دعوات لجمع شتات حزب صالح في ذكرى مقتله

الأحمر يدعو لنبذ الفرقة... وابن دغر يحض على تشكيل قيادة جديدة لـ«المؤتمر»

TT

دعوات لجمع شتات حزب صالح في ذكرى مقتله

في الوقت الذي تستعد قيادات حزب «المؤتمر الشعبي العام» اليمني، لإقامة فعالية في القاهرة، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لتصفية الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح على يد الميليشيات الحوثية استلهاماً للمضيّ على موقفه في مواجهة الجماعة الموالية لإيران، تجددت الدعوات إلى توحيد شتات الحزب تحت قيادة موحدة. وفي هذا السياق، انتهز نائب الرئيس اليمني الفريق علي محسن الأحمر، مناسبة ذكرى مقتل صالح ورفيقه القيادي في حزب «المؤتمر الشعبي العام» عارف الزوكا، للترحم عليهما، وذلك في بيان نشره على صفحته الرسمية في «فيسبوك». وقال الأحمر إنه يجدها فرصة لدعوة الجميع «إلى البعد عن المناكفات وإلى رص الصفوف وتوحيدها خلف الرئيس عبد ربه منصور هادي من أجل استعادة الوطن وتحرير ما تبقى من أراضيه وبمساندة أخوية من الأشقاء في دول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة».
وأعادت مناسبة ذكرى مقتل صالح، رئيس الحكومة اليمنية السابق أحمد عبيد بن دغر، إلى الواجهة متحدثاً في مقال طويل نشره على «فيسبوك» عن أهمية لملمة شتات حزب «المؤتمر الشعبي» بعد مرور عام على مقتل صالح ورفيقه الزوكا. ويصادف يوم الرابع من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، مرور عام على تمكن الميليشيات الحوثية من تصفية صالح والتنكيل بأقاربه وقيادات حزبه بعد وأد الانتفاضة التي قادها لفض الشراكة معها، ودعوة أنصاره إلى حمل السلاح في مواجهتها وفتح صفحة جديدة مع دول التحالف الداعمة للشرعية لوقف الحرب وإعادة اليمن إلى محيطه العربي. وأفادت مصادر حزبية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن الجماعة الحوثية وجّهت تحذيرات شديدة اللهجة إلى قيادات «المؤتمر الشعبي» الخاضعين لها من مغبة تنظيم أي فعاليات في ذكرى مقتل صالح الذي ترى فيه الجماعة قائداً لما تسميه «فتنة الخيانة»، في إشارة إلى انتفاضته ضدها. ورغم المحاولات المحدودة أمس، من عناصر مجهولين يُرجّح أنهم من أتباع حزب «المؤتمر» لنشر صور صالح ورفيقه الزوكا في عدد من شوارع العاصمة صنعاء، فإن قبضة الميليشيات الحوثية حالت دون حدوث أي مظاهر واسعة للاحتفاء بالمناسبة.
من جهته، أشار ابن دغر في مقاله إلى أنه سيترك التعبير عن مشاعر العزاء للحفل الكبير الذي يقيمه زملاؤه من قيادات الحزب في القاهرة، مفضلاً تناول أوضاع الحزب الراهنة بعد مقتل صالح والزوكا. وقال ابن دغر الذي يشغل منصب نائب رئيس الحزب في الجناح الذي يقوده الرئيس هادي: «لم يعد لدينا الكثير من الوقت لكي نفكر كثيراً في وسائل وطرق وأساليب توحيد صفوف المؤتمر الشعبي العام، لقد مرت سنة على كارثة استشهاد الزعيم والأمين العام وعدد غير قليل من قيادات (المؤتمر)، وليس من مصلحة (المؤتمر) أن يبقى الوضع على ما هو عليه». وأضاف: «في الثاني من ديسمبر في قلب الحدث ودعماً لانتفاضة الزعيم (صالح) توحد المؤتمريون خلف الأهداف العظيمة لسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) ومايو (أيار)، ووقف الجميع صفاً واحداً ضد الانقلاب الحوثي، وكانت الانتفاضة لحظة تحول وتوحيد في صفوف المؤتمر، فإن لم تفهم كذلك فكيف ستفهم. الانتفاضة أعادت تقويم المسار وتصحيح التوجه. وكانت الكلفة عالية. لأن حدث الانتفاضة كان كبيراً ومنعطفاً مهماً في مسار الأحداث العاصفة».
