دمشق تتهم «المسلحين» بمحاولة إفشال تدمير الكيماوي

رجل يقف في فجوة أحدثها قصف بالبراميل المتفجرة في أحياء تسيطر عليها المعارضة السورية المسلحة في حلب أمس (رويترز)
رجل يقف في فجوة أحدثها قصف بالبراميل المتفجرة في أحياء تسيطر عليها المعارضة السورية المسلحة في حلب أمس (رويترز)
TT

دمشق تتهم «المسلحين» بمحاولة إفشال تدمير الكيماوي

رجل يقف في فجوة أحدثها قصف بالبراميل المتفجرة في أحياء تسيطر عليها المعارضة السورية المسلحة في حلب أمس (رويترز)
رجل يقف في فجوة أحدثها قصف بالبراميل المتفجرة في أحياء تسيطر عليها المعارضة السورية المسلحة في حلب أمس (رويترز)

اتهمت دمشق، أمس، مقاتلي المعارضة بشن هجمات على موقعين للأسلحة الكيميائية في ريف دمشق ووسط سوريا قبل أيام، وذلك وسط استعدادات لنقل هذه الأسلحة وتدميرها خارج البلاد، في وقت أعلنت موسكو أنها تستضيف محادثات دولية الجمعة لمناقشة تدمير الترسانة الكيميائية السورية. وبموازاة ذلك، واصل الطيران السوري قصفه مناطق سيطرة المعارضة في مدينة حلب وريفها، لليوم التاسع على التوالي، مما أدى إلى مقتل 15 شخصا على الأقل، أضيفوا إلى 368 شخصا قتلوا بالقصف، خلال ثمانية أيام، في حين تجددت الاشتباكات في مزارع ريما قرب يبرود في القلمون بريف دمشق الشمالي بين قوات المعارضة والقوات النظامية.
وأفاد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية بأن مقاتلي المعارضة هاجموا موقعا للأسلحة الكيميائية في المنطقة الوسطى بأعداد كبيرة، «إلا أن الجهات المعنية قامت بالتصدي لهذا الهجوم الغادر وإفشاله».
ونقلت وكالة الأنبار الرسمية السورية (سانا) عن المصدر قوله إن «مجموعات أخرى، بينها جبهة النصرة المرتبطة بـ(القاعدة)، شنت هجوما على موقع آخر في ريف دمشق، محاولة اقتحامه بعربة مدرعة محملة بكميات كبيرة من المتفجرات، إلا أن عناصر حماية الموقع تصدوا لهذا الهجوم وفجروا السيارة المفخخة قبل دخولها»، مما أدى إلى «سقوط أربعة شهداء و28 جريحا».
وأوضح المصدر أن «المحاولات ما زالت مستمرة على هذا الموقع»، من دون أن يقدم تحديدا دقيقا للموقعين اللذين تعرضا للهجمات. واتهم المصدر الدول الداعمة للمعارضة السورية بـ«تسريب» معلومات إلى المقاتلين عن مواقع هذه الأسلحة، التي من المقرر أن تنقل تمهيدا لتدميرها في البحر.
وقال: «الأهم يبقى حول كيفية تمكّن هذه المجموعات الإرهابية من معرفة الجهود الجارية لنقل هذه المواد إلى خارج سوريا، بالتعاون مع الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية»، منتقدا «الدور الخطير واللامسؤول لبعض الدول التي تتواصل مع المسلحين، وتنقل إليهم المعلومات المتعلقة بمحتويات هذه المواقع، من المواد الخطيرة والتوجهات الجارية لنقلها». وأدانت الخارجية، بحسب المصدر، «ما تقوم به الدول المعروفة بدعمها لهذه المجموعات الإرهابية»، محملة إياها «مسؤولية المخاطر التي ينطوي عليها تسريب مثل هذه المعلومات، وأي نتائج كارثية ستترتب على ذلك».
ويُفترض أن تغادر أخطر العناصر الكيميائية الأراضي السورية في 31 ديسمبر (كانون الأول)، على أن تُدمر الترسانة بأكملها قبل الـ30 من يونيو (حزيران) 2014.
وفي سياق متصل، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف أن بلاده تستضيف محادثات دولية يوم الجمعة المقبل، لمناقشة تدمير الأسلحة الكيماوية السورية، مشيرا إلى أن الاجتماع الذي سيُعقد في موسكو سيضم خبراء من روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية وسوريا.
وأكد ريابكوف في حديث لإذاعة «صوت روسيا اليوم»: «إننا سنتمكن من استكمال هذه العملية في إطار الجدول الزمني المتفق عليه، أي في النصف الأول من العام المقبل».
وكانت موسكو أعلنت أنها أرسلت 25 شاحنة مدرعة و50 عربة أخرى إلى سوريا للمساعدة في نقل مواد سامة ستدمر بموجب الاتفاق الدولي. ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزير الدفاع سيرجي شويجو قوله، في تقرير مقدم إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن الطائرات الروسية حملت، في الفترة من 18 إلى 20 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، 50 شاحنة طراز «كاماز» و25 شاحنة مدرعة طراز «أورال» إلى ميناء اللاذقية السوري، إلى جانب معدات أخرى.
