فيلم «خبصة»... ابتسامة عريضة على شفاه السينما اللبنانية

يتناول مواضيع حياتية بأسلوب«لايت دسم}

إحدى لقطات فيلم «خبصة» من بطولة رولا بقسماتي وجنيد زين الدين وعبودي ملاح
إحدى لقطات فيلم «خبصة» من بطولة رولا بقسماتي وجنيد زين الدين وعبودي ملاح
TT

فيلم «خبصة»... ابتسامة عريضة على شفاه السينما اللبنانية

إحدى لقطات فيلم «خبصة» من بطولة رولا بقسماتي وجنيد زين الدين وعبودي ملاح
إحدى لقطات فيلم «خبصة» من بطولة رولا بقسماتي وجنيد زين الدين وعبودي ملاح

تشهد الصناعة السينمائية اللبنانية في الفترة الأخيرة كثافة إنتاجات لأعمال تتلون بمواضيع مختلفة. فبينها ما يلامسنا عن قرب لحملها رسائل إنسانية فيما تمر أخرى مرور الكرام لطابعها التجاري النافر. ولكن مع فيلم «خبصة» من إنتاج شركة «غودو فيلمز» وإخراج شادي حنا تتاح للمتفرج الفرصة لمتابعة عمل متكامل بعناصره الفنية وخفة دمه، إضافة إلى تشريحه مشكلات يومية من خلال نص سلس يعكس الواقع، حيث شارك في كتابته كل من عبودي ملاح والمخرج نفسه.
فمهما كان مزاجك معكراً وملبداً بهمومك اليومية فإن فيلم «خبصة» سيتولى أخذك إلى عالم الابتسامة من بابها العريض، ليخلصك من حالتك هذه على مدى 100 دقيقة متتالية. ومن خلال مواقف كوميدية بحتة وأداء متجانس لمجموعة من الفنانين الذين نعرفهم وغيرهم من الذين يطلون لأول مرة على الشاشة الذهبية. إذ يفسح الفيلم المجال أمام مشاهده لاستعادة روح الفكاهة والضحكة التي بات يفتقدها في زمن طغت فيه المآسي على إيقاعنا اليومي.
ومع رولا بقسماتي وجنيد زين الدين وعبودي ملاح وتانيا نصر وريتا الخوري وماتيو الخضر وطوني بن وإطلالة كضيف شرف للمخرج شادي حنا، نتابع قصة فارس ونايلة (رولا وجنيد) الثنائي المغروم والذي بسبب الظروف المادية لدى الأول التي لا تسمح له بالزواج ينفصلان عن بعضهما بعد 4 سنوات من علاقة جياشة تربط بينهما. تقرر نايلة وبعقلها المدبر دفعه لأخذ هذا القرار من خلال خطة مبكلة تحيكها ضده مع أصدقائها في جلسة على العشاء. ولتدور أحداث العمل في قالب مشوق تجتمع فيه عناصر من نسيج المجتمع اللبناني. يتطرق الشريط إلى مشكلات الزواج والحب والمساكنة والطبقية والعمر الثالث وغيرها من المواضيع، ويغوص فيها ضمن قالب جدّي وساخر في آن بعيدا عن طابع الدراما والمعاناة التي عادة ما تسودها أعمال سينمائية أخرى. وتختلط الأمور مجتمعة لتؤلف «خبصة» بعد أن تتداخل الأحداث ببعضها البعض تماماً كما يشير اسم الفيلم.
وعلى إيقاع موسيقى فرحة مجبولة بالرومانسية تحاكيك منذ اللحظة الأولى للفيلم بكلمات أغنية كتبها ولحنها الفنان مايك ماسي تدرك مباشرة ومن خلال نغمتها القريبة إلى القلب أنك بصدد تمضية وقت ممتع يقرأ من عنوانه.
