الأمم المتحدة توجه نداء لإنهاء العنف ضد النساء في العراق

مصير أكثر من ألفي إيزيدية اختطفهن «داعش» ما زال مجهولاً

الأمم المتحدة توجه نداء لإنهاء العنف ضد النساء في العراق
TT

الأمم المتحدة توجه نداء لإنهاء العنف ضد النساء في العراق

الأمم المتحدة توجه نداء لإنهاء العنف ضد النساء في العراق

وجّهت منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة أمس، نداءً لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات في العراق. وجاء نداء المنظمة الأممية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، ويأتي أيضاً في ظل تقديرات إيزيدية تشير إلى بقاء مصير أكثر من ألفي امرأة وفتاة إيزيدية مجهولاً بعد أن اختطفهن تنظيم داعش إثر سيطرته على قضاء سنجار في محافظة نينوى نهاية عام 2014.
وبرغم الكارثة الاستثنائية والفريدة التي تعرضت لها النساء الإيزيديات على يد «داعش»، فإن التحديات التي واجهتها بقية النساء العراقيات غير قليلة هي الأخرى، وبخاصة تلك الناجمة عن الحروب الطويلة وأعمال العنف التي تعرضت لها البلاد في العقد الأخير، وانعكاساتها السلبية على حياة المرأة عموماً، لجهة حالة عدم الاستقرار المتواصلة والفقر وفقدان الزوج والولد والمعيل، وتتحدث أرقام غير رسمية عن وجود مئات الآلاف من النساء الأرامل في البلاد، فضلاً عن حالات العنف والاعتداء التي تتعرض لها النساء في البيت والشارع، وهذا ما أشار إليه بيان اليونيسيف الذي جاء فيه: «لا تزال النساء والفتيات من خلفيات مختلفة في العراق عرضة للعنف إن كان في المنازل، أو في المدرسة أو في الأماكن العامة». ويكشف البيان عن مسح مشترك تقول المنظمة إنها أجرته مؤخراً مع الحكومة العراقية يظهر أن «37 في المائة من النساء بين الـ15 والـ49 من العمر في العراق يعتبرن العنف ضد المرأة أمراً مقبولاً». ويشير أيضاً إلى أن دراسة جديدة أجراها صندوق الأمم المتحدة للسكان بيّنت أن «63 في المائة من حوادث العنف القائم على النوع الاجتماعي في العراق مرتكبة من قبل أحد أفراد الأسرة». وينقل البيان عن ممثل اليونيسيف في العراق، بيتر هوكينز، قوله إن «العنف ضد النساء والفتيات هو انتهاك لحقوق الإنسان وله تأثير مدمر على صحتهن ورفاههن ومستقبلهن. وهذا أمر لا يمكن تبريره. النساء والفتيات يشكلن نصف عدد السكان ولديهن الحق في العيش في مأمن من الخوف والعنف بما يسمح لهن العيش إلى أقصى إمكاناتهن».
كما ينقل البيان عن ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق الدكتور أولوريمي سوجنرو، قوله إن «إنهاء العنف ضد النساء والفتيات ليس خيارا، بل التزام طويل الأمد يجب أن يصبح جزءا لا يتجزأ من المجتمع العراقي وذلك من خلال الجهود المشتركة».
وأكد البيان أن «التهديد ومخاطر العنف لا زالت قائمة ضد النساء والفتيات، لا سيما العنف الجنسي والاستغلال الجنسي والمضايقة، وزواج الأطفال في مناطق النزوح، وتلك التي يعود إليها النازحون إذ يتم تزويج فتيات بعمر الـ12 سنة في البلاد».
من جانبها، قالت الناشطة الإيزيدية نازك بركات إن «مصير أكثر من ألفي امرأة وفتاة إيزيدية اختطفهن (داعش) ما زال مجهولا». وقامت منظمة ايمة للتنمية البشرية بالتزامن مع اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة الذي صادف أول من أمس، ببعض الفعاليات والأنشطة ضمن حملة الستة عشر يوما لمناهضة العنف. وقالت نازك بركات، وهي من مواليد قضاء سنجار، لـ«الشرق الأوسط» إن «مجموعة من الفتيات الإيزيديات من أهالي مخيم بيرسفي 2 للنازحين الواقع في قضاء زاخو بمحافظة دهوك في إقليم كردستان شاركن بفعاليات مختلفة في المناسبة».
وأشارت إلى أن الفعاليات تراوحت بين «رفع شعارات وقف العنف والمناداة بالمساواة بين الرجل والمرأة، وتقديم مسرحية عن العنف على أساس الجنس بحضور إدارة المخيم وموظفين من منظمة المعونة الشعبية النرويجية الشريكة في تقديم هذا البرنامج مع منظمة ايمة».
وقامت بعض الفتيات الإيزيديات بارتداء اللون البرتقالي رمزا للحرية ورددن هتاف «الحياة حلوة بلون المرأة». وتضيف نازك بركات: «انتهت فعاليات اليوم الأول بمسيرة داخل مخيم بيرسفي وسط صيحات وهتافات المشاركات في الفعاليات للتنديد بالعنف ضد المرأة وإيقافه ونبذه واحترام المرأة وتمكينها في المجتمع». وتوقعت أن تتواصل فعاليات اليوم العالمي لمناهضة العنف لأكثر من أسبوعين في محافظة دهوك ومخيم بيرسفي 2 وبقية المناطق الإيزيدية.
من جهة أخرى، أصدر مجلس القضاء الأعلى، أمس، إحصائية بعدد حالات الطلاق والزواج في العراق لشهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وأظهرت أن عدد حالات الزواج في عموم العراق بلغت 10 آلاف و866 حالة، فيما بلغ عدد حالات تصديق الطلاق الخارجي 4130 حالة، كما بلغ التفريق بحكم قضائي 1611 حالة.


مقالات ذات صلة

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)

جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

قُتلت 85 ألف امرأة وفتاة على الأقل عن سابق تصميم في مختلف أنحاء العالم عام 2023 معظمهن بأيدي أفراد عائلاتهنّ

«الشرق الأوسط» (فيينا)
يوميات الشرق في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

«نانسي» و«سهى» و«هناء»... 3 أسماء لـ3 نساءٍ كدن يخسرن حياتهنّ تحت ضرب أزواجهنّ، قبل أن يخترن النجاة بأنفسهنّ واللجوء إلى منظّمة «أبعاد».

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق العنف يشمل الضرب من قبل أفراد الأسرة والتعرض للترهيب في المدرسة (أ.ف.ب)

يومياً... 3 من بين كل 5 أطفال يتعرضون للعنف الأسري

أعلنت منظمة الصحة العالمية، اليوم (الخميس)، أن هناك مئات الملايين من الأطفال، وفي سنِّ المراهقة بأنحاء العالم يواجهون العنف يومياً في منازلهم ومدارسهم.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شؤون إقليمية نساء يرفعن لافتات تطالب ابلعودة إلى اتفاقية إسطنبول لمنع العنف ضد المرأة في مظاهرة في إسطنبول (إعلام تركي)

تركيا تحجب منصة «ديسكورد» بعد الإشادة بجريمة قتل بشعة لشابتين

حجبت السلطات التركية الوصول إلى منصة الدردشة الأميركية «ديسكورد»، بعد انتقادات شديدة بسبب تعبير مستخدمين لها عن فرحتهم بجريمة قتل مزدوجة ارتكبها شاب في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».