في غضون ذلك، واصل الطيران السوري، أمس، قصفه على مناطق سيطرة المعارضة في مدينة حلب وريفها شمال البلاد، مما أدى إلى مقتل 15 شخصا على الأقل، بينهم سيدة وثلاثة أطفال. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القصف الجوي الدامي لا سيما باستخدام «البراميل المتفجرة» المحشوة بأطنان من مادة «تي إن تي»، أدى منذ 15 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إلى مقتل 364 شخصا، بينهم 105 أطفال و33 سيدة و30 مقاتلا معارضا على الأقل.
وأوضح المرصد أن القصف باستخدام الطيران الحربي والمروحي، استهدف مناطق في حي السكري، كما استهدف بلدة أورم الكبرى في الريف الغربي لحلب. وأفاد ناشطون بأن قصفا مماثلا طال مدينتي أعزاز والأتارب في ريف حلب على الحدود مع تركيا.
ودعا المرصد المجتمع الدولي والأمم المتحدة «وكل من لديه بقايا من الضمير الإنساني، إلى التحرك الفوري والعاجل من أجل وقف هذا القتل العشوائي بحق المدنيين»، وعدّ أنه في غياب هكذا تحرك، سيُعدّ الأطراف المعنيون «شركاء في المجازر التي تُرتكب (...) بشكل يومي». وكانت المعارضة أعلنت، أول من أمس (الاثنين) أنها لن تشارك في المؤتمر الدولي المقرر عقده في سويسرا في 22 يناير (كانون الثاني) المقبل سعيا للتوصل إلى حل للأزمة، في حال تواصل الغارات الجوية على حلب.
وأفاد ناشطون باستهداف سلاح الجو السوري مدينة رتيان بريف حلب الشمالي بأربع غارات متتالية، أسفرت عن سقوط أكثر من عشرة بين قتيل وجريح. وسجلت غارات أخرى على بلدات من الريف الشمالي لحلب، وذلك بعد تعرض بلدة أعزاز إلى غارة جوية، أول من أمس، أوقعت أكثر من 15 قتيلا و20 جريحا. وبينما ردت المعارضة بقصف بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين في ريف حلب، الخاضعتين لسيطرة النظام، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر أمني سوري قوله إن القصف يستهدف مواقع «الإرهابيين» في حلب، مشيرا إلى أن «عمليات الجيش مستمرة» في حلب، مؤكدا أنها تُنفّذ «لتحقيق الأهداف المرصودة وبالأسلحة المناسبة». وأضاف: «الغارات الجوية تستهدف أماكن تمركز العصابات الإرهابية في حلب. نحن لا نستهدف أي منطقة إلا عندما نكون متأكدين 100 في المائة أن الموجودين في المقر هم إرهابيون».
وفي محاولة منه لنفي وجود قتلى مدنيين، قال المصدر إن «كل الجثث التي ترونها هي لإرهابيين ومرتزقة، معظمهم أتوا من خارج الحدود السورية».
وفي تطور لافت، تجددت الاشتباكات في منطقة القلمون، في ريف دمشق الشمالي، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة في محيط مزارع ريما بالقرب من مدينة يبرود في منطقة القلمون بريف دمشق، غداة استهداف البلدة بقصف مدفعي متقطع.
وتعد مزارع ريما آخر نقطة تفصل يبرود عن مواقع سيطرة القوات النظامية في النبك وأطرافها التي استعادتها قبل أسبوعين. ونقل مكتب أخبار سوريا المعارض عن قائد ميداني في يبرود، قوله إن الاشتباكات في منطقة القلمون تتركّز على ثلاث جبهات هي ريما ورنكوس ومعلولا، وتشهد اشتباكات يومية واستهدافا بالمدفعية من قبل قوات النظام.
وقال المصدر إن غرفة عمليات مركزية قد شُكلت بالفترة الأخيرة تجمع بين قيادات جميع الفصائل العسكرية المعارضة المقاتلة في القلمون، بهدف التنسيق بينها فيما يخص الجبهات الثلاث حاليا.
إلى ذلك، أفاد ناشطون سوريون بقصف الطيران الحربي النظامي حي الحويقة في مدينة دير الزور شرق سوريا، بعد اشتباكات عنيفة شهدها الحي خلال الأيام الماضية، بالتزامن مع قصف الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في المدينة بالمدفعية الثقيلة، وذلك بعد تقدم قوات المعارضة على عدة جبهات فيها.
وجاء القصف غداة تقدم المعارضة عند المدخل الجنوبي لدير الزور، حيث نفذت عدة فصائل عملية عسكرية سيطرت من خلالها على دوار البانوراما الذي يعتبر من أهم مناطق تمركز قوات النظام، وعلى مدرسة الشرطة ومشفى الأسد.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.