أمضت غالبية مدن ليبيا يومها أمس في الاحتفال بالمولد النبوي، وسط أجواء شديدة الخصوصية، تتجاوز المناسبات العادية إلى ممارسة تقاليد متوارثة بارتداء الملابس الجديدة، ووضع الكحل للفتيات، وتناول طبق «العصيدة» قبل انطلاق الكبار والصغار إلى الشوارع والساحات العامة في بهجة وسعادة غامرتين.
ومن دون اتفاق، أعلن المجلس الرئاسي لحكومة (الوفاق الوطني) في طرابلس والحكومة المؤقتة في شرق البلاد، أمس، عطلة رسمية، احتفالاً بالمولد الشريف، الذي يحييه المسلمون السنة في 12 ربيع الأول بحسب التقويم الهجري، بعد ما يقارب 1450 عاماً بعد ولادته.
وشددت «المؤقتة» على جميع الأجهزة ومؤسسات الدولة باتخاذ الإجراءات الاحترازية لحماية المواطنين خلال الاحتفال «من أي مضايقات قد تشكل خطورة على الأمن العام».
ويتشابه إحياء المولد النبوي في ليبيا كثيراً مع الاحتفال بعيدي الفطر والأضحى في الاهتمام بقص الشعر، وارتداء أزياء جديدة تعكس ثقافة البلاد، وانتشار الفرح والسعادة بين عموم المواطنين، بالإضافة إلى شراء الألعاب والهدايا للأطفال، ومنها «الخميسة» وهي عبارة «شجرة ميلاد» تصنع يدوياً من هيكل خشبي على هيئة شجرة تزين بالورود البيضاء والحمراء والوردية وفي قمتها توضع «الخميسة»، وهي شمعدان على هيئة يد مفتوحة توضع فيها الشموع.
وفي جو من المرح، تنطلق الفتيات المكتحلات يحملن الشمعدانات والفوانيس المضاءة، بجانب الفتيان الذين يشترون القناديل، إلى الشوارع والميادين العامة.
ويسبق الاحتفال بالمولد في ليبيا «ليلة الموسم» وتبدأ عقب صلاة المغرب، وتُشعل فيها الأُسر الشموع والقناديل في أرجاء البيت.
وكما يحرص الليبيون في هذه المناسبة على طهي العصيدة المصنوعة من الدقيق والعسل الزبد بالإضافة إلى الملح والماء وتناولها، على الرغم من رفض بعض المتشددين ديناً، فإنهم يحرصون في المقابل أيضاً على طهي الطعام الدسم ووضعه على الأرصفة كي يتناوله المارة، حباً وتقرّباً من النبي صلى الله عليه وسلم.
وتقول أم فرح، وهي مواطنة ليبية، تنتمي إلى مدينة طرابلس، لـ«الشرق الأوسط»: «نستعد مبكراً لهذه المناسبة بالملابس الجديدة لجميع أفراد الأسرة، ونحضر العصيدة»، مشيرة إلى أن ما يميز هذا اليوم هي «الأجواء الروحانية التي نحياها، من صلاة على النبي وذكر وتسبيح، بالإضافة إلى الاحتفال بما يتماشى مع المناسبة الجليلة».
ومن ميدان الشهداء في العاصمة طرابلس، إلى حي السلماني في بنغازي، علت ضحكات الأطفال في الشوارع، وبدت فرحتهم بالألعاب المضاءة والثياب الجديدة، في وقت كان الرجال ينطلقون بمسيرات حاشدة، يهتفون بأبيات من قصيدة نهج البردة، أو يجلسون في المساجد يتلون ما تيسر من القرآن الكريم، ويتدارسون كتب السنة النبوية، كما في مدينة غات (جنوب البلاد).
ومن المدينة القديمة في طرابلس العاصمة، انطلقت أمس، مسيرة حاشدة لشباب وشيوخ تتقدمهم فرقة للإنشاد والموشحات الدينية.
ووجه السراج رسالة لوزير داخليته فتحي باشاغا ولهيئة الأوقاف التابعة له، بالتنسيق فيما بينهما، لتأمين الاحتفالات سواء في المساجد أو الزوايا أو الساحات العامة والميادين. وقال إن «إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف مناسبة لإظهار قيم الإسلام السمحة، ووسطية ديننا الحنيف، ونبذ العنف والتطرف».
الاحتفال بالمولد النبوي في ليبيا... مساحة فرح نادرة
الأطفال يحملون القناديل والكبار ينشدون «نهج البردة» ويأكلون العصيدة
الاحتفال بالمولد النبوي في ليبيا... مساحة فرح نادرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة