أنقرة وموسكو تتفقان على استمرار العمل لاستقرار إدلب وتل رفعت

أبلغت واشنطن انزعاجها من إقامة نقاط مراقبة على حدودها مع سوريا

TT

أنقرة وموسكو تتفقان على استمرار العمل لاستقرار إدلب وتل رفعت

عبرت تركيا عن انزعاجها من إعلان الولايات المتحدة إقامة نقاط مراقبة عسكرية على الحدود السورية مع تركيا، معتبرة أنه سيزيد من تعقيد الوضع في شمال سوريا.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إنه تم إبلاغ المسؤولين العسكريين والمدنيين الأميركيين مرارا بانزعاج أنقرة من مسألة إنشاء نقاط مراقبة شمال سوريا.
وأكد أكار، في تصريح لوكالة أنباء «الأناضول» التركية الرسمية أمس، أن القوات المسلحة التركية ستتخذ التدابير اللازمة ضد أي مخاطر أو تهديدات قد تأتي من خارج الحدود.
وعبر الوزير التركي عن اعتقاده بأن إنشاء نقاط مراقبة شمال سوريا، سيزيد تعقيد الوضع «المعقد أصلا» في المنطقة. وأضاف: «أبلغنا نظراءنا العسكريين والمدنيين الأميركيين مرارا، انزعاجنا من مسألة إنشاء نقاط مراقبة شمال سوريا».
وأشار الوزير التركي إلى أنه بحث مع رئيس الأركان الأميركي جوزيف دانفورد، مسألة إنشاء واشنطن نقاط مراقبة شمال سوريا، على هامش منتدى هاليفاكس للأمن الدولي الذي عقد الأسبوع الماضي في كندا.
وقال: «لقد أعربنا عن احتمال تشكل موقف سلبي كبير في بلادنا حيال نقاط المراقبة التي ستقام على الحدود السورية من قبل العسكريين الأميركيين، واحتمال أن يتم فهم إنشاء هذه النقاط على أنها مساع لحماية من سماهم (إرهاربيي) وحدات حماية الشعب الكردية».
وأضاف: «نتطلع من حلفائنا الأميركيين أن يقطعوا علاقاتهم بشكل فوري مع (إرهابيي الوحدات الكردية)»، الذين قال إنهم لا يختلفون شيئا عن حزب العمال الكردستاني.
والأربعاء الماضي، كان وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس أعلن أن الجيش الأميركي سيقيم نقاط مراقبة على الحدود الشمالية لسوريا لتجنب التوتر بين تركيا والميليشيات الكردية الحليفة في الحرب على «داعش». وقال ماتيس: «نحن نشيد أبراج مراقبة في مناطق عدة على طول الحدود الشمالية لسوريا».
وكان تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) أعلن في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي استئناف عملياتها العسكرية ضد تنظيم داعش الإرهابي في شرق البلاد بعد عشرة أيام على تعليقها، رداً على القصف التركي لمناطق سيطرة الأكراد في شرق الفرات.
ومنذ نهاية أكتوبر (تشرين الأول) طغى التوتر على الأجواء في شمال سوريا مع بدء القوات التركية استهداف مناطق سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية في شرق الفرات بالقصف المدفعي، وتهديد أنقرة بشن هجوم واسع في المنطقة. وسعى التحالف الدولي، بقيادة واشنطن طوال تلك الفترة إلى خفض التصعيد عبر التواصل مع كل من قسد وأنقرة.
وجاء قرار إقامة نقاط المراقبة على الحدود السورية - التركية نتيجة تفاهمات بين «قوات سوريا الديمقراطية» وأميركا وفرنسا وبريطانيا خلال الاجتماع الذي جمع بينهم في بلدة عين عيسى شمال مدينة الرقة. في ظل تصاعد القلق من تهديدات تركيا بشن عملية عسكرية موسعة في شرق الفرات.
على صعيد آخر، اتفق أكار ونظيره الروسي سيرغي شويغو على مواصلة العمل بين أنقرة وموسكو من أجل ضمان الاستقرار في مدينتي إدلب وتل رفعت شمال سوريا. وبحث الوزيران في اتصال هاتفي أمس مسائل الأمن الإقليمي، وسبل تكثيف التنسيق في سوريا وتنفيذ اتفاق سوتشي الخاص بإقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب تفصل بين قوات النظام والمعارضة.
وعقدت في مدينة سوتشي الروسية في سبتمبر (أيلول) الماضي مباحثات روسية تركية بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان، اتفقا خلالها على عدم شن الجيش السوري عملية عسكرية لإنهاء وجود المعارضة المسلحة والجماعات المتشددة في إدلب، وإقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين المسلحين وجيش النظام وتسليم الأسلحة الثقيلة للفصائل المسلحة وإخراج الجماعات المتشددة وفي مقدمتها، «النصرة»، من المدينة.
وقالت مصادر في وزارة الدفاع التركية، إن الوزيرين حددا خلال الاتصال التدابير الفنية والتكتيكية الواجب اتخاذها ميدانيا.
كان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، ورئيس جهاز المخابرات هاكان فيدان، عقدا الثلاثاء الماضي لقاء مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ومسؤولين روس آخرين بمدينة سوتشي الروسية لبحث تطورات الوضع في إدلب، وذلك بعد يوم واحد من لقاء إردوغان وبوتين في إسطنبول.
ويتمركز الآلاف من مسلحي الوحدات الكردية في تل رفعت بالإضافة إلى قوة صغيرة للنظام السوري، وعشرات من أفراد الشرطة العسكرية الروسية.
ورغم أن روسيا أعلنت في سبتمبر 2017 أنها أقنعت الوحدات الكردية بتسليم تل رفعت للنظام، فإن ذلك لم يحدث.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.