نتنياهو يكسب جولتين في أكبر معاركه على كرسي رئاسة الحكومة

نتنياهو (وسط) يستمع إلى لجنة الأمن والدفاع في الكنيست من موقعه كوزير للدفاع (إ.ب.أ)
نتنياهو (وسط) يستمع إلى لجنة الأمن والدفاع في الكنيست من موقعه كوزير للدفاع (إ.ب.أ)
TT

نتنياهو يكسب جولتين في أكبر معاركه على كرسي رئاسة الحكومة

نتنياهو (وسط) يستمع إلى لجنة الأمن والدفاع في الكنيست من موقعه كوزير للدفاع (إ.ب.أ)
نتنياهو (وسط) يستمع إلى لجنة الأمن والدفاع في الكنيست من موقعه كوزير للدفاع (إ.ب.أ)

سجل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ربحاً صافياً، في جولتين مهمتين في الحرب الكبرى، أمّ المعارك، بالنسبة إليه.
هي ليست معركة ضد الأعداء، بل ضد أقرب الأصدقاء والحلفاء. وهي ليست معركة وطنية على أمن أو أرض بل على كرسي. لكنه كرسي عزيز جداً عليه، لا يفرط به ولن يفرط مهما يكن الثمن.
ففي الوقت الذي كان يواجه فيه الرأي العام، على إخفاقات الجولة الأخيرة من المعركة الحربية على قطاع غزة، ويشار إليه بالبنان كمهادن مع «حماس»، يتهمه وزير دفاعه أفيغدور ليبرمان، بالقنوط والخنوع، ويتمرد عليه رئيس الحزب الأكثر تطرفاً في اليمين، نفتالي بنيت، ويطالبه بتسليمه وزارة الدفاع حتى يتعلم كيف يواجه تنظيماً مثل «حماس»، أصبحت المعركة على استقرار حكومة اليمين وإطالة عمرها. وقد حقق نتنياهو نجاحاً كبيراً، فالوزير ليبرمان سيُمضي الآن سنة كاملة في المعارضة، بلا جاه ولا جولات مع الجنرالات. والوزير بنيت يتراجع عن مطالبه ويعود إلى موقعه يتفرج على قافلة نتنياهو من الهامش. والمفاوضات مع «حماس» تتواصل بواسطة المصريين حول التهدئة.
لقد انطوى الجميع، تاركين له رئاسة الحكومة ووزارة الدفاع. وهم يتقدمون نحو عرشه ساجدين مطالبين بمنح أحدهم وزارة الخارجية. ويتفرغ لإدارة معركته الكبرى والأهم: مواجهة التحقيقات معه في ملفات الفساد. ويختار بنفسه رئيساً جديداً للشرطة، يكون ملتزماً برغباته في تخفيف بنود الاتهام إلى الحد الأدنى. ويلتف وراءه جميع الوزراء والنواب الحلفاء في المعركة المقبلة حول «صفقة القرن»، وفق خطته المعروفة: «نترك الفلسطينيين يرفضونها، وبذلك نضمن حقبة أخرى من الفراغ، لا نضطر فيها لأن نسلم شيئاً من مقتضيات السلام».
لقد تغلب نتنياهو على رفاقه في الائتلاف الحاكم. حتى ليبرمان، القابع حالياً في المعارضة، مجند معه في المعركتين الأهم، وينسّق معه كيف يعودان إلى التلاحم في الوقت المناسب، ويبقي أحزاب المعارضة من حوله تتخبط في خلافاتها الداخلية، ولا تهدد مكانته بشكل جدي.
بنيت لخص تراجعه قائلاً: «إذا كان نتنياهو جاداً في خطابه في التعامل مع القضايا الأمنية، نمنحه الفرصة لذلك، وعليه، نُزيل مطالبنا كافة وسنبقى في الحكومة». ويضيف: «أعتقد أنني سأدفع ثمناً سياسياً حزبياً في الأيام والأشهر القريبة بسبب ذلك، لكنني أفضّل أن ينتصر نتنياهو عليّ سياسياً على أن ينتصر إسماعيل هنية علينا أمنياً».
بالطبع، نتنياهو لا يصرح بحقيقة أهداف معركته. ويواصل الظهور كمن يضع الأخطار الأمنية وقضية إيران على رأس سلّم اهتمامه. وحسب المقرب منه العقيد في الاحتياط والباحث في العلاقات بين الجيش المجتمع رونين إيتسيك، فإنه –أي نتنياهو– «نجح في (حصر) موضوع غزة في حجمه. فالمسألة أوسع بكثير من قطاع غزة ومهمة للغاية لأمن الدولة. قرار نتنياهو عدم الدخول في هذه المرحلة في حرب ضد (حماس)، ليس نابعاً من تقاعس، وإنما من اعتبارات استراتيجية، وغالبيتها لا تتعلق بما يحدث في قطاع غزة. ففي السنوات العشر الأخيرة، تدور حرب دراماتيكية، بغالبيتها سرية، ضد التهديدات المتشكلة عند حدودنا، مع التشديد على الحدود الشمالية. وقد نُشر كثير عن عمليات ضد تموضع ميليشيات شيعية عند الحدود السورية، وحول الحاجة إلى منع تعاظم قوة (حزب الله) بسلاح (كاسر للتوازن). وهذه هي الحرب الأهم والجارية اليوم في سياقات أمنية. وقدرات (حماس) في الجنوب مقلقة، لكنها صغيرة قياساً باحتمال اشتعال الوضع في الشمال».
وأضاف إيتسيك، إن «نتنياهو يدرك جيداً توازن القوى والمخاطر في الشمال، ولذلك فإن جلّ الجهود الاستراتيجية، موجَّهة إلى معالجة هذه التهديدات، التي تحركها إيران بشكل أساسي. وإيران الآن تواجه أزمة شديدة بسبب العقوبات الأميركية، ويصعب توقع كيف سيعمل نظام آيات الله الذي وضع عند الحدود الشمالية قدرة تتمثل في مئات آلاف الصواريخ».
هذا هو الخطاب الذي سنسمعه من نتنياهو ورجاله في الشهور المقبلة، ومن ورائه يواصل المعركة الأساسية حول الكرسي.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.