سكورسيزي يروي تجربته في ثالث أيام مهرجان الفيلم بمراكش

دي نيرو قال إنّ شخصية ترمب لا تثيره ليتقمصها سينمائياً

المخرج الأميركي مارتن سكورسيزي في مهرجان مراكش
المخرج الأميركي مارتن سكورسيزي في مهرجان مراكش
TT

سكورسيزي يروي تجربته في ثالث أيام مهرجان الفيلم بمراكش

المخرج الأميركي مارتن سكورسيزي في مهرجان مراكش
المخرج الأميركي مارتن سكورسيزي في مهرجان مراكش

مع توالي أيام المهرجان الدُّولي للفيلم بمراكش في دورته الـ17، تبدأ مختلف فقرات التظاهرة في البوح بأسرارها، شيئاً فشيئاً. في ثالث أيام التظاهرة، كُرّمت المخرجة الفرنسية أنييس فاردا، وأجاب الممثل الأميركي روبرت دي نيرو على أسئلة الإعلاميين والمهنيين، كما ألقى المخرج مارتن سكورسيزي درسه أمام حشد غفير، في وقت تواصلت العروض السينمائية، ودخل فيلمان جديدان، هما «دايان» و«الحمولة»، دائرة التنافس في المسابقة الرسمية.
- دي نيرو وترمب
كما كان الحال في دورات سابقة مع نجوم أميركيين طبعوا المشهد السينمائي العالمي، شاركوا في دورات سابقة من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، واصل روبرت دي نيرو خطف الأضواء، بحضوره الطاغي وحديثه المميز عن تجربته ورؤيته للفن والمهنة، من دون أن يتأخّر في التعبير عن مواقفه بصدد ما يؤمن به من قضايا أو يعارضه من مواقف سياسيّة على صعيد بلاده. أكثر من ذلك، أظهر هذا الفنان الذي تألّق في عشرات الأفلام التي لاقت نجاحاً عالمياً، حسّاً رفيعاً، سواء في طريقته العفوية في التواصل مع جمهور المهرجان أو الإعلاميين والمهنيين الذين تابعوا مؤتمره الصحافي، أو جالسوه في عدد من اللقاءات، أو خلال نزوله ضيفاً على الجمهور المراكشي في ساحة جامع الفنا، حيث قُدّم وعرض فيلم «المحصنون» (1987) لمخرجه براين دي بالما.
خلال المؤتمر الصحافي الذي احتضنته قاعة السّفراء في قصر المؤتمرات، أجاب دي نيرو على مختلف الأسئلة التي طرحها إعلاميون، وطلبة سينما، ومهنيون.
تحدث عن طريقة عمله مع المخرجين، خصوصاً مارتن سكورسيزي، الذي قال عنه إنّه «يقوم بأمور مذهلة». كما استحضر علاقة الصّداقة التي جمعته ببرناردو برتولوتشي، مشيراً إلى أنّه «آسف وحزين لرحيل هذا المخرج الكبير»، ومشيراً إلى أنّ «أفلامه كانت ملهمة». كما تحدّث عن مخرج آخر هو سيرجيو ليون، فقال إن لديه ذكريات طيّبة معه، وأنّه كان يركّز كثيراً على عمله.
وتحدث دي نيرو عن محتوى الأفلام، فقال إنه في تغير مستمر، مشيراً إلى أنّ هناك، اليوم، نوعاً جديداً من الأفلام، وأنّ تلك النّوعية من الأفلام التي عرفناها في أوقات سابقة لم تعد متوفرة في عالم اليوم. وعن مشروعاته المستقبليّة تحت إدارة مارتن سكورسيزي، قال دي نيرو إنّه ربما سيكون هناك مشروع يجمعه بليوناردو دي كابريو.
لم ينسَ دي نيرو أن يؤكّد على أهمية دراسة السينما في المعاهد والمؤسسات الخاصة، وكذا الجامعات، من جهة أنّها تساعد على تحسين طريقة تقمّص جوهر الشّخصية على نحو صحيح، مشدّداً على أنّ الموهبة، بقدر ما هي ضرورية، تتطلّب صقلاً في التكوين المتخصّص. وكما كان الحال، خلال كلمته في أمسية تكريمه، إذ تأسّف لمرور بلاده بـ«مرحلة غريبة من الوطنية»، مضيفاً: «يسودها الجشع وكراهية الآخر والأنانية تحت شعار (أميركا أولاً)»، وانتقد دي نيرو، رئيس بلاده دونالد ترمب، حين قال: «لا يمكنني أن أجد أي تعاطف مع إدارة ترمب، وبالتالي لا يمكنني أن أتقمّص دوراً يقدّم شخصيته في فيلم سينمائي. ليس لديَّ اهتمام بأن ألعب دوره. وأنا أنتظر كل يوم أن أعثر على تصرف يقوم به يجعلني أتعاطف معه، غير أنّني أستبعد حدوث هذا الأمر».
