شارلي شابلن أيقونة فنية لكل الأعمار في معرض بالقاهرة

استوديو باسمه يعلم الرسم والموسيقى للصغار والكبار

شارلي شابلن أيقونة فنية لكل الأعمار في معرض بالقاهرة
TT

شارلي شابلن أيقونة فنية لكل الأعمار في معرض بالقاهرة

شارلي شابلن أيقونة فنية لكل الأعمار في معرض بالقاهرة

احتضن بيت السناري الأثري في حي السيدة زينب الشعبي بالقاهرة، معرض «استوديو شابلن» الذي يضمّ عدداً كبيراً من الأعمال والبورتريهات والصّور التي تُذكّر بأيقونة فن الكوميديا السّاخرة في تاريخ السينما العالمية.
وقدم المعرض الذي تختتم فعالياته اليوم (الاثنين)، عروضاً مزجت بين الرّسم والموسيقى، حيث شارك فيه عدد من رواد الاستوديو تتراوح أعمارهم بين 10 سنوات و65 سنة، تنوعت مشاركاتهم ما بين بورتريهات رسموها للفنان العالمي شارلي شابلن، وأعمال أخرى كشفت عن مواهب مبشرة في عالم الفن التشكيلي.
وقالت نانسي كمال منسقة المعرض، ومديرة الاستوديو، إنّ «فكرة إنشاء أتيليه الفن التشكيلي وورشة تعليم الموسيقى بدأت منذ خمس سنوات، وتطور المشروع مع الوقت حتى صار لديها 16 مدرباً في مجالات الفن والرسم والموسيقى والغناء».
الخطة التي قام عليها «استوديو شابلن»، كان إنشاء مركز مستقل يُعلّم الأطفال والكبار من المنتسبين إليه الفنون المختلفة وفقاً لمنهج أكاديمي مبسط، يستطيع من خلاله كل متدرب أن يلمّ بأساسيات هوايته من دون تعقيدات تعوق رغبته في التعلم.
ولفتت كمال، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنّ «لديها في المركز 50 طفلاً، معظمهم لم يتجاوزوا العاشرة من العمر، فضلاً عن 70 متدرباً من الكبار، جاءوا جميعاً إلى المركز مهيئين لتعلّم الفن، مثلما تعلمته هي في كلية الفنون الجميلة تماماً، لتستغل كونهم صفحة بيضاء، وتعمل على تدريس العلوم والمناهج التي تعلمتها لهم خلال سنوات دراستها الأكاديمية، وهي بهذا تؤسس الأطفال منذ الصغر، أمّا الكبار فيُشبعون رغباتهم في الرّسم ومنهم من يبدع بشكل مدهش، وتتفجر موهبته ويقدم أعمالاً جيدة».
فكرة وجود بيت لتعليم الفنون التشكيلية والموسيقى والغناء، حسب ما أشارت نانسي، كانت لها تجلياتها في الحفل، حيث سعت لأن يقدم طلابها عرضاً تفاعلياً يمزج بين الرّسم والغناء، وقد ظهر هذا مصاحباً لأغنية «مُضناك جفاه مرقده»، وهي أغنية قديمة لحنها الموسيقار محمد عبد الوهاب، وغناها قبل 80 عاماً.
عشق كمال للقديم كان وراء الاسم الذي اختارته لمركزها الفني، وقالت إن شابلن يعتبر أيقونة فنية فهو ممثل كوميدي، ومخرج وملحن وكاتب سيناريو ذاع صيته، وأصبح رمزاً في جميع أنحاء العالم من خلال شخصيته الشهيرة «المتشرد، الصعلوك أو المتسَكِع»، وهو بالطبع واحد من أهم الشخصيات في تاريخ صناعة السينما، أعتبره شريكي في الحلم، والطموح، ومنه أستمد قدرتي على الاستمرار. وأضافت: «صلتي بعالم السينما وثيقة جداً، فأنا مخرجة أفلام وثائقية، وحصلت على جائزة من مهرجان الإسكندرية، وشاركت في مهرجان دبي، وقمت بعمل أكثر من فيلم قصير، كما أنني أحب شابلن بشكل خاص، وأعتبره شخصيتي المفضلة».
وأشارت كمال إلى أنّ المنهج الذي يتلقاه رواد الاستوديو ممن تجاوزوا سن الستين هو نفسه الذي يتعلمه الأطفال ممن هم في عمر أحفادهم، وقد تلقت مثله تماماً في كلية الفنون الجميلة قبل خمس سنوات، وتتابع بأنّه «يُقسّم على عدد من المحاضرات العملية، ولا نتقاضى رسوماً كبيرة من الرّاغبين في تعلم الفن والرسم أو الموسيقى، فحصة الموسيقى لا تزيد عن 75 جنيهاً (أربعة دولارات تقريباً)، ومنعاً للتشتت تكون المحاضرات دائماً فردية، ضماناً للتركيز وتحقيق أكبر قدر من الاستفادة، وقد توجت ذلك بعدد من الحفلات والمعارض في مكتبة مصر الجديدة قبل عامين، وبيت السناري منذ ثلاث سنوات».
من جهتها، قالت فرح أحمد، طالبة في المرحلة الثانوية، وواحدة من المشاركين في المعرض، لـ«الشرق الأوسط»، إنّها كانت في صغرها ترسم على أظافرها، وقد لفت ذلك والدتها، التي لاحظت دقتها في الرّسم على المساحات الصغيرة جداً، فوجهتها لتعلم الرّسم، وقد بدأت مع «سنتر غاليليو» مع الفنانة مي فؤاد، من ثمّ انتقلت إلى «استوديو شابلن»، وهناك بدأت بتعلم أصول الرّسم، بدءاً من التشريح، وقدّمت في المعرض أربع لوحات، ولديها في المنزل عدد كبير من الأعمال التي ترسمها من وقت لآخر، لأنّها تحب الرسم وتستمتع به، كما أنّه يساهم بشكل كبير في تهدئة أعصابها وتهيئتها للمذاكرة والدراسة.
أمّا المشارك كريم ماجد، فقدّم عدداً من اللوحات، بينها صورة بالفحم لشابلن، وقال إن مشاركته في المعرض كانت بتشجيع من والده الذي لاحظ حبه للرّسم، فوجّهه للدراسة وساعده في الوصول إلى الاستوديو ليتعلم أصول الفن وإشباع هوايته.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».