روسيا تحذر أوكرانيا من تصعيد النزاع و«اللعب بالنار»

وزير الخارجية الفرنسي دعا إلى إطلاق البحارة والإفراج عن البواخر الحربية الثلاث

روسيا تحذر أوكرانيا من تصعيد النزاع و«اللعب بالنار»
TT

روسيا تحذر أوكرانيا من تصعيد النزاع و«اللعب بالنار»

روسيا تحذر أوكرانيا من تصعيد النزاع و«اللعب بالنار»

تواصلت تداعيات أزمة السفن الأوكرانية في بحر آزوف، ورد الكرملين بقوة أمس، على قرار البرلمان الأوكراني فرض حال التأهب وإعلان الأحكام العرفية في المناطق الحدودية لمدة شهر، بالتحذير من أن هذه الخطوات سوف تصعّد النزاع في أقاليم شرق أوكرانيا الساعية إلى الانفصال. وأفاد بيان أصدره الكرملين، بأن «فرض الأحكام العرفية في أوكرانيا شأن داخلي، لكنه يهدد بتصعيد النزاع في منطقة دونباس» (شرق أوكرانيا) فيما أكد أن مصير البحارة الأوكرانيين المحتجزين في كيرتش سيقرره القضاء الروسي.
وكانت البحرية الروسية احتجزت 24 عسكرياً أوكرانياً كانوا على متن 3 سفن، قالت موسكو إنها انتهكت المياه الإقليمية الروسية في منطقة مضيق كيرتش، فيما ردت أوكرانيا بتأكيد أن هذه مياه دولية، مذكرة بأن المجتمع الدولي لا يعترف بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم المحاذية للمنطقة.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف: «هذا الأمر يمثل شأناً داخلياً أوكرانياً، لكن اتخاذ خطوة مثل فرض الأحكام العرفية على خلفية العملية الانتخابية يحمل طابعاً خاصاً ومفضوحاً». وتابع بيسكوف: «كما من المحتمل أن فرض الأحكام العرفية يمثل تهديداً بتصعيد النزاع في بعض المناطق. والمقصود هنا جنوب الشرق». وفي رده على سؤال حول مصير البحارة الأوكرانيين المحتجزين، أشار إلى أنه يتوقف على «موقف القضاء الروسي وليس موقف الكرملين».