في وقت متأخر، كان دي نيرو مع موعد مع جمهور ساحة جامع الفنا، حيث تقاسم مع آلاف المراكشيين وسياح مراكش من مختلف الجنسيات عرض فيلم «المحصنون»، من إخراج مارتن سكورسيزي، الذي يلعب فيه دور البطولة.
- تكريم أنييس فاردا
كلّما تقدم «الكبار» في العمر والتجربة زادوا تواضعاً. ذلك كان حال المخرجة الفرنسية وهي تتقدم بخطوات متثاقلة على خشبة قاعة «الوزراء» في قصر المؤتمرات، لكي تتسلّم نجمة تكريمها بمناسبة دورة هذه السنة من مهرجان مراكش.
تحظى فاردا، الشخصية المميزة والمخرجة الرئيسية في تيار الموجة الجديدة، باعتراف دولي كبير. هي مصورة وكاتبة سيناريو وممثلة ومخرجة وفنانة تشكيلية. ولا يبدو أنّ هناك حدوداً لفضولها الهائل. وفيلمها «وجوه وأماكن»، الذي أنجزته مع الفنان الشاب جي آر، الذي ترشح لجوائز الأوسكار 2018، دليل آخر على حرية هذه الفنانة الاستثنائية، وقدراتها الإبداعية.
لم تتناول فاردا في أفلامها، موضوعات مختلفة عما طرحه نظراؤها، كجون لوك غودار وفرنسوا تروفو فقط، بل إنّها عملت كذلك، بطريقة شديدة الاختلاف. وحينما توجهت للعمل في السينما عام 1954 بصدور فيلمها «لا بوانت كورت»، تعاملت فاردا المتخصصة في التصوير التي لم تتلق أي تدريب سينماتوغرافي رسمي مع السينما بطريقة شديدة الانفتاح وحب الاطلاع.
كانت تنظر من خلال عيون لا تعتمد التقييم بل الانفتاح، فأعطت الأولوية لما سمته الكتابة السينمائية، وعارضت مفهوم «الكاتب الوحيد لسيناريو الفيلم»، مبرزة الطّابع الجماعي للعمل السينمائي، ومعترفة بكتاب السيناريو. كما أنّ انفتاحها على العالم الخارجي، يعني أنّها اكتشفت، كذلك، قصص المهمشين، وهم غالباً من النساء المتقدمات في السّن أو من طبقة العمال، وأنّها أعادت النظر في حكايات تعتبر ملحمية وأساسية بشكل عام. وأبلغ فيلم يعبر عن ذلك شريط «من دون مأوى وخارج القانون» (1985)، الذي حاز «الأسد الذهبي» في مهرجان البندقية.
في نهاية المطاف، تبقى الحياة أكبر مصدر للإلهام بالنسبة لفاردا، ومن هنا، استحالة تفادي المعاناة. بيد أنّه ينبغي الملاحظة أنها تقاوم العدمية وتستخدم الشجن كنقطة لإحداث التوازن وقياس الفرح، مما يوحي بوجود الاثنين في انسجام أو على الأقل في علاقة تضافر: إذ لا يمكن أن نفهم أحدهما من دون الآخر.
- درس سكورسيزي
على عادته، بدا المخرج الأميركي سكورسيزي منشرحاً، وهو يتحدث عن علاقته بالسينما، وعن أفلامه وطريقة تعامله مع الإخراج: مخرج من طينة فريدة، لا يسعك إلا أن تنصت إلى درسه.
