تفاوت الأجور مستمر بين شرق ألمانيا وغربها

تفاوت الأجور مستمر بين شرق ألمانيا وغربها
TT

تفاوت الأجور مستمر بين شرق ألمانيا وغربها

تفاوت الأجور مستمر بين شرق ألمانيا وغربها

على الرغم من اقتراب عمر الوحدة الألمانية من الـ30 عاماً، فإن فارق الرواتب والأجور العمالية بين الأقاليم الغربية ونظيرتها الشرقية ما زال ملفاً محرجاً للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي خسر حزبها الحاكم عدداً كبيراً من الأصوات المؤيدة له في الجزء الشرقية.
وحسب رأي خبراء أسواق العمل في برلين، لا يمكن الجزم بعد بأن توحيد ألمانيا قد انتهى لأنه عملية معقدة تسير على طريق وعر. ويخشى هؤلاء الخبراء من نشوب عاصفة قادرة على زعزعة البنى التحتية الاقتصادية من جراء التصدع الحاصل في عملية التوحيد التاريخية هذه.
وحسب تحليل «بول كوستر»، من وزارة العمل الاتحادية في برلين، فإن الفجوة العملاقة التي كانت تفصل اقتصاد الألمانيتين بدأت تزول شيئا فشيئا في أعوام التوحيد الأولى. لكن عملية ردم هذه الفجوة ما لبثت أن تراجعت وتيرتها عاماً تلو الآخر، وها هي متوقفة بصورة شبه كاملة.
ويعول كوستر على آخر تقرير حكومي حول أوضاع توحيد الألمانيتين للإشارة إلى أن نسبة البطالة في ألمانيا الشرقية تصل إلى 7.6 في المائة مقارنة مع 5.3 في المائة في ألمانيا الغربية. أما نسبة البطالة الشبابية في ألمانيا الشرقية فترسو على 8.4 في المائة، أي ضعف ما هي الحال عليه في ألمانيا الغربية. وفيما يتعلق بالدخل السنوي الشخصي في ألمانيا الشرقية فهو يعادل 73 في المائة فقط من الدخل في ألمانيا الغربية.
ويضيف: «شهد السيناريو الألماني تغيراً جذرياً في أعقاب سقوط جدار برلين. في البداية كان مفعوله على ألمانيا الشرقية درامياً. فبين عامي 1989 و1992 انهارت عروض التوظيف بنسبة 34 في المائة. أما البطالة فارتفعت من صفر في المائة في عهد النظام الألماني الشيوعي إلى 15 في المائة فور توحيد الألمانيتين. بعدها سرعان ما انقلب السحر على الساحر. إذ بدأت ألمانيا الشرقية تتلقى مساعدات مالية ضخمة من حكومة برلين لتطوير بنيتها التحتية من جميع الجوانب، فوصل إجمالي هذه المساعدات ما بين عامي 2005 و2019 إلى 156 مليار يورو. ومع ذلك لم يسجل بعد أي تحسن ملحوظ لردم الفارق في معاشات الموظفين بين ألمانيا الشرقية وأختها الغربية. قبل عام 2000 تمكن خبراء الدولة من تقليص هذا الفارق بمعدل 4.2 في المائة، لكن ومنذ عام 2001 لا تزال الأحوال على ما هي عليه اليوم».
ويختم الخبير الألماني قائلا إن قطاع الصناعة الخاص لم يتدفق إلى ألمانيا الشرقية رغم كل ما يجنيه من منافع تتعلق بالمعاشات المتدنية وتكاليف العمل الأقل هناك. وعلى صعيد الإنتاج الصناعي في الأقاليم الشرقية، فهو يساوي 52 في المائة فقط من نظيره الألماني الغربي.
واللافت أن ولايات ألمانيا الشرقية بدأت تخلو من سكانها. ففي عام 1991 كان 18.3 في المائة من الألمان يقطنون هذه الولايات. أما اليوم فتراجعت هذه النسبة إلى 15.2 في المائة. علاوة على ذلك، لا يوجد تمثيل رسمي بارز لمواطني الأقاليم الشرقية في الأنسجة الاقتصادية والقضائية والمؤسساتية للبلاد.
تضم حكومة المستشارة ميركل مثلاً اثنين من بين 16 وزيراً من ألمانيا الشرقية هما المستشارة الألمانية نفسها ووزيرة الأسرة الألمانية «فرانسيسكا غيفي». أما المناصب العليا في الجيش الألماني فيشغلها واحد في المائة فقط من الألمان الشرقيين. كما أن 1.6 في المائة فقط من أبرز مديري الشركات الألمانية المتداول أسهمها في مؤشر «داكس» من أصول ألمانية شرقية.


مقالات ذات صلة

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

أيد أربعة من صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة المزيد من خفض أسعار الفائدة؛ شريطة أن يستقر التضخم عند هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة كما هو متوقع.