وعبّر ابن دغر عن استيائه من استحكام الخلاف بين قيادات الحزب على الرغم من وجود القواعد الشعبية الداعمة لخط وأهداف ومبادئ «المؤتمر»، وقال: «ينظر البعض بأسف شديد إلى مواقفنا المعبرة عن عجزنا في القيام بخطوة توحيدية للأمام. وفي نفس الوقت يقف الأشقاء مشدوهين أمام عجزنا عن السمو فوق الكارثة. لدينا الدعم الشعبي والحلفاء الأشقاء والدعم الدولي، ونحن غارقون في التفاصيل وفي الأسماء». ووصف النقاشات التي دارت بين قيادات الحزب في الداخل والخارج بأنها «سرقت سنة كاملة من عمر (المؤتمر) فكانت مضيعة للوقت، كما أنها وأدٌ لروح الانتفاضة في وقت عصيب تُهدَّد فيه الجمهورية بالسقوط النهائي، ويغدو هدف استعادة الدولة أبعد مما كان عليه يومي الانتفاضة». وأضاف ابن دغر في معرض حضه على توحيد الحزب: «لا يحق لنا البقاء في إسار التاريخ العظيم للحزب وقيادته الفذة، أو البقاء نندب حظنا وننعى شهداءنا وأسرانا ومعتقلينا دون القيام بخطوة عاجلة لتوحيد الصفوف خلف الشرعية وفي معمعان المعركة. لا قيمة لحزب خارج إطار الفعل الوطني والسعي نحو الأهداف النبيلة للشعب. وفي الراهن لا معنى للنضال دون هدف استعادة الدولة».
وطلب رئيس الحكومة السابق والقيادي البارز في حزب «المؤتمر» أن تكون ذكرى مقتل صالح على يد الحوثيين «لحظة صحو ويقظة وعودة لساحات النضال تحت قيادة موحدة، لا تستثني أحداً في الخارج، ولا تتجاهل أحداً في الداخل». وتابع: «لتكن خطوة توحِّد صفوف (المؤتمر) وتتغلب على انقساماته، وتعيده لصدارة الموقف الوطني ضد الانقلاب ومع الشرعية، فصيلاً متقدماً من فصائل العمل الوطني، لاستعادة الحق المسلوب، والوطن المنهوب». ودعا ابن دغر إلى المضي «نحو مصالحة حزبية مؤتمرية، تضمّد الجراح». وقال أيضاً: «من دون هذه المصالحة، سيبقى الحديث عن موضوعات الخلاف سائداً في مناقشاتنا أكثر من موضوعات الوحدة»، معتبراً أن «المصالحة المؤتمرية بداية لمصالحة وطنية شاملة».
في السياق نفسه، أكد القيادي البارز في الحزب والشيخ القبلي البارز فهد دهشوش وهو من أكبر الزعماء القبليين في محافظة حجة، أن انتفاضة صالح ضد الميليشيات الحوثية ما زالت مستمرة. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ثورة ديسمبر (انتفاضة صالح) ما زالت مستمرة ولن تتوقف حتى تحقيق كامل أهدافها بإزاحة حكم هذه العصابة (الحوثية) وإعادة الأمن والسلام والتنمية والحرية والعدالة لشعبنا ووطننا العزيز». ونفى دهشوش أن يكون الحوثي ورث تركة صالح وحزبه، قائلاً: «الحوثي ورث السخط الشعبي العارم وأوضح للشعب صورته الحقيقية الغادرة والمجرمة وفقده للحاضنة الشعبية». وأضاف: «تحققت 90% من الانتصارات العسكرية بعد ثورة 2 ديسمبر، وما زالت النار تغلي تحت الرماد، فالسخط والاستياء يجتاحان الجميع».
وكان نجل شقيق الرئيس الراحل العميد طارق صالح قد أفلت، بعد مقتل عمه، من قبضة الميليشيات ليعيد استعادة قواته بدعم من التحالف الداعم للشرعية في العاصمة المؤقتة عدن، قبل أن يدخل مع آلاف من جنوده على خط النار ضد الميليشيات الحوثية في الساحل الغربي وصولاً إلى مدينة الحديدة.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».