{الآثار المصرية} تعيد إحياء مسجد محمد علي في القلعة

المياه الجوفية أثرت على رخام الجدران... والترميم يستغرق سنوات

مسجد محمد علي
مسجد محمد علي
TT

{الآثار المصرية} تعيد إحياء مسجد محمد علي في القلعة

مسجد محمد علي
مسجد محمد علي

في محاولة لإعادة الحياة لمسجد محمد علي الأثري بقلعة صلاح الدين الأيوبي، واصلت وزارة الآثار المصرية، مشروعاً لترميم المسجد، ومعالجة المشكلات التي تعرض لها نتيجة المياه الجوفية، وعوامل أخرى. وبينما أشار أثريون إلى وجود مشكلات هندسية في المسجد أدت إلى تشقق حوائطه، أكدت وزارة الآثار أن «المسجد بخير وتم معالجة جميع التداعيات».
وقال الدكتور جمال مصطفى، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بوزارة الآثار المصرية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المسجد «ليست به أي مشكلات هندسية أو إنشائية؛ لأنه مقام على صخرة ثابتة»، مشيراً إلى أن «المشكلات الموجودة قديمة وليست خاصة بالمبنى».
وأرجع مصطفى أزمات المسجد إلى «كثافة النباتات التي كانت مزروعة حوله، وتسببت في تسريب مياه جوفية إلى جدرانه، مما أثر على الرخام المصنوعة منه».
وزاد: «الرخام تشبع بالمياه فاتسعت مسامه، ما دفعنا إلى إزالة هذه النباتات، وعمل تجميل طبيعي للمنطقة، لتخفيف الضرر على جدران المسجد»، ولفت إلى أن «أعمال الترميم والصيانة تتم بشكل دوري للمسجد».
وقال إنه لم تتم إزالة الطبقات الخارجية من الرخام، التي تظهر فيها آثار تسريب المياه؛ لأن إزالتها ستؤثر على كثافة الرخام في الجدران، لافتاً إلى أن الجدران رغم صيانتها فإنها لا تلمع بالشكل الذي تظهر به الحوائط الخارجية للمسجد، التي لم تتعرض للعوامل المماثلة.
في موازاة ذلك، قالت مصادر أثرية أخرى لـ«الشرق الأوسط»، إن «المسجد يعاني مشكلات إنشائية هندسية، تسببت في شروخ وتشققات في جدرانه الخارجية، وهي أزمات قديمة ناتجة عن طبيعة المنطقة المقام بها المسجد بالقرب من جبل المقطم»، وتابعت: «أدت الحركة الدائمة للطَّفلة المكونة للتربة في المنطقة، لحدوث مثل هذه التشققات، نتيجة خلخلة التربة».
وأشارت إلى أن «سقوط صخرة في جبل المقطم عام 2015، تسبب في زيادة هذه التشققات»، مضيفة أن «هناك فريقاً من وزارة الآثار يعكف حالياً على دراسة هذه المشكلات الهندسية، ومعرفة أسبابها، ووضع مشروع كامل لترميم المسجد، ومعالجة هذه الشروخ».
من جانبه قال رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية، إن «أعمال ترميم ورفع كفاءة المسجد مستمرة؛ لكنها تستغرق وقتاً طويلاً؛ نظراً لأهمية المسجد وكثرة تفاصيله»، مشيراً إلى أنه «تم رفع السجاد الأثري للترميم ووضع آخر بديل؛ لأن عملية الترميم تحتاج إلى عناية دقيقة، وتستغرق سنوات»، منوهاً إلى أن أعمال الترميم الأخرى «مستمرة للنجف الأثري وللضريح».
ومضى يقول: «يجري حالياً العمل في مشروع القاعات السبع السلطانية أسفل الحديقة، وبالتالي لا يمكن العمل في الجزء العلوي أو تطويره، إلا بعد الانتهاء من تدعيم القاعات السبع».
وقال غريب سنبل، رئيس الإدارة المركزية للترميم بوزارة الآثار المصرية، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لا يمكن إطلاق مسمى مشروع ترميم على ما يتم بالمسجد حالياً»، موضحاً أن «الوزارة تقوم حالياً بترميم النجف الأثري، والكسوات الرخامية بصحن المسجد، والسجاد الأثري وعدده 72 قطعة، إضافة إلى ضريح محمد علي».
وأضاف سنبل أن «هناك 3 فرق من مرممي وزارة الآثار يعملون حالياً بالمسجد»، مشيراً إلى أنه «من المتوقع الانتهاء من ترميم ضريح محمد علي في منتصف العام المقبل، تمهيداً لإعادة فتحه للزيارة؛ حيث إنه مغلق حالياً بسبب أعمال الترميم».
وبالنسبة لصحن المسجد، قال سنبل إن «فريق المرممين يعمل على دراسة المشكلات الموجودة في الميضا (مكان الوضوء)»، موضحاً أن «هناك مشكلة تتعلق بوجود ترميمات تمت على أسس غير علمية، ونعمل حالياً على توثيق الزخارف الأصلية للميضا، والحصول على موافقة اللجنة الدائمة بوزارة الآثار، لبدء مشروع الترميم وإعادة الزخارف إلى حالتها الأصلية». ورأى أن «هذه العملية قد تستغرق 6 شهور».
ومؤخراً أعلنت وزارة الآثار المصرية الانتهاء من ترميم نجفتين من أصل 9 نجفات أثرية بالمسجد، والبدء في ترميم النجفة الثالثة التي أهداها الملك فيليب ملك فرنسا لمحمد علي، التي سيستغرق ترميمها عاماً كاملاً.
ومن بين المشكلات التي كان يعاني منها المسجد، مشكلة الطيور التي تدخل من نوافذه، مما يتسبب في اتساخه، وقال رئيس قطاع الآثار، إنه «تمت معالجة هذه المشكلة، وتغيير الشبابيك؛ بحيث لا يُسمح للطيور باختراق المسجد».
وأنشأ محمد علي المسجد في الفترة من 1830 إلى 1848، وكان يسمى بمسجد المرمر أو الألابستر، بسبب نوعية الرخام المستخدمة في جدرانه. وأجريت عدة عمليات ترميم للمسجد، في مختلف العصور، وينقسم إلى قسم شرقي معد للصلاة، وصحن في القسم الغربي، تتوسطه فسقية، وقسم شرقي مربع الشكل تتوسطه قبة مرتفعة.
ومشروع ترميم المسجد وتطويره هو جزء من مشروع كبير لتطوير قلعة صلاح الدين الأيوبي، وهو مشروع «يستغرق وقتاً طويلاً، ويكلف مليارات الجنيهات»، على حد قول مصطفى، و«تم خلاله ترميم مناطق قصر الحريم، والمتحف الحربي، أي نحو 30 في المائة من مساحة القلعة، ومن المنتظر الانتهاء منها نهاية العام الجاري، إضافة إلى مشروع ترميم قصر محمد علي، وتطوير الخدمات في المنطقة»، وفقاً لرئيس قطاع الآثار.


