دفتر اتهامات غصن يزداد ثقلاً مع استمرار التحقيقات

دعم حكومي لاستمرار التحالف... وبوادر صراع مصالح بين «رينو» و«نيسان»

وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لو مير ونظيره الياباني هيروشيغي سيكو التقيا الخميس في باريس لدعم استقرار تحالف «رينو - نيسان» (رويترز)
وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لو مير ونظيره الياباني هيروشيغي سيكو التقيا الخميس في باريس لدعم استقرار تحالف «رينو - نيسان» (رويترز)
TT

دفتر اتهامات غصن يزداد ثقلاً مع استمرار التحقيقات

وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لو مير ونظيره الياباني هيروشيغي سيكو التقيا الخميس في باريس لدعم استقرار تحالف «رينو - نيسان» (رويترز)
وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لو مير ونظيره الياباني هيروشيغي سيكو التقيا الخميس في باريس لدعم استقرار تحالف «رينو - نيسان» (رويترز)

ذكرت وسائل إعلام يابانية، الجمعة، أنّ الرئيس السابق لمجموعة «نيسان» كارلوس غصن، قلّل بيانات دخله بنحو 71 مليون دولار، وهو أكثر بكثير مما أفاد به الإعلام الياباني في البداية.
وقالت وسائل الإعلام إن الملياردير الفرنسي البرازيلي من أصل لبناني يواجه الآن اتهاماً جديداً من الادعاء العام، بعد أن أقاله مجلس إدارة «نيسان» من منصبه رئيساً للمجموعة، الخميس، ليواجه هبوطاً مذهلاً من قمة إدارة الأعمال بالعالم حيث كان يحظى باحترام واسع.
يأتي ذلك في وقت قال فيه مصدر مطلع، إن شركة «نيسان موتورز» تسعى لاختيار رئيس جديد لمجلس إدارتها خلال شهر أو اثنين، وإنها تأمل أن يكون هذا قبل الاجتماع المقبل لمجلس الإدارة في 20 ديسمبر (كانون الأول) تقريباً. وسيظل رئيس مجلس الإدارة الجديد في المنصب «على الأقل» حتى اجتماع مساهمي «نيسان» المقبل، الذي من المنتظر أن يكون في يونيو (حزيران) 2019. وأضاف المصدر أن قراراً لم يتخذ بعد بشأن ما إذا كانت الشركة ستعقد اجتماعاً استثنائياً للمساهمين.
وأوقفت السلطات اليابانية، الاثنين، غصن، بعد أنّ اتهمته والمدير التمثيلي لـ«نيسان»، غريغ كيلي، بتقديم كشوفات تقلل عن دخله الحقيقي «خمس مرات بين يونيو 2011 ويونيو 2015»، معلناً عن مبلغ إجمالي بقيمة 4.9 مليار ين (نحو 37 مليون يورو) بدلاً من 10 مليارات ين.
لكن السلطات تشتبه الآن أنّ غصن قلّل بيانات دخله بثلاثة مليارات ين أخرى للسنوات المالية الثلاث التالية، حسبما أفادت صحيفة «أساهي شيمبون» وصحيفة «نيكي» الاقتصادية اليومية. وقالت الصحيفة إن المدعين يخططون الآن لإصدار مذكرة إعادة توقيف بحقه بتهمة تقلّيل دخله بما يصل إلى 8 مليارات ين (71 مليون دولار) منذ يونيو 2011.
وبموجب القانون الياباني، يمكن أن يواجه المشتبه بهم الموقوفون، مذكرات اعتقال إضافية، ما يمكن أن يعرضهم لمواجهة تهم أكبر.
من جهتها، ذكرت صحيفة «نيكاي» أنه يشتبه أيضاً في أن غصن لم يبلغ عن تحقيق أرباح بقيمة أربعة مليارات ين من خلال حقوق ارتفاع قيمة الأسهم، وهي طريقة تمنح الشركات مكافأة على الأرباح القوية.
وقالت وكالة الأنباء اليابانية «كيودو»، الخميس، إن شركة «نيسان» دفعت مبلغ مائة ألف دولار منذ 2002 لشقيقة غصن التي لا يوجد سجل لتقديمها أي عمل استشاري للمجموعة.
وقال نائب المدعي العام شين كيكيموتو، إنّ قضية غصن تعد «من أخطر أنواع الجرائم» بموجب قانون الأدوات المالية الياباني. وقد يواجه غصن عقوبة السجن لمدة 10 سنوات.
واكتسب غصن، البالغ 64 عاماً، شهرة، بعد إعادة هيكلته مجموعتي «رينو» و«نيسان» منذ نهاية التسعينات، عندما هبت «رينو» إلى نجدة مصنع السيارات الياباني في 1999، وكلفت غصن خفض التكلفة والوظائف في عملية ضخمة لإعادة هيكلة الشركة. وكان يتولى منصب رئيس مجلس إدارة «نيسان» والرئيس التنفيذي لشركة «رينو»، كما كان يقود التحالف بين «نيسان» و«رينو» و«ميتسوبيشي».
ومساء الخميس أكدت فرنسا واليابان مجدداً دعمهما لمجموعة «رينو - نيسان» الرائدة في صناعة السيارات في العالم. وجدّد وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير ونظيره الياباني هيروشيغي سيكو «الدعم المهم للحكومتين الفرنسية واليابانية للتحالف بين (رينو) و(نيسان)، ورغبتهما المشتركة في الحفاظ على هذا التعاون المجزي»، بحسب بيان للوزارة الفرنسية.
وأوضح لومير مساء الخميس، في تصريحات صحافية، أنّه «من المهم أن نذكر نحن الاثنين بوضوح أن الحكومة اليابانية، كما الحكومة الفرنسية، متمسكتان بالتحالف بين (رينو) و(نيسان)».
وأكد نائب مدير مجموعة «رينو»، الفرنسي تييري بولوريه، الذي يتولى رئاسة الشركة بعد توقيف كارلوس غصن، الخميس، أنه «يريد الحفاظ على مصالح (رينو)» والتحالف مع فرعها الياباني «نيسان». وقال في رسالة بالفرنسية وجهت إلى الموظفين الـ180 ألفاً في المجموعة: «سأحرص على ضمان استقرار المجموعة، والحفاظ على مصالح مجموعة (رينو) واستمرارية التحالف، يمكنكم الاعتماد على التزامي الكامل».
وأكد مدير عام المجموعة بالوكالة أن «رينو»، «منظمة بشكل كامل لكي تضمن استمرارية الشركة»، مشدداً على أن «مجموعتنا منظمة على نحو مثالي لضمان استمرارية أنشطة الشركة».
ولكن في غضون ذلك، أفادت تقارير بأن شركة «نيسان» اليابانية للسيارات تبحث إعادة النظر في هيكل ملكية الأسهم في تحالفها مع شركة «رينو»، من أجل إيجاد شراكة عادلة بشكل أكبر بين الشركتين، حسبما ذكر مصدر مطلع.
وأفادت وكالة «بلومبرغ» بأن خطط المراجعة ستشمل مسألة حقوق التصويت، حسبما أفاد المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، نظراً لأن هذه المعلومات ليست معلنة.
وتمتلك «رينو» 43 في المائة من أسهم «نيسان»، ويحق لها التصويت على القرارات التي يتخذها مجلس الإدارة، فيما تمتلك الشركة اليابانية 15 في المائة من أسهم «رينو» دون أي حقوق تصويت. ونشأ هذا الخلل منذ تأسيس التحالف بين الشركتين في عام 1999.
وتنص قوانين الشركات اليابانية على أنه من الممكن إبطال حقوق التصويت الخاصة بـ«رينو» لدى «نيسان»، إذا رفعت الشركة اليابانية حصتها من الأسهم إلى أكثر من 25 في المائة، فيما تنص القوانين الفرنسية على أنه إذا خفضت «رينو» حصتها في «نيسان» إلى أقل من 40 في المائة، فإن ذلك سيساعد الشركة اليابانية على امتلاك حقوق تصويتية في الشركة الفرنسية.


