اليوم أول أيام عيد الفطر في السعودية وعدد من الدول العربية

دول أوروبية تصدر بيانا بحلوله.. والرئيس الألماني يهنئ المسلمين

الإقبال على ملابس العيد في اليمن (أ.ف.ب)
الإقبال على ملابس العيد في اليمن (أ.ف.ب)
TT

اليوم أول أيام عيد الفطر في السعودية وعدد من الدول العربية

الإقبال على ملابس العيد في اليمن (أ.ف.ب)
الإقبال على ملابس العيد في اليمن (أ.ف.ب)

أعلنت كل من السعودية والبحرين واليمن ومصر وإيطاليا وفرنسا وأستراليا وألمانيا اليوم الاثنين، أول أيام عيد الفطر المبارك للعام الحالي.
وأكدت هيئة دار الإفتاء الشرعية في اليمن أن يوم أمس الأحد هو المكمل لشهر رمضان وأن اليوم الاثنين هو غرة شهر شوال وأول أيام عيد الفطر المبارك.
وأعلن في مصر، فلكيا، أن الأحد الموافق 29 رمضان، 27 يوليو (تموز)، هو المتمم لشهر رمضان، وأن الاثنين 28 يوليو هو غرة شهر شوال وأول أيام عيد الفطر المبارك.
من جهتها، أعلنت الجمعية الإسلامية الإيطالية للأئمة والمرشدين أن اليوم الاثنين الموافق الـ28 من يوليو الحالي هو أول أيام عيد الفطر المبارك، وفاتح شهر شوال.
وفي بيان صادر عنها، قالت الجمعية إن «هذا القرار جاء استنادا إلى المنهجية التي اعتمدتها في تحديد أوائل الشهور القمرية والأخذ بما توصل إليه العلم القطعي في الحسابات الفلكية الدقيقة فإننا نعلن أن يوم الاثنين هو يوم عيد الفطر المبارك فاتح شوال وفقا لما ورد في بيان المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث الخاص بتحديد عيد الفطر المبارك لعام 1435هـ».
إلى ذلك، أعلن اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا (UOIF) في بيان له السبت 26 يوليو 2014 أن عيد الفطر سيكون يوم الاثنين 28 يوليو 2014.
وفي سيدني، أعلن مفتي مسلمي أستراليا والمركز الإسلامي بأستراليا ومجلس الأئمة في ولاية نيو ساوث ويلز، وكذلك جمعية أهل السنة والجماعة في سيدني، ومجلس الأئمة بولاية فيكتوريا، أن «اليوم الاثنين هو عيد الفطر المبارك لعام 1435هـ، سائلين الله أن يتقبل من جميع المسلمين صيامهم وقيامهم. وكل عام وأنتم بخير».
وفي بغداد، قالت الشرطة العراقية إن إجراءات الأمن شددت في العاصمة بغداد وحولها قبيل عطلة عيد الفطر. وبدأت الحكومة خطة لتأمين بغداد أثناء العيد والحيلولة دون وقوع هجمات السيارات الملغومة. وزادت الحكومة عدد أفراد الشرطة عند نقاط التفتيش في مداخل بغداد ونشرت قوات إضافية في الحدائق العامة.
من جهته، بعث الرئيس الألماني يواخيم جاوك أمس الأحد برسالة تهنئة للمسلمين في بلاده بمناسبة حلول عيد الفطر، وحث على التعايش السلمي بين أبناء العقائد المختلفة في ألمانيا. وكتب جاوك: «نحن جميعا في ألمانيا بعضنا من بعض حتى إن كنا لا ننتمي إلى نفس الديانة ونحتفل بأعياد مختلفة». وتابع القس البروتستانتي السابق: «إنها لَقِيمة عظيمة أننا نتعايش بشكل جيد في هذا البلد مع اختلاف معارفنا العقائدية وقناعاتنا». وأعرب جاوك عن سعادته «لأن أبواب الكثير من المساجد في رمضان لم تكن مفتوحة للمسلمين فقط لأنه كلما عرفنا أكثر بعضنا عن بعض كانت مقابلاتنا أكثر هدوءا». وأضاف جاوك: «ما أسهل إثارة الكراهية باسم الأديان، ومن ثم فيجب ألا نعرض رصيدنا القيم من التعايش السلمي للخطر».
وفي الهند اشتد الزحام في المتاجر والأسواق بمختلف أنحاء البلاد أمس مع إقبال المسلمين على شراء الملابس والهدايا في الأيام الأخيرة من شهر رمضان استعدادا لاستقبال عيد الفطر، وتزينت الأسواق الشعبية التي يرتادها أبناء الطبقة الوسطى بينما أعد التجار أفضل ما عندهم لتلبية طلبات المتسوقين قبل العيد.
في مدينة كانبور بولاية أوتار براديش بشمال الهند تشهد الأسواق زحاما قبل العيد حيث يخرج المسلمون لشراء لوازمهم ومنها الشعيرية التقليدية. ولكن رغم الزحام ذكر بعض التجار أن الإقبال هذا العام أقل من العام الماضي في الفترة السابقة لعيد الفطر.
وفي عمان، اصطحب متطوعون بإحدى الجمعيات الخيرية في الأردن مجموعة مؤلفة من 54 طفلا يتيما في جولة للتسوق ليختاروا ملابسهم الجديدة قبل عيد الفطر.
وترك الأطفال على سجيتهم لاختيار ما يريدون من ملابس جديدة في أحد متاجر العاصمة عمان بمعاونة المتطوعين.
وتشهد المتاجر في مختلف أنحاء الأردن إقبالا متزايدا على شراء الملابس والأحذية الجديدة والهدايا في الأيام الأخيرة من شهر رمضان استعدادا لاستقبال عيد الفطر.
وفي اليمن زاد إقبال اليمنيين على أصناف بعينها من الحلوى التقليدية. من أمثلة ذلك الزحام الشديد في الأيام الأخيرة من شهر رمضان أمام متجر عرفات أبو علي في صنعاء الذي يبيع مختلف أنواع الحلوى الشرقية التقليدية.
وقال رجل من سكان صنعاء يدعى عبد الكريم مهدي أمام متجر أبو علي الحلواني: «العادات والتقاليد الصنعانية ميزتها أنه لازم يكون صحن حلويات مشكل من الرواني والقطايف والشعوبيات.. طرمبة.. أيضا الشراب.. شراب زبيب.. شراب قديد.. هذا لازم يعني تكتمل المائدة الصنعانية بوجودها».



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)