مقالات ذات صلة

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

يوميات الشرق تم بيع القطعة النادرة بـ2.09 مليون دولار ضمن مزاد في جنيف (أ.ف.ب)

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

بيعت قطعة نقود ذهبية رومانية نادرة جداً تحمل صورة بروتوس، أحد المشاركين في قتل يوليوس قيصر، لقاء 2.09 مليون دولار ضمن مزاد أقيم الاثنين في جنيف

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق بقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود لعصر الإيوسيني المبكر في طبقات لصخور جيرية (الشرق الأوسط)

اكتشاف تاريخي لبقايا كائنات بحرية في السعودية عمرها 56 مليون سنة

أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية اليوم (الأحد)، عن اكتشاف لبقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود للعصر الإيوسيني المبكر.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق معرض يحكي قصة العطور في مصر القديمة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

معرض أثري يتتبع «مسيرة العطور» في مصر القديمة

يستعيد المتحف المصري بالتحرير (وسط القاهرة) سيرة العطر في الحضارة المصرية القديمة عبر معرض مؤقت يلقي الضوء على صناعة العطور في مصر القديمة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الفيلا تدلّ على «أسلوب حياة فاخر» (تيفونت أركيولوجي)

اكتشاف آثار فيلا رومانية فاخرة على الأرض البريطانية

اكتشف علماء آثار و60 متطوّعاً فيلا رومانية تدلّ على «أسلوب حياة فاخر»، وذلك في مقاطعة يلتشاير البريطانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)

الحناء تراث عربي مشترك بقوائم «اليونيسكو» 

في إنجاز عربي جديد يطمح إلى صون التراث وحفظ الهوية، أعلنت منظمة «اليونيسكو»، الأربعاء، عن تسجيل عنصر «الحناء» تراثاً ثقافياً لا مادياً.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».