداع».
ودورة «بكرة أحلى» السادسة؛ هي الأولى عربياً، بعد مشاركة فنانين وموهوبين عرب في الملتقى للمرة الأولى هذا العام. وقال فتحي عبد الوهاب، رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية المصري إن «الملتقي ملتقى للقلوب، وأصبح جزءاً من الأمل والأحلام لدينا جميعاً». وأضاف في بيان له إنه يتمنى أن «يتمسك الجميع بالقوة والصبر مثل أصحاب القدرات الخاصة».
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أعلن عام 2018 «عام ذوي الاحتياجات الخاصة».
ويعمل قطاع صندوق التنمية الثقافية المصري على دعم ذوي القدرات الخاصة وتنمية قدراتهم ومواهبهم الفنية.
وتشارك السعودية في فعاليات الدورة السادسة من ملتقى «بكرة أحلى» بثلاث مواهب سعودية من السيدات، وجّهن جميعهن الشكر لقيادة وحكومة المملكة على رعايتها ذوي الاحتياجات الخاصة ودعمهن والسماح لهنّ بالمشاركة وتمثيل المملكة في فعاليات خارجية. وألقت الكاتبة الروائية إلهام بنت علي الحارثي، جزءاً من كتابها الجديد: «إعاقتي سر لياقتي»، الذي يتضمن قصة معاناة لحالة من حالات ذوي الاحتياجات الخاصة، والذي توجه من خلاله الحارثي رسالتين؛ الأولى رسالة شكر وتحفيز لذوي الاحتياجات الخاصة، والثانية رسالة للمجتمع لتقبلهم ودعمهم.
كما شاركت الفنانة التشكيلية انتصار بنت إبراهيم الهدلق بلوحتين فنيتين في معرض الأعمال الفنية، ودعت إلى «توسيع نطاق المشاركة السعودية لتشمل ترشيحات من فئات الصّم وضعاف السّمع»، موجهة شكرها «لمصر وحكومتها على هذا الملتقى»، وفق بيان صحافي أصدرته السفارة السعودية في القاهرة.
وأكدت الموهبة الثالثة؛ وهي المصورة الفوتوغرافية أمل بنت عبد العزيز أبو حميد، عبر مشاركتها بصورة فوتوغرافية، أن «الإعاقة ليست حجة للتوقف عن تحقيق الأحلام، لكنها فرصة يجب استثمارها جيداً ليبدع صاحبها، ويترك أثراً جميلاً وبصمة خالدة في أذهان وقلوب الجميع».
وشهد مسرح «مركز الهناجر للفنون»، صباح أمس الأربعاء، العرض المسرحي «الحكاية روح» من إنتاج فرقة «مسرح الشمس» لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة، التابعة لـ«البيت الفني للمسرح»، ضمن فعاليات ملتقى «بكرة أحلى». وتناول العرض سيرة حياة بعض الفنانين والأدباء الكبار، مثل عمّار الشريعي، وسيد مكاوي، وطه حسين، وغيرهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، وكيف استطاعوا تحدي الصعاب التي واجهتم حتى أصبحوا من أهم فناني وأدباء مصر والعالم العربي.
وبلغ عدد الأعمال التي شاركت في الملتقى هذا العام، نحو 150 عملاً في مجال الفنون التشكيلية، و8 أعمال في مجال الغناء الجماعي، كما ضم الملتقى 24 مشاركاً في مجال الغناء الفردي، و13 مشاركاً في مجال العزف المنفرد، و6 أعمال في مجال المسرح، و4 أعمال في مجال الاستعراض، و4 أعمال في مجال الشعر والقصة القصيرة.
يذكر أن حفل افتتاح الملتقى شارك فيه «فريق تنمية المواهب» في دار الأوبرا المصرية، بمجموعة أغانٍ؛ منها: «يا حبيبتي يا مصر» و«قمر سيدنا النبي» غناء عبد الرحمن محمد، وتنورة صوفية بأداء عمرو أحمد علاء من «مدرسة جمال ماضي أبو العزايم»، أعقبها عزف بيانو لمريم محسن عبد الناصر، ومن ثم ألقت الكاتبة السعودية إلهام بنت علي الحارثي أبياتاً شعرية من تأليفها؛ بجانب حمود بن حمد بن عبد الله من سلطنة عمان، كما غنّت حورية حجوبي من المغرب: «القلب يعشق كل جميل».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».