الأسواق ترتبك مجدداً مع تصعيد ترمب ضد بكين

التباطؤ الصيني يؤثر بشكل غير مباشر على البلدان الأخرى

شهدت أغلب المؤشرات العالمية أمس تراجعاً مع تصعيد الرئيس الأميركي الجديد ضد الصين (إ.ب.أ)
شهدت أغلب المؤشرات العالمية أمس تراجعاً مع تصعيد الرئيس الأميركي الجديد ضد الصين (إ.ب.أ)
TT

الأسواق ترتبك مجدداً مع تصعيد ترمب ضد بكين

شهدت أغلب المؤشرات العالمية أمس تراجعاً مع تصعيد الرئيس الأميركي الجديد ضد الصين (إ.ب.أ)
شهدت أغلب المؤشرات العالمية أمس تراجعاً مع تصعيد الرئيس الأميركي الجديد ضد الصين (إ.ب.أ)

مرة أخرى، تهتز الأسواق العالمية مع تجدد المخاوف من حرب التجارة بعد أن هدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض رسوم جديدة على البضائع القادمة من الصين، وقوض الرئيس الأميركي الآمال في وقف إشعال الحرب التجارية مع بكين بإعلانه أنه «من غير المحتمل بدرجة كبيرة» أن يقبل عرضا من الرئيس الصيني شي جينبينغ، لتجنب فرض رسوم جديدة تدخل حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) المقبل.
وكان هناك تفاؤل بأن يتمكن ترمب وشي من التوصل إلى اتفاق، في قمة مجموعة العشرين هذا الأسبوع، الذي من شأنه أن يجعل أميركا تتراجع عن فرض تعريفات أكثر حدة على الواردات الصينية.
وفي حديثه مع صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، حطم ترمب تلك الآمال بالتنبؤ بأنه من المحتمل أن يرفع الرسوم الحالية على 200 مليار دولار من الواردات الصينية في يناير من 10 في المائة إلى 25 في المائة. كما أثار ترمب المزيد من المخاطر من خلال التهديد بزيادة الرسوم الجمركية على 267 مليار دولار أخرى، مما يعني أن جميع الواردات الصينية إلى أميركا ستكون أكثر تكلفة.
وقال ترمب إن تلك التعريفات ستشمل منتجات آبل المستوردة من الصين، وأصر الرئيس الأميركي بأن على بكين أن تصغى إلى أميركا وتفتح بلادها للمنافسة من الولايات المتحدة، وتابع: «فيما يتعلق ببلدان أخرى، فإن الأمر يعود إليها».
ومن جانبها، أكدت الصين استعدادها لحل القضايا الاقتصادية والتجارية عبر التفاوض، وقال المتحدث باسم الخارجية الصيني جينغ شوانغ إن الفرق التجارية الصينية والأميركية تعمل معا في ظل التوافق الذي توصل إليه ترمب وشي خلال مكالمة هاتفية مطلع هذا الشهر. وأضاف أن الصين تأمل في أن تسير أميركا «تجاه هذا التوافق» من أجل تحقيق نتيجة إيجابية في المفاوضات.
ويرى جيفري فرانكل، الخبير الاقتصادي في جامعة هارفرد، أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تضر بالاقتصاد العالمي، قائلا: «تبدو الحرب التجارية من بين الأسباب التي أدت إلى تجدد التباطؤ في الصين، وسيكون للتباطؤ الصيني آثار غير مباشرة على البلدان الأخرى، ولا سيما مصدرو السلع الأساسية».
وأكد فرانكل أن «حرب ترمب التجارية لا تنعش الاقتصاد الأميركي، فالفجوة التجارية مع الصين اتسعت هذا العام، رغم دفع الأميركيين مقابل أكبر للبضائع الصينية».
وتعمل السياسات التجارية الحالية على الحد من الدخول الحقيقية في الولايات المتحدة وبريطانيا وكثير من البلدان الأخرى، لكن السياسة النقدية لا يمكنها التصدي للآثار المترتبة عليها، وفقا لفرانكل.
وأطلق الرئيس الأميركي حرب التجارة في مارس (آذار) الماضي، من خلال اقتراح تعريفة على واردات بقيمة 60 مليار دولار، وأعقب ذلك 10 في المائة من الرسوم الجمركية، على 20 مليار دولار أخرى من السلع، ويهدد ترمب الآن بزيادة إلى 25 في المائة في يناير المقبل.
وانتقمت بكين في المرتين السابقتين، مما جعل السلع الأميركية أكثر تكلفة، ومما يثير القلق أن هناك الآن دلائل على أن هذه التحركات الانتقامية أضرت بالاقتصاد الصيني.