مقالات ذات صلة

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

علوم «طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

عجينة رقيقة تؤمن السفر مجاناً آلاف الكيلومترات

ديدي كريستين تاتلووكت (واشنطن)
الاقتصاد صفقة استحواذ «ارامكو» على 10 % في «هورس باورترين» بلغت 7.4 مليار يورو (رويترز)

«أرامكو» تكمل الاستحواذ على 10 % في «هورس باورترين المحدودة» بـ7.4 مليار يورو

أعلنت «أرامكو السعودية» إكمال شراء 10 في المائة بشركة «هورس باورترين» المحدودة الرائدة في مجال حلول نقل الحركة الهجين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص «بي واي دي»: نخطط للاستثمار في مبادرات تسويقية وتعليمية لزيادة الوعي بفوائد النقل الكهربائي (BYD)

خاص «بي واي دي»... قصة سيارات كهربائية بدأت ببطارية هاتف

من ابتكارات البطاريات الرائدة إلى المنصات المتطورة، تتماشى رؤية «بي واي دي» مع الأهداف العالمية للاستدامة، بما في ذلك «رؤية المملكة 2030».

نسيم رمضان (الصين)
الاقتصاد ترمب يلقي خطاباً خلال تجمع انتخابي في أرينا سانتاندر في ريدينغ بنسلفانيا (رويترز)

تعريفات ترمب الجمركية تضع شركات عالمية في المكسيك تحت المجهر

مع تزايد المخاوف من اندلاع حرب تجارية، ستواجه العديد من الشركات التي لديها حضور تصنيعي في المكسيك تحديات جديدة، وخاصة تلك التي تصدر إلى الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (عواصم )
يوميات الشرق شعار العلامة التجارية للسيارات الفارهة «جاغوار» (أ.ب)

حتى ماسك انتقده... إعلان ترويجي لسيارات «جاغوار» يثير غضباً

أثار مقطع فيديو ترويجي لتغيير العلامة التجارية للسيارات الفارهة «جاغوار» انتقادات واسعة بظهور فتيات دعاية يرتدين ملابس زاهية الألوان دون وجود سيارة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.