لافروف يأمل بحسم «الدستورية» في آستانة ودي ميستورا يشارك في المفاوضات

TT

لافروف يأمل بحسم «الدستورية» في آستانة ودي ميستورا يشارك في المفاوضات

أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن أمل بلاده في تحقيق «نقلة مهمة» بملف تشكيل اللجنة الدستورية السورية خلال لقاء آستانة الذي يبدأ أعماله اليوم في العاصمة الكازاخية.
وقال الوزير الروسي بعد جولة محادثات عقدها مع نظيره الفرنسي إن الملف السوري كان على رأس لائحة اهتمامات الطرفين، وأكد على الأهمية التي توليها موسكو لدفع الحوار مع البلدان الأوروبية الفاعلة، خصوصا فرنسا التي قال إن موسكو ستواصل التعاون معها في مسألة إرسال بعثات إمدادات إنسانية إلى سوريا. ولفت إلى سعي موسكو لمواصلة العمل مع الطرفين الفرنسي والألماني لتقريب وجهات النظر وتعزيز التنسيق في الملف السوري، مشيرا إلى مسعى لمواصلة التنسيق في إطار «الصيغة الرباعية» التي أطلقتها القمة التي جمعت زعماء روسيا وتركيا وألمانيا وفرنسا في إسطنبول أخيرا.
وأشار لافروف إلى الأهمية الخاصة لجولة محادثات آستانة التي تنطلق اليوم بحضور البلدان الثلاثة الضامنة لوقف النار في سوريا (روسيا وتركيا وإيران) وطرفي الحكومة والمعارضة السورية، والأردن بصفة مراقب. وقال إن موسكو تعول على خروج الجولة الحالية بنقلة نوعية تحسم السجالات حول تشكيل اللجنة الدستورية.
وكان المكتب الإعلامي للمبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، أعلن أن الأخير سيحضر الجولة المقبلة من مفاوضات آستانة، وأنه سيترأس هناك اجتماعا للدول الضامنة.
وورد في بيان مكتب المبعوث الأممي أنه وبعد التشاور مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قرر قبول الدعوة للمشاركة في مفاوضات آستانة «حيث سيترأس في إطار عملية جنيف ووفقاً لقرار مجلس الأمن (2254) اجتماعا مع ممثلي إيران وروسيا وتركيا؛ الدول التي دعت لعقد اجتماع سوتشي في يناير (كانون الثاني) 2018».
ورأى مكتب دي ميستورا أن «هذا الاجتماع سيسهم في تسريع التوصل إلى نتيجة ملموسة على مسار تشكيل اللجنة الدستورية، استنادا للبيان المشترك حول سوريا الصادر عن زعماء تركيا وفرنسا وروسيا وألمانيا، والذي دعا إلى التأسيس والانعقاد المبكر للجنة الدستورية».
وكانت الخارجية الكازاخية أكدت أن دي ميستورا سيترأس الوفد الأممي الذي سيشارك في الجولة الجديدة من عملية آستانة بصفة مراقب.
على صعيد آخر، دعت روسيا إلى محاسبة الجهات التي «تقف وراء الهجمات الكيماوية التي نفذت على مدار السنوات الماضية ضد السوريين»، مشددة على أن القصف الأخير لمدينة حلب بمواد سامة «يجب ألا يبقى دون عقاب».
وأفاد بيان أصدرته الخارجية أن إرهابيين «من تنظيم (جبهة النصرة) متمركزون في منطقة إدلب لخفض التوتر، قصفوا في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي أحياء سكنية في مدينة حلب؛ وهي الخالدية والزهراء وشارع النيل، بذخائر تحتوي على مواد سامة»، مؤكدة أن «موسكو تدين بأشد العبارات هذا الهجوم الذي نفذه الإرهابيون ضد السكان المدنيين في حلب»، وزادت أن روسيا أبلغت مرارا المجتمع الدولي بـ«محاولات المسلحين في إدلب، وبمساعدة مكثفة من الناشطين في (الخوذ البيضاء)، القيام باستفزازات باستخدام الأسلحة الكيماوية». وقالت إن لديها معطيات تفيد بأنه تم في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي نقل عشرات الحاويات من المواد السامة التي يفترض أنها الكلور، إلى محافظة إدلب، وتحديداً يوم 30 أكتوبر الماضي، وإلى بلدات واقعة مباشرة قرب حلب.
ودعت الخارجية الروسية إلى «محاسبة هؤلاء الذين استخدموا على مدار كل هذه السنوات المواد السامة لترهيب السوريين المسالمين».
وأضافت أن موسكو تنطلق من أن «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بصفتها هيئة دولية معنية أساساً بتدقيق حالات استخدام المواد السامة، ستجري تحقيقاً مهنياً في الوقت المناسب وبالتوافق الكامل مع (معاهدة حظر تطوير وإنتاج وتخزين واستخدام السلاح الكيماوي)، والتي تقضي بإتلافه».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.