وخفض البنك المركزي لمنطقة اليورو أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام يوم الخميس، وأبقى الباب مفتوحا لمزيد من التيسير، على الرغم من أن بعض المحللين شعروا أن إشارة رئيسة البنك كريستين لاغارد في هذا الاتجاه كانت أقل وضوحا مما كانوا يأملون.

وبدا أن محافظ البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيليروي دي غالو، وزميله الإسباني خوسيه لويس إسكريفا، والنمساوي روبرت هولزمان، وغاستون راينش من لوكسمبورغ، قد أكدوا الرسالة يوم الجمعة.

وقال فيليروي دي غالو لإذاعة الأعمال الفرنسية: «سيكون هناك المزيد من تخفيضات الأسعار العام المقبل». وفي حديثه على التلفزيون الإسباني، أضاف إسكريفا أنه من «المنطقي» أن «يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعات مستقبلية» إذا استمر التضخم في التقارب مع الهدف. وكان 2.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الذي يدفعه على احتياطيات البنوك بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.0 في المائة يوم الخميس، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى بقيمة 100 نقطة أساس على الأقل بحلول يونيو (حزيران) المقبل.

ورفضت لاغارد التكهن بالمسار المستقبلي للأسعار، مشيرة إلى المخاطر التي تتراوح من التعريفات الجمركية الأميركية المحتملة إلى عدم اليقين السياسي في الداخل، حيث إن فرنسا حالياً دون حكومة، بينما تواجه ألمانيا تحديات انتخابات جديدة، فضلاً عن التضخم المحلي المرتفع.

وألقى فيليروي دي غالو، الوسطي الذي أصبح مؤيداً بشكل متزايد للسياسة التيسيرية في الأشهر الأخيرة، بثقله وراء توقعات السوق. وقال: «ألاحظ أننا مرتاحون بشكل جماعي إلى حد ما لتوقعات أسعار الفائدة في الأسواق المالية للعام المقبل».

وحتى محافظ البنك المركزي النمساوي روبرت هولزمان، وهو من الصقور وكان المعارض الوحيد للتيسير، أيد عودة أسعار الفائدة إلى مستوى محايد، لا يحفز الاقتصاد ولا يكبح جماحه، عند حوالي 2 في المائة. وقال للصحافيين: «ستتجه أسعار الفائدة في هذا الاتجاه. وإذا تحققت تقييمات السوق كما هي في الوقت الحالي، فسوف تتطابق مع توقعاتنا. وإذا تطابقت توقعاتنا، فربما يتعين علينا تعديل أسعار الفائدة لدينا لتكون متسقة».

وقال راينيش من لوكسمبورغ، والذي نادراً ما يناقش السياسة في العلن، لوسائل الإعلام المحلية أنه «لن يكون من غير المعقول» أن «ينخفض ​​سعر الودائع إلى 2.5 في المائة بحلول أوائل الربيع»، وهو ما يعني على الأرجح خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) المقبلين.

بينما قلل إسكريفا من احتمال خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الخيار الذي طرحه بعض زملائه وتبناه البنوك المركزية في سويسرا والولايات المتحدة. وقال محافظ البنك المركزي الإسباني المعين حديثا: «في المناقشات التي أجريناها (الخميس)، كانت الفكرة السائدة هي أنه يتعين علينا الاستمرار في إجراء تحركات هبوطية بمقدار 25 نقطة أساس، وهو الشكل الذي سيسمح لنا بمواصلة تقييم التأثيرات من حيث انكماش التضخم».

في غضون ذلك، ظل الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو دون تغيير في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالشهر السابق، متجاوزا التوقعات بانخفاض طفيف، لكن البيانات تشير إلى عدم وجود تعافي في الأفق لقطاع غارق في الركود منذ ما يقرب من عامين. وجاء الرقم الذي لم يتغير، والذي أصدره «يوروستات»، أعلى قليلا من توقعات الاقتصاديين بانخفاض بنسبة 0.1 في المائة، ويأتي بعد انخفاض بنسبة 1.5 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وأعلنت ألمانيا وفرنسا وهولندا عن قراءات سلبية خلال الشهر، بينما ظل الإنتاج الإيطالي راكدا، تاركا إسبانيا الدولة الوحيدة من بين أكبر دول منطقة اليورو التي سجلت قراءة إيجابية.

وعانت الصناعة الأوروبية لسنوات من ارتفاع حاد في تكاليف الطاقة، وتراجع الطلب من الصين، وارتفاع تكاليف التمويل للاستثمار، والإنفاق الاستهلاكي الحذر في الداخل. وكان هذا الضعف أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس وخفض توقعاته للنمو، بحجة وجود حالة من عدم اليقين في الوفرة.

وبالمقارنة بالعام السابق، انخفض الناتج الصناعي في منطقة اليورو بنسبة 1.2 في المائة، مقابل التوقعات بانخفاض بنسبة 1.9 في المائة. ومقارنة بالشهر السابق، انخفض إنتاج الطاقة والسلع المعمرة والسلع الاستهلاكية، وارتفع إنتاج السلع الرأسمالية فقط.