ويشكل أداء رولا بقسماتي الطبيعي مجسدة شخصية نايلة ومستخدمة فيها طاقتها العفوية المعروفة فيها، لا سيما أنها سبق ونجحت في عمل تلفزيوني (أصحاب 3) وآخر مسرحي (60 سنة و70 يوم) الركيزة الأساسية في هذا العمل. فأحداث الفيلم تدور حولها ومعها وقد أتقنت خلالها لغة التمثيل المحترف بعيداً عن الاصطناعية والمبالغة. فتلاحقها كفراشة لا تمل من متابعة تحركاتها الديناميكية. فهي لا تلحق أن تطير من زهرة ربيعية لتحط على أخرى ضمن مشاهد ومواقف مشغولة بلغتي الجسد والفن. أما شريكها في العمل الممثل الكوميدي جنيد زين الدين والذي يدخل تجربته السينمائية الأولى مع هذا العمل فيتحفنا بأداء يتقن فيه الكوميديا دون الحاجة إلى فبركة مسبقة. فيطالعنا بدور فارس ليشكل نموذجاً للشاب اللبناني الذي يعيش صراعا ما بين الانفتاح والتقليدية، وليتماشى في سياق الفيلم مع ظروفه الحياتية.
ونكتشف في هذا الفيلم الذي يبدأ عرضه في صالات السينما اللبنانية في 22 الجاري ولادة نجم يجذبك منذ اللحظة الأولى بالـ«كاريزما» التي يتمتع بها وكذلك بموهبته التمثيلية. فعبودي ملاح هو محام ورجل أعمال يهوى الكتابة وإنتاج الأعمال الفنية ويعد دوره (سيلفيو) في الفيلم باكورة أعماله التمثيلية. وهو قرر خوض هذه التجربة لإعجابه بشخصية سيلفيو التي شارك في كتابتها. يذكرك عبودي بنجوم هوليوود من خلال إطلالته الوسيمة، ويترك لديك هذا الشعور حتى نهاية الفيلم لا سيما أن موهبته التمثيلية تلوح أمامك منذ مشاهد الفيلم الأولى. لا يفكر عبودي ملاح بامتهان التمثيل كونه منشغلاً في مهنته الأساسية كما يقول إنما النجاح الذي يحققه في هذا العمل سيدفعه إلى التفكير في الأمر مرة أخرى.
ومع الشخصيات الأخرى التي يتضمنها الفيلم كتانيا نصر وماتيو الخضر وريتا خوري وطوني بن، نتعرف مع الأولى إلى الممثلة والمنتجة معا والتي نجحت في أداء دور ماريا (صديقة نايلة) بأسلوب خاص تتمتع به. فيما يأخذنا الثاني وهو مغني أوبرا في دور جريء (أليكس المثلي) تردد قبل الموافقة على القيام به فنجح في تقديمه على أكمل وجه وخفة دم ملحوظة. ومع ريتا خوري مجسدة دور أم فارس والتي تقف هي أيضاً للمرة الأولى أمام الكاميرا ومهنتها الأساسية الهندسة الداخلية، نذهب في رحلة أحاسيس عميقة تعاني منها نساء ما بعد الخمسين فتنقلها لنا بأمانة. وبعيداً عن الغناء الذي يمتهنه طوني بن فهو يؤدي دور أبو فارس صاحب الشخصية القريبة إلى القلب، فيمثل نموذجا عن الأب اللبناني المواكب لإيقاع الزمن الحالي بشكل وبآخر.
نجح شادي حنا في ابتكار فريق تمثيلي متجانس للفيلم مع توليفة طبعها بنفحة الكوميديا المعروف فيها. وبكاميرا ثابتة وواضحة في لقطات سينمائية محترفة وكادرات تتجمل عفوياً بحركة ممثليها وبديكورات حديثة وزاهية يقف وراءها مايسترو سينمائي سبق وقدم أكثر من عمل في هذا الإطار، تدور أحداث الفيلم الذي لم تتجاوز تكلفته المبلغ المرصود له، وخصوصاً أن مواقع التصوير كانت محدودة.
وأعلنت الشركة المنتجة للفيلم (غودو فيلمز) أن المهرجان الدولي للأفلام في بروكسل اختار «خبصة» ضمن قائمة المنافسة في دورته الرّابعة التي ستتم من 18 إلى 25 نوفمبر (تشرين الثاني) في العاصمة البلجيكيّة.


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.