وكشفت وكالة «بلومبيرغ» الأميركية أن كثيرا من مؤشرات ظروف العمل ومعنويات السوق، بما في ذلك تقييمات أسواق الأسهم وثقة الشركات الصغيرة، تأثرت بشدة جراء تلك الحرب. ويحذر الاقتصاديون من أن المؤشرات الأولية تشير إلى المزيد من الضعف في الاقتصاد الصيني، مع استمرار اقتصادات الشركاء التجاريين الرئيسيين للصين في التباطؤ.
وارتفع التشاؤم لدى جوكو ويدودو رئيس إندونيسيا من قدرة كل من بكين وواشنطن على حل نزاعهما التجاري، وقال: «إنني آمل في حدوث معجزة خلال اجتماع العشرين، بأنهم سيتفقون، ولكن شعوري هو أنهم لن يفعلوا ذلك». وشهد ويدودو بالفعل شطرا من العداء بين الجانبين الصيني والأميركي، عندما اختلف نائب الرئيس الأميركي مايك بنس مع الرئيس شي في اجتماع منظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي المقامة في بلاده قبل نحو أسبوعين. وكانت هذه هي المرة الأولى منذ 29 عاما من منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي التي لم ينتج من اجتماع «أبيك» أي بيان رسمي.
ويرى متعاملون بأسواق المال أن الضعف المتوقع لن يؤثر في سوق الأسهم فحسب، بل سيحد من سيولة الشركات. وانعكست تهديدات ترمب الصباحية على تداولات «ثلاثاء باهت» بعد ارتفاع قوي الاثنين، وتراجع مؤشر فوتسي 100 البريطاني إلى المنطقة الحمراء، ليهبط بنسبة 0.40 في المائة في الواحدة ظهرا بتوقيت غرينتش، كما تراجع مؤشر يورو ستوكس 50 بنحو 0.36 في المائة.
وتنتظر الأسواق تطورات النزاع التجاري، رغم أن المستثمرين لم يبدوا قلقهم من التحذير الجديد، فبالكاد تغير مؤشر شانغهاي المركب، وتراجع مؤشر هينغ سنغ في هونغ كونغ بنسبة 0.17 في المائة فقط.
وقاد انخفاض سهم آبل وول ستريت أمس إلى التراجع، لينخفض مؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 209 نقاط، أي بنسبة 0.84 في المائة، وانخفض سهم آبل بنسبة 1.5 في المائة بداية جلسة التداولات.
ومن المؤكد أن الأسواق تنتظر لقاء ترمب ونظيره الصيني الجمعة المقبل، لمعرفة ما إذا كان حديث الأمس مجرد تكتيكات للتخويف، أم أن الرئيس الأميركي جاد بشأن استهداف سلع صينية إضافية.
ومثلت التعريفات التي فرضها ترمب على منتجات آبل ضربة جديدة لعملاق التكنولوجيا، بالإضافة إلى المخاوف القائمة بالفعل بشأن الطلب على أجهزة آيفون، فلا شك أن ارتفاع أسعار منتجات الشركة بسبب التعريفات المحتملة سيؤثر سلبا على الطلب والربحية، وأقر محللون بالمخاطر على المدى القريب والمتوسط، لكن ظلوا إيجابيين بخصوص المدى الطويل. ونجحت تهديدات ترمب أمس في رفع الدولار إلى أعلى مستوى في أسبوعين، ليحقق المؤشر الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام سلة عملات رئيسية بنحو 0.2 في المائة إلى 97.28 نقطة، وصعد الدولار على مدى الجلستين السابقتين مع إقبال المستثمرين على العملة الأكثر سيولة في العالم، باعتبارها ملاذا آمنا وسط مخاوف من فقدان زخم التعافي الاقتصادي العالمي.
ومع تسلط الأضواء على التوترات التجارية من جديد، تخلى الدولار الأسترالي عن معظم مكاسبه المبكرة ليسجل انخفاضا نسبته 0.50 في المائة منتصف التعاملات الأوروبية عند 1.2763 دولار للإسترليني الواحد، كما انخفض اليورو 0.2 في المائة أمام الدولار الأميركي إلى 1.1313 دولار. واستقر الين أمام العملة الأميركية عند 113.56 ين للدولار.



تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

أيد أربعة من صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة المزيد من خفض أسعار الفائدة؛ شريطة أن يستقر التضخم عند هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة كما هو متوقع.

وخفض البنك المركزي لمنطقة اليورو أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام يوم الخميس، وأبقى الباب مفتوحا لمزيد من التيسير، على الرغم من أن بعض المحللين شعروا أن إشارة رئيسة البنك كريستين لاغارد في هذا الاتجاه كانت أقل وضوحا مما كانوا يأملون.