في مراكش، أكّد سكورسيزي أنّه واحد من الوجوه البارزة والرئيسة في السينما العالمية، منذ أكثر من 40 سنة، فهو ليس مخرجاً أسطورياً فقط، بل كذلك مدافعاً لا يكل ولا يمل عن الفن السابع. كما أنّه مدرسة قائمة الذات لها الكثير من المريدين عبر العالم. وقد صور الكثير من النجوم الكبار، مثل روبرت دي نيرو وليوناردو دي كابريو، الممثلين المفضلين لديه، بعضاً من أعظم أفلامهم تحت إدارته. كما يعد سكورسيزي الذي حاز الكثير من جوائز الأوسكار، بينها أوسكار أفضل فيلم وأفضل مخرج عـن شريطه «المغادرون»، واحداً من المخرجين الأكثر تأثيراً في العالم. وتعتبر أعماله من بين الأفلام الأكثر تتويجاً والأكثر إطراء من طرف النّقاد، ولعناوينها صدى قوي في الذاكرة: «شــوارع متواضعة»، و«الثور الهائج» و«سائق التاكسي» و«الإغراء الأخير للمسيح» و«أصدقاء طيبون» و«عصابات نيويورك» و«المغادرون» و«الطيار».
خلال «المحادثة» التي جمعته مع مخرجين مغربيين هما فوزي بنسعيدي وليلى المراكشي، تحدث سكورسيزي عن بدايات عشقه للسينما، مستحضراً مرضه في طفولته، وكيف كان والداه يأخذانه إلى السينما لتغيير الأجواء، مشيراً إلى تأثره بعلاقة العشق التي ربطها عدد من أفراد عائلته بالفن السابع، وكيف كانوا يتأثّرون بأحداث الأفلام التي كانوا يشاهدونها عبر التلفزيون في البيت. كما تحدّث عن الأفلام التي كان لها تأثير في مسيرته، باسطاً التحولات التي عرفتها السينما على مدى قرن من الزمن، مستشرفاً الآفاق المستقبلية للفن السّابع في ظل التحولات الجارية التي طالت الإنسان والآلة. كما لم يفته أن يتحدّث عن علاقته بروبرت دي نيرو «الصديق ورفيق الدرب».
- سباق أفلام
بعد «جوي» و«الفتيات الحسناوات»، دخل فيلمان جديدان سباق التنافس على جوائز المهرجان: «دايان» لمخرجه كنت جونز و«الحمولة» لمخرجه أونين غلافونيتش.
يحكي «دايان»، قصة دايان، أرملة في السبعينات من عمرها، تقضي وقتها في قيادة سيارتها من مكان إلى آخر، بين معارفها في ولاية ماساشوستس، مالئة أيامها بأعمال خيرية على الرّغم من كونها أعمالاً تبدو صغيرة، مثل خدمة محتاجين في عشاء كنسي، وزيارة قريب مريض في مستشفى، وتوزيع بعض الأطعمة على الجيران، ودردشة مع بعض الأصدقاء القدامى. لكنّ أثقل تلك الأعباء هو التفاعل مع ابنها المدمن على المخدرات رافضاً العودة إلى مركز التأهيل، بعد أن سبق له أن ارتكب جرماً قبل عدة سنوات. وبينما يتوارى جيلها وتزداد وحدتها وتتراجع حياتها المألوفة أمام عينيها، تدرك دايان أنّها في مواجهة عزلتها وفكرة الغفران.
في الفيلم، يثير المخرج من خلال شخصية دايان، التي أدّت دورها ماري كاي بلايس، موضوع مرور الزمن والتأمل العميق فيه.
من جهته، يحكي فيلم «الحمولة»، كيف أنّه في الوقت الذي كانت الحروب اليوغسلافية توشك على نهايتها، يتولّى فلادا مهمة قيادة شاحنة تبريد من كوسوفو إلى بلغراد، من دون أن يعرف طبيعة الحمولة التي ينقلها على ظهر شاحنته - أو للدّقة يُراد أن يبقى الأمر سراً، بينما يخضع لأوامر صارمة بعدم التوقف عن القيادة مهما كان، وبعدم فتح مقصورة الشّحن لأي شخص. وبينما هو يشقّ طريقه بصعوبة بين خراب الرّيف المدمر، يصبح العبء الأخلاقي لتواطؤه في أعمال حرب مظلمة أثقل من أي وقت مضى. ومن خلال قصة الفيلم، يقف المتفرج على إصرار من المخرج في بناء التوتر والقلق، راسماً مشاهد للقتل لا تظهر على الشّاشة بل تبقى غامضة.


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».