كما لفت بيسكوف إلى أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، سيعلن بنفسه عن موقفه من الحادث في بحر آزوف، موضحاً أن الوقت سيكون لديه للتحدث إلى الصحافيين خلال زيارته المرتقبة إلى الأرجنتين للمشاركة في أعمال قمة مجموعة «G20» الدولية في بوينس آيريس. وتواصلت أمس مساعي محاصرة الأزمة التي رجحت وسائل إعلام روسية أن تتطور إلى نزاع عسكري مع أوكرانيا، وبحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل هاتفياً «الحادث الخطير»، وأعلنت الرئاسة الروسية أن المكالمة الهاتفية جرت بطلب من برلين، وقدم الرئيس بوتين خلالها للمستشارة الألمانية تقييمه للأعمال الاستفزازية التي قام بها الجانب الأوكراني، حين انتهكت سفنه الحربية القانون الدولي بتجاهل قواعد العبور في البحر الإقليمي لروسيا.
كما عبر بوتين لميركل عن «قلقه البالغ إزاء قرارات كييف بوضع قواتها المسلحة في حال التأهب القصوى وفرض الأحكام العرفية في البلاد». وشدد على أن «الرئاسة الأوكرانية تتحمل كامل مسؤولية اختلاق حالة أخرى من حالات الصراع والمخاطر المترتبة عليها»، مشيراً إلى أن السلطات الأوكرانية دبرت ونفذت هذا الاستفزاز في ضوء الحملة الانتخابية في البلاد.
وأعرب الرئيس الروسي عن أمله بأن تتمكن ألمانيا من التأثير على السلطات في كييف حتى تمتنع عن اتخاذ مزيد من الخطوات غير المدروسة. وأكد بوتين استعداد قوات خفر السواحل الروسية لتقديم توضيحات إضافية بشأن كيفية تطور الأحداث في منطقة مضيق كيرتش يوم الأحد. إلى ذلك، أعلن الأمن الفيدرالي الروسي ضبط أسلحة وذخائر على متن السفن الأوكرانية الثلاث المحتجزة قرب مضيق كيرتش، فضلاً عن وثيقة تتضمن تعليمات مباشرة بالعبور الخفي خلال مضيق كيرتش. وبين الأسلحة المضبوطة قنابل يدوية ورشاشات، وفق بيان صدر عن جهاز الأمن الروسي أمس. ورأت أوساط عسكرية روسية أن العثور على أسلحة وتعليمات بطريق مرور السفن الأوكرانية يعد دليلاً مباشراً على أن العملية «استفزازية ومقصودة». وأكد الأمن الروسي أن السفن الأوكرانية ورغم كل التدابير المتخذة من قبل الجانب الروسي، نصبت مدافعها لاستهداف السفن الروسية، وهو ما اعتبره الجانب الروسي تهديداً باستخدام السلاح، ما ينتهك قواعد عبور السفن.
ووفّر لقاء وزيري خارجية فرنسا وروسيا، أمس في باريس؛ بمناسبة انعقاد «مجلس التنسيق والحوار» في قصر فرساي، التاريخي الفرصة للطرفين للقيام بجولة واسعة على الأزمات المشتعلة من سوريا إلى اليمن مروراً بليبيا والملف النووي الإيراني. بيد أن التصعيد الحاصل بين روسيا وأوكرانيا منذ الأحد الماضي في بحر آزوف هيمن على اللقاء، وأبان عن الاختلاف العميق في الرؤية بين الطرفين رغم المساعي التي بذلها الوزير جان إيف لودريان من حيث التذكير بالعلاقات «التاريخية» بين موسكو وباريس، وكثافة «الحوار السياسي» القائم على أعلى المستويات.
إلا أن لودريان لم يكن أمامه أمس سوى «الاعتراف» بوجود «خلافات عميقة» بين باريس وموسكو، ومنها الملف الروسي - الأوكراني المفترض أن تلعب فيه فرنسا دوراً رائداً؛ كونها أحد أطراف «مجموعة النورماندي» (الى جانب ألمانيا وروسيا وأوكرانيا) المولجة متابعة تنفيذ اتفاقية مينسك، المفترض بها أن تطبع الوضع في المناطق الانفصالية الأوكرانية وبين موسكو وكييف. وثمة اختلاف آخر «عميق» بين الجانبين بشأن الملف السوري: فمن جهة، تدفع باريس باتجاه الإسراع في تشكيل اللجنة الدستورية التي تعرقلها دمشق بالتفاهم مع موسكو والتي ترى فيها باريس مدخلاً للحل السياسي. وفي المقابل، فإن الموقف الروسي على طرفي نقيض؛ إذ رفض لافروف، الأسبوع الماضي في خطاب ألقاه في روما الأسبوع الماضي ما سماه «المواعيد المصطنعة» لانطلاق اللجنة عن طريق الضغط على المبعوث الدولي استيفان دي ميستورا. وبحسب الوزير الروسي، فإن من يدفع في هذا الاتجاه يريد «القضاء على مبادرة سوتشي» والسعي لـ«تغيير النظام» في سوريا.
كان واضحاً أمس من خلال تصريحات لافروف في المؤتمر الصحافي المشترك مع لودريان الذي حضرته «الشرق الأوسط»، أن الطرف الروسي متمسك بموقف بالغ التشدد إزاء أوكرانيا وحادثة الأحد الماضي. فهو من جهة، يرمي كامل المسؤولية على أوكرانيا. وذهب الوزير الروسي إلى حد اعتبار الحادث «استفزازياً»، ومن تدبير المخابرات الأوكرانية التي كان ثلاثة من أفرداها على متن إحدى البواخر. وخلاصة لافروف توجيه تحذير بالغ القوة إلى كييف من «اللعب بالنار». ولم يتوقف لافروف عند هذا الحد، بل اعتبر أن لا حاجة لأي وساطة بين بلاده وأوكرانيا؛ وذلك رداً على وزير خارجية ألمانيا الذي اقترح وساطة ألمانية - فرنسية مشتركة. كذلك، اتهم لافروف كييف بعدم احترام نصوص اتفاقية مينسك وبـ«الاضطهاد اللغوي» لسكان شرق أوكرانيا الذين غالبيتهم من الروس، ناهيك عن عدم احترام اتفاق جمع السلاح. وإذا كان من دور للدول المؤثرة على أوكرانيا، في إشارة إلى الحلف الأطلسي والدول الأوروبية، فقد دعاها لافروف إلى توجيه «رسالة قوية» إلى السلطات الأوكرانية لحثها على الامتناع عن القيام بأي «خطوات استفزازية»، علماً بأن موسكو ترى في إعلان كييف حالة الطوارئ لمدة شهر في المناطق المحاذية للحدود الروسية وتلك المطلة على بحر آزوف والبحر الأسود «عملاً استفزازياً»، بحسب ما قاله الرئيس بوتين في مكالمته الهاتفية مع المستشارة الألمانية بناءً على مبادرة منها ليل الاثنين - الثلاثاء. وربط لافروف بين الحادثة وبين الوضع السياسي الداخلي في أوكرانيا قبل أشهر قليلة على الانتخابات الرئاسية الربيع القادم.
إزاء التشدد الروسي، حرص الوزير الفرنسي على تلافي نسف اللقاء مع نظيره لافروف، بل وصف روسيا بأنها «شريك دولي»، وأنه «لا يمكن معالجة المسائل الدولية من غير روسيا». بيد أنه أرجع التوتر في البحر الأسود وبحر آزوف إلى «العسكرة»، وحث الطرفين الروسي والأوكراني على «ضبط النفس» و«خفض التصعيد»، واصفاً ما حصل بين الطرفين بأنه «خطير». ولمزيد من الوضوح، أضاف لودريان، أنه «دعا سيرغي لافروف للقيام ببادرة منتظرة من روسيا، وهي الإفراج عن البحارة البواخر بأسرع وقت»، مضيفاً أنه سوف يتصل بوزير خارجية أوكرانيا لحثه على التهدئة وخفض التصعيد.
وكان لافتاً أن لهجة الوزير الفرنسي لا تتماشى مع ما صدر عن الاتحاد الأوروبي. فباريس لم تحذُ حذو لندن في الحديث عن «اعتداء» روسي على أوكرانيا، ولا هددت باحتمال فرض عقوبات أوروبية جديدة على موسكو، كما أشارت إلى ذلك أمس وزيرة خارجية النمسا كارين كنيسل التي ترأس بلادها الاتحاد حالياً. كذلك، فإن اللهجة الفرنسية بعيدة كل البعد عن لهجة الحلف الأطلسي الذي ندد الاثنين بما قامت به روسيا، منبهاً إياها من «النتائج» المترتبة على تصرفاتها العدوانية.
واضح أن الدبلوماسية الفرنسية تريد أن تبقي الخطوط مفتوحة مع روسيا، وهي تفضل التفاهم معها على التصعيد أياً كانت أشكاله؛ لأنها، كما قال لودريان: «شريك»، لكنه شريك صعب.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».