رغم تمتع الكثير من كبار السن من الرجال بحياة جنسية نشطة، لا يثير أكثرهم مع الطبيب الخاص بهم أي تساؤلات أو مخاوف تتعلق بالجنس. وفي الوقت الذي يناقش فيه المرء الكثير من الموضوعات مع طبيبه الخاص، مثل ضغط الدم الطبيعي، ومستوى الكوليسترول المناسب، لا تكون الحياة الجنسية من بين تلك الموضوعات، في حين أن من الضروري أن تكون كذلك. وتقول الدكتورة شارون بوبر، مديرة برنامج الصحة الجنسية بمعهد «دانا فاربر» للسرطان التابع لجامعة هارفارد: «رغم تقدم المرء في العمر يمكن أن يظل يشعر بصحة جيدة وحيوية، وينبغي أن تكون الحياة الجنسية جزءاً من ذلك».
- الجنس والعمر
وقد أوضح استطلاع رأي تم إجراؤه أخيراً، أن الحياة الجنسية الصحية تظل مهمة بالنسبة إلى أكثر كبار السن. كذلك، أشار استطلاع رأي قومي عن التقدم في العمر مع التمتع بالصحة أجراه باحثون من جامعة ميتشيغان عام 2018، إلى أن 40 في المائة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 65 و80 عاماً نشطون جنسياً، ويمارسون الجنس في أكثر الأحوال مع شركاء حياة يحبونهم.
يقول نحو ثلثي كبار السن، سواء كانت حياتهم الجنسية نشطة أم لا، إنهم مهتمون بالجنس، ويقول أكثر من النصف: إن الجنس مهم للاستمتاع بحياة جيدة. مع ذلك حين يتعلق الأمر بالحديث عن صحتهم الجنسية مع الطبيب الخاص، كثيراً ما يترددون في الانفتاح والحديث بصراحة. وعندما تم سؤالهم عما إذا كانوا قد ناقشوا حياتهم الجنسية مع طبيبهم الخاص، لم يجب سوى 17 في المائة منهم بنعم، بحسب ما جاء في استطلاع الرأي.
ما سبب العزوف عن الحديث عن الجنس؟ على الأطباء التعامل مع الكثير من المشكلات الصحية خلال فترة زمنية قصيرة، وكثيراً ما يكون الجنس في ذيل القائمة. كذلك، يكون هناك شعور بالإحراج يتعلق بمن يتطرق أولاً إلى الموضوع. وتوضح الدكتورة بوبر قائلة: «لا يتطرق الأطباء في أكثر الأحيان إلى الحياة الجنسية؛ لأنهم يفترضون أن عدم ذِكر المريض أي مشكلة في هذا الشأن يعني عدم وجودها. على الجانب الآخر، كثيراً ما يفترض الرجال أن عدم حديث الأطباء عن الوظيفة الجنسية يعني أنه من غير المقبول مناقشة ذلك الأمر. ويضيّع هذا المأزق فرصة تناول مشكلات شائعة كثيراً ما تكون مزعجة قبل تفاقهما». وتضيف، أن من المهم التواصل مع الطبيب الخاص عن الحياة الجنسية؛ نظراً لتغير العلاقة الجنسية بوجه عام بمرور الوقت.
كذلك، تقول الدكتورة بوبر: «لا تظل الوظيفة والكفاءة الجنسية خلال مرحلة منتصف العمر وما بعدها على الحال الذي كانت عليه في مرحلة الثلاثينات والأربعينات من العمر. على سبيل المثال، يعاني 50 في المائة من الرجال، الذين تجاوزوا الخمسين، من ضعف الانتصاب بدرجة ما. كذلك، من الشائع معاناة الرجال من مشكلات في الإثارة والطاقة والقوة والتحمل».
- الجنس والصحة
الحل هو أن يكون المرء أكثر إيجابية وفاعلية في نقاشاته مع الطبيب. حتى إذا لم يسألك الطبيب عن صحتك الجنسية، يمكنك إثارة الموضوع حتى تحصل على المعلومات التي تحتاجها. تقول الدكتورة بوبر: «لا بأس من أن تقول لطبيبك: (لقد لاحظت بعض التغيرات غير المزعجة في الكفاءة الجنسية، لكنني أريد الحصول على بعض المساعدة)».
ما الذي قد يرغب الطبيب الخاص بك في معرفته عن حياتك الجنسية؟ تقول الدكتورة بوبر: إن عليك ذِكر التغيرات التي طرأت على أدائك الجنسي مهما كانت صغيرة؛ فقد تكون هناك علاقة بينها وبين مشكلات صحية أخرى. وتوضح قائلة: «كثيراً ما تكون هناك علاقة بين الصحة العامة والكفاءة الجنسية، والعكس بالعكس».
على سبيل المثال، قد يكون ضعف الانتصاب من المؤشرات الأولى على وجود مشكلات في الأوعية الدموية، مثل تكون ترسبات دهنية في الشرايين. تقول الدكتورة بوبر: «قد لا تساعد معالجة هذه المشكلة في تحسين الأداء الجنسي فحسب، بل قد تحد من احتمالات الإصابة بأزمة قلبية أو سكتة دماغية». كذلك، قد يؤثر أي تراجع في النشاط البدني والحيوية، والافتقار إلى النوم الجيد، وزيادة التوتر، على جودة الحياة كما يؤثر على الكفاءة الجنسية.
وتضيف الدكتورة بوبر قائلة: «يمكن لطبيبك، من خلال تقديم المزيد من المعلومات، مساعدتك في اتخاذ خطوات إيجابية مثل ممارسة الرياضة، وفقدان الوزن، أو تغيير العقاقير؛ وهو ما قد يحسّن شعورك تجاه ذاتك وبالتالي أداءك الجنسي». إذا لم تكن تشعر بالارتياح في مناقشة تلك الموضوعات شخصياً، تقترح الدكتورة بوبر عليك إرسال قائمة بالأسئلة والمخاوف التي تهمك عبر البريد الإلكتروني قبل موعدك مع الطبيب.
أخيراً، لا تشعر بالإحباط إذا كان طبيبك غير مرتاح في الحديث عن الصحة الجنسية، حيث تقول الدكتورة بوبر: «من الجيد السؤال عما إذا كان بمقدور الطبيب إحالتك إلى شخص آخر لديه هذه الخبرة، ففي النهاية كلما استطعت جمع قدر أكبر من المعلومات عن حياتك الجنسية، كان ذلك أفضل».
- الجنس والذاكرة
هل هناك فائدة أخرى لممارسة الجنس بانتظام؟ ربما يحسّن ذلك ذاكرتك بحسب دراسة شملت 6 آلاف شخص في الخمسين من العمر تم نشرها في دورية «أرشيف السلوك الجنسي» في أغسطس (آب) 2018. وقد وجد الباحثون، أن أداء كبار السن، الذين يعيشون حياة جنسية نشطة ويستمتعون بالعلاقات العاطفية الحميمة مع شركاء حياتهم، يكون أفضل في اختبارات الذاكرة من كبار السن الذين لا يعيشون حياة جنسية نشطة.
< رسالة هارفارد «مراقبة صحة الرجل»، خدمات «تريبيون ميديا»