وبدا أن محافظ البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيليروي دي غالو، وزميله الإسباني خوسيه لويس إسكريفا، والنمساوي روبرت هولزمان، وغاستون راينش من لوكسمبورغ، قد أكدوا الرسالة يوم الجمعة.

وقال فيليروي دي غالو لإذاعة الأعمال الفرنسية: «سيكون هناك المزيد من تخفيضات الأسعار العام المقبل». وفي حديثه على التلفزيون الإسباني، أضاف إسكريفا أنه من «المنطقي» أن «يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعات مستقبلية» إذا استمر التضخم في التقارب مع الهدف. وكان 2.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الذي يدفعه على احتياطيات البنوك بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.0 في المائة يوم الخميس، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى بقيمة 100 نقطة أساس على الأقل بحلول يونيو (حزيران) المقبل.

ورفضت لاغارد التكهن بالمسار المستقبلي للأسعار، مشيرة إلى المخاطر التي تتراوح من التعريفات الجمركية الأميركية المحتملة إلى عدم اليقين السياسي في الداخل، حيث إن فرنسا حالياً دون حكومة، بينما تواجه ألمانيا تحديات انتخابات جديدة، فضلاً عن التضخم المحلي المرتفع.

وألقى فيليروي دي غالو، الوسطي الذي أصبح مؤيداً بشكل متزايد للسياسة التيسيرية في الأشهر الأخيرة، بثقله وراء توقعات السوق. وقال: «ألاحظ أننا مرتاحون بشكل جماعي إلى حد ما لتوقعات أسعار الفائدة في الأسواق المالية للعام المقبل».

وحتى محافظ البنك المركزي النمساوي روبرت هولزمان، وهو من الصقور وكان المعارض الوحيد للتيسير، أيد عودة أسعار الفائدة إلى مستوى محايد، لا يحفز الاقتصاد ولا يكبح جماحه، عند حوالي 2 في المائة. وقال للصحافيين: «ستتجه أسعار الفائدة في هذا الاتجاه. وإذا تحققت تقييمات السوق كما هي في الوقت الحالي، فسوف تتطابق مع توقعاتنا. وإذا تطابقت توقعاتنا، فربما يتعين علينا تعديل أسعار الفائدة لدينا لتكون متسقة».

وقال راينيش من لوكسمبورغ، والذي نادراً ما يناقش السياسة في العلن، لوسائل الإعلام المحلية أنه «لن يكون من غير المعقول» أن «ينخفض ​​سعر الودائع إلى 2.5 في المائة بحلول أوائل الربيع»، وهو ما يعني على الأرجح خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) المقبلين.

بينما قلل إسكريفا من احتمال خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الخيار الذي طرحه بعض زملائه وتبناه البنوك المركزية في سويسرا والولايات المتحدة. وقال محافظ البنك المركزي الإسباني المعين حديثا: «في المناقشات التي أجريناها (الخميس)، كانت الفكرة السائدة هي أنه يتعين علينا الاستمرار في إجراء تحركات هبوطية بمقدار 25 نقطة أساس، وهو الشكل الذي سيسمح لنا بمواصلة تقييم التأثيرات من حيث انكماش التضخم».

في غضون ذلك، ظل الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو دون تغيير في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالشهر السابق، متجاوزا التوقعات بانخفاض طفيف، لكن البيانات تشير إلى عدم وجود تعافي في الأفق لقطاع غارق في الركود منذ ما يقرب من عامين. وجاء الرقم الذي لم يتغير، والذي أصدره «يوروستات»، أعلى قليلا من توقعات الاقتصاديين بانخفاض بنسبة 0.1 في المائة، ويأتي بعد انخفاض بنسبة 1.5 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وأعلنت ألمانيا وفرنسا وهولندا عن قراءات سلبية خلال الشهر، بينما ظل الإنتاج الإيطالي راكدا، تاركا إسبانيا الدولة الوحيدة من بين أكبر دول منطقة اليورو التي سجلت قراءة إيجابية.

وعانت الصناعة الأوروبية لسنوات من ارتفاع حاد في تكاليف الطاقة، وتراجع الطلب من الصين، وارتفاع تكاليف التمويل للاستثمار، والإنفاق الاستهلاكي الحذر في الداخل. وكان هذا الضعف أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس وخفض توقعاته للنمو، بحجة وجود حالة من عدم اليقين في الوفرة.

وبالمقارنة بالعام السابق، انخفض الناتج الصناعي في منطقة اليورو بنسبة 1.2 في المائة، مقابل التوقعات بانخفاض بنسبة 1.9 في المائة. ومقارنة بالشهر السابق، انخفض إنتاج الطاقة والسلع المعمرة والسلع الاستهلاكية، وارتفع إنتاج السلع الرأسمالية فقط.