رغم قدم الحديث عن الوظيفة الرئيسية للنوم، إلا أن الأبحاث لا تزال تكشف لنا الجديد كل يوم، وأحد الأسرار الجديدة المكتشفة أخيراً يدور حول العلاقة التي تربط النوم والإصابة بالجفاف. وكان باحثون من جامعة ولاية بنسلفانيا الأميركية كشفوا من خلال دراستهم عن أن من يحظى بقسط وافر منه يصل لـ8 ساعات، ستكون فرصة إصابته بالجفاف أقل من أولئك الذين ينامون عدد ساعات أقل.
- ترطيب الجسم
وجدت الدراسة، التي نشرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 بالدورية المتخصصة في أبحاث النوم (sleep)، أن أولئك الذين لا يشعرون بحالة جيدة بعد النوم السيئ، قد يرغبون في تناول المزيد من الماء، لأنهم لم يمنحوا النظام الهرموني لأجسامهم الوقت المناسب ليقوم بدوره في عملية الترطيب.
وأوضحت أن هرمون «فازوبرسين»، الذي يساعد في ترطيب الجسم يتم توليده طوال اليوم، لكن يتم إطلاقه بسرعة أكبر خلال ساعات النوم الليلية، ومن ثم فإن عدد ساعات النوم القليلة قد تحرمك من إفرازات المزيد من الهرمون، مما يتسبب في انخفاض معدلات ترطيب الجسم.
وتوصلت الدراسة إلى هذه النتيجة بعد مراجعة نتائج تحليل عينات البول لـ20 ألفاً من البالغين، حيث يشير شكل البول لمستوى الهرمون في الجسم، فيصبح مخففاً أقرب للمياه عندما يكون الهرمون مرتفعاً، ويصبح مركزاً عندما يكون الهرمون منخفضاً.
وتثير نتائج الدراسة استفسارات حول الأشخاص الذين تتطلب طبيعة عملهم النوم فترات أقل، وأولئك الذين يعملون ليلاً وينامون نهاراً، كما تثير استفسارات تتعلق بكبار السن الذين يعانون أصلاً من مشكلة الجفاف بعيداً عن النوم.
يجيب عن هذا الاستفسارات الباحث الرئيسي في الدراسة آشر روزنجر، من جامعة بنسلفانيا، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «كبار السن هم في الأساس أكثر عرضة للإصابة بالجفاف، وبالتالي من المهم أن يعمل ذووهم على التأكد من أنهم يشربون كمية كافية من الماء، لا سيما إذا كانوا لا ينامون جيداً».
وعن طبيعة العمل وعلاقتها بالنوم ومستوى الجفاف، أكد روزنجر أن «احتياجات الناس من المياه تختلف تبعاً لأمور كثيرة، بما في ذلك حجم الجسم، ومستوى النشاط البدني، ودرجة الحرارة، ثم إذا كانت المرأة حاملاً أو مرضعة». وتابع: «عادة ما يلبى شرب 2.7 لتر احتياجات النساء، ويلبي شرب 3.7 لتر احتياجات الرجال، وهذه المياه يمكن أن تأتي من أماكن كثيرة، بما في ذلك الأطعمة».
وأضاف: «إذا كان الشخص لا ينام 8 ساعات في اليوم، فإني أوصي بالنظر إلى لون البول، فإذا كان لونه أصفر داكناً، ولدى الشخص دائماً آلام في الرأس ويشعر بالتعب، فإن زيادة استهلاك الماء، إضافة إلى ما يشربه حالياً، يمكن أن يساعد».
- نوم النهار
إذا كانت الدراسة أكدت أهمية النوم ليلاً، فإن هناك دراسة أخرى أجراها باحثون من جامعتي فلوريدا أتلانتيك بأميركا ومكغيل في كندا، سعت لمعرفة سر نوم بعض الأشخاص نهاراً، رغم أن طبيعة عملهم لا تتطلب ذلك.
واكتشفت الدراسة، التي نشرت في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، بدورية «plos» هذا السر من خلال أبحاث أجريت على ذبابة الفاكهة «دروسوفيلا»، التي تشترك مع الإنسان في عدد كبير من الجينات.
وتوصل الباحثون فيها لاكتشاف جين يشفر بروتين النقل الغشائي المعروف باسم ناقل «الحمض الأميني الاستثاري 2» أو «Eaat 2»، ووجدوا أن «Eaat 2» يشجع على الاستيقاظ في ذباب الفاكهة عن طريق الحد من طول وشدة فترات النوم. ومثل البشر، فإن ذبابة الفاكهة تنشط للغاية خلال النهار وتنام طوال الليل، لكن الباحثين وجدوا أن اضطراب «Eaat 2» تسبب في زيادة النعاس أثناء النهار.
الدكتور عبد الباسط محمد صالح، مدير مركز أبحاث النوم بكلية الطب جامعة المنصورة، أثنى على الدراستين، مؤكداً أن ما توصلا له سيضاف لقائمة اكتشافات أسرار النوم التي لم تغلق بعد.
يقول صالح: «إذا كانت إحدى الدراسات ركزت على تأثير النوم على هرمون الترطيب، فإن هناك دراسات سابقة رصدت تأثيره على أكثر من هرمون»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «هرمون الترطيب مهم، لأن وجود خلل به يؤثر على الإدراك والحالة المزاجية وقد يسبب التهابات للمسالك البولية، لكن الخلل في هرمونات أخرى بسبب قلة النوم قد يؤدي لمشكلات أكبر».
ويرى أن «الهرمون المسؤول عن النمو والشهية على سبيل المثال يتأثر بشكل كبير إذا لم يحصل الطفل على قسط كاف من النوم لا يقل عن 8 ساعات»، مشدداً على ضرورة أن «يكون ذلك في وقت الليل، لأن هرمون الميلاتونين الذي تفرزه الغدة النخامية، الذي يساعد في النوم، يحتاج للظلام والسكون».
قلة النوم تزيد من جفاف جسم الإنسان
العلماء يبحثون في أسراره
قلة النوم تزيد من جفاف جسم الإنسان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة